كيف نصوم عاشوراء والرسول يقول: لا تصدقوهم ولا تكذبوهم
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
علي الكنزي
المبحث الأول
إن كان من السنة صوم عاشوراء فعلينا أن ننظر للآتي:
أن الرسول أخذ سنته من اليهود، حين رأى اليهود في المدينة يحتفلون بيوم عاشوراء. فسألهم لماذا تفعلون ذلك. فأجابوه بأنه يوم أنجا الله فيه موسى من فرعون. فأجابهم: "أنا أحق بموسى منكم"
أكان رسول الله يجهل ويغيب عليه أن الله أنجا موسى من فرعون حتى يسأل يهود
المدينة؟
وهل مثل هذا القول يتفق مع الآية من ٥١ سورة النساء التي تقول:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَلا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( 51 )
ثم إننا نعلم من القرآن ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُعَلِمْ ولا يُعَلَمْ
ويظهر ذلك جلياً في سورة البقرة في جزء من الآيتين ١٢٩و ١٥١ من سورة البقرة:
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ ….
(... يُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)
والكتاب هنا فسر بالتوارة والأنجيل والقرآن.
فبما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عالم بالتوارة والانجيل فهو عالم بيوم نجاة موسى من فرعون منذ أن كان بمكة.
ونحن نتلوا كتاب الله الذي جاء فيه في سورة الأعراف وهي سورة مكية:
(وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۖ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)
وفي سورة الشعراء وهي سورة مكية جاء قوله:
(فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)
علماً بأن خبر موسى وفرعون قد علم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من
الآيات أعلاه وهو بمكة فكيف يسأل عنه يهود المدينة؟
وهل كان يثق في إجابتهم؟
أليس من الممكن أن يخدعوه بإجابة خطأ، حتى يكشفوا للأخرين بأنه رسول كذب، لا ييعلم إن خدع؟
وقد حدث هذا كما يروي عبدالله بن عباس أن الآية ١٨٨ من سورة آل عمران (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم) أن هذه الآ
الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي عن شيء فكتموه إياه، فأخبروه بغيره.
وأين نحن من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري قال: إن أهل الكتاب أي اليهود كانوا يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي انزل الينا وأنزل اليكم."
المبحث الثاني:
اهل السنة يرون حديث صوم عاشوراء قائلين بلسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر مخالفة لليهود".
ونحن نعلم أن رسول الله مات في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة
الحادية عشر للهجرة. هذا يعني أنه صام العاشر من محرم للسنة الحادية عشر من الهجرة.
ونحن هنا أمام خيارين:
الخيار الأول: أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صام عشر سنوات من عاشوراء، وكان صيامه ليوم واحد في كل سنة، وكان غافلاً عن مخالفة اليهود طوال عشرة سنين قضاها بالمدينة. ولكنه انتبه للأمر في أ آخر سنة من عمره، ونبه صحابته بأنه إذا بقى لقابل ليصومن التاسع والعاشر من عاشوراء مخالفة لليهود!
الخيار الثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يصم إلا يوماً واحداً من
عاشوراء في السنة العاشرة للهجرة وبعده توفاه ربه.
والقارئ لسورة الحشر يعلم أن كل قبائل اليهود التي كانت تعيش في المدينة أو حولها (بنو القينقاع، بنوالنضير، بنو غريظة) اخرجوا جميعهم من ديارهم ولم يبق أحد منهم بالمدينة او حولها بعد السنة السابعة الهجرية، وذلك نتيجة لخيانتهم للعهد في غزوة الخندق.
المبحث الثالث:
أن صيامنا يوم عاشوراء يجب أن يوافق صيام اليهود لذلك اليوم، لأننا أخذناه منهم.
ولنرى هل توافق عاشوراء من شهر محرم الهجري والتي يدعو أهل السنة لصيامها ااااليوم الذي يصومه اليهود؟
والإجابة: كلا، ثم كلا، ثم كلا.
ولنبحث لماذا لا تتوافق عاشوراء محرم مع عاشوراء اليهود؟
أولاً: علينا أن نعلم ما هو التقويم اليهودي او العبري وكيف يحسب؟
لتقويم والشهور العبرية في الكتاب المقدس
الشهر العبري، هو شهر قمري، بمعنى أنه يعتمد في حسابه على ظهور الهلال النحيل لميلاد القمر الجديد. وبذلك تتكون السنة العبرية القمرية من: 354 يوم + 8 ساعات + 48 دقيقة + 38 ثانية
The Tempel : Its Ministry and Services, P.200
من أجل هذا السبب يتأرجح الشهر العبري – دائماً – بين 29، 30 يوماً لكل شهر. وبناء على ذلك تقل السنة العبرية القمرية عن السنة الشمسية بمقدار 10 أيام + 21 ساعة تقريباً.
Victor Buksbazen, The Gospel in the Feasts of Isrsel, P. 24
ولإحداث التوازن بين التقويمين، اضطروا أن يضعوا ما يُعرف بـ " السنة الكبيسة " وهو إضافة الشهر الثالث عشر، وسُميَّ هذا الشهر بـ" آذار الثاني " . وحتى سنة 360 ميلادية، كانت كل: 8 سنوات عبرية قمرية + 3 شهور كبيسة = 8 سنوات شمسية، ولكن لما غير اليهود تقويمهم سنة 360 م، أصبحت السنةالعبرية القمرية أقصر من السنة الشمسية بمقدار 10 أيام فقط، وبذلك صارت كل: 19 سنة قمرية + 7 شهور كبيسة = 19 سنة شمسية. وهذا ما أطلق عليه اليهود بـ " دورة الفصح الكبرى"، حتى تأتي الأعالاعياد في مواعيدها بالضبط كل سنة.
وهنا نشدد على القول: (وهذا ما أطلق عليه اليهود بـ " دورة الفصح الكبرى"، حتى تأتي الأعياد في مواعيدها بالضبط كل سنة.)
ومن هذا نفهم أن يوم صيام اليهود يأتي في يوم محدد لا يتغلب في الفصول مثل عاشوراء عند أهل السنة.
ثانياً: علينا أن نعلم يوم صيامهم يسمى يوم كيبور (أي يوم الغفران) “ويوم الغفران هو في الواقع يوم صوم، ولكنه مع هذا أضيف على أنه عيد، فهو أهم الأيام المقدَّسة عند اليهود على الإطلاق ويقع في العاشر من تشرين (فهو، إذن، اليوم الأخير من أيام التكفير أو التوبة العشرة التي تبدأ بعيد رأس السنة وتنتهي بيوم الغفران). ولأنه يُعتبَر أقدس أيام السنة، فإنه لذلك يُطلَق عليه «سبت الأسبات»، وهو اليوم الذي يُطهِّر فيه اليهودي نفسه من كل ذنب.
يقر بنو إسرائيل، في أيام التكفير هذه، أنه لا غنى عن رحمة الله وغفرانه: “إن كنت تراقب الآثام، يا رب يا سيد فمن يقف بريئاً” (مزمور 130 [129]: 3).
وهو اليوم الذي شن فيه السادات حربه على اسرائيل في ٦ اكتوبر ١٩٧٣ الموافق العاشر من رمضان، وهي ما يسميها الاسرائليون بحرب يوم الغفران بالعبرية
المبحث الرابع والأخير:
إن صوم عاشوراء أمر مستحدث في السودان، وقد عايشتُ وانا صغير في الريف أن يوم عاشوراء لم يكن يوم صوم بل كانوا يسمونه يوم (التوسعة) ففي هذا اليوم يحبب زيادة الطعام وجوجلب اي طعام آخر على أن يخلط بالسكر. في الريف كنا نأكل الشعيرية والسكسكانية والقراصة بالسمن والسكر.
خلاصة الامر
حقيقة الأمر ما اريد بصيام هذا اليوم إلا صرف انتباه الامة المسلمة عن مقتل الحسين بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه. وهو (اي الرسول) أوصانا بلسان رب العالمين في القرآن الذي نتلوه ليل نهاروهو يقول في سورة الشورى:
(... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)
فأنظروا كيف عملنا نحن بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقبره مازال رطباً لم ينشف ترابه بعد. فكان مقتل الحسين في حياة عصبة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا احياء في ذلك اليوم الأاالأسود.
لهذا فلا تصوموها§§§ بل ردوها إلى الله ورسوله.
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.
email. alkanzali.gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم یوم الغفران صوم عاشوراء موسى من فی سورة
إقرأ أيضاً:
هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره سؤال يسأل فيه الكثير من الناس فأجاب الدكتور محمد القاسم وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يترك بابا من الخير إلا ودل أمته عليه ورغبها فيه، ولم يترك بابا من الشر إلا نهى عنه ونفر أتباعه منه. ومما حذر الإسلام منه ونهى عنه، (التعصب المذموم)، بكل صوره وأشكاله.
فكم حجب التعصب أنوار الهداية عن افئدة كثير من الناس، وكم صرف أقواما عن الحق واستيقنته أنفسهم
كم أبيدت دول وازهقت أرواح ومزقت ابدان عصبية وبغيا، كم هدمت علاقات بين الأصدقاء والمعارف بالتعصب، وكم قوض التعصب بنيان أسر.
إن التعصب حوى كثيرا من الرذائل المقيتة ففيه كبر واستعلاء على الغير، وفيه تزكية للنفس، وإعجاب بالرأي، وفيه عناد وصلف، وفيه مناصرة للباطل ودحض للحق، وفيه عدم انصاف وبعد عن العدل وكل رذيلة من هذه مهلكة، فما بالك إذا اجتمعت!!!!!!!!!!!!!!
والعجيب أن كثيرا من البشر، أعلوا راية التعصب البغيضة، فتارة يكون تعصبهم لعرق ولون وأخرى يكون لرأي وفكر، وثالثة لفرقة وحزب، ترتب عليه تأجج نيران العداوات بين الناس، لأهون الأسباب.
لقد حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره، لما له من أثر سيئ، على صاحبه قبل ان يصل اثره لغيره.
ما أصر أبو جهل على الكفر رغم يقينه بصدق محمد صلى الله عليه وسلم إلا بالتعصب، تروي كتب السيرة « أَنَّ أَبَا جَهْلٍ، وَأَبَا سُفْيَانَ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ، خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْتَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآلة وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ وَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا لِيَسْتَمِعَ فِيهِ، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا وَطَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ فَتَلَاوَمُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَعُودُوا فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا. ثُمَّ انْصَرَفُوا حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ فعلوا مثل ما فعلوا ليلتهم الماضية واتفقوا على نفس اتفاق الليلة الماضية ولكن ما استطاعوا فاجتمعوا الثالثة أيضا، وقالوا مثل ما قالوا في سابقتيها، ثُمَّ تَفَرَّقُوا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ أَخَذَ عَصَاهُ وأَتَى أَبَا جَهْلٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَكَمِ مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ من مُحَمَّدٍ فَقَالَ مَاذَا سَمِعْتَ؟ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا حَتَّى إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرُّكَبِ وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ قالوا: منّا نبيّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ، وَاللهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ.
كم أضاءت أنوار الوحي دروب مكة وأغلق كفارها أعينهم عنها عصبية وكبرا، كم قرء القرآن غضا طريا من فم النبوة وصموا آذانهم عنه عصبية وكرها، إن القوم كانوا يعلمون صدق محمد صلى الله عليه وسلم وما منعهم إلا التعصب المقيت.
ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، فقال أحد أتباع مسيلمة له: من يأتيك قال: رحمن، قال: أفي نور أو في ظلمة؟ فقال: في ظلمة، فقال: أشهد أنك كذاب وأن محمدا صادق، ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر،". فتأمل كيف كان التعصب شؤما على صاحبه!!!
كفى بالتعصب ذما أنه شعار الجاهلية، فمن المواقف التي حدثت بين بعض الصحابة في إحدى الغزوات، ما رواه جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، قَالَ: فَسَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» ، فَقَالُوا: رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةٍ دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ».
فما أقبح التمسك بشيء نتن إضافة إلى ذلك فيه لوثة الجاهلية، فما بال البعض يتمسك به وقد أكرمه الله بالإيمان،
لقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم من يتعصب لغير الحق، قائلًا: “ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية”. ولقد سد النبي صلى الله عليه وسلم باب الذريعة للتعصب فنهى عن المفاضلة بين الأنبياء، فقال: (لا تُخَيِّروا بَينَ الأنبياءِ، حتى لا يتعصب أحد بجهل لنبي فيقدح في نبي آخر فيهلك.
لقد عرفت الدنيا أشكالا عديدة للتعصب، ومن صوره في عصرنا الحاضر، التعصب الرياضي، حيث تحولت المشاهدات للرياضة الى سلبيات كثيرة: من تعصب مذموم وعداء وحقد، وفحش في القول، وسب وشتم، وعنف لفظي وأحيانا جسدي، وتخريب للممتلكات، ووصلت لإزهاق الأنفس، ولقد تخطت اثاره احيانا حدود الدول فتخاصمت الدول الشقيقة بسببه.
ولكم سمعنا عن أناس أصيبوا بالضغط والسكتات القلبية وهم يشاهدون مباراة لفريقهم، ولكم سمعنا عن رجال تهدمت بيوتهم، ورجال طلَّقوا زوجاتهم لأجل مباراة. بل لكم سمعنا عن بيوت تهدمت حتى صار أهل البيت الواحد ينقسمون على أنفسهم، هذا يتبع فريقًا، وذاك يتبع آخرًا.
ولم يقف الأمر عند حد التشجيع والتعصب فقط، بل تعداه إلى سخرية أتباع كل فريق من الآخر.
قاتل الله التعصب حين يصل الأمر بالمسلم إلى البغضاء، فنبي الإسلام يقول: لاَ تقاطعوا ولاَ تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا.