يعقوب بن محمد بن غنيم الرحبي

الكثير منَّا يسمع عن مصطلح التنمية المُستدامة، وهو في الحقيقة مصطلح ظهر كمفهوم جديد على الساحة الاقتصادية التنموية؛ وذلك نظرًا للتطورات التي عرفها الاقتصاد العالمي؛ حيث تبنتها الكثير من دول العالم وحصلت الكثير من المطالبات بتطبيقها.

والتنمية المُستدامة نمطٌ تنمويٌ يقوم على تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية من جهة، والمحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى؛ وهي في نفس الوقت ضمان لمستقبل الأجيال القادمة واستمرار لتنمية اقتصاد البلد، وعليه فهي عمليات مكملة لبعضها البعض؛ إذ تُعد التنمية المُستدامة أحد السبل لضمان تحقيق نوعية حياة جيدة للأجيال الحاضرة والمقبلة، نتيجة للتغيرات الحاصلة في عالمنا المعاصر؛ سواءً من الناحية الاقتصادية أم السياسية، أو حتى من ناحية ظهور العولمة وما تبعها من انفتاح.

ومن وجهة نظري، فإنَّ الحكومات ليست الوحيدة الجهة المسؤولة عن تحقيق التنمية المُستدامة، ولكن المجتمع المدني شريك أساسي للحكومة، ومساهم في تحقيق التنمية المُستدامة وفي تحمل المسؤولية. ولا شك أن لمؤسسات المجتمع المدني دور في إيجاد التوازن بين النظام البيئي وكذلك النظام الاقتصادي للحفاظ على الموارد الطبيعية، وكما هو معلوم أنّ نطاق المجتمع المدني ينحصر في المؤسسات والمنظمات غير الحكومية التي تقوم أنشطتها على العمل التطوعي، ومن ثم فهذه المجتمعات تكون مستقلة إلى حد كبير عن إشراف المؤسسات الحكومية بصفة مباشرة، وبالتالي فإنها تتمتع بجملة من الخصائص الأساسية بكونها منظمات خاصة، وغير ربحية، ومستقلة، وتطوعية، بحيث يملك الأفراد الحرية في الانضمام إليها أو التعاون معها لتحقيق المنفعة العامة، وعلى الحكومة دعم مثل هذه المؤسسات ووضع لوائح لتنظيمها وتشجيعها.

وعليه.. فإن التنمية المُستدامة تدعم بلورة فلسفة جديدة للعمل المدني بشكل عام، قوامها تأهيل الإنسان وتحديث المجتمع واستغلال الطبيعة على مفاهيم وتصورات جديدة واعتماد رؤية مدنية هادفة تؤطرها خطة دقيقة الغايات والمتطلبات، وتوجهها أهداف تنموية واضحة، وتحكمها معرفة عميقة بواقع الإنسان ومشاكله المتنوعة، وعليه فإن للمجتمع المدني دورًا ليس بالقليل في تحقيق التنمية المُستدامة؛ حيث ينصب على تشجيع العمل الجماعي المنظم وتعزيز مبادراته وأنشطته ومشاريع عبر إبرام اتفاقيات وشراكات تصب كلها في اتجاه خدمة التنمية المُستدامة، عن طريق إعداد قيادات جديدة من الأجيال المتتالية، وعلى المجتمع أن يختار القيادات المناسبة لتلعب دورًا محوريًا في خدمة التنمية المُستدامة، واكتشاف القدرات من خلال النشاط الجماعي والتي تتولى مسؤوليات قيادية في المجتمعات المحلية فيما بعد، إضافة إلى إشاعة ثقافة العمل التطوعي من خلال احترام قيم العمل التطوعي الجماعي، وتحقيق الشفافية والتسامح وقيم الاحترام، وكذلك التعبير والمشاركة الفردية والجماعية وفتح الحوارات من أجل عرض الآراء ووجهات النظر بحرية للتعبير عن المطالب بأسلوب راقٍ ومنظم وبطريقة سليمة بعيدًا عن الفوضى، وبشكل عام الإسهام في عملية بناء المجتمع أو إعادة بنائه من جديد من خلال غرس القيم والمبادئ في نفوس الأفراد، وبالنتيجة تحقيق التوازن ونشر الوعي بين أفراد المجتمع.

ومن المؤسف جدًا في مجتمعنا العماني، هناك عزوف كبير من قبل الشريحة المثقفة للانخراط في المشاركة والمساهمة في خدمة المجتمع والتي من المفترض أن تساهم مساهمة فعالة في التنمية وأن يكون لها الدور الكبير في قيادة مؤسسات المجتمع المدني وبالأخص الفئة التي كانت في مناصب قيادية بالحكومة أو تربوية أو إعلامية وتقاعدت وهي شريحة لا شك مثقفة إلا أنه للأسف الشديد اختفت هذه الشريحة بشكل نهائي عن المجتمع، لا تظهر إلّا إذا رأت أن هناك بوارد تلوح في الأفق لمصالحها الخاصة فتبدأ تقترب من المجتمع وتعرض سيرتها الذاتية، رغم حاجة المجتمع إليها سابقًا في مجالات مختلفة، وأهمها مشاريع تنموية وشبابية، لكنها تخلت وتركت قيادات المجتمع المدني لأشخاص تنقصهم الكفاءة والخبرة، وهذه الشريحة التي بادرت- رغم ضعف قدراتها- نرفع لها التحية على المبادرة والمساهمة في خدمة المجتمع.. فمتى يستيقظ أصحاب الهمم؟!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة

آخر تحديث: 31 يوليوز 2025 - 3:09 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الخميس (31 تموز 2025)، أهمية إزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة.وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ، أن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ترأس اليوم الاجتماع الدوري الخاص بمشاريع وزارة النفط، بحضور؛ وزير النفط، ووكيلي الوزارة والكادر المتقدم فيها، ووكيل وزارة الكهرباء”، مشيرا الى أنه “جرت خلاله مناقشة تفاصيل المشاريع المطروحة في جدول الأعمال، وإجراءات العمل فيها، وضرورة إيجاد المعالجات وزيادة الإنتاج”.وأكد السوداني وفق البيان “أهمية مواكبة تنفيذ المشاريع، والإسراع بإزالة المعوقات ورفع التقارير الخاصة، وتشكيل اللجان لحل المشكلات التي تعترض المشاريع، خصوصاً مع التقدم الحاصل في إنجازها، إذ إن هناك 14 مشروعاً كبيراً للوزارة تم إنجازها، و19 مشروعاً قيد الإنجاز، وفي مقدمة هذه المشاريع المنجزة؛ حقل الفيحاء، والأنبوب الخام لشبكة بغداد، وكابسات الغاز عدد (2) في شرق بغداد، ومجمع أرطاوي تنفيذ المرحلة الثانية، ومشروع معالجة غاز الحلفاية، ومشروع تأهيل مصافي الشمال، ووحدة الأزمرة في مصافي البصرة”.وأضاف البيان، أن “الاجتماع ناقش عدداً من المشاريع الستراتيجية، منها مشروع أنابيب ماء البحر المشترك، ومحطة معالجة ماء البحر، لتداخل العمل مع موضوع تحلية ماء البحر في البصرة، ومشروع حفر الآبار الاستكشافية، واستكمال مشاريع حقلي الصبّه واللحيس، وتطوير مجمع ارطاوي، وأنابيب المشروع البحري لتعظيم صادرات النفط من البصرة”.ولفت البيان، الى أنه “جرى بحث سير تنفيذ مشروع الأنبوب البحري الثالث، واستكمال تنفيذ مشروع الناصرية للنفط الخام، واستكمال مستودع الفاو، وتأهيل المنظومة الشمالية واستكمال مجمع معالجة الغاز في الناصرية، وتطوير حقل المنصورية، واستكمال تنفيذ مشروع خزانات الوقود وإضافة طاقة خزنية للغاز السائل على خطي بغداد وديالى، ومشروع FCC في مصافي الجنوب”.وتابع، أنه “في ما يخص مشاريع إنتاج الغاز وتطويره، جرت مناقشة أنبوب غاز حلفاية بصرة، وأنبوب مصفى كربلاء إلى مستودع الكرخ وأنبوب الغاز السائل من أبو غريب إلى بغداد، بجانب متابعة العمل في حقول شركة الشمال الموقعة مع شركة بريتش بتروليوم، ومشروع حقل عجيل ومشروع القيارة (شركة نفط الشمال)، ومشروع أنابيب بصرة – حديثة، ومشروع الخزانات والجزيرة الصناعية، وآخر تطورات المنصة العائمة”.وأختتم البيان، أنه “ضمن مسار العمل الحكومي لتعزيز الحوكمة والتحوّل الرقمي في القطاع النفطي، جرت مناقشة مستجدات استخدام POS، بطاقات الدفع الإلكتروني في محطات التعبئة”.

مقالات مشابهة

  • مشروع مسام يعلن عن كمية الألغام التي انتزعها في اليمن منذ انطلاقته وحتى نهاية يوليو المنصرم
  • تأهيل 33 متدربة من رائدات التنمية في مديرية التحرير
  • جامعة القاهرة تعلن نتيجة مسابقة «أفضل كلية صديقة للبيئة»
  • المجتمع المدني ودوره في إفشال الانتقال الديمقراطي في تونس
  • تحقيق المزيد بموارد أقل .. نائبة وزيرة التضامن تستعرض نموذج باب أمل
  • منظمات المجتمع المدني تدعو ويتكوف لزيارة مشافي غزة
  • اختتام دورة تدريبية لرائدات التنمية في مديرية السبعين
  • الأنبا باسيليوس يتفقد إحدى الخدمات التابعة لمكتب التنمية بالإيبارشية
  • قومي حقوق الإنسان يعقد لقاءً تشاوريًا موسعًا مع النشطاء ومنظمات المجتمع المدني
  • السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة