أنا أعرف نوع دونالد ترامب.. هاريس في المواجهة
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
تنفّس الديمقراطيون في الولايات المتحدة الصعداء يوم الاثنين الماضي 22 يوليو/تموز، وبين هؤلاء العديد من التقدميين، وذلك عند سماعهم أن الرئيس الأميركي المسنّ جو بايدن قد استجاب أخيرًا للدعوات المطالبة بتنحيه عن مساعي إعادة انتخابه لولاية ثانية، والانسحاب من السباق الرئاسي.
ورغم أن الأخبار انتشرت يوم الأحد ولم تكن مفاجِئة، فإن البلاد لم تتوقف عن حبس أنفاسها حتى يوم الاثنين.
وفقًا لبعض المؤرخين، لم تتعزز الديمقراطية الأميركية بإعلان الاستقلال، أو حتى التصديق على الدستور في عامي 1776 و1788 على التوالي، بل عندما ألقى جورج واشنطن خطاب الوداع وغادر البيت الأبيض، في أول انتقال سلمي للسلطة في تاريخ البلاد.
بذل ترامب قصارى جهده لإنهاء هذه السابقة التاريخية، واستمر "الانقلاب الغبي" الذي قاده في 6 يناير/كانون الثاني 2021 في هز أميركا حتى النخاع. عندما برزت كامالا هاريس فجأة إلى دائرة الضوء، أصبحت المنافسة الرئاسية ذات معنى مرة أخرى. كان الاختيار بين رجلين أبيضين في عقدهما الثامن يرمز إلى الصراعات المتكررة في عالم يحتاج إلى تحول شبه كامل.
بالطبع، من غير المرجح أن يحقق مرشح مرتبط ارتباطًا وثيقًا ببايدن، مثل كامالا هاريس، تطلعاتنا نحو عالم أفضل، لكن هذا ما شعر به الناس يوم الاثنين 22 يوليو/تموز.
مع قرب حملة انتخابية تفتقر إلى الجوهر وتركز على التوافه، فإن إلقاء نظرة، على ما قيل قد يقدم مؤشرات حول ما سيأتي. الإطار الإعلامي الذي كان يتابع موقف الأحزاب السياسية في الانتخابات، وخاصة الحزب الديمقراطي أثناء الانتخابات، سيطر عليه تعبير "الفوضى"، والتأكيد على أن "الحزب في أزمة"، مع عناوين مثل "تحليل: الديمقراطيون في حالة من الفوضى مع تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس بايدن سينسحب".
ولكن بمجرد أن أعلنت هاريس أنها ستترشح، ارتفعت أرقام التبرعات لها بشكل كبير، مما أدى إلى تغطية إعلامية متحمسة. أظهرت التبرعات الصغيرة، وكثير منها من المؤيدين لأول مرة، أن هاريس تتمتع بدعم شعبي. اغتنم مدير حملتها كيفن مونوس الفرصة ليضيف أن التدفق التاريخي لدعم هاريس "يمثل بالضبط نوع الطاقة والحماس الشعبي الذي يفوز بالانتخابات".
ومع انتشار هذا الخبر وورود التأييد من مندوبي بايدن ونخب الحزب الديمقراطي القوية، استمر المزاج في البلاد في التحول الزلزالي. أصبحت العناوين الرئيسية وآراء الخبراء أكثر تفاؤلًا.
ولكن مثل هذه اللحظات في الحملات التي تقودها وسائل الإعلام عابرة، وستواجه هاريس قريبًا دونالد ترامب، الذي سخر بالفعل من ضحكتها، قائلًا: إنها تجعلها تبدو "مجنونة". يمكننا أن نتخيل وابل الهجمات السلبية القادمة لهاريس، ومعظمها اغتيالات للشخصية من الجمهوريين. وقد زعم بالفعل اليميني المتطرف جي دي فانس أن كامالا هاريس، كمهاجرة (رغم أنها ولدت في الولايات المتحدة) لا تعبّر عن امتنانها الكافي لأميركا.
بحلول ليلة الاثنين، قدم المذيع السابق في قناة "إم. إس. إن. بي. سي" مهدي حسن للمرشحة الرئاسية الجديدة سبع نصائح لحملتها. في حديثه على موقعه الإخباري الرقمي الجديد "زيتيو"، بدأ حسن بـ "الهجوم، الهجوم، الهجوم"، لأنه قال، "سوف يهاجمونك؛ سياساتك، جنسك، عرقك، ملابسك، والديك …"، نصحها بملاحقة ترامب، "والوقوف ضد إجرامه واستبداده"، وخاطبها قائلًا: أظهري لهم "المدعي العام الذي أنت عليه".
في الواقع، فعلت هاريس ذلك بالضبط يوم الثلاثاء. في تجمع انتخابي، أشارت إلى دورها كمدعية عامة في قاعة المحكمة قائلة: "لقد واجهت مرتكبي الجرائم من جميع الأنواع: المعتدين الذين أساؤوا معاملة النساء، المحتالين الذين نهبوا المستهلكين، الغشاشين الذين خالفوا القواعد لتحقيق مكاسبهم الخاصة". وسط تصفيق حار، اختتمت قائلة: "أنا أعرف نوع دونالد ترامب".
الخبراء الآن في حالة انتظار وترقب؛ لأن المدعية العامة السابقة ستواجه المجرم المدان، وستعمل على محو ذكرى أداء بايدن غير المتماسك. ومن الواضح أن دونالد ترامب لا يتطلع إلى ذلك، حيث قال إنه لن يناظر على شبكة "إيه بي سي" الإخبارية، ويريد تغيير المكان إلى شبكة "فوكس نيوز" الإعلامية اليمينية المتعاطفة. ولن تمانع كامالا هاريس في التغيير وستهاجمه على أي وسيلة إعلامية.
كانت نصيحة حسن الثانية لهاريس؛ هي التركيز في هجومها على عمر ترامب، حيث ستشير بأصابع الاتهام الآن إلى ترامب باعتباره أقدم مرشح للرئاسة على الإطلاق. واعترف حسن بأن هذا أمر ساخر بعض الشيء "لكن افعلي ذلك على أي حال".
النقطة الثالثة؛ هي اتخاذ موقف مختلف بشأن غزة. ويشير حسن إلى أنها كانت أول من طلب من الإدارة في البيت الأبيض أن تكون "أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين". وذكرها بأنها وجهت نداء مبكرًا لوقف إطلاق النار. وقال لها: "يمكنك استعادة الناخبين في ميشيغان وجورجيا الذين صوتوا وهم غير ملتزمين في الانتخابات التمهيدية"، احتجاجًا على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.
على الرغم من أن حسن وضع الحاجة إلى "إعادة ضبط غزة"، في المرتبة الثالثة على قائمته، فإن هذا بالنسبة للعديد من الديمقراطيين التقدميين الشباب هو الإجراء الأول، والأهم الذي يجب على هاريس اتخاذه للحصول على أصواتهم.
أجرت "الديمقراطية الآن!" مقابلة مع امرأة يهودية شابة كانت أول من استقال من إدارة بايدن؛ بسبب دعمها غير المشروط للإبادة الإسرائيلية. في الجزء الذي حمل عنوان "موظف بايدن السابق الذي استقال بسبب غزة يقول إن كامالا هاريس يجب أن "ترسم مسارًا جديدًا بشأن إسرائيل وفلسطين"، قالت ليلي غرينبيرغ كول، التي عملت في الحملة الرئاسية لهاريس في عام 2019، لأيمي غودمان، "يشاهد الناس، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إبادة جماعية تُبث مباشرة، وهم يدركون أن دولارات دافعي الضرائب والأسلحة الأميركية تُستخدم لقتل الأطفال، وهم غير راضين عن ذلك".
لا، ما زلنا غير راضين عن ذلك. ففي وقت مبكر من 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دعا 80% من الديمقراطيين إلى وقف إطلاق النار. وأُرسلت عريضة إلى كامالا هاريس بسرعة تطلب منها عدم التصفيق لأي شيء قد يقوله بنيامين نتنياهو خلال خطابه في جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي يوم الأربعاء.
وأثار الظهور المقرر لنتنياهو المتهم بجرائم حرب في "الكابيتول هيل" غضب الناخبين المناهضين للإبادة الجماعية، مما أدى إلى احتجاجات سلمية في واشنطن العاصمة حيث اعتقل أكثر من 500 متظاهر يهودي؛ لأنهم رفضوا مغادرة مبنى "الكابيتول" حتى تفرض الولايات المتحدة حظرًا على جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.
لا يسعنا إلا أن نأمل أن تستمع هذه المرشحة إلى إرادة الشعب الأميركي وتعمل كممثلة لهم، وليس كحاكم استبدادي متحالف مع قوة استعمارية بيضاء، هي الآن دولة إبادة جماعية منبوذة. بينما نحاول إعادة تنشيط هذه الديمقراطية الهشة، فإن الخبر السار هو أن كامالا هاريس كانت قد قررت عدم حضور خطاب نتنياهو، فقد كان لديها مهرجان انتخابي في إلينوي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کامالا هاریس دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
دونالد ترامب والدبلوماسية العالمية
إذا ما استعنا بزيارة الأيام الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى كل من الرياض والدوحة وأبو ظبي هل تبرز أمامنا وقائع ومناخات تصب فيها هذه الجولة في خانة ما اجترحه عالم السياسة الفرنسي – الإيراني الأصل – برتران بديع من تصور يجازف بالحديث عن أفول الجيوبوليتيكا والانتقال من زمن العلاقات بين الدول، إلى زمن العلاقات بين المجتمعات؟ أم أنه بالعكس تماماً ثمة سهولة وإغراء أكبر بما لا يقاس، لأجل تجنيد عدد من الملامح والعناصر، لاستخلاص ما يخالف ذلك تماماً؟ أليست اللحظة للتفاوض بين «الدول»، في شكله الأكثر كلاسيكية، حيث من يقرّر يفاوض، ومن يفاوض يقرّر؟
ألا تشكل الصفقات العسكرية ركناً محورياً في هذه الزيارة؟ هذا فيما المروحة واسعة، وتشمل اتفاقات تغطي مجالات الدفاع الجوي، والقواعد العسكرية، والأمن البحري، وتكنولوجيا الاتصالات، والذكاء الاصطناعي ومركز بياناتها وتوريد أشباه الموصلات، والطاقة والطيران، والتعاون مع الناسا لاستكشاف الفضاء. هل يمكن – بالمحصلة – التقليل من القيمة «الجيوبوليتيكية» لهذه الزيارة عند احتساب كل هذا، أم أن الجيوبوليتيكي في هذا المجال بات ينصهر صهراً بالجيو-اقتصادي، والجيو-تكنولوجي، في حين بدت «سياسات الهوية» وكأنها تذمّ وتضمحل أمام الرقم المالي الإجمالي لمجموع الاتفاقات والعقود الموقعة في ساعات قليلة، وأمام مشهد يبدو فيه أن العلاقات في عالم اليوم هي من فوق إلى فوق أكثر من أي وقت مضى، وليست علاقات أفقية تحت – تحت، بين مجتمع وآخر، على ما يمكن أن يستوحى من حديث برتران بديع عن «العلاقات بين المجتمعات» أو «الاجتماعيات البينية»؟
كذلك بالنسبة لاستشراف المسار الذي ستسلكه الأمور في سوريا، بعد حركة ترامب في اتجاه الوضع الانتقالي فيها، وحيال إيران، على محك التفاوض معها، وحتى بالنسبة إلى كل القيل والقال حول العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، والاتفاقات الإبراهيمية والصورة «النهائية» التي يجري العمل على أن يفضي اليها مخاض العقود الطويلة من التجارب العسيرة التي كابدتها – بشكل متفاوت وغير متزامن- شعوب الإقليم. ألم تحضر سوريا فقط من ناحية علاقتها بسواها من الدول، وغابت كجماعات ومناطق؟
وأي دور للمجتمعات المدنية، للمنظمات غير الحكومية، للحراكات الاجتماعية، في كل هذا كي يقال إن طفرة في العلاقات الدولية تؤسس لتقدّم الاجتماعي على السياسي بعد أن ساد العكس لقرون طويلة، كان فيها الديبلوماسي والجندي، كلّ في مضماره، فارسين متفانيين في خدمة الأمير الحديث، صاحب السيادة، الدولة الترابية «الفيستفالية» المناددة لسواها؟
من هذه الناحية، تبدو وقائع وأصداء جولة ترامب في الشرق الأوسط والتي تأتي من بعد تدخله السريع لوقف التدهور في اتجاه «الحرب الخامسة» بين الهند وباكستان، هذا بعد يومين من الدخول عملياً في وضعية الاحتراب بينهما، كما لو أنها تظهر قدرة فائقة النظير لا تزال تملكها الدولة، بدءاً من الدولة العظمى الأمريكية، لكن أيضا كل الدول المعنية بكل الملفات في جنوب آسيا والشرق الأوسط، والتي تتصرف في الوقت الحالي كما لو أنه ما من تحرك مليوني واسع النطاق للجماهير في الأفق، ولسنوات إلى الأمام، بحيث أن نيودلهي وإسلام آباد يمكنهما الشروع في حرب من دون أن تسأل الناس في البلدين رأيها، وأن تعود فتوقف الحرب فجأة، تحت ضغط أمريكي، من دون أن يكون عليها أن تقلق لمكاشفة الناس، بل تكتفي بأنها رفعت سقف المواجهة، لأجل أمن وكرامة ناسها، وأوقفتها أيضاً كرمى لناسها.
وفي الشرق الأوسط أيضاً، أليس هذا عصر التفاوض بين قادة الدول بامتياز، إن لجهة التراجع شبه المطلق لظهور «الجماهير» على مسرح الأحداث – لا سيما في البلدان العربية، وإن لجهة كل ما يطبخ حول طي صفحة «هيمنة الميليشيات» من تاريخ المنطقة؟ مثل هذه الطبخات لا تزال مبهمة من حيث المقادير والمكونات وطريقة التحضير وأمده، فهنا تريد من دولة أن تذوب ميليشيا في جهازها، وهناك تريد انبعاث الدولة في مجتمع تمليش حتى الترع، وعلى القارعة أيضاً حقل تجارب يراد فيه لميليشيات أن تتجاوز نفسها لتغدو دولة. المنطقة حقول تجارب حافلة وغير مسبوقة بهذا الشكل. لكن، على مستوى العلاقات، مشهد العلاقات، الاتفاقات، العقود، الصفقات، القمم، ألا تبدو أكثر «دولتية»، أو بالأحرى «ريغالية»، سيادوية، من مرجعية على رأس دولة إلى مرجعية على رأس دولة أخرى؟ ألن يعزز المسار التفاوضي المنتظر أن يرعاه ترامب بين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي هذا الوجه، العلاقة بين قادة يحددون المصائر، وليس بين «اجتماعيات بينية» روسية وأوكرانية؟
يبدو المشهد إذن، إن في جولة ترامب في منطقة الخليج، أو في تدخله لوقف الحرب الخامسة في جنوب آسيا، أو في مساعيه الهادفة إلى وقف الحرب بين الروس والأوكران، كما لو أنها، على العكس تماماً مما ذهب إليه برتران بديع، ترسخ «أصالة الجيوبوليتيكا» من ناحية، والطبيعة «الدولتية» بل «الملكية» تماماً للعلاقات بين الأمم.
بيد أن العلاقات الدولية في لجة كل هذه المشاهد الصاخبة الأخيرة، والتي تكاد تحيل المشاهدين المهتمين، إلى المعادلة الرومانية القديمة التي تفيد بأن إرضاءهم هو من خلال «الخبز والسيرك» ، أو بترجمة أدق «الخبز والألعاب» لا شيء غير، ذاهبة إلى دفن السمة التي راهن عليها تحليل برتران بديع تحت سابع أرض. فعن أي «علاقات بين المجتمعات» نتحدث عندما نرى الأحوال وكأنها تنقلب في لحظات من اتصال الرؤوس بعضها ببعض؟ مع هذا، درجة ابتعاد المشهد الحالي عن استشراف بديع مضللة في مكان ما، بل في مكان أساسي. التصور الكلاسيكي، حول الجندي والديبلوماسي، كفارسين متفانيين في خدمة الأمير بالمطلق، الدولة، كان ينبني أصلا على دور حيوي، حركي، لهما. ما يحصل منذ سنوات، في منطقتنا، ولكن على مستوى العالم أيضا، أن العصر الذهبي لوزراء الخارجية باتت تفصلنا عنه عقود. الديبلوماسية البديلة اليوم هي دبلوماسية قادة الأجهزة الاستخبارية، وإما ممثلو الشركات الكبرى التي تسيطر على قطاعات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والصناعات العسكرية والطاقة.
في أمريكا، يبدو أن دور البنتاغون كما الخارجية قد تضاءل لصالح الرئيس نفسه. هذه «الشخصنة» الزائدة هي أيضاً شكل، ولو كان فظاً، من أشكال «الاجتماعية البينية»، من أشكال التحول من العلاقات بين الدول، إلى العلاقات بين المجتمعات، ولو تأتى ذلك من خلال اختزال هذه المجتمعات في التفويض الذي تعطيه لقادتها، بسند أو من غير سند. اللفيف الذي اصطحبه ترامب في زيارته جدير بالتشريح هنا. خليط من المستشارين ورؤساء الشركات. خليط يجسد على طريقته روح الرأسمالية المعاصرة، من حيث أنها تذهب بالعلاقات الدولية من ناحية، نحو تحويل دور الشعوب فيها إلى ثنائية «الخبز والسيرك» ليس غير، فيما تذهب بدور ثنائية «الدفاع والديبلوماسية» إلى طفرة غير مسبوقة، يتقدم فيها الخليط من قادة الأجهزة الأمنية الاستخبارية وأمراء الشركات الكبرى على حساب النسق البيروقراطي التراتبي كما عهدناه في عصر الدول – الأمم.
(القدس العربي)