الجديد برس:

في خطوة بارزة تسلط الضوء على الدور البريطاني في توجيه حليفه السعودي نحو السيطرة على ثروات المعادن النفيسة في جنوب اليمن والقرن الأفريقي، أعلنت بورصة لندن للمعادن، الإثنين، اعتماد مدينة جدة السعودية كنقطة لتسليم وتخزين النحاس والزنك. ومن المتوقع أن يبدأ الإدراج بعد ثلاثة أشهر من موافقة شركة المستودعات الأولى في الموقع الجديد.

ووفقاً لوكالة “رويترز”، تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الإيرادات الاقتصادية من خلال توسيع الاستثمارات الداخلية والخارجية. وعادةً ما تكون المستودعات المسجلة في بورصة لندن للمعادن في مناطق الاستهلاك أو مراكز النقل الكبرى مثل روتردام، ولكن بورصة لندن أعلنت في مارس الماضي عن خطط لإضافة جدة كنقطة تسليم جديدة.

وهذا الإعلان يعكس الاتجاه التصاعدي للاستثمارات السعودية في التنقيب عن المعادن في جنوب اليمن والقرن الأفريقي. ففي جنوب اليمن، حيث تتقاسم الرياض وأبوظبي السيطرة على المناطق الغنية بالموارد مثل سقطرى والمهرة وحضرموت، تناغمت الخطط التوسعية السعودية مع جهود حلفاء الرياض في الداخل اليمني لتسهيل شرعنة الاتفاقيات الاستثمارية.

في يوم الإثنين، تزامن إعلان بورصة لندن مع اجتماع برئاسة محافظ حضرموت، مبخوت مبارك بن ماضي، في المكلا، حيث نوقش فتح آفاق جديدة للاستثمار في مجال التعدين وتنظيم مؤتمر خاص بالثروات المعدنية في حضرموت. يأتي هذا بعد زيارة رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى حضرموت بدعم من الرياض، حيث وصل على متن طائرة سعودية.

وجاء هذا بعد أن شهدت محافظتا حضرموت والمهرة تحركات سعودية متسارعة خلال الفترة الماضية تحمل أبعاداً اقتصادية عميقة، حيث تسعى الرياض إلى اغتنام فرص استثمارية واعدة في مجال استخراج وتصدير الثروات المعدنية من حضرموت. ويبرز دور ميناء قشن، وهو ميناء جديد في المهرة الواقعة تحت النفوذ السعودي، كبوابة رئيسية لهذه الطموحات الاقتصادية. وقد أقرت الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف مشروع إنشاء هذا الميناء في يناير 2023 برأس مال ضخم يبلغ 130 مليون دولار، مؤكدة تخصيصه للنشاط التعديني.

وفي نوفمبر 2023، تم توقيع اتفاق بين الحكومة اليمنية وشركة سعودية تدعى “جلف كير” للقيام بأنشطة استكشافية في مجال المعادن الفلزية. يتضمن العقد، الذي يحمل رقم (2023/1)، عمليات استكشاف في منطقة وادي مدن بحضرموت على مساحة 290 كيلومتراً مربعاً. ومن خلال هذا الاتفاق، سيتمكن فريق الشركة من إجراء الحفر الآلي، جمع العينات، وتقييم جودة المعادن لتحديد الاحتياطي وتطوير طرق التعدين الملائمة.

وفي يناير 2024، كشف وزير النفط والمعادن في الحكومة اليمنية، الدكتور سعيد الشماسي، في لقاء صحفي مع جريدة “الشرق الأوسط” السعودية، عن إجراءات لتسريع تدفق الاستثمارات الأجنبية في مجال التعدين في نطاق سلطات الحكومة، مع التركيز بشكل خاص على حضرموت.

وأكد الشماسي على تقديم عينات من الثروات المعدنية في حضرموت، بما في ذلك التمعدنات المطلوبة في صناعات الطاقة الشمسية والطاقة البديلة، خلال منتدى التعدين الدولي الذي عقد في الرياض. كما أشار إلى اهتمام الشركات الخليجية بالاستثمار في المحافظة، بما في ذلك مشروع إنشاء مصنع إسمنت بقيمة 200 مليون دولار، وتقدم إحدى الشركات الكويتية لاستكشاف النحاس والفضة والذهب في وادي مدن.

وفي سياق متصل، تعزز رؤية السعودية 2030 من طموحات المملكة في زيادة استثماراتها في دول القرن الأفريقي، مع إعلان الرياض عن ضخ 25 مليار دولار في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع التعدين. وقد أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، خلال المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي في نوفمبر 2023، على التزام المملكة بتعزيز استثماراتها في أفريقيا، مشيراً إلى حجم الاستثمارات السعودية الحالي في القارة والذي يبلغ 73 مليار دولار، مع توقع نموه بشكل ملحوظ في مجالات حيوية مثل التعدين والزراعة والطاقة.

الجدير بالذكر أن ارتباط الإعلان الصادر عن بورصة لندن للمعادن باستراتيجية رؤية السعودية 2030 يشير إلى نهج استثماري مدروس للمملكة. ومع الدعم البريطاني الواضح، تسعى السعودية إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية من خلال الاستحواذ على مكامن الثروات المعدنية في جنوب اليمن والقرن الأفريقي، مستغلة نفوذها السياسي وعلاقاتها الوثيقة مع حلفائها المحليين. ويبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه التحركات الاقتصادية ستؤدي إلى تنمية مستدامة في المناطق المستهدفة، أم أنها ستكون مجرد وسيلة لخدمة المصالح الجيوسياسية للسعودية وحلفائها في الغرب.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: فی جنوب الیمن بورصة لندن فی مجال

إقرأ أيضاً:

صحيفة سعودية تهاجم الانتقالي وتتمسك بالوحدة اليمنية وتؤكد: الرياض تسعى لرؤية تعالج جذور الأزمة

قالت صحيفة الرياض السعودية إن المجلس الانتقالي سعى لفرض معادلات خارج المسار المتفق عليه في اليمن، واتهمته بارتكاب انتهاكات رافقت تحركاته في المحافظات الشرقية لليمن، بما فيها اعتقالات واختفاءات قسرية ونهْب وقيود على المدنيين، معتبرة ذلك يفاقم تعقيد المشكلة؛ وتمسّ مباشرة الأمن المجتمعي.

 

حديث الصحيفة جاء في كلمتها الافتتاحية في عددها الورقي الصادر اليوم، واعتبرت فيه التطورات في محافظة حضرموت تشكل مؤشّراً حسّاساً لطبيعة التوازنات القائمة، مردفة بالقول أن الخطوات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي هناك فتحت باباً واسعاً للنقاش حول مفهوم الشرعية وحدود الأُطر الانتقالية.

 

الصحيفة نشرت مادة موسعة ضمنتها الإنتهاكات التي ارتكبها المجلس الانتقالي عبر قواته مؤخرا في حضرموت، ووصفت إجراءات الانتقالي بالمهدد لوحدة القرار الوطني في اليمن، وقالت إن السعودية تواجه تحدياً مزدوجاً يتمثل من جهة في ضرورة منع أي طرف من استخدام السلاح لفرض رؤيته السياسية، ومن جهة أخرى في ضرورة الحفاظ على مكتسبات الحوار الوطني وفكرة الشراكة بين المكونات المختلفة داخل الإطار الشرعي.

 

وقالت إن الرياض تحرص على أن يكون الحل في حضرموت حلاً سلمياً يقوم على سحب القوات المنفلتة وعودة المؤسسات للعمل الطبيعي تحت إشراف الحكومة الشرعية وعلى تمكين قوات درع الوطن من حماية المنشآت الحيوية ومنع أي اختراقات أمنية قد يستغلها الحوثيون أو أي أطراف أخرى تسعى لخلط الأوراق.

 

وذكرت أن السعودية ترسل رسالة أوسع مفادها أن أي تهديد للاستقرار في حضرموت أو المهرة أو أي محافظة يمنية سيؤثر بشكل مباشر على جهود إعادة بناء الاقتصاد اليمني وعلى قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية للسكان وأن إعادة الثقة بين الدولة والمواطنين تتطلب بيئة مستقرة خالية من السلاح المنفلت أو السلطات الموازية أو التحركات الأحادية التي تعطل عمل المؤسسات الوطنية.

 

وقالت الصحيفة إن المملكة تدرك أن حضرموت ليست مجرد محافظة من محافظات اليمن بل هي مساحة جغرافية واسعة قادرة على التأثير في معادلات القوة داخل البلاد، وهي أيضاً مركز اقتصادي وثقافي واجتماعي مهم، ولذلك فإن السماح لأي طرف بفرض سيطرته عليها خارج إطار الشرعية سيؤدي إلى إحداث خلل كبير في التوازن الداخلي وفي مسار العملية السياسية، وسيفتح الباب أمام نزاعات جديدة بين القوى اليمنية، الأمر الذي ينعكس على الأمن الإقليمي بأكمله.

 

وأشارت إلى الممكلة تعمل على تحقيق معادلة دقيقة تجمع بين احترام تطلعات أبناء المحافظات الجنوبية وبين ضمان ألا تتحول تلك التطلعات إلى أدوات صراع أو تنازع على النفوذ، وتؤكد المملكة أن حماية حقوق الجنوبيين وضمان تمثيلهم السياسي لا يتحقق عبر السيطرة بالقوة أو عبر الإجراءات الأحادية بل يتحقق عبر صياغة مشروع سياسي شامل يراعي مصالح جميع أبناء الجنوب ويضمن مشاركتهم الفاعلة في مستقبل اليمن.

 

وأكدن أن رؤية الممكلة للحل تستند إلى أن الاستقرار في اليمن لن يتحقق إلا عبر حوار جامع يشمل القوى السياسية والمجتمعية كافة، وأن هذا الحوار هو الطريق الوحيد للوصول إلى تسوية تضع نهاية للصراع المستمر منذ سنوات طويلة، وقد أثبتت التجارب أن أي محاولة لإقصاء طرف أو فرض واقع عسكري تؤدي إلى جولة جديدة من الصراع وإلى تدهور أكبر في الوضع الإنساني والاقتصادي.

 

وذكرت الصحيفة أن جهود الرياض الدبلوماسية المكثفة تعمل من أجل تهدئة الأوضاع في حضرموت، وإعادة جميع الأطراف إلى مسار التفاوض، وتعمل على حشد الدعم الإقليمي والدولي لدعم الاستقرار ومنع أي انزلاق نحو مواجهات جديدة، وتؤكد المملكة أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، وأن الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره هو هدف استراتيجي لا يمكن التراجع عنه.

 

وقالت عن قناعتها تؤكد أن اليمنيين وحدهم قادرون على صياغة مستقبلهم إذا توفر لهم المناخ المناسب بعيداً عن الضغوط العسكرية وعن النزاعات الداخلية، وأن المملكة ستواصل لعب دورها كداعمة للسلام وميسرة للحوار ورافعة للمسار السياسي، وستظل تعمل مع المجتمع الدولي من أجل ضمان أن تنتهي هذه الأزمة بمكاسب للأمن والاستقرار وللشعب اليمني، الذي عانى طويلاً وآن له أن يرى مستقبلاً مختلفاً يقوم على التنمية بدلاً من السلاح وعلى الشراكة بدلاً من الانقسام وعلى مؤسسات الدولة بدلاً من القوى المتصارعة.

 

وأشارت إلى أن رؤيتها الشاملة تهدف إلى إنهاء التصعيد في حضرموت، ومنع انتقاله إلى مناطق أخرى، وإلى فتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي الذي يعالج جذور الأزمة اليمنية ويعيد للدولة سلطتها ومكانتها، ويضمن للجنوبيين حقوقهم العادلة ضمن إطار وطني جامع، ويمنع أي محاولة لفرض واقع بالقوة أو لجر اليمن إلى صراع جديد في لحظة يحتاج فيها اليمنيون أكثر من أي وقت مضى إلى الاستقرار والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل.


مقالات مشابهة

  • "العربية": فريق سعودي إماراتي يناقش ترتيبات خروج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة
  • الشرق الأوسط: الرياض ترفض استنساخ نموذج الحوثي عبر تحركات الانتقالي في حضرموت.. عاجل
  • ماذا يجري في حضرموت؟.. كاتب سعودي يهاجم المجلس الإنتقالي ويحمله المسئولية
  • إعلامي سعودي: السعودية ترفض استنساخ نموذج الحوثي في شرق اليمن والانتقالي يتحمل المسؤولية
  • صحيفة سعودية تهاجم الانتقالي وتتمسك بالوحدة اليمنية وتؤكد: الرياض تسعى لرؤية تعالج جذور الأزمة
  • انتهاكات ترافق توسع الانتقالي في حضرموت.. وتعليق سعودي
  • الرياض تتحرك من جديد لاحتواء التصعيد شرق اليمن وتطالب بعودة الأمور لنصابها
  • السفير البريطاني يزور بورصة عمّان لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات مع سوق رأس المال الأردني
  • مسؤول سعودي: المملكة تطالب بخروج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة
  • "تهديد خطير".. رفض سعودي قاطع لسيطرة "الانتقالي الجنوبي" على حضرموت