تخبط العدو في توقعاته لمصدر وشكل الضربة الانتقامية المقررة ضده، رداً على تماديه في انتهاك سيادة الدول وسفك الدماء، حينا يرجِّح أن الرد سيكون من جنوب لبنان وحينا من اليمن وحينا يتصوره ردا متزامنا من دول محور المقاومة، وفي العموم أعد عدة الحماية فهيأ الملاجئ وزود المستشفيات بالمواد واستنفر كل العناصر للعمل كدفاع مدني، لتقليل نسبة الضرر إلى أقل مستوى ممكن، فيما واكبت أمريكا ذلك بإرهابها لكل من يفكر بالرد على ما ترتكبه إسرائيل من عدوان، فأعلن وزير دفاعها تحريك حاملة طائرات، وطرادات ومدمرات إضافية إلى الشرق الأوسط، لدعم الدفاعات الإسرائيلية، ترجمة وتأكيدا لالتزامها في الدفاع عن العدو.
يشير هذا الحال- على نحو واضح- إلى الاعتراف الصهيوني أن كيانه لم يعد في مأمن من أي ضربات، وأن الضربة الانتقامية قادمة لا محالة، وأن أمريكا- التي انهارت قدراتها عن تحويل مسار الأحداث، والتي لم تتمكن حتى من الدفاع عن نفسها في بحار المنطقة- لن يكون أمامها إلا ما اعتادت عليه، أولا: الترويج بتعزيز القدرات الدفاعية للكيان، والثاني: الاجتهاد في امتصاص آثار الضربات، والثالث الاجتهاد في تحريك الموقف الدولي لصالح هذا الكيان قدر الإمكان.
لن يكون بمقدور واشنطن هذه المرة بشكل أكيد، استصدار أي قرار دولي، فجرأتها والكيان الصهيوني في شن العدوان على المنطقة دخل بالمواجهة مرحلة متقدمة، إما أنها ستقسم العالم إلى شقين أو أنها ستدفع كثيراً من الدول إلى التزام الحياد وهي ذاتها الدول التي كانت حتى وقت قربب تنقاد بلا أدنى بصيرة إلى المواقف الأمريكية، والدول التي وقفت معها حرجا خلال تعرّض كيان العدو لمسيّرات «الوعد الصادق» الإيرانية، لن تقف معها، فالعدوان على إسماعيل هنية داخل العاصمة طهران قدّم العدو ككيان فوق القوانين والاتفاقات.
مع بداية تحرك المقاومة للمشاركة في إطار معركة طوفان الأقصى، لم تمتلك أمريكا أي حجة لتبرير وشرعنة دفاعها عن الكيان أو تمكينه من الاستمرار في قتل الأبرياء في غزة، ولذلك فشلت في تأليب المجتمع الدولي ضد اليمن حين قرر الدخول إلى المعركة وحصار العدو انتصارا للمظلومية الفلسطينية، واليوم والتمادي الصهيوني قد وصل مستويات انتحارية فإن من حق أبناء المنطقة رد هذه الأعمال الإرهابية، ولن يكون أمام البنتاجون وحيدا إلا القيام بما أمكن عملا بالالتزام للّوبي الصهيوني لحماية الصنيعة إسرائيل.
والأكيد في الإجرام المتصاعد للكيان أنه يسجل في كل مرة فشلا جديدا إلى رصيده من الإخفاقات عن تحقيق أي هدف استراتيحي يرد عنه الحالة الثورية المتنامية التي اشتعلت ولا يبدو أنها ستتوقف إلا بزواله، ورغم تعدد أشكال التعدي على الدول وانتهاك سيادتها والتي ظن العدو ومعه أمريكا أنها ستكون مُخيفة عن الرد والانتقام، إلا أن ما حدث ظهر عكس ذلك تماما، إذ استعر غليان المنطقة وزاد الإصرار على أن هذا الكيان لا يمكن له أن يستمر في احتلال الأراضي العربية، وزادت الأصوات المؤيدة للمقاومة من عرب وعجم، وسيبقى الكيان وأمريكا والأتباع يعيشون حالة القلق والتوتر والتشنج.
انتهى عهد، وكل شيء أصبح مكشوفا ولم يعد بمقدور كيانات الغرب أن تزايد بالحقوق الإنسانية، وتُجمّل صورتها بالشعارات، كما لن يكون بمقدورها التدخل في شؤون الدول والحكم على منهجية هذه الدول في إدارة شؤونها، فقد كتب هذا العقد من الزمن البداية لنهاية كل تلك الممارسات الاستعمارية، وبالكاد لم يعد أمام أمريكا وباقي الأتباع إلا كيف يحافظون على بقاء الكيان في المنطقة وتمكينه من إرهاب الشعوب، وهو ما لا يبدو متاحا أن يعود كما كان، وظهور محور المقاومة بهذا العنفوان يؤسس لمرحلة انتزاع الحقوق، وعدم الانكفاء على الذات عند التعرض لأي عدوان.
صحيح أن اليمن قد نجح في كسر حاجز الخوف وأطلق صافرة البداية لمواجهة عتو هؤلاء، أعداء الإنسانية إلا أن الأصوات الحرة حول العالم كانت ولا تزال وقودا يزيد من فرص انتشار ثقافة الرفض للغطرسة الأمريكية، واليوم ينعكس ذلك في ما تشهده المواجهة مع العدو.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
معلومات تكشف أخطر استثمار أمريكي _ صهيوني يدار داخل هذه الدول العربية (تفاصيل)
تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، في كلمته اليوم ، جانبًا بالغ الأهمية من واقع الأمة الإسلامية والعربية، مسلطًا الضوء على التناقض الفاضح بين الحماسة الموجهة لإثارة الفتن الطائفية داخل الأمة، والصمت الرهيب إزاء المظلومية الكبرى في فلسطين. الخطاب جاء بمثابة دعوة لفرز حقيقي داخل الوعي الإسلامي، يميّز بين من يرفع شعارات دينية زائفة لتخريب الأمة من الداخل، ومن يلتزم بثوابت الإسلام في نصرة المظلوم والوقوف بوجه الطغاة.
يمانيون / خاص
الفتنة الطائفية .. استثمار صهيوني وأمريكي
أكد السيد القائد أن ما شهدته المنطقة خلال السنوات الماضية من حروب داخلية طائفية وتمويل للفتنة التكفيرية لم يكن إلا مشروعًا موجّهًا لخدمة العدو الإسرائيلي، حتى لو كان بأدوات محلية وإسلامية زائفة، فالضجيج وأصوات الكراهية والنعرات المذهبية تملأ الفضاء حين يتعلق الأمر بخلاف داخل الأمة، لكن تلك الأصوات تصمت بشكل مطبق حين يتعلق الأمر بفلسطين، هذا التناقض، كما يراه السيد القائد، ليس بريئًا، بل هو نتيجة لاختراق صهيوني داخل الأمة عبر أذرع إعلامية وفكرية وسياسية تعمل على منع أي ردة فعل شعبية أو رسمية تجاه العدوان الإسرائيلي،
غياب الفعل رغم وضوح العدو
طرح السيد القائد سؤالًا جوهريًا ومحرجًا: ما الذي ينقص القضية الفلسطينية حتى لا يتحرك من يزعمون الدفاع عن الإسلام؟ فالعدو الصهيوني عدوٌ صريحٌ للإسلام وللنبي والصحابة، والشعب الفلسطيني مسلم سنيٌ مظلوم، والعالم يعترف بمظلوميتهم، فلماذا لا تُحرك القضية قلوب المدافعين عن الدين كما تحركهم الفتن الداخلية؟
هذا التناقض، من وجهة نظر السيد القائد يحفظه الله، يفضح انتقائية بعض الحركات والتيارات الإسلامية، التي اختارت أن يكون جهادها حيث يريد الأمريكي والإسرائيلي، لا حيث تملي المبادئ الإسلامية الحقة،
’’الإسرائيلي يعادي الإسلام والمسلمين والرسول والصحابة وأبناء الإسلام جملة وتفصيلا، لماذا لا تعادون ذلك الكافر؟
اختبارات التاريخ والغربلة
في قراءة تحليلية عميقة، اعتبر السيد القائد أن القضية الفلسطينية تمثل مختبرًا حقيقيًا لفرز المواقف داخل الأمة، ولتمييز الصادق من الكاذب، والثابت من المنافق، وأوضح أن الأحداث الكبرى تكشف الاتجاهات الحقيقية، وتفضح زيف الشعارات، فالجهاد الحق يجب أن يتجه نحو العدو الصهيوني المعتدي لا إلى قتال داخل الأمة.
وفي هذا الإطار، دعا السيد القائد إلى مراجعة جادة لمسارات الحركات الإسلامية، وموقفها من القضايا الجوهرية، وعلى رأسها فلسطين، متسائلًا عن غيابها المريب، أين هو التيار الإسلامي العريض الواسع وأين جمعياته ومؤسساته ومنظماته من نصرة الشعب الفلسطيني؟
الرحمة والعزة .. مفاهيم دينية مغيبة
أعاد السيد القائد المفاهيم الإيمانية إلى ساحة النقاش العملي، متسائلًا: أين الرحمة الإسلامية حين يُترك الشعب الفلسطيني يُذبح ويُجوع ويُهجّر؟ وأين العزة الإيمانية حين يُذل المسلمون على يد عدو صهيوني يحتل أرضهم ويقهرهم؟ هذه الأسئلة لا تستهدف الاستفهام، بل تُشكّل إدانة للصمت الإسلامي الرسمي والشعبي في مقابل المعاناة اليومية للفلسطينيين.
وفي سياق التقييم الأخلاقي، أشار إلى أن العناوين الإيمانية لا تصدق ولا تُحترم إن لم تقترن بنصرة المظلومين والدفاع عن حقوقهم، لا سيما إذا كانوا من أبناء الأمة نفسها.
القضية الفلسطينية كمعيار وموقف
اعتبر السيد القائد أن الموقف من فلسطين هو معيار للمبادئ والصدق والانتماء الحقيقي للإسلام والعروبة والإنسانية، ومن خلالها يمكن غربلة الخطاب الإسلامي والعربي، ومعرفة من يتمسك بقيمه، ومن يخضع لإملاءات الخارج.
هذا التأكيد يحمل في طياته دعوة لتجديد الموقف الشعبي والنخبوي والديني من القضية الفلسطينية، والانتقال من شعارات المناسبات إلى التحرك الفعلي والجاد، سواء بالمواقف أو بالدعم المباشر.
كشف الحقائق وتوجيه البوصلة
لم يكتفِ السيد القائد يحفظه الله بتحميل العدو الصهيوني المسؤولية، بل عرّى حالة النفاق الإسلامي والعربي تجاه فلسطين، وفضح التناقضات الصارخة في خطاب الفتنة وممارسات الخذلان.
إنها دعوة صريحة لإعادة ترتيب أولويات الأمة، ولتصحيح البوصلة، والتوقف عن الانشغال بالصراعات الهامشية التي تمزق الأمة وتخدم عدوها الأول: الكيان الصهيوني.
أبرز ما ورد في خطاب السيد القائد يحفظه الله :
ما شهدته منطقتنا فيما يتعلق بالفتنة التكفيرية على مدى أعوام طويلة قدمت مليارات الدولارات والأصوات ملأت أسماع العالم بالضجيج
أصوات الكراهية والحقد والتكفير وإثارة النعرات الطائفية لا تتحرك عندما تتعلق المسألة بنصرة الشعب الفلسطيني
اليهود الصهاينة بأذرعتهم المتعددة عملوا داخل الأمة حتى وصلوا إلى منع أي ردة فعل تجاه عدوانيتهم في أوساط الشعوب
عندما تكون المسألة للفتنة في أوساط الأمة نرى النشاط والتحرك من أولئك الصم البكم العُمي أمام العدو الإسرائيلي
أولئك البُكم أمام العدو الإسرائيلي نراهم بأصوات عالية جداً للفتنة في أوساط الأمة وضجيجهم يملأ الساحة الإسلامية
حين يتعلق الأمر بمواجهة مع من له موقف مناصر للشعب الفلسطيني نرى نشاط دعاة الفتنة بإمكانات هائلة وتحرك واسع وجدية كبيرة
ما الذي ينقص القضية الفلسطينية حتى لا يتحرك لأجلها دعاة الفتنة كما يتحركون للصراع داخل الأمة؟
الشعب الفلسطيني مسلم “سُني” ومظلوميته يعترف بها العالم فلماذا لا تنصرونه؟ بينما الإسرائيلي عدو صريح للإسلام والمسلمين
الإسرائيلي يعادي الإسلام والمسلمين والرسول والصحابة وأبناء الإسلام جملة وتفصيلا، لماذا لا تعادون ذلك الكافر؟
ما الذي ينقص القضية الفلسطينية في العناوين الدينية، وفي عناوين المظلومية، وفي عناوين العروبة، وفي العنوان الإنساني؟
القضية الفلسطينية هي أبرز قضية إنسانية وأبرز قضية قومية فيما يتعلق بالمصلحة العربية، فلماذا هذا التخاذل الذي لا مبرر له؟
القضية الفلسطينية تعتبر مختبرا مهما لفرز وتقييم وغربلة مجتمعنا العربي والإسلامي
الأحداث على مر التاريخ هي أهم مختبر يفرز ويميز ويجلي ويبين بشكل متجسد ومرئي ومشاهد وملموس ومحسوس الاتجاه الصحيح والاتجاه الخاطئ
الصدق والكذب هما العنوانان لنتائج الفرز والغربلة للواقع وللناس تجاه الأحداث
من يرفع عنوان الجهاد فإن فلسطين أعظم وأقدس ميدان للجهاد، أم أنك لا ترى الجهاد إلا عندما يكون في الاتجاه الذي يهندس له الأمريكي والإسرائيلي لإثارة النعرات الطائفية؟
أين هو التيار الإسلامي العريض الوسيع في الساحة الإسلامية بمكوناته وأحزابه وقواه وجمعياته ومؤسساته ومنظماته عن نصرة الشعب الفلسطيني؟
هل ينتظر أبناء الأمة ليتحركوا حتى يموت أبناء غزة بأجمعهم، أو أن ينجح العدو في تهجيرهم بالكامل؟
العناوين الإيمانية إذا لم تكن مصداقيتها رحمة حقيقية تجاه المظلومين والمقهورين والمضطهدين المعذبين من الأمة على يد الظالمين، المجرمين، الطغاة، المستكبرين، فأين هي الرحمة؟
أين هي العزة الإيمانية في مواجهة الإذلال والطغيان والتكبر والإجرام اليهودي الصهيوني؟