عربي21:
2025-06-03@05:37:22 GMT

لماذا هدد أردوغان إسرائيل؟

تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT

أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدلاً كبيراً بتصريحه الأخير بخصوص موقف بلاده من العدوان على قطاع غزة. فقد قال أردوغان إن على بلاده أن تكون "قوية جداً، حتى لا تستطيع إسرائيل أن تفعل ما تفعله بالفلسطينيين"، مضيفاً أنها تدخلت في كل من إقليم ناغورنو قره باخ (الإقليم المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان) وليبيا و"قد تفعل الشيء نفسه مع إسرائيل"، إذ ليس ثمة ما يمنع ذلك "يكفي فقط أن نكون أقوياء" على حد تعبيره.



التصريح اللافت للرئيس التركي تسبب بردات فعل حادة ومتشنجة لدى دولة الاحتلال، حيث قال وزير خارجيتها يسرائيل كاتس إن أردوغان بتهديده "يسير على خطى صدام حسين" الذي كان هدد "إٍسرائيل" ثم رماها بالصواريخ مضيفاً أن على أردوغان "أن يذكر ما حصل وكيف انتهى الأمر هناك". كما قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن "إسرائيل لن تقبل التهديد من دكتاتور" داعياً أعضاء حلف الناتو لإدانة تصريحه "وإجباره على إنهاء دعمه لحماس".

كما كان من اللافت أن تأتي انتقادات لتصريح الرئيس التركي من خارج دولة الاحتلال، حيث دعا السياسي الهولندي المتطرف خيرت فيلدر إلى طرد تركيا من حلف الناتو، وهو مطلب تلاقى فيه مع وزير خارجية الاحتلال كاتس.

ليست المرة الأولى التي يطرح فيها أردوغان فكرة التدخل عسكرياً في فلسطين، حيث كان سبق وأن اقترح أكثر من مرة أن تشارك تركيا ضمن الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن تشارك في إطار ذلك بقوات على الأرض في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية.وردّت الخارجية التركية على تهديدات وتلميحات كاتس، ببيان للخارجية شبه نتنياهو بـ "مرتكب الإبادة الجماعية هتلر" مؤكداً على أن الأول سيلقى المصير ذاته الذي لقيه الثاني، وعلى أن "الإنسانية ستقف إلى جانب الفلسطينيين" الذين "لن تستطيعوا إبادتهم" وفق البيان. كما كتب وزير الخارجية خاقان فيدان على حسابه على منصة إكس إن الرئيس أردوغان "بات صوت الضمير الإنساني، والذين يحاولون إسكات صوت الحق وعلى رأسهم الدوائر الصهيونية وإسرائيل يعيشون حالة من الهلع الكبير"، مؤكداً على أن التاريخ يظهر أن "النتائج ستكون واحدة لكل مرتكبي الإبادة الجماعية وداعميها".

وفي حين يتابع الجميع التراشق في التصريحات والمواقف بين أنقرة وتل أبيب، يبقى السؤال الأكثر حضوراً بخصوص التصريح أسبابه وما عنى به الرئيس التركي.

من المهم الإشارة أولاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها أردوغان فكرة التدخل عسكرياً في فلسطين، حيث كان سبق وأن اقترح أكثر من مرة أن تشارك تركيا ضمن الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن تشارك في إطار ذلك بقوات على الأرض في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية. ومن البديهي أن سياق هذه التصريحات السابقة يختلف جذرياً عن التصريح الأخير الذي أشار إلى النزاع في كل من ليبيا وجنوب القوقاز حيث تدخلت أنقرة عسكرياً بشكل مباشر وداعم لأحد طرفي النزاع بالسلاح والخبرة.

قد يُظن بأن الأمر لا يعدو عن كونه زلة لسان للرئيس التركي من باب أنه كان في لقاء حزبي في مسقط رأسه ـ مدينة ريزة ـ في البحر الأسود وبين كوادر الحزب وأنصاره، بيد أن الالتزام الحديدي بالنص المعروف عنه ونقل الكلام على الهواء مباشرة يضعف كثيراً من هذه الفرضية.

إن السياق الرئيس لتصريح أردوغان هو سياق دفاعي أو اعتذاري، إذ أتى في معرض الرد على انتقادات ومناشدات وجّهت للحكومة في الآونة الأخيرة من الشارع و/أو النخب و/أو بعض أحزاب المعارضة بخصوص الموقف من الحرب على غزة، ومن بين ذلك المطالبة بدعوة شخصية فلسطينية لإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي كردٍّ على خطاب نتنياهو أمام الكونغرس. ولذلك فقد حرص الرجل على تأكيد أنه "ليس هناك ما يمنع" أن تفعل بلاده ذلك في فلسطين رابطاً ذلك بشرط "القوة والقدرة"، أي أنه أراد إثبات النية والموقف رابطاً الأمر بعدم القدرة حالياً.

وعليه، فالدافع الأساسي لكلام الرئيس التركي هو الرد على المعارضة التي طالما اتهمها بالمزايدة على مواقفه والتحدث بدون إلمام ومعرفة. بيد أن ذلك لا يبدو كافياً لوحده لفهم سياق الحديث، إذ أن الحكومة تتعرض لانتقادات شبيهة منذ بداية العدوان.

ثمة سياقان متعلقان بشكل مباشر بـ "إسرائيل" مهمان جداً في فهم الأبعاد الكاملة لتصريح أردوغان. الأول أن التصريح أتى على هامش تهديدات "إسرائيلية" متزايدة بضربة كبيرة للبنان/حزب الله يمكن أن تشعل مواجهة إقليمية وفق تحذير عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، وستكون تركيا بالتأكيد من ضمن الدول المتأثرة بها إن حصلت. هنا، يوجّه أردوغان تحذيراً للولايات المتحدة ـ على طريقته ـ بأن ترك المجال لنتنياهو لتنفيذ خططه ضد لبنان ستكون له تداعيات وخيمة على كامل المنطقة. وقد كان له تصريح قبل أسابيع بهذا المعنى لدى تصاعد نبرة التهديد ضد لبنان آنئذ.

ثمة ما ينبغي على أنقرة ويمكنها فعله دون أثمان كبيرة متخيّلة. يمكن ـ وينبغي ـ مثلاً تفعيل خيار الانضمام لقضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية، وقطع التجارة بشكل كامل ونهائي مع دولة الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ووقف تصدير النفط الأذربيجاني إليها عبر الموانئ التركية، وغلق المجال الجوي التركي أمام دولة الاحتلال والدعم الذي قد يصلها، وإقرار حزمة من القوانين في البرلمان (بخصوص مزدوجي الجنسية في جيش الاحتلال وغير ذلك).والسياق الثاني هو تطاول المدى الزمني للعدوان على غزة دون قدرة الاحتلال على الحسم من جهة وباقترافه المزيد من المجازر بحق المدنيين من جهة ثانية. بمعنى أن الاحتلال الذي عجز عن القضاء على المقاومة كما ادعى في بدايات الحرب بات اليوم أكثر عجزاً عن ذلك، وكشفت معركة طوفان الأقصى الكثير من الثغرات والأخطاء في بنيته الأمنية والعسكرية ما جرّأ الكثيرين على انتقاده في هذه الزاوية تحديداً.

وقد كان من بين من وجه الانتقادات للمنظومة الأمنية ـ العسكرية لـ "إسرائيل" واتضاح أنها أضعف مما تروج عن نفسها وزير الخارجية التركي (رئيس جهاز الاستخبارات السابق) فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل الذي قال إن "طوفان الأقصى حطمت صورة إسرائيل القوية أمام العالم". بمعنى، أن الطوفان قد كشف عورة الاحتلال الأمنية والعسكرية وهشّم أساطيرها وعرّضها للنقد، بل والسخرية من أطراف إقليمية وليس فقط من قبل المقاومة. وهنا، من المهم الإشارة إلى أن تصريح أردوغان لم يشر فقط لفكرة التدخل (الفعل) بل تجاوزها نحو القدرة على لجم "إٍسرائيل" (التأثير).

أخيراً، لا تفوتنا الإشارة إلى أن التصريح ورغم حدته وسقفه المرتفع جداً، ورغم انزعاج الاحتلال منه، ورغم أنه يشكل سابقة مهمة يجدر الالتفات لها ومتابعة ارتداداتها، يبقى ـ رغم كل ما سبق ـ تصريحاً وموقوفاً بدعوى "عدم القدرة"، أي أنه كلام دون انعكاس عملي حالياً، ما يؤكد وجود هوّة واسعة بين سقف الخطاب الرسمي لأنقرة وحدود مواقفها العملية.

والحقيقة أنه دون الخيار العسكري، أياً كان شكله، ثمة ما ينبغي على أنقرة ويمكنها فعله دون أثمان كبيرة متخيّلة. يمكن ـ وينبغي ـ مثلاً تفعيل خيار الانضمام لقضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية، وقطع التجارة بشكل كامل ونهائي مع دولة الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ووقف تصدير النفط الأذربيجاني إليها عبر الموانئ التركية، وغلق المجال الجوي التركي أمام دولة الاحتلال والدعم الذي قد يصلها، وإقرار حزمة من القوانين في البرلمان (بخصوص مزدوجي الجنسية في جيش الاحتلال وغير ذلك).

هذه الخيارات والمسارات ـ وغيرها ـ ممكنة ومفيدة عملياً، وفي إطار القدرات التركية، ولا يتوقع أن يكون لها كلف أو أثمان سياسية واقتصادية باهظة، وهي إلى ذلك تتسق مع توصيف أنقرة للحرب على غزة بالإبادة الجماعية ولـ "إسرائيل" بدولة الإرهاب، حيث ينبغي قطع أي علاقة و/أو تعاون يمكن أن يقوّي شوكتها للاستمرار بالإبادة، وهذا أضعف الإيمان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان إسرائيل التهديد تركيا إسرائيل تركيا أردوغان تهديد رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الترکی دولة الاحتلال أن تشارک على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

ليست حماس فقط.. إسرائيل تستهدف الجميع

"نريد تدمير ما تبقّى من القطاع.. حتى لا يبقى حجر على حجر.. سكان غزة سينتقلون إلى جنوب القطاع، ومن هناك إلى دولة ثالثة"، بهذه الكلمات يختصر وزير المالية الإسرائيلي أهداف الحرب بعد 19 شهرًا من الوحشية، والتجويع والقتل والتدمير الممنهج.

بعده بأيّام، في 21 مايو/ أيار، خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في إطلالة إعلامية مباشِرة، ليحدّد أهداف الحرب على غزة؛ بتسليم الأسرى، ونزع سلاح حماس، وخروج حماس من القطاع، ومن ثم تطبيق خطة ترامب التي تعني تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع.

هذا يعني وبوضوح وعلى لسان أرفع مسؤول في الحكومة؛ أن إسرائيل المحتلة لا تريد الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، وما المفاوضات الجارية في الدوحة والقاهرة، إلا شكل من أشكال إدارة الحرب، فبنيامين نتنياهو أكّد أنه لو تم تسليم الأسرى كإحدى نتائج المفاوضات مع حماس، فإن الحرب ستُستأنف بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، حتى تحقيق أهداف الحرب المشار إليها.

موقف نتنياهو يعني استدامة الحرب، بأفق زمني يقترب من عقد الانتخابات الإسرائيلية في منتصف العام 2026.

وحتى يوفّر نتنياهو لنفسه غطاءً ودعمًا أميركيًا مستمرًا لهذه الحرب، فإنه أعلن استجابته لطلب أصدقاء إسرائيل في الكونغرس الأميركي، بإدخال مساعدات لتجنّب حدوث مجاعة في غزة، كما زعم، حتى يوفّروا له غطاء لكافة متطلبات الحرب السياسية والمادية لحسم المعركة في غزة.

إعلان

في هذا السياق، قام الاحتلال الإسرائيلي بإدخال 92 شاحنة، من أصل 45 ألف شاحنة يحتاجها قطاع غزة بشكل عاجل وتدفق مستمر لتجاوز المجاعة الناتجة عن الإغلاق التام والحصار المطبق لأكثر من 80 يومًا، ما دفع مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس لوصف ذلك بأنه؛ قطرة في محيط الاحتياجات الإنسانية.

العبرة بالأفعال

واشنطن وإن بدت راغبة بوقف الحرب في قطاع غزة وصناعة السلام في المنطقة العربية، كما جاء على لسان الرئيس ترامب، إلا أن سلوكها لا يشي بذلك، بل يخلق شكوكًا حول مصداقية موقفها الداعي لوقف الحرب، التي تحوّلت إلى إبادة جماعية للفلسطينيين، فإسرائيل ما زالت تقتل بلا حدود، وتجوّع الفلسطينيين بلا حدود، وواشنطن- واقعيًا وعمليًا- تدعمها بلا حدود.

واشنطن إن كانت معنية بوقف الحرب، فهي تستطيع، بقرار سياسي حقيقي وليس إدارة إعلامية، فالرئيس الأميركي آيزنهاور وباتصال مباشر مع بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل، استطاع أن يوقف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ما أدّى لخروج بريطانيا، وفرنسا من قناة السويس، وانسحاب إسرائيل من سيناء وقطاع غزة.

الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الغربية- ولا سيّما بريطانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، والنرويج، وهولندا، وكندا وغيرها- دعوا رسميًا وعلى لسان أرفع المسؤولين بوقف الحرب وإدخال المساعدات فورًا وبلا قيود، وهدّدوا بمعاقبة إسرائيل على سلوكها، إن لم تستجب لدعواتهم.

هذا الموقف وإن جاء متأخرًا جدًا، شكّل نقلة نوعية في الخطاب، ولكنه في ذات الوقت أمام اختبار حقيقي، فالعبرة بالأفعال وليست بالأقوال.

يُشهَد للعديد من الشعوب الأوروبية وشرائح أميركية موقفهم التاريخي الرافض لحرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، بعد أن انكشف الاحتلال الإسرائيلي على حقيقته المتوحّشة، ما كان سببًا مهمًا لتغيير مواقف حكوماتهم المُحْرجة سياسيًا وأخلاقيًا أمام شعوبها التي يمكن أن تعاقبها عبر صناديق الاقتراع في أقرب الآجال.

إعلان

يبقى الحكم على مواقف الدول الغربية، التي لطالما ادّعت وزعمت حمايتها للقانون الدولي والإنساني، مرهونًا بخطواتها وإجراءاتها العملية ضد إسرائيل على شكل عقوبات تحول دون استمرار عدوانها على غزة، فالاتحاد الأوروبي أخذ ضد روسيا نحو 17 حُزمة من العقوبات المتراكمة للحيلولة دون استمرار حربها على أوكرانيا، وهذا يعدّ حجة على الاتحاد الأوروبي ومصداقيته، وهو المنظومة الأكثر شراكة تجاريًا وعسكريًا وثقافيًا مع إسرائيل المحتلة.

حماس ليست الهدف الأساس

إن كان الحديث عن الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أساسيًا بحكم موقعهما الأكثر تأثيرًا على المنظومة الدولية وعلى إسرائيل بوجه خاص، فهذا الأمر لا يُعفي جامعة الدول العربية والدول العربية من مسؤوليتها الأخلاقية والقومية والسياسية، وهي الأكثر قربًا وتأثّرًا بتداعيات الأحداث الدامية في قطاع غزة، وهي الأكثر تأثيرًا على إسرائيل إذا أرادت استخدام أوراق قوّتها لوقف الإبادة الجماعية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.

الدول العربية باستطاعتها وقف التطبيع مع إسرائيل المحتلة، ووقف كافة الشراكات الاقتصادية والأمنية معها، وتفعيل المقاطعة الشاملة ضد الاحتلال، حتى وقف هذه المقتلة بحق الفلسطينيين والإنسانية، فالصمت يشجّع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الحماقة والجنون الذي سيطال الجميع فلسطينيين وعربًا.

من نافلة القول، أن معركة إسرائيل ليست مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل أساس، وإنما مع الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية، ومع الأطفال والنساء والشباب الفلسطيني؛ فالاحتلال يعتقد أن الديمغرافيا الفلسطينية، والعنفوان الفلسطيني، والكفاءات العلمية الفلسطينية هي تحدٍ تاريخي له، فهم أصحاب الأرض الأصليون ويرفضون التخلّي عنها، وهذا ما كان طوال 77 سنة من الاحتلال القائم على القتل والتهجير.

إعلان

معركة إسرائيل مع الجميع وتستهدف فيها الجميع. فحركة حماس هي حلقة من حلقات النضال، وإن ذابت وفنت فلن يفنى النضال ولن تتراجع الثورة الفلسطينية عن التحرير والعودة لشعب قارب تعداده الـ 15 مليون نسمة، نصفهم داخل فلسطين، والنصف الآخر مهجّر يعيش أغلبه في دول الطوق العربي.

الناظر يرى مستوى وحشية الاحتلال، وكراهيته وانتقامه من المدنيين الفلسطينيين في غزة، فغالبية الشهداء من المدنيين، وثلث الشهداء البالغ عددهم نحو 54 ألفًا إلى اللحظة من الأطفال.

الاحتلال ومنذ الأشهر الأولى من هذه المعركة، سعى لتدمير الجامعات والمدارس؛ لأنها منبع التربية والمعرفة، كما سعى لقتل الأطباء والمهندسين والمعلمين والأكاديميين والصحفيين وموظفي القطاع العام ونشطاء المجتمع المدني؛ لأنه يرى فيهم عدوًا عنيدًا صلبًا في مواجهته كاحتلال فاشيّ متوحّش.

الاحتلال كان وما زال يرى في الفلسطيني عدوًا يجب التخلّص منه؛ فمن دمّر أكثر من 500 بلدة وقرية وهجّر ثلثي الشعب الفلسطيني في العام 1948، ما زال يعمل بنفس العقلية وعلى ذات النهج والسياسة.

إذا كان بعض العرب يرى في حركة حماس والمقاومة الفلسطينية طرفًا غير مرغوب فيه لخلفيتها الإسلامية، فهذا ليس مبرّرًا للصمت على قتل الأطفال، وتدمير معالم الحياة في قطاع غزة.

علاوة على ذلك فإن تهجير الفلسطينيين، سيُعيد ثِقل النضال الوطني من الداخل إلى الخارج، وهذا ليس في صالح الفلسطينيين والعرب على حد سواء، وفقًا لتجربة الثورة الفلسطينية؛ فإسرائيل تسعى لنقل أزمتها كاحتلال إلى الدول العربية، لتصبح المشكلة بين الفلسطينيين الساعين للتحرير والعودة، وبين الدول العربية التي ستكون في موقع الدفاع عن إسرائيل بحكم اتفاقيات التطبيع.

حركة حماس أحسنت لفلسطين وللدول العربية عندما نقلت النضال من الخارج إلى الداخل، ولم تتدخل في شؤون الدول العربية بذريعة مقاومة الاحتلال، وهذا يتطلب أقلّه دعمًا للفلسطينيين إن لم يكن وقوفًا مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال، الذي يشكّل خطرًا إستراتيجيًا على الأمة العربية كلها والإنسانية بأكملها، والذي بات اليوم واضحًا أكثر من أي وقت مضى.

إعلان

الواقع الكارثي الذي يعيشه الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى شاكلته في الضفة الغربية والقدس، بسبب الاحتلال الإسرائيلي، يضع العرب والإنسانية أمام امتحان تاريخي؛ فالعالم إما أن يستمر في صمته المخجل ويخسر إنسانيته، وإما أن يتحرك لإنقاذ البشرية والتي أضحى أحد أهم عناوينها غزة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • لماذا استهدفت القسام عربة همر وفشلت إسرائيل بإخلاء خسائرها؟
  • اعتقلوه أمام ابنه.. الشاب الذي دمرت أميركا حياته بترحيله إلى بلده
  • ليست حماس فقط.. إسرائيل تستهدف الجميع
  • هجوم بالنار على متضامنين مع إسرائيل.. من هو المصري الذي أرعب الصهاينة؟
  • هجوم بالنار على متضامنين مع إسرائيل.. من هو المصري الذي أرعب كولورادو؟
  • ضجيج كبير وردع قليل.. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟
  • “الأورومتوسطي”: الفيديو الذي نشرته “اسرائيل” لتبرير مذبحة رفح صورته في خان يونس
  • موقع أمريكي: إسرائيل تشعر بتداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب مع الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • فتح وحماس ترحبان بقرار برشلونة قطع العلاقات مع إسرائيل