في حمأة المعلومات المتضاربة عن تطور الوضع الجنوبي نحو الأسوأ قرّر صديق لي السفر إلى لبنان في الوقت، الذي كانت فيه وزارة الخارجية الكندية تحذّر الكنديين، وبالأخص من هم من أصل لبناني، من خطورة السفر إلى لبنان، وتنصح من هم فيه بمغادرته فورًا. وهكذا فعل الكثيرون من المغتربين اللبنانيين، ليس من كندا فقط، بل من كل أصقاع الأرض، حيث ينتشر اللبنانيون، وقد وصلت أعداد الذين لم ترهبهم التهديدات الاسرائيلية، ولم تردعهم تحذيرات الدول التي يعيشون فيها إلى ما يقارب الأعداد التي كانت تقصد هذا البلد الفريد من نوعه يوم لم يكن مهدّدًا أمنيًا لا من إسرائيل ولا من غيرها.
صديقي قصد لبنان قبل شهر من الآن متكلًا على ربه، ويأخذ بيده حبه المطلق لبلده الأم، الذي أقسم أن يزوره مرة على الأقل كل سنة، وقد عاد بالأمس إلى مونتريال، وهو أمضى في الربوع اللبنانية أجمل شهر في حياته، بحسب تعبيره.
ويخبر جميع الذين يسألونه بدافع الاطمئنان عن الوضع في بلاد الارز، فيجيبهم بأن اللبنانيين يعيشون في أفضل حال على رغم ما يسمعونه يوميًا من أخبار عن احتمال توجيه اسرائيل ضربة واسعة لكل لبنان وليس للجنوب والبقاع فقط، وعلى رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تطال الجميع بحدود متفاوتة، وإن كان القلق على المستقبل هو القاسم المشترك بين جميع أبناء الوطن، الذي انهكته المماحكات السياسية وخلافات أهل البيت الواحد، التي لا تزال تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، على رغم أن هؤلاء يجمعون على أن إتمام هذا الاستحقاق هو المدخل التلقائي لبداية طبيعية لحّل المشاكل العالقة و"فكفكة" العقد المستعصية ووضع البلاد على سكّة التعافي الاقتصادي، الذي طال انتظاره.
لكن ما هو مخيف في كلام صديقي العائد للتو من بلد الاصطياف بامتياز قوله إن المعيشة في لبنان صعبة جدًّا بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين لا يتقاضون رواتبهم بـ "الفريش دولار"، وهم الأغلبية. فأسعار السلع الاستهلاكية نار، وهي "تأكل" أخضر المعاشات ويابسها حتى قبل أن يبدأ الشهر، مع ما يلوح في الأفق من أزمات ستبدأ بالظهور تباعًا عندما يحين وقت دخول التلامذة إلى المدارس والطلاب إلى الجامعات، حيث يُقال على ذمّة الرواة إن الأقساط المدرسية ستتضاعف، أي أن الوالد الذي لديه ولدان في الصفوف الابتدائية يتوجب عليه أن يدفع سنويًا عن كل ولد ما يناهز الخمسة الآف دولار عدًّا ونقدًا، أي ما مجموعه عشرة الآف ما عدا الغلط بالعدّ والسهو، وذلك قبل الحديث عن المأكل والمشرب والمسكن، ناهيك عن الفاتورة الاستشفائية والطبية، التي يطيل الكلام عنها بما يوجع أكثر من المرض بحدّ ذاته، حتى أن معظم اللبنانيين يفضّلون عدم الذهاب إلى الطبيب للمعاينة لأن كلفة المعاينة أو ثمن الدواء غير متوافرين، وإن صودف أن توافرا فيُتركان لأمور أكثر حاجة.
ويختصر صديقي كلامه بما يزيد الهمّ همًّا بقوله إن لبنان هو للميسورين فقط أو للسياح المغتربين، الذين يقصدونه مرّة كل سنة على ما تقوله السيدة فيروز، ويصرفون فيه خلال شهر ما أدخروه على مدى سنة. أما الذين "على قدّ حالهم" من اللبنانيين فيجهدون للعيش كل يوم بيومه، وهم يردّدون الصلاة الربانية "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"، و"أصرف ما تيسّر في الجيب يأتيك ما في الغيب"، وهكذا دواليك حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الحرس الثوري يتوعد أمريكا بـ”رد موجع” بعد الهجوم على منشآت إيران النووية
توعد الحرس الثوري الإيراني الولايات المتحدة “برد موجع” على الهجوم الذي شنته فجر اليوم الأحد على المنشآت النووية الإيرانية، وأكد أن الهجوم يمثل انتهاكا للقوانين والأعراف الدولية.
وقال الحرس الثوري في بيان -اليوم الأحد- إن “النظام الأميركي المجرم ارتكب بتنسيق كامل مع النظام الصهيوني جريمة صارخة وغير مسبوقة”.
وأكد الحرس الثوري في بيانه أن “اعتداء أميركا سيدفعنا لاستخدام خيارات خارج فهم وحسابات المعتدين دفاعا عن النفس”.
كما أكد أن الهجوم الأميركي يعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة منع الانتشار النووي، كما ينتهك المبادئ الأساسية لاحترام السيادة الوطنية وسلامة أراضي الدول.
وقال الحرس الثوري الإيراني إن “أميركا وضعت نفسها بالخط الأمامي للعدوان على إيران باستهداف منشآتها النووية السلمية”.
وأضاف “نؤكد بقوة أن التكنولوجيا النووية الإيرانية والسلمية لا يمكن تدميرها بأي هجوم”.
وأشار إلى أن انتشار القواعد الأميركية بالمنطقة لا يعتبر نقطة قوة بل يزيد من احتمال تعرضها للخطر.
وقال “تعرفنا على مواقع إقلاع الطائرات المشاركة في الهجوم على منشآت البلاد ووضعت تحت المراقبة”.
كما أكد بيان الحرس الثوري الإيراني أن “عملية الوعد الصادق 3 ستستمر ردا على اعتداءات وجرائم العدو وعلى المعتدين توقع رد موجع”.
ويأتي هذا البيان بعد الهجمات الأميركية فجر اليوم الأحد الذي استهدف 3 منشآت نووية في كل من فوردو ونطنز وأصفهان، ووصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها “ناجحة”، بينما نقلت وكالة رويترز عن مصدر إيراني كبير قوله إن معظم اليورانيوم عالي التخصيب بمنشأة فوردو النووية الإيرانية نقل إلى مكان غير معلن قبل الضربة الأميركية.
المصدر: الجزيرة