دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أصبحت الجزر المتوسطية في إسبانيا تجسّد نموذجًا مثاليًا لأسلوب الحياة والرفاهية.

ومن المرجّح أنك سمعت بأرخبيل البليار. وفي كل عام، يتوافد الملايين إلى جزر "مايوركا"، و"مينوركا"، و"إيبيزا" للتجوّل في البلدات، والاستمتاع بالشواطئ البكر، واحتضان أجواء الراحة والهدوء.

ولكن إذا اتجهت جنوبًا قليلاً، ستجد جزيرة إسبانية أخرى تحتفظ بسحر البحر الأبيض المتوسط ذاته، ولكنها تظل مجهولة.

إنّها جزيرة "نويفا تاباركا" الصغيرة والمسطّحة، التي تمتد بطول 1،800 متر ولا يتجاوز عرضها 400 متر في أوسع نقطة. 

يعيش على الجزيرة حوالي 50 شخصًا على مدار العام، ما يجعلها أصغر جزيرة مأهولة بشكلٍ دائم في إسبانيا.

تقع الجزيرة على بُعد بضعة أميال من مدينة أليكانتي. خلال موسم الذروة، تنقل العبارات الزوار عبر الامتداد المائي الضيق.Credit: kim willems/iStock Editorial/Getty Images

ورُغم صغر حجمها، تتمتع الجزيرة بطبيعة وثقافة غنية، وحماها موقعها المعزول من التوسّع العمراني العشوائي الذي شوّه جزءًا كبيرًا من ساحل "كوستا بلانكا" القريب.

ولكن الجزيرة ليست نائية، فهي رسميًا جزء من مدينة أليكانتي، وتقع على بُعد مسافة قليلة فقط من الساحل. 

وتنطلق يوميًا عدّة عَبّارات تنقل الزوار إلى الجزيرة من ميناء "سانتا بولا".

يعود الطابع المميز للجزيرة الصغيرة إلى القرن الـ18.

لا تعود أصول السكان إلى السواحل القريبة، بل إلى مناطق بعيدة للغاية في قصة تاريخية تربط "تاباركا" بإيطاليا وشمال إفريقيا.

من القديم إلى الجديد

بين عامي 1500 و1800، كان المرجان الأحمر المستخرج من جزيرة "تاباركا"، الواقعة على الساحل الشمالي لتونس، سلعة ثمينة ومطلوبة بشدة.

وفي القرن الـ16، حصلت عائلة لوميليني، من مدينة جنوة الإيطالية، على امتياز من الحكام المحليين في تونس لاستخراج المرجان هناك. 

وبحلول منتصف القرن الـ18، بلغ عدد سكان المستوطنة ألفي شخص تقريبًا، معظمهم من جنوة.

تشكل المياه المحيطة بهذه الجزيرة الصخرية موقعًا شهيرًا للسباحة والغطس.Credit: sanniely/iStock Unreleased/Getty Images

ولكن كان لدى الحاكم العثماني للمنطقة المعروفة بتونس اليوم  خطط أخرى.

في عام 1741، اجتاحت قواته جزيرة "تاباركا"، واستعبدت العديد من سكانها، ما أحدث صدمة في جميع أنحاء غرب البحر الأبيض المتوسط. 

عَرَض ملوك إسبانيا وسردينيا اللجوء على من نجوا من الاجتياح، ودفعوا فدية لتحرير الذين تحولوا إلى أسرى.

أمّا من وصل منهم إلى إسبانيا، فعُرض عليهم مكان لبناء حياة جديدة، على جزيرة صغيرة. 

آنذاك، كانت الجزيرة تُعرف باسم "Illa Plana" (الجزيرة المسطّحة)، وأُعيد تسميتها "نويفا تاباركا"، أو "تاباركا الجديدة" تخليدًا لاسم موطنهم السابق.

ولم يكن إنشاء المستوطنة الجديدة عفويًا، بل جاء وفقًا لأفكار "عصر التنوير" في ذلك الوقت، حيث كُلّف مهندسون عسكريون بوضع مخطط عمراني دقيق لا يزال واضحًا حتى اليوم. 

وتتقاطع شوارع واسعة ومستقيمة بزوايا قائمة لتلتقي في ساحة مركزية. وكان هناك محيط محصّن لحماية المجتمع من القراصنة.

في عام 1986، أصبحت الجزيرة الإسبانية أول محمية بحرية في البلاد. ولا يزال ثلثا الجزيرة غير مطوّر ومحافظ عليه إلى حد كبير. كما تعد مياهها وصخورها وجزرها الصغيرة المجاورة ملاذًا طبيعيًا للحياة البحرية.

في عام 1986، أصبحت تاباركا أول محمية بحرية في إسبانيا.Credit: Marcos del Mazo/LightRocket/Getty Images

أمّا عن الثلث المعمّر من الجزيرة، فقد تكيّف مع السياحة، حيث تحولت العديد من المنازل التقليدية إلى أماكن إقامة قصيرة الأجل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السياح.

زوار الجزيرة في اليوم الذي زارت فيه CNN الجزيرة، كان عدد القطط يفوق عدد الزوار في شوارع الجزيرة.Credit: Miquel Ros

أوضحت ماريا ديل مار فاليرا، وهي صاحبة مطعم في الجزيرة ورئيسة جمعية "APEHA" التي تمثل مؤسسات الضيافة في مدينة أليكانتي، لـCNN أنّ الزوار الدوليين يشكّلون ما بين 80 إلى 90% من الوافدين.

يزور معظم السياح الجزيرة ليوم واحد فقط. ويتوفر حوالي 20 مشروعًا تجاريًا صغيرًا يخدم نحو 200 إلى 250 زائرًا، ويعد النشاط السياحي موسميًا تمامًا، رُغم اعتدال المناخ طوال العام.

وأضافت فاليرا: "لا أحد يأتي إلى هنا خلال فصل الشتاء".

وعند زيارة شبكة CNN لجزيرة "تاباركا" في أحد أيام الجمعة خلال أوائل الخريف، بدت الشوارع شبه خالية. 

كانت القطط المتمددة تحت شمس الظهيرة تفوق عدد البشر بكثير، وأظهرت دراسة أنه في عام 2023، كان عدد قطط الجزيرة يعادل ضعف عدد السكان تقريبًا.

تبلغ مساحة الجزيرة 1800 متر فقط ولكنها لا تزال تتمتع بشواطئ خلابة مثل هذا الشاطئ في الصورةCredit: sanniely/iStockphoto/Getty Images

مع ذلك، خلال ذروة الصيف، قد تستقبل الجزيرة 6 إلى 7 آلاف زائر، ومن المحتمل أن العدد وصل إلى 10 آلاف في أحد الأيام المزدحمة، حسبما ذكرته فاليرا.

يشكو بعض السكان المحليين من أنّ الجزيرة تهمّش وتُنسى بعد مغادرة السياح، خاصةً فيما يتعلق بالخدمات العامة.

من جانبها، أشارت كارمن مارتي، وهي رئيسة جمعية سكان "تاباركا"، إلى كون نقص وسائل النقل بين شهري نوفمبر/ تشرين الثاني ومارس/ آذار، من الشكاوى الرئيسية.

وأضافت في حديثها لـCNN: "من الصعب أن تعيش حياة طبيعية عندما بالكاد تستطيع الذهاب إلى البر الرئيسي والعودة في اليوم ذاته". 

واضطر بعض السكان المسنين إلى مغادرة الجزيرة بسبب صعوبة الحصول على رعاية طبية منتظمة.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: البحر المتوسط Getty Images فی عام

إقرأ أيضاً:

غزة.. حرب الإبادة تُخلّف 60 مليون طن من الركام و80 % من السكان فقدوا منازلهم

 

 

الثورة  / متابعات

أفاد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة، أمجد الشوا، بأن 80% من سكان قطاع غزة فقدوا منازلهم، فيما تشير التقديرات إلى أن حرب الإبادة خلفت نحو 60 مليون طن من الركام.

وأوضح الشوا، أن نحو مليون ونصف المليون فلسطيني فقدوا منازلهم على مدار عامين من عمر حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على القطاع.

وذكر في تصريحات لـ”العربي الجديد” أنّ التقديرات تشير إلى وجود 60 مليون طن من الركام في قطاع غزة المدمر.

وبيّن أن ما بين 300 إلى 400 ألف نازح فلسطيني تمكّنوا من العودة إلى مناطقهم في غزة وشمالها، رغم الظروف شديدة الصعوبة، حيث فَقَد معظمهم منازلهم وممتلكاتهم

وأشار إلى أن تدفق النازحين سيزداد، في حال إدخال مستلزمات الإيواء وتنفيذ المرحلة الثانية من انسحاب جيش الاحتلال من مناطق رفح، وشرق خان يونس، والشجاعية، وشمال القطاع.

وشدد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة على أنّ إعادة إعمار القطاع ستتطلب وقتاً طويلاً جداً، مبينا أنّ الأولوية الآن لعمليات الإغاثة العاجلة والاستجابة الإنسانية لاحتياجات السكان الناتجة عن الدمار الكبير، بما في ذلك انتشال جثامين الشهداء، والعثور على المفقودين، وتوفير مأوى للملايين.

ولفت الشوا إلى أنّ الجهود تتركز حالياً على تأهيل القطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم والمياه، إضافةً إلى توفير المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الأساسية للإيواء من بطانيات وفُرش وملابس.

وتحدث عن مساعٍ لعقد مؤتمر للمانحين في مصر، بهدف إعادة إعمار قطاع غزة، استناداً إلى خطة أعدّتها القاهرة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية وعدد من الجهات العربية، وجرت الموافقة عليها من قبل العديد من دول العالم.

وأكد الشوا، أن “المساعدات الإنسانية تمثل ركيزة أساسية في مواجهة المجاعة التي شهدها القطاع”، مشدداً على ضرورة ضمان تدفقها المستمر والمتنوّع ضمن سلسلة غذائية متكاملة، إلى جانب إعادة تأهيل المنظومة الصحية والإنسانية في أسرع وقت ممكن.

وأشار إلى أن آلاف النازحين لم يتمكنوا بعد من العودة إلى مناطقهم، وأن المرحلة الحالية تتطلب دعماً عاجلاً وفورياً من جميع الأطراف العربية والدولية، خصوصاً على الصعيدين المالي والإغاثي.

كما دعا الشوا إلى ضرورة الإسراع بإجلاء أكثر من 17 ألف مريض وجريح يحتاجون إلى جهود إنقاذ فورية.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهر الجمعة الماضي، بعد أن أقرت حكومة الاحتلال الاتفاق فجراً.

ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها الرئيس الأييركي دونالد ترامب تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج لجيش الاحتلال، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.

مقالات مشابهة

  • آلاف الزلازل المفاجئة بالبحر المتوسط.. كيف فسر العلماء مشكلة سانتوريني؟
  • وزيرة الشباب والأطفال الإسبانية تزور الأونروا في الأردن للتعرف على خدماتها
  • تحذيرات جوية في إسبانيا.. العاصفة أليس تغمر كاتالونيا وفالنسيا وإيبيزا بالفيضانات وتعطل السفر
  • هل القطط تجلب الرزق في البيت؟.. 10 أسرار وشرطان للاحتفاظ بها
  • قلق في أوساط السكان بعد تقارير عن وباء دماغي محتمل في عدن
  • جزيرة هرمز الإيرانية.. طبيعة سريالية تجذب السياح
  • على دروب الصخر والملح.. جيجل جوهرة جزائرية بين الجبل والبحر
  • نادي الصيد يستقبل أبطال الجمباز بعد تألقهم في بطولتي البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا
  • غزة.. حرب الإبادة تُخلّف 60 مليون طن من الركام و80 % من السكان فقدوا منازلهم