عربي21:
2025-06-03@03:09:47 GMT

شيخ الأزهر.. بين حفاوة الخارج وتضييق الداخل

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

الصور والأخبار التي تنشر عن رحلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في زيارته لعدة دول خارج مصر، شملت ـ حتى الآن ـ ماليزيا، وإندونيسيا، وتايلند، وكلها كانت على مستوى ملوك هذه الدول ورؤساء وزرائها، حيث كان استقبالهم له استقبالا رسميا، مشمولا بحفاوة ليست تعبيرا عن المنصب الرسمي، بقدر ما هي تعبير عن المكانة التي يتربع الأزهر بها في قلوب الملايين من المسلمين على مستوى العالم.



وهذه المشاهد من الحفاوة البالغة، جعلت الناس في مصر تقارن بين حفاوة الخارج، وتضييق الداخل على الأزهر: مؤسسة، وشيخا، وقد بدأ التضييق على الأزهر منذ رأى عبد الناصر في إحدى رحلاته هذه المهابة التي يلقاها شيخ الأزهر، بما يعد معاملة فوق معاملة الرؤساء والملوك.

فقد كان عبد الناصر في زيارة رسمية لإندونيسيا، وقت أن كان يحكمها أحمد سوكارنو، وقد كان رجلا شيوعيا، وكانت الشيوعية ممكنة في مصر آنذاك، وبخاصة في مجالات الثقافة والفكر، وكان معه في الوفد شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف الشيخ أحمد حسن الباقوري، ففوجئ ناصر بأن الجماهير قد احتشدت، وحملت شيوخ الأزهر على رؤوسها، وكانت مكانتهم فوق مكانة ناصر وسوكارنو.

جاء السيسي برؤية إضعاف الأزهر شيخا ومؤسسة، داخليا وخارجيا، فتضييق في الداخل، وخنق لمكانته في الخارج، ولم يلتفت لأهمية الأزهر خارجيا كقوة ناعمة، سوى دولة الإمارات كحليف للسيسي، فقد أصبحت الدول الحليفة تنظر للقوة الناعمة في مصر كمطمع، للاستحواذ عليها، فالسعودية تسعى للقوة الناعمة الفنية، بينما تسعى الإمارات للقوة الناعمة الفكرية والدينية.يحكي الشيخ الباقوري في مذكراته، أن عبد الناصر حدثه أنه لا بد من الاستفادة من هذه القوة الناعمة للأزهر، لتستفيد الدولة من ذلك في علاقتها الخارجية، هذا ما أعلنه من الانتفاع بالأزهر خارجيا، لكنه بالمقابل عاد ونظر في سر قوة الأزهر وشيوخه، فقرر إلغاء هيئة كبار العلماء، والتي كانت من أهم وظائفها: انتخاب شيخ الأزهر، فقد كان منصبه بالانتخاب لا بالتعيين، ولا يعزل إلا بالموت، أو بالإتيان بما يخالف وظيفته، وهو ما لم يحدث في تاريخ الأزهر، وقام بإجراءات أخرى تكمل على بقية مشروع إضعافه.

فهم عبد الناصر بعقلية العسكري قوة الأزهر الناعمة، فأطلقها لتكون ضمن مشاريع حكمه خارج مصر، ولذا لم تكن تثار مشكلة النيل، إلا وكان للأزهر دوه في حلها، وفي مشكلات أخرى، حيث كان بعض حكام الدول الإفريقية من خريجي الأزهر، وقد كان منهم الرئيس الجزائري هواري بومدين. فعمد ناصر لإضعاف قوة الأزهر الداخلية، مطلقا قوته الخارجية في إطار سلطة الدولة، ففتح باب الابتعاث للأزهر، كما كان من قبل، لكن وسع بعض دوائره.

على خلاف ناصر، جاء السيسي برؤية إضعاف الأزهر شيخا ومؤسسة، داخليا وخارجيا، فتضييق في الداخل، وخنق لمكانته في الخارج، ولم يلتفت لأهمية الأزهر خارجيا كقوة ناعمة، سوى دولة الإمارات كحليف للسيسي، فقد أصبحت الدول الحليفة تنظر للقوة الناعمة في مصر كمطمع، للاستحواذ عليها، فالسعودية تسعى للقوة الناعمة الفنية، بينما تسعى الإمارات للقوة الناعمة الفكرية والدينية.

فرأيناها تضع شيخ الأزهر في مجلس حكماء المسلمين، ومعظم مشاريع الإمارات الدينية، رغم مخالفة الشيخ الطيب لبعض مشاريعها مثل: الديانة الإبراهيمية، ومع ذلك بقيت على علاقته بها، ودعمه، كما ضمت كذلك بعض مسؤولي المؤسسات الدينية كمفتي مصر وآخرين.

الحكم المستبد يضيق بقوة الأزهر، وبقوة المؤسسة المجتمعية، لأنه يبني حكمه وسلطته على إضعاف الجميع، ولا توضع القوة إلا في يده، لأنه يرى كل مؤسسة قوية، وكل مجتمع قوي خصما له، وليس رصيدا يضاف له، ويدعمه ويسنده، حيث لا يملك إلا رؤية واحدة، الحكم المستبد المطلق، وتحويل الجميع لجنود في معسكره، كل تحت قاعدة العسكر المشهورة: أمر، وطاعة، أمر من الحاكم، وطاعة من كل من سواه.حكى لي شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله، أنه التقى الدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس مبارك السياسي، وقد التقيا في أحد المطارات، وتكلم الباز معه عن الأزهر، فنصحه القرضاوي، أن ليت نظام الحكم في مصر، يفعل كما تفعل السعودية مع السلفية الوهابية، فهي تقيد يدها إلى حد ما في الداخل السعودي، بينما تطلق هؤلاء الدعاة في العالم كله، ينشرون مذهبها، ويتحركون، دون تدخل منهم في الداخل السعودي، أو سياستها، فنصحه القرضاوي، بدلا من الصدام أو التضييق على الأزهر، لماذا لا يتبنوا مثل هذه السياسة، وعلماء الأزهر رصيد ضخم، ومخزون استراتيجي مهم لقوة مصر الناعمة، ووعد الباز القرضاوي خيرا، بأنه لا بد من إكمال النقاش، لإنضاج الفكرة، وطرحها في سياق مناسب.

الحكم المستبد يضيق بقوة الأزهر، وبقوة المؤسسة المجتمعية، لأنه يبني حكمه وسلطته على إضعاف الجميع، ولا توضع القوة إلا في يده، لأنه يرى كل مؤسسة قوية، وكل مجتمع قوي خصما له، وليس رصيدا يضاف له، ويدعمه ويسنده، حيث لا يملك إلا رؤية واحدة، الحكم المستبد المطلق، وتحويل الجميع لجنود في معسكره، كل تحت قاعدة العسكر المشهورة: أمر، وطاعة، أمر من الحاكم، وطاعة من كل من سواه.

ولكن تظل مكانة وقوة المؤسسة الأزهرية عصية على تضييق الداخل، وعلى ما يحاك لها من مؤامرات وخنق، لما للأزهر من مكانة في قلب الشعب المصري، وشعوب العالم، لا زلنا كلما ذهبنا إلى بلد ويعرف السائل أننا من مصر، إلا ويقول: الأزهر؟ في دول عربية، وغير عربية، وهو ما يرسخ مكانة الأزهر داخليا وخارجيا، ولم تكن زيارات شيخ الأزهر الأخيرة سوى إعادة لما هو مترسخ في النفوس والقلوب.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأزهر مصر المكانة مصر الأزهر رأي مكانة مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة للقوة الناعمة شیخ الأزهر عبد الناصر فی الداخل فی مصر

إقرأ أيضاً:

تصعيد خطير.. طائرات أوكرانية تضرب الداخل الروسي وموسكو تردّ بهجوم جوي شامل

في تصعيد لافت وغير مسبوق منذ اندلاع الحرب، نفذت القوات الأوكرانية عملية عسكرية منسقة باستخدام الطائرات المسيّرة، استهدفت أربع قواعد جوية روسية تُعد من أبرز منصات إطلاق القاذفات الاستراتيجية.

وبحسب ما نقلته صحيفة فاينانشيال تايمز، فإن العملية التي نُفذت في عمق الأراضي الروسية وصفت بأنها “الأجرأ” منذ بداية النزاع.

ويشير توقيت الهجوم وعمقه الجغرافي، الذي امتد إلى آلاف الكيلومترات من خطوط التماس إلى تطور كبير في قدرات أوكرانيا الاستخباراتية والتكتيكية، إضافة إلى جرأة واضحة في ضرب عمق البنية العسكرية الروسية.

وأكدت المصادر الأوكرانية أن الهجوم استهدف قواعد “بيلايا” في سيبيريا، و”أولينيا” في شبه جزيرة كولا، و”دياجيليفو” قرب موسكو، و”إيفانوفو” شمال شرقي العاصمة، ما أسفر عن اندلاع النيران وتضرر أكثر من 40 طائرة عسكرية، ووفقاً لمسؤول أمني أوكراني، فإن نحو 34% من حاملة صواريخ كروز الاستراتيجية الروسية تضررت.

وفي دلالة على حجم التحضير للعملية، أوضح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الهجوم تم التخطيط له على مدى عام ونصف، وأنه نُفذ دون أي تنسيق خارجي، قائلاً: “كانت نتيجة عبقرية، حققتها أوكرانيا وحدها”.

هذا التأكيد على “الاستقلالية العملياتية” من جانب كييف جاء في ظل تقارير أشارت إلى أن الولايات المتحدة لم تكن على علم مسبق بالهجوم، وهو ما أكده أيضاً مسؤولون أميركيون تحدثوا إلى شبكة CBS، حيث امتنع البيت الأبيض عن التعليق رسمياً.

وبحسب تقرير فاينانشيال تايمز، حملت العملية اسمًا رمزيًا هو “شبكة العنكبوت” (Spiderweb)، ونفذتها طائرات مسيّرة صغيرة من نوع “FPV”، تم تهريبها إلى داخل الأراضي الروسية في شاحنات تحتوي على كبائن خشبية أخفيت تحت أسقف قابلة للفتح عن بُعد.

كما أشار التقرير إلى أن جهاز الأمن الأوكراني (SBU) أشرف على التنفيذ، ونشر لاحقًا مقاطع فيديو تُظهر لحظة استهداف القواعد الجوية، فيما سُمع صوت رئيس الجهاز، فاسيل ماليوك، يعطي الإذن النهائي بالهجوم.

رداً على الضربة الأوكرانية، شنّت روسيا فجر الأحد هجوماً جوياً واسعاً، وصُف بأنه الأكبر منذ بداية الحرب، ووفقاً لسلاح الجو الأوكراني، أطلقت موسكو 472 طائرة مسيرة، بالإضافة إلى 7 صواريخ، استهدفت مدناً بينها خاركيف وزابوريجيا، حيث فعّلت الدفاعات الجوية فوق العاصمة كييف.

الهجمات الروسية خلفت خسائر بشرية، بينها مقتل 12 جندياً في معسكر تدريب شرق أوكرانيا وإصابة أكثر من 60، بينما أودت ضربات أخرى بحياة 4 مدنيين في جنوب البلاد، وأعقب ذلك إعلان القائد الأعلى للقوات البرية الأوكرانية، ميخايلو دراباتي، استقالته، قائلاً إن “غياب المحاسبة” داخل الجيش كان عاملاً رئيسياً في تكرار هذه المآسي.

في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها اعتقلت عدداً من المتورطين في الهجوم على القواعد الجوية، مشيرة إلى أن الطائرات المسيّرة أُطلقت من أراضٍ قريبة من المطارات المستهدفة، غير أن جهاز الأمن الأوكراني نفى تلك الادعاءات، مؤكداً أن جميع عناصر العملية انسحبوا من روسيا قبل التنفيذ بوقت طويل.

وفي خطوة مفاجئة على المستوى السياسي، أعلنت كييف نيتها طرح مقترح سلام خلال جولة مفاوضات مقررة الاثنين في مدينة إسطنبول التركية، ووفق ما نقلته فاينانشيال تايمز، تتضمن المسودة وقفاً شاملاً وغير مشروط لإطلاق النار بإشراف أميركي، تليه خطوات مثل تبادل الأسرى، وإعادة الأطفال الأوكرانيين المرحّلين قسراً إلى روسيا، والتمهيد للقاء مباشر بين الرئيسين زيلينسكي وبوتين.

الوثيقة الأوكرانية شددت على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات أمنية لمنع تكرار الغزو، وعدم الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي الأوكرانية المحتلة، كما اقترحت آلية لرفع العقوبات تدريجياً، مع إمكانية إعادة فرضها حال إخلال موسكو بالاتفاق.

بموازاة ذلك، أفادت لجنة التحقيق الروسية بأنها أحبطت “هجوماً إرهابياً” كان يُعد له عميل تابع لأوكرانيا في إحدى حدائق الغابات غرب موسكو، وتم العثور على عبوة ناسفة محلية الصنع، وألقت السلطات القبض على المشتبه به، مشيرة إلى أن بحوزته مراسلات تؤكد تلقيه تعليمات من جهاز أمني أوكراني.

تعليقاً على التطورات، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، أولكسندر ميريزكو، أن “الهجوم الأخير هو بالضبط ما تحتاجه أوكرانيا لكسب هذه الحرب غير المتكافئة”، بينما قال ضابط أوكراني سابق إن العملية قد لا تغيّر المعادلة الميدانية مباشرة، لكنها تضرب العمق الاستراتيجي لروسيا وتحد من قدرتها على تنفيذ عمليات بعيدة المدى، بما في ذلك تلك ذات الطابع النووي.

ويبدو أن عملية “شبكة العنكبوت” تمثل نقلة نوعية في الأسلوب الأوكراني، مستفيدة من التكنولوجيا والتخطيط بعيد المدى، وهو ما قد يعيد رسم قواعد الاشتباك بين الجانبين في المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • اللموشي: حفل تكريم أوائل جامعة بنغازي كان بهيجًا
  • "ملتقى إعلام الحج".. تغطية وتفاعل مميزين من الداخل والخارج
  • تصعيد خطير.. طائرات أوكرانية تضرب الداخل الروسي وموسكو تردّ بهجوم جوي شامل
  • الجوازات: وصول 1.4 مليون حاج من الخارج إلى المملكة
  • غرامات وتضييق... بن غفير يقود حملة لمنع الأذان بمساجد الأراضي المحتلة
  • حماس تحذر من تداعيات قرار الاحتلال بمنع الأذان في مساجد الداخل
  • فضيحة تسليح الإرهابيين من الداخل.. نيجيريا توقف عشرات العسكريين بتهم خطيرة
  • الجوازات: أكثر من 1.47 مليون حاج قدموا من الخارج حتى اليوم
  • حيفا تشهد تظاهرة حاشدة تنديداً بجريمة الإبادة الصهيونية في غزة
  • صحيفة روسية: هذا الرجل يتقلب في قبره بسبب ترامب