قراءة مخرجات المؤتمر التحضيري للحوار السوداني بأديس أبابا، تقود لنتائج متباينة كتباين زوايا نظر القوى المختلفة.

كمبالا: التغيير
على ضوء ما صدر من مخرجات المؤتمر التحضيري لإطلاق عملية الحوار السياسي السوداني، الذي احتضنته العاصمة الإثيوبية اديس ابابا، خلال الفترة من 10 الى 15 يوليو الحالي، فان الرهان على إنجازها يبدو صعباً في ظلّ التباعد الكبير بين الفرقاء السودانيين، كما أن التفسيرات ووجهات النظر حول المؤتمر نفسه لازالت متباينة!!

حضور وغياب

بتسيير من الآلية الأفريقية رفيعة المستوى والهيئة الحكومية للتنمية، الايغاد، انعقد خلال خمسة أيام، الاجتماع التحضيري لإطلاق عملية الحوار السياسي السوداني السوداني بمشاركة (14) كتلة ابرزها الحراك الوطني، الكتلة الديمقراطية والتراضي الوطني.

ويرى مراقبون أن ما تردد عن دعوة الاتحاد الافريقي لحزب المؤتمر الوطني المحلول للمشاركة في المؤتمر، أسهم في المزيد من إرباك المشهد وتسبب في مقاطعة كل من تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” والحزب الشيوعي والبعث العربي الاشتراكي الأصل، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد النور والحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.

المخرجات

وبعد تداول استمر خمسة أيام، اكد المشاركون في البيان الختامي على الأولوية القصوى للوقف الفوري للحرب وتسهيل ايصال المساعدات الإنسانية على نحو عاجل ودون عائق.

وادان المشاركون الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها قوات الدعم السريع والقوى الخارجية التي تدعمها، وتوافقوا على ان يكون الحوار شاملاً لا يستثني أحدا إلا من صدرت ضده تهم او احكام متعلقة بجرائم حرب او جرائم ضد الإنسانية، ودعوا لتشكيل حكومة تصريف اعمال مؤقتة يتم التشاور حول مهامها.

وتم الاتفاق على ضرورة ان يتناول الحوار السوداني قضايا وقف الحرب والمساعدات الإنسانية وقضايا الحكومة الانتقالية والعدالة وغيرها.

لا جديد

واعتبر رئيس الحزب الاتحادي الموحد محمد عصمت، عضو تنسيقية “تقدم”، أن مخرجات اجتماع أديس أبابا الخاص بمكونات معسكر الحرب، لم تأتِ بجديد يمكن أن يغفر لها مشاركتها في إشعال الحرب، والعمل على تغذيتها لضمان استمرارها.

وقال لـ(التغيير) : “رغم بهلوانية تشكيل لجنة للنظر في حظر المؤتمر الوطني في العملية السياسية فالجميع يعلم أن الاخير، كان حاضراً في الاجتماع بواجهاته السياسية والمجتمعية والدينية وحتى الشخصية”.

تفسيرات متباينة

قضية تحديد اطراف الحوار، وفقا لعضو المكتب السياسى لحزب البعث السوداني محمد وداعة، محل جدل لان الدعوة للمشاركين جاءت فى اجتماع أديس أبابا من قبل المنظمين ولم تخضع للتشاور مع المدعوين، واعتبر وداعة ان فقرة تحديد اطراف الحوار، اثارت الجدل على خلفية تفسيرات متضاربة، رأى بعضها انها حظرت المؤتمر الوطني من المشاركة، بينما ذهبت اخرى الى انها لم تحظره، بينما اطراف اخرى تركت الباب مفتوحاً لمشاركته في مراحل لاحقة مثل المؤتمر الدستوري.

واكد وداعة ان هذه التفسيرات ليست نهائية وتحتاج إلى التوافق في اللجنة التحضيرية للحوار.

عدم الخضوع للابتزاز

وجدد محمد عصمت موقف “تقدم” المُعلن والداعي لقيام جبهة مدنية عريضة باستثناء المؤتمر الوطني، وقال: “ثبت قطعياً صِدق موقف تقدم الرافض لحضور هذا الاجتماع وأي إجتماعات أخرى من هذا النوع”.

واضاف: “تقدم بوصفها الضمير الحي لثورة ديسمبر المجيدة لا يمكن أن تكون شريكاً في عملية سياسية هدفها مكافأة النظام البائد وحُلفائه على انقلابهم الذي قطع الطريق على الانتقال المدني الديمقراطي وبعد فشلهم أشعلوا حرباً قضت على كل أخضر ويابس”.

وجدد عصمت موقف التنسبقية الداعي إليطى قيام جبهة مدنية عريضة عدا المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتهما، مع التأكيد على عدم الخضوع لأي إبتزاز من أي جهة كانت للتنازل عن موقفها المُلزِم لها بعدم الجلوس والحوار مع المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وواجهاتهما.

اجتماع للمعتذرين

فيما أشار محمد وداعة إلى نص واضح ورد في البيان الختامي بحظر المتهمين والمدانين، مما يعني أن الحظر موجه إلى الأفراد المرتكبين للجرائم وليس إلى الجهة نفسها، وهو موضوع أثار جدلا وتفسيرات متباينة، ونبه إلى نية الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، دعوة بعض الأطراف التي تخلفت عن اللقاء، إلى اجتماع اخر لمناقشة نفس المواضيع، بهدف الخروج بورقة مماثلة، ثم جمع أصحاب الورقتين في لقاء مشترك للوصول إلى رؤية موحدة للحوار السوداني- السوداني.

وأضاف بأن ذلك يعقبه تشكيل لجنة تحضيرية تتكون من الجانبين، تحدد الأطراف المشاركة بالأسماء والأجندة والموضوعات وكيفية ادارة الحوار.

وأكد وداعة عدم اليقين حول كيفية انعقاد جلسة الأطراف التي اعتذرت، وهل يمكن الخروج بورقة أم لا. وأضاف أن اللجنة رفيعة المستوى مصرة على المضي قدمًا في هذا الموضوع بناءً على تكليف مجلس السلم والأمن الأفريقي.

واعتبر أن العملية السياسية محاطة بجملة تساؤلات حول كيفية سير الحوار في حال غياب بعض الأطراف، وأكد أن جميع الإجابات توجد لدى الآلية الأفريقية.

توافقات مهمة

الصحفي الإثيوبي المهتم بالشان السوداني أنور إبراهيم، رأى في مقابلة مع (التغيير) أن الاجتماع الأخير كان استثنائيًا وقدم نوعاً من التجاوزات لبعض الخلافات بين مجموعات ظلت بعيدة وخارج المكونات المعروفة التي ظلت تتحرك من وقت لآخر مثل “تقدم”، وقوى سياسية اخرى لها مشاورات واجتماعات عديدة ولم تشارك فيها هذه القوى.

وقال إنه تم التوصل إلى توافقات مهمة، وشهدت المشاركة من مراقبين مثل الاتحاد الأفريقي والإيغاد ودول أخرى، مما أسهم في تقريب وجهات النظر بشأن الملف السوداني- وفق تعبيره.

البيان الختامي للمؤتمر أدان بشدة انتهاكات الدعم السريع والجهات الخارجية الداعمة لها، وهذا يمثل- حسب ابراهيم- تقدمًا كبيرًا، حيث كانت الجهود السابقة قد تفتقر إلى توحيد الرؤى حول هذه القضايا.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

وصلة .. مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية

يواصل المهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان محمد رياض فعالياته الثقافية والفكرية ضمن محور "وصلة"، الذي يهدف إلى مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية المختلفة، حيث استضاف الفنان عبد المنعم رياض والفنان ميدو عبد القادر في جلسة حوارية ثرية أدارها المخرج أحمد فؤاد، وامتلأت بكثير من الشهادات والتأملات في معنى المسرح، وملامح الرحلة الفنية لكل منهما.

في مستهل اللقاء، عبّر المخرج أحمد فؤاد عن سعادته بهذا المحور المهم الذي يمنح فرصة للاحتفاء بالتجارب المسرحية، قائلاً:وأشكر إدارة المهرجان على هذا المحور الذي يتيح لنا التعرف عن قرب على تجارب أثبتت جدارتها على خشبة المسرح، ومنها تجربتا عبد المنعم رياض وميدو عبد القادر، اللذان حققا فارقًا واضحًا من خلال الإصرار والشغف بالفن المسرحي."

عبد المنعم رياض: كل ليلة عرض هي إعادة اكتشاف للنفس

من جانبه، أعرب الفنان عبد المنعم رياض عن امتنانه للمهرجان وإدارته، مؤكدًا أن فكرة التواصل بين الأجيال المسرحية تمنح فرصًا ثمينة لتبادل الخبرات والتجارب.
وقال: المسرح هو بيتنا الحقيقي، وهو أبو الفنون، وتأثيره لا يتوقف عند حدود العرض، بل يمتد لسنوات، لأن كل ليلة عرض تمنح الفنان فرصة لإعادة اكتشاف نفسه."

واستعاد رياض بداياته الفنية قائلًا:
"بدأت ككل فنان حقيقي من المسرح المدرسي، وتدرجت حتى المسرح الجامعي، الذي اعتبره المرحلة المفصلية في رحلتي، ثم جاءت تجربة العمل مع الفنان محمد صبحي في استوديو الممثل، وهي تجربة ساهمت في تكويني المهني."

وأضاف: المسرح ليس مجرد مهنة بل نمط حياة، ولا يمكن لأي فنان أن يهجره، فهو الاختبار اليومي الصادق للفنان، وكل شخصية قدمتها تورطت معها نفسيًا، ومن أصعب الشخصيات التي جسدتها كانت شخصية سرحان في (أفراح القبة) وشخصية كيوبيد، إذ عشت مع كل منهما صراعًا داخليًا غنيًا ومؤثرًا."

ميدو عبد القادر: المسرح تجربة مقدسة والفنان عبد المنعم رياض متصالح مع ذاته

أما الفنان ميدو عبد القادر، فتحدث عن رحلته مع المسرح بداية من مدينة الإسماعيلية، حيث صعد أول مرة على خشبة المسرح في الصف الخامس الابتدائي بدور "الحارس"، ثم في الإذاعة المدرسية، قبل أن تتبلور تجربته بشكل احترافي خلال دراسته الجامعية.
وقال: في الجامعة كانت الانطلاقة الحقيقية، ثم التحقت بعدة ورش مسرحية، وعملت مع الثقافة الجماهيرية، وشاركت في العديد من العروض في نوادي المسرح والفرقة القومية، ثم التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتعلمت الإخراج والتمثيل."

وأشار عبد القادر إلى عمق العلاقة الفنية التي جمعته بالفنان عبد المنعم رياض، قائلًا:
"عملنا معًا في عروض كثيرة مثل (الزير سالم) التي حصلت فيها على جائزة أفضل ممثل أول، و(طقوس الإشارات والتحولات)، و(أفراح القبة)، وهو فنان متصالح مع ذاته، ومحب لكل من حوله، وقد تعلمت منه الكثير. المقولة الشهيرة "عدوك ابن كارك" لا تنطبق على علاقتي بعبد المنعم، فهي علاقة ود وصداقة حقيقية."

عن قدسية المسرح وهمومه

وفي وصفه لسحر المسرح، قال عبد القادر: المسرح هو الفن الحي، المكان الوحيد الذي يكشف لك حقيقتك كفنان، ويمنحك تقييمًا حيًا لحضورك وتأثيرك. لا يمكن لأي فنان أن يعرف موضعه إلا من خلال تفاعل الجمهور المباشر معه، فهو مرآة صادقة، وفرصة متكررة لإعادة تشكيل الشخصية وتطوير الأداء."

وعن التحديات التي تواجه المسرحيين، أوضح أن من أبرز المشكلات التي تعاني منها الحركة المسرحية هي إهدار الوقت في البروفات التي قد تمتد لعام أو أكثر، قائلًا:زمننا اليوم يتسم بالسرعة، ويجب إيجاد حلول عملية لتوفير الوقت خلال إعداد العرض، إضافة إلى التقدير المادي الضعيف الذي يتقاضاه الممثل المسرحي مقارنة بالسينما والتلفزيون، رغم ما يبذله من جهد مضاعف، فهذه إشكاليات تتطلب إعادة النظر فيها بشكل جاد."

المسرح يربط الأجيال.. ويعيد اكتشاف الإنسان

وقدّم اللقاء صورة مُضيئة من صور الحوار الخلاق بين الأجيال الفنية المختلفة، حيث بدا واضحًا أن المسرح لا يشيخ، بل هو مساحة دائمة لتجديد الذات، وصناعة الوعي، وإعادة تشكيل الإنسان.

في هذا الإطار، بدا الفنان عبد المنعم رياض أكثر قربًا من مفردة "البيت" حين وصف المسرح، بينما قال ميدو عبد القادر إن المسرح تجربة "مقدسة"، لا يمكن لأي ممثل أن يدّعي اكتمال أدواته من دون خوضها، وهكذا، غادر الجمهور اللقاء محمّلًا بدروس وتفاصيل من داخل الكواليس، بين فنانين جمعتهما خشبة المسرح، وفرقتهما سنوات، ولكن وحّدهما عشق أبدي لفن لا يموت.

طباعة شارك اخبار الفن نجوم الفن عبد المنعم رياض ميدو عبد القادر

مقالات مشابهة

  • تيتيه تؤكد أهمية الحوار الليبي الليبي في رسم خارطة طريق سياسية شاملة
  • قرار مفاجئ من النصر بشأن المعسكر التحضيري في النمسا.. ماذا حدث؟
  • وصلة .. مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية
  • في حادث مرور خطير.. صاحب شاحنة يُدخل تلميذة بالطور التحضيري المستشفى
  • في حادث مرور خطير..صاحب شاحنة يُدخل تلميذة بالطور التحضيري المستشفى
  • الجوع على مائدة النقاش بقمة الأمم المتحدة للغذاء بأديس أبابا
  • مراسل سانا: بدء المؤتمر الصحفي الخاص بإطلاق فعاليات الدورة الـ 62 من معرض دمشق الدولي، التي تقام خلال الفترة من الـ 27 من شهر آب المقبل حتى الـ 5 من أيلول
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: ندعم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بغزة
  • المغرب يدعو بأديس أبابا إلى إحداث صندوق دولي للأمن الغذائي يعزز سيادة إفريقيا
  • حزب الله ... والانفتاح المشروط على الحوار