عربي21:
2025-07-29@23:25:44 GMT

انتكاسة بايدن وخيبة نتنياهو:مرارة اليوم التالي

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

الدعم النادر في خريطة العلاقات الدولية، الذي يجعل واشنطن تلتزم بدعم إسرائيل لما يزيد عن سبعة عقود لن يتغير في حرب الإبادة التي تتالت فيها مجازر كيان الاحتلال في حق المدنيين الهاربين من هول الحرب والقصف والدمار، ولا يجدون مكانا يُعتقد أنه للجوء الإنساني إلا ويقصف. بما يعني أنّ العمل العسكريّ هو فوق الاعتبارات الإنسانيّة بالنسبة لنتنياهو الذي يماطل في صفقة التبادل، ولا يجد حلا سوى ارتكاب مجزرة جديدة بتعلات كاذبة عن وجود قادة المقاومة بين المدنيين.



حكومة مرتبكة، تعيش صراعات كالتي يقودها نتنياهو تخشى الدخول في حرب مع حزب الله، الذي اكتسب ما يكفي من القدرات العسكرية والبراعة التكنولوجية والأسلحة الدقيقة، ليشكل تهديدا استراتيجيا لإسرائيل.

هذا واضح تماما مثلما أنّ إدارة بايدن لديها أيضا مخاوف بشأن كيفية انتشار مثل هذا الصراع في لبنان، لو حدث واشتعلت الجبهة الشمالية، إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، ما قد يؤدي إلى خطر نشوب حرب إقليمية تشمل إيران.



الإدارة الأمريكية التي تقف ظهيرا لتل أبيب منذ بداية الحرب، عاجزة عن فرض خطوط حمر على إسرائيل.
لم يكن ذلك متاحا في أي وقت، وهو أمر صعب للغاية بالنسبة لهذه الإدارة التي يقودها بايدن في الظاهر على الأقل. ليس فقط لأن إسرائيل تبدو وكأنها تتلاعب بواشنطن منذ مدة، بل لأنها تضع الولايات المتحدة أمام الأمر الواقع بدلا من تنسيق استراتيجياتها مع داعمها المالي الرئيسي، وأكبر المزودين لها بالسلاح، الذي يفتك بالمدنيين في غزة في مجازر متواصلة.

وقد تدفعها الضرورة وجنون رئيس حكومة متطرفة، أن تدعم كيان الاحتلال في جبهة أخرى أصعب وأشرس من مستنقع غزة، وهو جنوب لبنان، الذي سيضع الاستراتيجيات الأمنية للولايات المتحدة في المنطقة بشكل عام في خطر. وربما مفصلية الانتخابات الأمريكية هي اللحظة المناسبة لنتنياهو، لكي يضع وكالات صنع القرار في واشنطن أمام الأمر الواقع، دون انتظار الرئيس الجديد.

يتحفظ المؤيدون لسياسة ضبط النفس على منح أي دولة أجنبية دعما غير مشروط، ويوصون بأن تحافظ الولايات المتحدة على علاقات ودية، ولكن صحيحة مع أكبر عدد ممكن من الدول، على اعتبار أنّ سياسة خارجية متسمة بضبط النفس هي أفضل طريقة للحفاظ على أمن الولايات المتحدة وازدهارها.
دعم بايدن الصارم لإسرائيل طوال الحرب في غزة، أدى إلى تقويض نفوذ البيت الأبيض لدى نتنياهو وحكومته
وقد تكون أيضا أفضل طريقة لتعزيز القيم الأساسية التي يتشاركها الواقعيون والتقدميون، ولكن دعم بايدن الصارم لإسرائيل طوال الحرب في غزة، أدى إلى تقويض نفوذ البيت الأبيض لدى نتنياهو وحكومته، وأي حديث عن خطوط حمر لم يعد يلقى آذانا صاغية في تل أبيب على الإطلاق. ويبدو أنّ رئيس حكومة الاحتلال الذي يماطل في صفقة التبادل ومباحثات الهدنة سوف يستغل فترة الانتخابات الأمريكية لإطالة الحرب.

هو يعيش حتى الآن هول الصدمة التي أحدثتها المقاومة لدى المعسكر الصهيوني، الذي ادعى قادته لعقود أن إسرائيل تمتلك قوة جبارة لا تضاهى في التقنيات والتفوق النوعي الهائل، والتي تستطيع من خلالها أن تلحق الهزيمة بأي خصم كان.

انتكاسة بايدن الإدراكية لا تقع على إسرائيل لتنعتها بالمجرمة، التي ترتكب مجازر مروعة في كل يوم بتعلة أنّ المقاومة تستخدم المدنيين دروعا بشرية يختبئ وراءها قادة المقاومة.

يبدو أنه لم يعد لنتنياهو شيء في هذه الحرب، التي فشل في تحقيق أهدافها المعلنة منذ اليوم الأول. لذلك يتصرف كالمجنون هو وقادة جيشه، وتأتي بنوك أهدافهم لتقتل عشرات المدنيين في مجازر جديدة مروعة، لا يتحرك لها مجلس الأمن، أو غيره من مؤسسات الرقابة الدولية.
انتكاسة العالم الإدراكية أمام حقوق الإنسان والعدالة الدولية المعوجة التي تخضع لازدواجية معايير
بايدن الذي يكرر كثيرا اسم بوتين وترامب، وتختلط عليه المفردات هو في الحقيقة يعكس انتكاسة العالم الإدراكية أمام حقوق الإنسان والعدالة الدولية المعوجة التي تخضع لازدواجية معايير غير مسبوقة. نفاق وازدواجية تجعله يتأثر لمقتل أطفال أوكرانيا كما يقول، ولا يأبه لأطفال فلسطين الذين يبادون منذ بداية حربه، التي يقودها مع نتنياهو ويقدم فيها الأسلحة والقنابل التي تفتك بالنساء والأطفال، وتنسف الشجر والحجر، ولا تبقي ما يشير إلى الحياة.

من أجل ماذا يتواصل هذا الحقد والإجرام؟ لا لشيء سوى الهزيمة الاستراتيجية والنفسية التي تلقّاها الكيان الصهيوني من قبل المقاومة والتزام الإدارة الأمريكية بدعم كيان وظيفي في منطقة المصالح والأجندات، يزيدها خوف رئيس حكومة الاحتلال من سيناريو اليوم التالي للحرب، الذي لن يكون في صالحه.

المحكمة الجنائية الدولية من واجبها أن تلاحق الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

وكل هذه الجرائم قامت بها إسرائيل في حربها المستمرة على غزة المحاصرة. إسرائيل تستخدم التجويع كأسلوب من أساليب الحرب لغرض معاقبة جميع الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل جماعي.

يُتهم نتنياهو ووزير دفاعه غالانت بالمسؤولية عن الهجمات المتعمدة ضد المدنيين، والقتل والإبادة والاضطهاد، فضلا عن جرائم حرب أخرى وجرائم ضد الإنسانية.

ويفترض أن تُصدر محكمة الجنايات مذكرات اعتقال ضدهما.

هل تم تنفيذ ما أمرت به المحكمة الدولية إسرائيل بضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل، بما في ذلك الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومتطلبات النظافة والصرف الصحي، فضلا عن الإمدادات الطبية والرعاية الصحية في جميع أنحاء غزة؟

ومن ثم أوامر المحكمة لإسرائيل بإنهاء هجومها العسكري على رفح في جنوب غزة على الفور. على اعتبار الوضع الإنساني الكارثي هناك، حيث لجأ إلى رفح أكثر من مليون فلسطيني نازح من أجزاء أخرى من غزة بحثا عن المأوى، وبالتالي تعريض الفلسطينيين في غزة لخطر متزايد من الإبادة الجماعية.

هذا ما قدم من قبل محكمة العدل الدولية، ولكن لا شيء يتم تنفيذه. مسؤوليات مختلفة للغاية داخل النظام القانوني الدولي، تتحملها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

وملفات عديدة تتعلق بحرب إسرائيل في غزة تختبر نطاق تلك المسؤوليات في مواجهة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية المحتملة. متى يتم تنفيذها أو البعض منها على الأقل؟ لا نعلم ولا أفق لذلك..



القوة المجردة وموازين القوى وتناقضات المصالح هي المعيار الذي يحكم قانون العلاقات الدولية.

المجتمع الرأسمالي يتغذى على الحروب، ونرى نتائج جشعه اليوم في النزاعات الفظيعة والحروب المدمرة. والتصورات السياسية والاستراتيجية الأمريكية الاسرائيلية التي تحقق النجاح للمشروع الصهيوني بدأت في الانحلال والتضاؤل والافتضاح الأخلاقي المريع، بعد الحرب الشرسة التي أعلنتها إسرائيل على الفلسطينيين، مستعينة بأدوات الدمار الأمريكي الفتاك.

وبفعل إنجازات المقاومة المستمرة يكتشف العالم، خاصة الدول العربية التي أنسوها العدو الحقيقي، وخلقوا لها عدوا جديدا بفعل الطائفية الدينية والأيديولوجية السياسية، الصورة الوهمية ومدى الخلل في التصور لماهية القوة الصهيونية في المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال صفقة التبادل نتنياهو بايدن غزة غزة نتنياهو الاحتلال بايدن صفقة التبادل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعات

في محاولة للتمدد داخل المجتمعات العربية، يعمل الاحتلال الإسرائيلي على صناعة جيل من عناصر الاستخبارات والجنود المتحدثين بالعربية بلهجاتها المتنوعة، كأداة اختراق تتجاوز البندقية والدبابة إلى محاولة السيطرة على العقول.

"إسرائيلي يتحدث لهجتك، يغني أغانيك، ويردد أمثالك الشعبية" مشهد بات يتكرر في مقاطع فيديو ينشرها إعلام الاحتلال، ضمن خطة مدروسة للتأثير على الرأي العام العربي وتحويل مجرم الحرب إلى وجه مقبول.

ومهمة الجيل الجديد هي كسر الحواجز النفسية مع الشعوب العربية، وتهيئة الأرضية لاختراقات ثقافية وأمنية أشد خطورة من الحرب التقليدية، وفق ما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية.

شلومي بيندر مدير الاستخبارات العسكرية بغرفة العمليات (الاستخبارات الإسرائيلية) مدارس اللهجات الإسرائيلية

بعد فشل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في التنبؤ بعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شرعت إسرائيل في إعادة تقييم أدواتها الاستخبارية وأساليبها في جمع المعلومات.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية -في تقرير نشرته في الثامن من يوليو/تموز الجاري- عن تكثيف إسرائيل جهودها في تدريب كوادر بشرية متخصصة في اللغات واللهجات المحلية بهدف تعزيز قدراتها الاستخبارية بعد إخفاقات أكتوبر/تشرين الأول.

وقد أقرت الأجهزة الأمنية ضرورة العودة إلى الأدوات التقليدية، كاللغة وتفعيل الجواسيس على الأرض، إلى جانب استخدام التكنولوجيا المتطورة لمراقبة الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فاعلية.

وبناءً على ذلك، أطلقت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" برامج تدريبية مكثفة تستهدف شبابًا أنهوا دراستهم الثانوية حديثًا، حيث يتم اختيارهم لتعلم لغات ولهجات محددة، حسب الاحتياجات الأمنية. وتستغرق هذه الدورات حوالي 6 أشهر.

إعلان

وهو ما أكد عليه ضابط إسرائيلي برتبة مقدم، رمزت له الصحيفة بالحرف (ح) والذي قال إن الحرب الدائرة في غزة أظهرت أنه "لا يمكن الاستغناء عن الأذن التي تلتقط النبرة، والعين التي تفسر التعبيرات والسلوكيات" مضيفًا أن هذا التوجه سيمتد للسنوات القادمة من خلال تعزيز وتوسيع منظومة كوادر اللغة داخل المؤسسة الأمنية.

وتعود مدارس اللغات التي تديرها "أمان" إلى بدايات تأسيس الشعبة، لكنها تشهد توسعًا كبيرًا حاليًا لتلبية متطلبات "الجبهات المشتعلة" حيث يتعلم مئات المجندين سنويًا لغات ولهجات متنوعة تشمل السورية واللبنانية والفلسطينية والعراقية والبدوية، وقبل 18 شهرا أضيفت اليمنية إلى القائمة، مما يعكس اهتمامًا غير مسبوق بتنوع اللهجات العربية.

ويتجاوز التدريب الجانب اللغوي ليشمل مواد نصية وصوتية مستمدة من الواقع العملياتي مثل محادثات حديثة أو تقارير إخبارية، وذلك للحفاظ على التأهب العملي لدى المتدربين، كما يتعرض المتدربون لتعبيرات يومية وأغانٍ ومقاطع فيديو من شبكات التواصل لإتقان النبرة واللهجة بشكل طبيعي، وفقا للصحيفة.

اختراق ثقافي

لا يتوقف التدريب عند اللغة وحدها، بل يدمج بين الجانب اللغوي والتحليل الثقافي والسياسي، إذ يتعلم عناصر الاستخبارات المستقبليون قراءة ما بين السطور، وفهم أنماط التفكير والعادات المحلية، بحسب يديعوت أحرونوت.

ورغم أهمية اللغة، يوضح الضابط (ح) أن الهدف ليس فقط بناء "مترجمين" بل عناصر استخبارات تجمع بين القدرة اللغوية وفهم الثقافة والمجتمع والسياسة المحلية، مشددًا على أنه "لكي تكون رجل استخبارات جيدًا يجب أن تدرس النظريات، والثقافة (..) والقيم التي تشكل أساس رؤيتهم للعالم".

وقال الضابط المقدّم المسؤول عن مدرسة اللغات في شعبة الاستخبارات العسكرية -في حديثه عن دروس السابع من أكتوبر/تشرين الأول- أن أحد الاستنتاجات الأساسية من الهجوم المفاجئ هو الحاجة الماسة إلى زيادة عدد المتخصّصين في اللغات ضمن المنظومة الأمنية.

يُشار إلى أن تقارير إسرائيلية أكدت أنه كانت يُفتقر لمعلومات استخباراتية في اليمن بالتحديد، كونها لم تتوقع دخول جماعة أنصار الله (الحوثيين) في معارك ضدها كما حدث في جبهة الإسناد الحالية. وهو ما استدعى تجنيد إسرائيليين من أصول يمنية، من اليهود الذين وصلوا حديثا لإسرائيل ويجيدون العربية واللهجة اليمنية، للمساعدة في جمع معلومات استخباراتية عن الحوثيين، وفق صحيفة معاريف الإسرائيلية.

وفي إطار الإصلاحات التي تبنتها قيادة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعد "طوفان الأقصى" أصدرت تعليمات بعمل دورات في الثقافة الإسلامية واللغة العربية بدءًا من مرحلة ما قبل التجنيد وصولًا إلى تدريب الضباط. وتهدف هذه المبادرة إلى تزويد الأفراد العسكريين والجنود والقادة المستقبليين بالكفاءة اللازمة لفهم المجتمعات العربية بشكل أعمق، بحسب إذاعة جيش الاحتلال.

ووفقًا لتقرير نشره موقع "ذا ديفنت بوست" في 16 يوليو/تموز الجاري، فإن جميع أعضاء شعبة الاستخبارات العسكرية سيخضعون لتدريب في الدراسات الإسلامية، وسيتلقى نصفهم تدريبًا في العربية بحلول العام المقبل.

إعلان سلاح خفي

في السنوات الأخيرة، اتضح أن إسرائيل باتت تستخدم إستراتيجيات ناعمة ترتكز على الجانب النفسي والثقافي، الهدف منها كسر الحواجز النفسية واختراق الوعي الجمعي، مما يسهل عليها نقل رسائلها وتأثيرها بالمجتمع العربي دون إثارة مقاومة واضحة.

ويتفق الخبير النفسي عبد الرحمن مزهر مع ذلك، ويقول إنها خطوات نحو محاكاة أنماط السلوك والتعبيرات العربية اليومية، مما يجعلها تظهر كجزء من النسيج الاجتماعي المستهدف.

ويوضح مزهر أن هذا الانخراط اللغوي والثقافي يقلل الفجوة النفسية بين الطرفين، إذ إن اللهجة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل تعبر عن الهوية والشخصية. وعندما يتحدث شخص غريب باللهجة نفسها، يشعر المستمع بحالة من الألفة والقبول اللاواعي، مما يسهل قبول رسائل العدو دون وعي.

ويشير الخبير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذه العمليات النفسية تؤسس لتطبيع عاطفي مع الطرف الآخر، يجعل من السهل تمرير أفكار سياسية وثقافية عبر قنوات تبدو طبيعية ومألوفة، مثل ارتداء بعض الإسرائيليين لباسا عربيا تقليديا، والترويج لأطعمة عربية على أنها جزء من المطبخ الإسرائيلي، كممارسات تهدف إلى تشويش الهوية وإعادة تشكيل الصور الذهنية.

ويعتبر مزهر أن هذا "السلاح الناعم" أكثر خطورة من السلاح التقليدي، لأن الأخير معروف وتتم مواجهته برفض ومقاومة، أما السلاح الناعم فيتسلل بسلاسة ليعيد تشكيل المفاهيم والقيم داخل المجتمع، دون أن يشعر المتلقي بخطورته أو يدرك طبيعة تأثيره الحقيقي.

عمليات نفسية تتخذها إسرائيل بهدف تمرير أفكار سياسية وثقافية عبر قنوات تبدو طبيعية ومألوفة (الفرنسية) إستراتيجية توظيف الشخصيات العامة

من أجل تعزيز التواصل مع الجمهور العربي، أنشأت الخارجية الإسرائيلية صفحات رسمية لكبار المسؤولين بالعربية على منصات التواصل، وصفحات بعض السفارات في دول عربية مثل مصر والأردن.

وتعتمد إسرائيل على وسائل إعلام ناطقة بالعربية منذ تأسيس إذاعة "صوت إسرائيل" التي بدأت العمل بموجب قانون سلطة البث لعام 1965، والذي نص على أن تعمل الإذاعات بالعربية لخدمة المواطنين العرب (الفلسطينيين) داخل إسرائيل، وتعزيز التفاهم والسلام مع الشعوب العربية المجاورة.

ومع ظهور ثورات الربيع العربي، تغيرت الصورة التقليدية لهذه الوسائل الإعلامية، إذ أدركت إسرائيل -كما الأنظمة العربية- أهمية وتأثير مواقع التواصل على الشباب العربي، لذا اتجهت نحو استخدام صفحات التواصل والمتحدثين العرب بهدف كسر الحواجز النفسية والثقافية مع الجمهور العربي الشاب.

ومن أبرز الشخصيات التي تتفاعل بالعربية بشكل مستمر مع الجمهور العربي أفيخاي أدرعي (المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال) والذي يحرص على التفاعل المباشر مع المتابعين على فيسبوك وتويتر، من خلال تهنئة المسلمين بالأعياد، ودعاء قبول الصلاة في منشورات مثل "جمعة مباركة".

كما ينشر صورا له من أماكن مختلفة بالأراضي المحتلة، رغم أن هذه المنشورات غالبا ما تتلقى تعليقات ساخرة من الجمهور العربي.

ويرى المنسق العام لتنسيقية مقاومة الصهيونية والتطبيع أنس إبراهيم أن مشروع الاحتلال الإسرائيلي لإنتاج جيل من المتحدثين الرسميين بالعربية بلهجاتها المتنوعة -من الخليج إلى الشام فالمغرب- ليس مسألة لغوية أو تواصلية بريئة، بل هو جزء من خطة عميقة تستهدف بنية الوعي العربي، وتهيئة الأجيال القادمة لتقبّل الكيان الصهيوني كجزء طبيعي من نسيج المنطقة.

ويقول إبراهيم في حديثه للجزيرة نت إن "الرسالة الأساسية التي يسعى الاحتلال لبثّها هي أنه ليس كيانًا غريبًا أو طارئًا، بل هو كيان مألوف يفهم العرب أكثر مما يفهمون أنفسهم. وعندما يتحدثون مثلنا فإنهم يخفون حقيقتهم الاستعمارية خلف قناع التفاعل الإنساني، في محاولة لكسر الصورة النمطية للعدو".

إعلان

ويرى أن أخطر ما في هذه السياسات أنها تُنتج استعمارًا ناعمًا يفتك بالعقول والقلوب قبل الأرض، فالاحتلال لم يعد يعتمد فقط على القوة المسلحة، ولهذا فإن مقاومة هذا المشروع تبدأ من الوعي، وحماية الهوية، وتمتين المناعة النفسية والثقافية، لأن ما لا نرفضه اليوم بوضوح سنعتاده غدا بصمت، على حد تعبيره.

مقالات مشابهة

  • محامي نتنياهو أمام الجنائية الدولية ينجو من محاولة اغتيال في باريس
  • الفلاحي: إسرائيل يمكنها توسيع عملياتها بغزة لكنها ستدفع الثمن
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو لا تمتلك خطة لليوم التالي في غزة
  • عصابات إسرائيل وعملاؤها يسرقون مساعدات أهل غزة
  • هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • مأزق الحرب في غزة.. هدنة إسرائيل المؤقتة لتخفيف حدة الانتقادات الدولية .. نتنياهو سيقبل اتفاق وقف إطلاق النار فى هذه الحالة
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعات