الأونروا : مدينة غزة أصبحت معزولة
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا إن "مدينة غزة أصبحت معزولة في الغالب عن وصول المساعدات الدولية، وسويت شوارعها بالأرض".
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، مساء الجمعة، عن مسؤولة الاتصالات بالأونروا لويز ووتردج قولها: "بعد 9 أشهر من الحرب، أصبحت مدينة غزة واحدة من أكثر المدن حرمانًا في القطاع، ومعزولة في الغالب عن وصول المساعدات الدولية، وسويت شوارع بأكملها بالأرض بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية".
وتعليقا على إصدار القوات الإسرائيلية منذ يومين أمر "إخلاء" جديد لمدينة غزة يأمر جميع سكانها بالفرار جنوبا، أوضحت ووتردج، أنه "مع اقتراب قافلة الأمم المتحدة من المدينة، شاهدنا بعض العائلات الفلسطينية تغادر سيراً على الأقدام، بحثاً عن ملجأ على ما يبدو في الجنوب".
وأضافت أن "أهالي مدينة غزة رفعوا أيديهم في الهواء أثناء سيرهم نحو نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية، فيما كان الطقس حارقًا، ولم يكن هناك سوى القليل من الظل".
وفي معرض وصفها لوضع الأطفال النازحين مع أهاليهم من غزة، أشارت ووتردج، إلى أنهم كانوا "في كثير من الأحيان يحملون أعلامًا بيضاء على عصي مصنوعة من أي قماش أبيض تمكنوا من العثور عليه".
وشددت على أن "العائلات التي التقت بها هناك كانت تعيش في ظروف مزرية".
ووصفت العديد من النساء، اللاتي تحدثت إليهن المسؤولة الأممية، ولاداتهم بأنها "مؤلمة" دون رعاية صحية، وتحدثت الفتيات عن عدم توفر المياه النظيفة أو أي منتجات صحية.
والأربعاء، طالب الجيش الإسرائيلي في مناشير ورقية، سكان مدينة غزة بالتوجه نحو بلدة الزوايدة ومدينة دير البلح وسط القطاع، مهددا بأن المدينة ستبقى "منطقة قتال خطيرة".
من جهتها، اعتبرت وزارة الداخلية في قطاع غزة، عبر بيان نشرته الأربعاء، دعوات الجيش الإسرائيلي للمواطنين في مدينة غزة للتوجه جنوبا "ضغطا وإرهابا نفسيا".
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: مدینة غزة
إقرأ أيضاً:
ما لا تعرفونه عن الأونروا
يترسّخ في أذهان كثيرين أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مجرد جهاز بيروقراطي احتكر لعقود توزيع الغذاء على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
لكن تحقيقا حصريا نشرته صحيفة لوموند الفرنسية الثلاثاء الماضي كشف أهمّ من ذلك بكثير. كشف أن الأونروا هي ضمير القضية الفلسطينية، إيمانها العميق بتلك القضية قادها إلى إنجاز عملية كوماندوس إنسانية خيرية تجبر المرء على الوقوف احتراما لمن امتلكوا فطنة الانتباه لها ثم التخطيط لها وشجاعة تنفيذها. عندما تقرأ تفاصيل العملية، التي بقيت سرية حتى الآن، تفيض مشاعرك من كل ذلك الإيمان بالمظلمة الفلسطينية والإخلاص لها، ويتضاءل اليأس الذي أقحمته في روحك السنتان الماضيتان من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. التحقيق بعنوان: من غزة إلى عمّان: قصة إنقاذ الأونروا للأرشيف العائلي الفلسطيني وسط توتر كبير.
اخترت ترجمة التحقيق ونشره هنا كاملا تعميما للفائدة وتفاديا للإخلال به أو التقصير بحق الأبطال الذي أنجزوا تلك المعجزة:
«جرى تهريب الوثائق التي تثبت صفة لاجئ لمئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة خلال الأشهر الأولى من الحرب، تحت القصف الإسرائيلي، ونُقلت إلى مكان آمن في الأردن. إنها عملية إنقاذ تبدو كأنها مأخوذة من فيلم أكشن. تحت نيران القصف الإسرائيلي تدور أحداث القصة بين غزة وعمّان، العاصمة العربية الهادئة، مرورًا بصحراء سيناء. أبطال العملية: مجموعة صغيرة من موظفي الأونروا – فلسطينيون وأجانب بدعم من طياري سلاح الجو الأردني.
الوقت كان ضيقًا والمهمة سرية للغاية: إنقاذ ما يبدو كأوراق رثّة، لكنها في الواقع وثائق ذات قيمة تاريخية وسياسية هائلة.. سجلات العائلات الفلسطينية اللاجئة في غزة. يعود جزء من هذه الوثائق إلى ما بعد النكبة مباشرة، حين طردت إسرائيل أكثر من نصف الشعب الفلسطيني (750 ألف شخص من أصل 1.2 مليون) من أرضه لإنشاء دولتها عام 1948.
تُستخدم هذه الأرشيفات لأغراض إدارية، لكنها توثق أيضا تفاصيل النكبة: أسماء القرى الفلسطينية المُهجرة، أعمال العنف، التهجير القسري. هذه الوثائق تشكل أدلة على حجم المأساة وتثبت صفة «لاجئ فلسطيني» التي مُنحت للمُهجّرين عام 1948 ولأبنائهم. اختفاؤها كان سيجعل من المستحيل على الأونروا، التي تأسست عام 1950، إثبات العلاقة بين الأجيال الحالية وضحايا التهجير القسري. في غزة، حيث يشكل اللاجئون المُهجّرون نحو 70% من السكان، تعتبر هذه الوثائق حيوية.
إخلاء تحت القصف: بدأت العملية في 12 أكتوبر 2023، بعد خمسة أيام من بدء الحرب، حين اضطرت الأونروا لإخلاء مقرها في مدينة غزة عقب قصف إسرائيلي مكثف. نقلت مكاتبها إلى رفح. وسط الفوضى، تُركت العديد من المعدات في المكان، كالهواتف الفضائية وكذلك الأرشيف العائلي، الذي لم يكن قد تم رقمنته بالكامل.
بدأت اتصالات يومية بين «ناصر»، وهو مسؤول فلسطيني في الأونروا بغزة (ذُكر اسمه الأول فقط حرصا على سلامته)، و»روجر هيرن»، المسؤول الأسترالي الذي يرأس إدارة الإغاثة والخدمات الاجتماعية في مقر الوكالة بعمّان. قرروا تنفيذ مهمة سرية إلى حي «الرمال» شمال غزة لإنقاذ الوثائق.
توجهت مجموعة صغيرة إلى المقر تحت تهديد القصف وهدير الطائرات المسيّرة. تم تحميل ثلاث شاحنات بالوثائق. الطريق إلى رفح كان مدمّراً لكنه ما يزال سالكاً. تكررت العملية مرتين إضافيتين قبل أن تدخل الدبابات الإسرائيلية شمال القطاع في 27 أكتوبر، وتقصف مقر الأونروا.
في رفح تم تخزين الأرشيف في مستودع أصيب في قصف في مارس 2024، مما أسفر عن مقتل موظف وجرح آخرين. خططت الإدارة لنقل الوثائق إلى مصر عبر شاحنات، لكن السلطات المصرية رفضت ذلك واشترطت التنسيق مع إسرائيل، فتقرر اللجوء إلى «الخطة ب»: بدءًا من نوفمبر 2023، أُخفيت الوثائق في حقائب موظفي الأونروا الأجانب المغادرين غزة، دون علم السلطات المصرية.
كان عدد الموظفين المحليين المطّلعين على الخطة محدودا للغاية. في سيناء، وتحديدا في العريش، كانت الطائرات العسكرية الأردنية تُسقط مساعدات إنسانية وتعود محملة بالوثائق إلى عمّان، حيث المقر الوحيد المتبقي للأونروا. الأردن، الداعم القوي للوكالة، استمر في دعمها رغم اتهام إسرائيل، دون دليل، لـ12 من موظفيها بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر.
الرحلة الأخيرة – ومرارة النصر: في أبريل 2024، ومع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من رفح، هُرّبت آخر الوثائق على عجل. هبطت آخر طائرة عسكرية أردنية تحمل أرشيف الأونروا في 21 إبريل بمطار قرب عمّان. في 6 مايو دخل الجيش الإسرائيلي رفح وأُغلقت الحدود المصرية بالكامل.
لم يتسنَّ إنقاذ جميع الوثائق: نُسخ من جوازات سفر تعود لفترة الانتداب البريطاني (1923-1948) ووثائق ملكية بقيت في غزة، لكنها كانت قد رُقمنت قبل الحرب.
أما الأرشيفات غير المرقمنة، مثل المراسلات الرسمية، فربما دُمّرت. يطرح هذا الأمر سؤالاً: لماذا الاحتفاظ بهذه الوثائق المهمة في منطقة حرب؟ رغم أن رقمنة الأرشيف بدأت في أوائل 2000، إلا أنها توقفت بسبب نقص التمويل وتفضيل الأونروا التركيز على التعليم والصحة. لكن روجر هيرن يعتبر أن ذلك دليل إهمال شديد. في نوفمبر 2024 عاد روجر لفترة قصيرة إلى غزة. هناك التقى ناصر، لكنه لم يتعرف على المدينة التي عمل بها 20 عاما لكثرة ما أصابها من دمار.
الأونروا هي عقدة الذنب الأزلية للإسرائيليين
في عمّان جرت رقمنة أرشيف عائلات غزة، وكذلك لاجئي الضفة الغربية الذين هُرّبت وثائقهم سرا من مكاتب الأونروا في القدس الشرقية. يُعدُّ الحفاظ على هذه الوثائق انتصارا في معركة الدفاع عن حقوق اللاجئين وذاكرتهم. يمكن من خلالها يوما ما إعادة بناء تاريخ القرى الفلسطينية المدمّرة عام 1948. لكنه نصر بطعم المرارة: أدلة طرد لاجئي غزة والضفة من بيوتهم وأراضيهم لم تعد محفوظة في فلسطين. لا تزال إسرائيل تواصل حملتها على الأونروا وأغلقت مكاتبها في القدس الشرقية. كما دمّرت ثلاثة مخيمات لاجئين في شمال الضفة الغربية. مستقبل الوكالة يبدو اليوم قاتما أكثر من أي وقت مضى». انتهى نص لوموند.
لعلكم أدركتم الآن أن سعار المسؤولين الإسرائيليين تجاه الأونروا ليس لأنها جهاز بيروقراطي أو مجرد سوبرماركت يحتكر توزيع الغذاء، كما يدّعون. ولعلكم تأكدتم أيضا أن الأونروا هي عقدة الذنب الأزلية للإسرائيليين التي تحيلهم دائما إلى جرائم سلفهم في 1948.
القدس العربي