شهدت مكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان "ذاكرة الإسكندرية.. أرشيف بدوي"، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب  في 19، وجاء ذلك بحضور مؤسسي الأرشيف، المصورين الصحفيين أحمد ناجي، حازم جودة، عبدالعزيز بدوي، وقدمها  أحمد حسن باحث في قطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية.

وتضمنت الندوة قصة العثور على أرشيف المصور السكندري الراحل أحمد بدوي، الذي يوثق نحو 80 عاما من تاريخ مدينة الإسكندرية وتفاصيل مختلفة رصدها "بدوي" من خلال عمله لسنوات طويلة حتى وفاته عام 2013.

وقال حازم جودة؛ المصور الصحفي وأحد مؤسسي المشروع،  “ أن أرشيف بدوي هو مشروع لإنقاذ وعرض أرشيف المصور أحمد بدوي، الذي يؤرخ لتفاصيل وأحداث حياتية من واقع المدينة على مدار أكثر من نصف قرن إلى جانب أرشيف الاستوديو التقليدي لتصوير العائلات وكذلك مظاهر المناسبات التي كانت شائعة في ذلك الوقت، لترصدها وتوثقها عيون مصرية محلية من أبناء المدينة".

وأضاف “جودة”،  “أن الصورة تُعد عمل فني ولكنها أيضًا عمل توثيقي للبحث، وأن ما يتضمنه الأرشيف من صور ذهنية للمدينة وتطورها، أظهرت قيمته والمادة التي يقدمها، لافتًا إلى اعتمادهم على الأرشيف في رصد تطور المدينة السريع من خلال إجراء مقارنة للقطات في نفس الأماكن بين الماضي والحاضر”.

وأوضح المصور الصحفي أحمد ناجي، عن بداية الكشف أرشيف بدوي منذ نحو 4 سنوات مبينًا أنهم عندما وصلوا للأرشيف أدركوا أهميته وقيمته الكبيرة للمدينة ولتاريخ التصوير في مصر، حتى قرروا إنقاذ هذه المادة من الضياع والتلف فأصبح شاغلهم الرئيسي أن يعرضوا الصور والنيجاتيف التي تعتبر وثائق بصرية لتاريخ مصر الحديث، ويسعون إلى أن يشاركوا بها المجتمع سواء من المهتمين بالصورة والفن والتاريخ أو الباحثين في مختلف المجالات.

وأشار "ناجي" إلى أحد مجموعات الصور المكتشفة والتي جرى أرشفتها تحت عنوان "رسائل الأرشيف" مستعرضا عددًا من الصور التي ترك أصحابها إهداءات لأحبائهم بخط اليد، لتكون الصورة وثيقة مرئية تنقل لمحات مكتوبة من تاريخ أصحابها، إلى جانب النظر إلى التنوع في طبيعة المجتمع المصري قبل أكثر من نصف قرن من خلال التعرف على طرق التواصل بينهم وتوثيقهم للذكريات.

واردف  المصور عبد العزيز بدوي؛ أحد مؤسسي المشروع وحفيد المصور أحمد بدوي، حديثه عن بداية عثورهم على الأرشيف منذ 3 سنوات وتحديدًا في أواخر عام 2020، بعد أن غلبهم الفضول كمصورين صحفيين للتعرف عن قرب على تفاصيل هذا المكان، فوجدوا العديد من الأمور التي جعلتهم يشعرون أنهم أمام أمر كبير وسط عالم ملئ بالصور والحكايات والأفلام، فانجذبوا إلى السحر الموجود بالمكان، وأردوا أن يشاركوا العالم ما وصلوا إليه.

واستعرض عبد العزيز مجموعة من صور مناسبات الأفراح على مدار أكثر من 50 عاما، والتي كان أكثرها تقام في منازل العائلات آنذاك، لتعبر عن التنوع في مظاهر وثقافة المجتمع في الإسكندرية وكيف كانت طبيعة الحياة وقتها.

وتابع أن الجد المصور أحمد بدوي لم يكن مصور ستوديو تقليدي كالمتعارف، بل مصور شارع ومدينة وشواطئ وتصوير الناس في منازلها، وافراحها من فرح بمنطقة شعبية إلي أفخم مكان بالإسكندرية، وتفاصيل كثيرة عن تاريخنا والزمن الذي غير كثير من الأمور من حولنا".

وجدير بالذكر أن معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في نسخته التاسعة عشرة يشهد مشاركة 77 دار نشر مصرية وعربية، ويمتد المعرض خلال الفترة من 15 يوليو حتي 28 يوليو الجاري، وذلك بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحادي الناشرين المصريين والعرب.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: معرض

إقرأ أيضاً:

الملازم علي الكندي.. ذاكرة من ذهب

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

في زاوية من الزمان، تتجسد البطولات لا في صخب المعارك، بل في هدوء صوت رجل بلغ من العُمر عتيًا، لا تزال كلماته تنبض شرفًا، وذكرياته تعبق بالمجد. جلستُ إليه، وكان صوته خافتًا، ولكنه نافذ إلى القلب، يتحدث عن التاريخ وكأنه يعيشه من جديد، عن رفاق السلاح الذين مضوا، عن ساحات الوغى، وعن وسام الشجاعة الذي لا يُوضع فقط على الصدر، بل يُغرس في الروح.

الملازم علي واحدٌ من القامات العسكرية العُمانية الذين خدموا الوطن بإخلاص نادر، يقترب اليوم من العقد العاشر من عمره، ولكن في حديثه ما يُوقظ أجيالًا. رجل نحتت ملامحه الرمال والجبال وعشق الرماية حتى يومنا هذا، وخطّت كلماته عزيمة لا تلين. كان من أولئك الذين لا يكثرون الحديث، ولكن إذا تحدثوا أنصت التاريخ، واحترمتهم الذاكرة.

حين تسمع اسمه يتكرر في ملفات الشرف بقوات السلطان المُسلحة، فإنك تستعيد مشهدًا جليلًا لرجل حصل على أرفع الأوسمة العسكرية: وسام البسالة، وسام الشجاعة، وسام الخدمة المُتميزة وسام الشجاعة من ملكة بريطانيا. ليست هذه مجرد أوسمة تُمنح، بل هي محطات من حياة رجل عاش كل واحدة منها بصدق وجسارة.

يقول الملازم علي، وقد تلمع عيناه بما يشبه الدمع: "أصدقائي؟ كثير منهم مضوا، مضوا قبل أن نشهد معًا ثمار ما زرعناه. بعضهم ارتقى في ساحات الشرف، وبعضهم غادرنا في هدوء، ولكنهم لم يغادروا قلوبنا أبدًا".

حديثه لا يحمل نبرة شكوى، بل فخرًا دفينًا وحبًا أصيلًا لسلطانه ووطنه. يتحدَّث عن السنين التي قضاها في خدمة الوطن وكأنَّها كانت بالأمس. وعن اللحظات التي وقف فيها وزملاؤه سدًا منيعًا، حين كان الوطن يحتاج إلى الرجال لا إلى الشعارات.

هؤلاء الرجال، الذين من طينة الملازم علي، هم من صنعوا الفارق في زمن الاختلاف، ومن حافظوا على أمانة الدولة حين كانت تُواجه تحديات لا تُحصى. لم يكن لهم من مطلب سوى أن تبقى عُمان عزيزة، شامخة، آمنة. وكان لهم ما أرادوا.

وفي عيون هذا الجيل من المحاربين القدامى، ترى كل التضحيات التي صنعت حاضرًا نعيشه الآن بأمان وفخر. لولاهم، لما نبتت شجرة السلام بهذا الثبات، ولا امتد ظلها إلى أبناء اليوم.

قد ينسى البعض صورهم، أو تخبو أسماؤهم في زوايا الأرشيف، ولكن لا يحق لنا أن ننسى ما قدموا من سنين أعمارهم، وضحوا بأعز ما يملكون ليكون لنا وطن كما نعرفه اليوم.

الملازم علي لا ينتظر تكريمًا ولا تصفيقًا. ولكنه يستحق أن تُروى قصته، وأن تظل سيرته حيّة بيننا، رمزًا لجيل نادر. جيل كانت فيه الكلمة عهدًا، والخدمة شرفًا، والصمت مبدأ.

قد يكون الزمان قد تغيّر، وقد تكون أشكال الخدمة اختلفت، ولكن يبقى الجوهر ثابتًا: الوطن أمانة، ومن سبَقونا هم جذرٌ لا ينبغي أن يُنسى.

رسالتي إلى الجيل الجديد، أن يجلسوا مع أمثال الملازم علي، لا ليسمعوا فقط، بل ليتعلموا. فالتاريخ الحي لا يُدرّس في الكتب فقط، بل يُروى على ألسنة من عاشوه بصدق.

وفي هذه الذكرى، أكتب لا لأودعه، بل لأقول له: نحن معك، ولم ننسك، ولن ننسى. ستظل ذكراك مجدًا نتمسك به، وأنت حيٌ بيننا، بصوتك الخافت، وتاريخك الصارخ.

كم أنت عظيم عمِّي عليّ كما يريح قلبي أن أناديك عندما أجلس منصتًا لك فيما تقول وكل ما تقول أحداث تريح نفسي لأنها أيضًا تذكرني بالرجال الذين عملت معهم وسأبقى وفيًا لهم مفتخرًا بهم ما حييت.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية فى ندوة بجامعة أسيوط
  • الملازم علي الكندي.. ذاكرة من ذهب
  • الأحد القادم.. قصور الثقافة تطلق فعاليات عروض التجارب النوعية المسرحية بالغربية
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يقيّم منجزات خطته الاستراتيجية ويستشرف آفاقها المستقبلية
  • ندوة وفعالية في البيضاء بذكرى يوم الولاية
  • الإسكندرية تستضيف لقاء مجتمعي لمناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم
  • خلال جولة بالكورنيش..محافظ الإسكندرية: توفير كشك لمواطن من ذوي الهمم
  • الخميس المقبل.. قصور الثقافة تقيم معرض "مراسم بني حسن" بالهناجر
  • وزير الثقافة يفتتح معرض الراحل أشرف الحادي بعنوان “الفنان النبيل”
  • صور تجسّد قصص نساء فلبينيات اضطررن لترك عائلاتهن خلفهنّ لكسب لقمة العيش