عربي21:
2025-05-14@08:26:36 GMT

جراح لا تندمل وصرخات لا تنقطع

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

تتشابك سحب الدخان مع الأحلام المبعثرة، تتراقص أعمدة الغبار كأنها أشباح الموتى، وتنبثق من الأرض التي ترويها دماء الشهداء رائحة الشجاعة والتحدي. في كل زاوية من شوارعها، وفي كل بيت من بيوتها، تلمس نبضات الحياة التي ترفض أن تخبو، رغم الظلام الذي يلتهم الأفق.

غزة، تلك الجوهرة المحاصرة بين البحر والعدوان، تعيش في قلب العاصفة.

تسير على شفا الموت يوميًا، تصارع الوحشية بعيون الأطفال التي تنظر إلى المستقبل بإصرار، وبقلوب الأمهات التي تحمل أثقال الحزن وتزرع الأمل. في تلك البقعة، تتجلى المأساة في كل جانب.

تُسطر على جدرانها الحكايات المروعة، حكايات البيوت التي انهارت فوق رؤوس سكانها، المدارس التي تحولت إلى مقابر، والمستشفيات التي تعج بالجرحى. في كل مكان، تجد وجوهًا تحمل قصصًا لا تُروى، قصصًا مليئة بالدموع والصمود.

أهل غزة، رجالًا ونساءً، شيوخًا وأطفالًا، يُظهرون للعالم قوة لا تُقاس. يقفون بكل ما لديهم من إيمان أمام الجرافات والطائرات، يحفرون بأيديهم في الركام للبحث عن أحبائهم، ويزرعون بصبرهم وجلدهم بذور النصر. هم الأبطال الذين يرسمون بدمائهم مستقبلًا لا يقبل إلا بالحرية والكرامة. في كل خطوة تخطوها غزة، تكتمل حكاية جديدة للمقاومة، حيث يتجسد فيها الإصرار على الحياة رغم كل المعوقات.
في غزة، للموت معنى مختلف؛ فهو ليس نهاية بل بداية جديدة للمقاومة
في غزة، للموت معنى مختلف؛ فهو ليس نهاية بل بداية جديدة للمقاومة والتحدي، حيث تصبح كل روح شهيد شعلة تضيء درب الحرية.

في شوارع غزة، تُمزّق القلوب مناظر أشلاء الجثث التي تملأ الأفق، وخصوصًا أشلاء الأطفال، التي تختلط بتفاصيل الأرض، لتصبح جزءًا من ترابها الحزين. تذوب الطفولة بين الأنقاض، تتلاشى الضحكات في الهواء، وتظل العيون الصغيرة تفتح على عالمٍ لم يمنحها فرصة للحياة. في لحظات الغروب، عندما تهدأ أصوات المدافع قليلًا، تُسمع الأناشيد الحزينة، تتردد في أرجاء غزة، تصف الأمل الذي يظل يحيا رغم كل شيء. في هذه الأوقات، يمكن للمرء أن يشعر بالروح الجماعية التي تجمع هؤلاء الناس، وتجعلهم يرفضون الاستسلام. تلك الروح هي سر المقاومة التي لا تنكسر، التي تغذيها دماء الشهداء وترويها قصص الصمود.

غزة ليست مجرد بقعة تعاني، بل هي رمز للشجاعة والإرادة التي لا تُقهر. هي قصة مقاومة تُكتب بدماء أبنائها، وترويها أرواح الشهداء الذين رحلوا ولكنهم باقون في ذاكرة الأمة. في غزة، يتجسد الصمود في كل خطوة تُخطى، في كل كلمة تُنطق، وفي كل نظرة تحدٍّ تُرمى نحو السماء.
لن تكون الكلمات كافية لوصف ما يعانيه أهلنا في غزة، لكننا نعلم أن أصواتهم ستظل تصدح بالحقيقة والكرامة، وأننا معهم قلبًا وقالبًا. سنظل نكتب، نصرخ، ونناضل حتى تُشرق شمس الحرية على هذه الأرض المقدسة.

غزة، يا جرح الأمة النابض، يا ملحمة الصمود والعزة، ستظل شمسك مشرقة رغم كل الظلمات. سيأتي اليوم الذي ترتفع فيه رايات النصر، ستنتهي فيه كل جراحك وتتعافى، سيشهد العالم على قوة عزيمتك وصمودك، وسنروي لأجيالنا القادمة كيف كنتِ وما زلتِ رمزًا للإباء والشموخ. ستعود الأرض لأصحابها، وستُبنى البيوت من جديد، وسنحتفل معك بيوم الحرية الذي لا بد أن يأتي.

الدستور الأردنية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة الاحتلال مجازر المقاولة المواصي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

عيدان ألكسندر يعود من غزة.. هل تفتح الحرية بابها لسكان القطاع؟

بينما طوى الأمريكي عيدان ألكسندر صفحة الأسر، يترقّب الغزاويون انفراجة تحمل لهم بارقة أمل في وقف إطلاق النار، والابتعاد عن دوامة الحرب والحصار.

تحرير رهينة.. ورسائل ما وراء الصفقة

في خطوة مفاجئة أعادت ملف الرهائن إلى واجهة المشهد السياسي، أطلقت حركة "حماس"، يوم الإثنين، سراح عيدان ألكسندر، آخر رهينة أمريكي معروف كان على قيد الحياة في قطاع غزة، بعد احتجاز دام 18 شهرًا. الإفراج عن ألكسندر لم يكن مجرد حدث إنساني، بل حمل في طياته دلالات سياسية ورسائل دبلوماسية تتجاوز حدود غزة.

وجاء إطلاق سراح ألكسندر، البالغ من العمر 21 عامًا والمولود في نيوجيرسي، عقب محادثات مباشرة بين حماس والولايات المتحدة، تخطّت هذه المرة الحكومة الإسرائيلية، وشكّلت جزءًا من جهود أوسع للتوصل إلى وقف لإطلاق النار واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن".

أظهرت صور ومقاطع مصوّرة ألكسندر وهو يرتدي قميصًا أسود من "أديداس" وقبعة بيسبول، لحظة تسليمه إلى الصليب الأحمر الدولي في خان يونس، جنوبي القطاع، قبل أن يغادر الموكب متوجهًا إلى الأراضي الإسرائيلية، حيث نُقل إلى قاعدة عسكرية لإجراء الفحوصات الطبية، وللقاء عائلته في مشهد إنساني مؤثر طال انتظاره.

وفي مشهد رمزي بثّه الجيش الإسرائيلي، سلّم المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، هاتفًا إلى والدة ألكسندر، يائيل، لتُجري مكالمة مع نجلها فور تحرّره. وقد ظهر لاحقًا ألكسندر في تل أبيب وهو يعانق أفراد أسرته رافعًا العلمين الأمريكي والإسرائيلي.

ترامب والصفقة.. التوقيت والدلالة

الإفراج عن ألكسندر تزامن مع بدء جولة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط، تشمل السعودية وقطر والإمارات. وأثار توقيت الصفقة اهتمام المراقبين، خاصة أن إدارة ترامب نجحت في عقد تفاهم مع حماس، دون إشراك الحكومة الإسرائيلية في التفاصيل، وفقًا لما أكدته "سي إن إن".

وقال ترامب في تعليق له على العملية: "إنها خطوة لإنهاء هذه الحرب الوحشية للغاية، وإعادة جميع الرهائن الأحياء ورفاتهم إلى أحبائهم." في موقف يُظهر رغبة الإدارة الأمريكية في تحقيق اختراق إنساني ودبلوماسي في آنٍ معًا.

ووصف ترامب الصفقة بأنها "بداية لإنهاء معاناة المدنيين من الجانبين"، مؤكدًا التزامه بالعمل على إطلاق سراح بقية الرهائن وإنهاء النزاع الذي طال أمده في قطاع غزة.

رئيس وزراء إسرائيل يشيد.. ويُصرّ على الحسم

من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإفراج عن ألكسندر بأنه "لحظة مؤثرة للغاية"، مشيدًا بجهود ترامب ودوره في تأمين عودة الجندي الأمريكي إلى عائلته.

وقال نتنياهو في بيان رسمي: "لقد تحقق ذلك بفضل الضغط العسكري من جانبنا، والضغط الدبلوماسي الذي مارسه الرئيس ترامب. هذا مزيج ناجح."


وأضاف: "تحدثت مع الرئيس ترامب اليوم، وقد أكد لي التزامه العميق تجاه إسرائيل، ورغبته في التعاون الوثيق معنا لتحقيق أهداف الحرب: إطلاق سراح جميع الرهائن، وهزيمة حماس. هذان الهدفان مترابطان ولا يمكن الفصل بينهما."

الرهائن في غزة... ملف لم يُغلق بعد

رغم إطلاق سراح ألكسندر، لا يزال 58 رهينة محتجزين في قطاع غزة، يُعتقد أن 20 منهم على الأقل لا يزالون على قيد الحياة، بينهم عدد من حاملي الجنسية الأمريكية.

ومن بين الرهائن الذين تأكد مقتلهم أربعة أمريكيين، هم الزوجان غادي حجاي وجودي وينشتاين حجاي، إضافة إلى الجنديين إيتاي تشين وعمر نيوترا.

وتُعد قضية الرهائن من أبرز الملفات التي تُعقّد مساعي وقف إطلاق النار، في وقت تتعرض فيه غزة لحصار خانق، وتعيش على وقع أزمة إنسانية متفاقمة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

غزة تنتظر حريتها.. ومصير الحرب لا يزال غامضًا

بينما يعود عيدان ألكسندر إلى حضن عائلته، يترقّب سكان قطاع غزة بفارغ الصبر أي بارقة أمل تفتح لهم أبواب الحياة من جديد. الإفراج عن رهينة واحدة قد لا يُنهي الحرب، لكنه قد يكون بداية لتحوّل أوسع في مسار الصراع، إذا ما أفضت الجهود الأميركية والدولية إلى وقف فعلي لإطلاق النار، يضع حدًا للمأساة الإنسانية ويمهد الطريق نحو تسوية أكثر شمولًا.

لكن إلى أن يتحقق ذلك، تظل آمال الغزاويين معلقة على قرار سياسي طال انتظاره، ينتشلهم من تحت الركام، ويعيد لهم أبسط حقوقهم في العيش بحرية وكرامة.

طباعة شارك غزة ألكسندر عيدان قطاع غزة عيدان إسرائيل

مقالات مشابهة

  • “أمن المقاومة” ينفي الشائعات حول وجود قيادات للمقاومة في المستشفى الأوروبي
  • حاسوب عملاق يكشف الموعد الدقيق لنهاية العالم التي حذر منها ماسك
  • الحرية على طاولة النار… نصف الأسرى ثمن لهدوء مؤقت
  • عيدان ألكسندر يعود من غزة.. هل تفتح الحرية بابها لسكان القطاع؟
  • الهلال يعمق جراح العروبة برباعية في دوري روشن السعودي
  • دورا مدينة التلال الكنعانية التي لا تنحني.. حكاية الأرض والمقاومة والتجذر الفلسطيني
  • أنباء عن عملية للمقاومة الفلسطينية شرق غزة
  • أهلا بغداد حبيبتنا أهلا بعروس الحرية
  • وست هام يُعمق جراح مانشستر يونايتد في الدوري الإنكليزي لكرة القدم
  • المواساة يلملم جراح ضحايا نزاعات الشرق الأوسط