الخلافات الأمريكية الإسرائيلية، والخلافات الإسرائيلية الإسرائيلية، وحالة التوتر
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
الخلافات الأمريكية الإسرائيلية
إن الانكشاف الاستراتيجي للمنطقة والعالَم لم يحدث من قبل كما حدث في الحرب القائمة اليوم على قطاع غزة. هذا الانكشاف يُدلل على حالة الضرورة التي حاولت الدبلوماسية الأمريكية تجنب حدوثها، ليس بسبب طهرها السياسي؛ إذ لا طهر في سياستها، ولكنها أرادت اجتثاث القضية الفلسطينية بالقوة الناعمة لا بالقوة الخشنة، ولعل السياسي المقاوم في داخل غزة وخارجها أدرك هذا البُعد الاجتثاثي الخطير الذي أُريد له ولقضيته، فما كان منه إلا ذلك الإقدام الشجاع في السابع من أكتوبر، ليفضح المخطط كما نراه اليوم وكما لم نره من قبل، ويعيد قضيته إلى الواجهة، ويحطم قوة الردع الإسرائيلي، ويُناجز عدوه ويُسالبه حقه المغتَصَب بالحديد والنار، وذلك خيارٌ ناجعٌ من الاستسلام التام وانتظار الوهم الدعائي الغربي والعربي المطبع في آن، والمتمثل في حل الدولتين؛ في الوقت الذي يعملون على ذبح الدولة الفلسطينية لصالح الدولة الصهيونية.
هنا نُدرك أن السبب الرئيس في عدم تحرير فلسطين ليست إسرائيل فحسب، بل الأنظمة العربية في مقامٍ واحدٍ مع الكيان الإسرائيلي. ليس في مقدور العقلية الإسرائيلية الاستعلائية تقبُّل تلك الصفعة التي تلقتها في السابع من أكتوبر، وهي القدوة في القدرة والقائدة التي يُعتد بها في منطقة الشرق الأوسط، والمتفق معها على حماية حكام الليكود العربي من شعوبهم، كما ليس في مقدور أميركا وهي الدولة العظمى تقبُّل هذا الخرق الأمني الكبير، وهي التي تُعِدُّ إسرائيل أمنها القومي، ما يترتب على ذلك التوافق على اجتثاث هذه الشوكة الوحيدة المتبقية في أعينهم-المقاومة- الخارجة عن الإطار الدولي الحاكم، الرافضة لأوامره ونواهيه، في استغلالٍ مطلق لهجوم السابع من أكتوبر لتحقيق هذا الاجتثاث للقضية وللإنسان المقاوم. هكذا علَت الأصوات وبدأت الأفعال في استئصال غزة، بيد أن صمود المقاومة ومطاولتها، مع الإبادة الكبيرة المتجاوزة لكل الأعراف والقوانين، خفَّض من اللهجة الأمريكية، وأظهرها بمظهر الراغب في إيقاف الحرب، ولِعب دور الوسيط، بينما تقوم بدعم الكيان الإسرائيلي بشتى أنواع الأسلحة، وتُعلن باستمرار تعصُّبها ووقوفها إلى جانبه، ولكنها انتقلت من خانة التعصب الظاهري إلى خانة التعصب الباطني المُصِر على هزيمة المقاومة، راغبةً في الحفاظ على صورتها أمام العالَم كلما عبرت عن إيقاف الحرب والدعوة إلى المفاوضات، والاتفاق مع إسرائيل في مماطلتها، والتحجج-عبر الأبواق الإعلامية- بقرب الانتخابات الأمريكية وعدم قدرتها لضغط على إسرائيل.
هذه المماطلة وتلك الحجج الواهنة، تُحدثنا عن فرصة سانحة للاستمرار في ارتكاب الجريمة، مع الأخذ بعين الاعتبار عدد المرات التي قامت فيه أميركا باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن رفضًا لإيقاف الحرب، وكذلك ترهيب محكمة الجنايات الدولية وتقديم اعتراضاتٍ على إصدار مذكرات اعتقال في حق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت. لعل اغتيال الشهيد الكبير إسماعيل هنية، أوضح مزيد توضيح ذلك التوافق المُطلق، والتخطيط المتفق عليه، والقيام بلعب الأدوار، أما الجوهر فهو الاستمرار في الحرب وتصفية قادة المقاومة فوق أي أرضٍ وتحت أي سماء. ومن باب الاستطراد يجب الإشارة على أمرين :
الأول: المنطق السياسي يقول إن ليس من مصلحة المقاومة تنصيب خالد مشعل لقيادة الحركة، خاصة في هذا الوقت الحرج والحرج جدًا، بل يجب أن لا يتم تنصيب أيًا من كبار المقاومة في منصب القائد للحركة، لسببٍ موضوعيٍ في غاية الأهمية؛ وبكلمةٍ مكثفةٍ: حتى لا يتم كسر المقاومة للمرة الثانية!
لأن في كسرها عواقب خطرة على المجموع المقاوم، نظرًا لحساسية اللحظة الراهنة. هذا لا يعني أن كبار المقاومة في منأىً عن الاغتيالات، ولكنها وإن حدثت ستكون أخف وطأة على المقاومة، وأقل انتصارًا لإسرائيل.
لعل سامي أبو زهري جديرٌ بذلك لسببين:
الأول: يتمتع بشخصية قيادية وحضور كبير.
الثاني: يعتبر من الدرجة الثانية في سلم القيادات بالمقارنة إلى مشعل وأبو مرزوق والحيّة، وهذا يخدم الهدف المنشود من توليه القيادة.
صحيح أن الحكم شورى في المقاومة وممأسس، ولكن اللحظة الراهنة تتوجب اسثناء الأطر التقليدية لمواكبة المتحصل السياسي الراهن.
الثاني: رغم أهمية الدور الذي تقوم به قناة الجزيرة، إلا أنها في أحايينٍ كثيرةٍ تعمل كقوةٍ ناعمةٍ لأميركا، ولا أدلَّ على ذلك من تكرارها في نشراتها الاخبارية عن مكالمة جرت بين نتيناهو وبايدن وقد رفع الأخير صوته داعيًا إياه إلى عقد صفقة (الرهائن) وإيقاف الحرب.!
الخلافات الإسرائيلية الإسرائيلية.ليس من المنطق السياسي في شيء ظهور إسرائيل بمظهرٍ واحدٍ إزاء ما يحدث في غزة، لأن في ذلك إشكالٌ على تماس واستمرار الحرب، وذلك لسببين:
الأول: هناك إبادةٌ قل نظيرها في العصر الحديث، ولا ينبغي سياسيًا الدعوة لاستمرارها، لأن استمرار الحرب هو استمرارٌ للإبادة بالضرورة، ومن المهم أن يظهروا بمظهر المختلف مع رئيس الوزارء نتنياهو، وأن يصوروا المشهد كل المشهد في عجرفة ورفض رئيس وزراءهم.
وقد رأينا كيف استقال بيني غانتس وغادي أيزنكوت من حكومة الطوارئ، ليس لأنهما يُريدان إيقاف الحرب، ولكنهما يحاولان الحفاظ على صورة إسرائيل حتى لا تهتز مزيد اهتزاز عند شعوب العالَم، في الوقت الذي يريدان فيه الاستمرار في الحرب لتحقيق طموح إسرائيل في استعادة قوة الردع وتصفية القضية الفلسطينية والمقاومة في داخل قطاع غزة وخارجها.
الثاني: هناك قرابة ١٢٠ إسرائيلي محتجز في قطاع غزة، وليس من السياسة توافق جميع ساسة إسرائيل ودوائرها السيادية مع نتنياهو، بل لا بد أن يظهروا لشعبهم اهتماهم بمواطنيهم وسعيهم في استنقاذهم، كما يظهروا للعالَم الرغبة ذاتها، إذ لا يُعقل ولا يُقبل أن يرفضوا جميعهم (علانية) هذا المطلب الهام، لأجل مصلحة إسرائيل في بعدها الاستراتيجي، مع أنهم مُجمِعون على المصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية أكثر من إجماعهم على إستعادة( الرهائن).
التوتر في المنطقة وأهميته لإسرائيل.الاستقرار في المنطقة العربية مهمٌ لأميركا وإسرائيل، وعدم الاستقرار في المنطقة العربية مهمٌ أيضًا لأميركا وإسرائيل.
* استقرار دول الخليج والدول المطبعة بشكلٍ عام مهمٌ لهما في هذه الفترة على الأقل، وذلك لسببين:
الأول: يقوم على قيادة إسرائيل للمنطقة، ومن واجب القائد حماية ومساندة الدويلات التي يقودها، ويحفظ الأمن فيها وفي المنطقة عمومًا.
الثاني: أهمية الطاقة في دول الخليج، والحفاظ عليها، كثروة أميركية أكثر منها ثروة عربية.
*أما عدم الاستقرار في المنطقة، فلأسبابٍ ثلاثة:
الأول: إخضاع من لم يخضعوا بعد للإرادة الإسرائيلية الأمريكية-غزة نموذجًا.
الثاني: خلق جماعات متطرفة تشتبك مع مجتمعها العربي، فتفتَّ في عضده وتشوه صورته.
الثالث: إبقاء حالة التوتر في المنطقة لكونه العامل الأهم وتوسعات إسرائيل، فهي كيانٌ صغير، ودون التوتر في المنطقة لن تُمنح فرصة إتساعها ومد رواقها الجغرافي.
في المحصلة يقودنا ذلك إلى نتيجة مفادها؛ إن الحرب على غزة لن تتوقف حتى تجد إسرائيل من يقفها عن غيها وإبادتها، وإن التعاون الأميركي الإسرائيلي على ذات الغاية هو الصورة الأكثر وضوحا، فالكلمات والتصريحات لا قيمة لها، طالما المواقف تُكذِّب تلكما التصريحات والكلمات المبتذلة التي يتم تكرارها بين فينة وأخرى، وإن الخلافات الإسرائيلية الإسرائيلية نوع خداعٍ مدروس، لإلهاء الإعلام بخلافاتهم (الديمقراطية) عن أهدافهم الأساسية. هذا يدعونا للتفكر فيما لو كان بعض الساسة الإسرائيليون ومن ورائهم أميركا متفقون مع نتيناهو كما كانوا في بداية الحرب، هل يعد ذلك ذكاءً سياسيًا، أم غباءً وبلاهة!
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةسلام الله على حكم الامام رحم الله الامام يحيى ابن حميد الدين...
سلام الله على حكم الامامه سلام الله على الامام يا حميد الدين...
المذكورون تم اعتقالهم قبل أكثر من عامين دون أن يتم معرفة أسب...
ليست هجمات الحوثي وانماالشعب اليمني والقوات المسلحة الوطنية...
الشعب اليمني يعي ويدرك تماماانكم في صف العدوان ورهنتم انفسكم...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الخلافات الإسرائیلیة الإسرائیلیة فی المنطقة أکثر من
إقرأ أيضاً:
من المغرب إلى خان يونس… شعوب تنتفض بوجه الحرب الإسرائيلية في غزة
خرج آلاف المغاربة في عدة مدن بالمملكة المغربية بعد صلاة الجمعة، في مظاهرات داعمة للمسجد الأقصى وقطاع غزة، الذي يعاني من حرب إبادة إسرائيلية مستمرة منذ 20 شهراً.
وتشهد أيام الجمعة تنظيم مسيرات منتظمة منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، حيث كانت مسيرات هذا الأسبوع الـ79 على التوالي، وشملت مدناً مثل شفشاون، طنجة، مكناس، إنزكان، أكادير، تازة، جرادة، الجديدة وأزمور.
وتنظم هذه المظاهرات “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”، وهي جهة غير حكومية، وحملت مسيرات الجمعة شعار “لن ننسى غزة والأقصى”.
وعبر المشاركون عن رفضهم لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة، ورفعوا أعلام فلسطين ولافتات دعم للفصائل الفلسطينية، مؤكدين استمرار التضامن المغربي مع القضية الفلسطينية.
تعليق مصري على كمين خان يونس الذي أسقط 4 قتلى من الجيش الإسرائيلي
رأى الإعلامي والبرلماني المصري مصطفى بكري أن اعتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن احتلال قطاع غزة وإبادة عدد كبير من أهلها سيؤدي إلى استسلام الفلسطينيين، هو وهم لا يستند إلى واقع.
وفي تدوينة على منصة إكس، أشار بكري إلى الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي في معارك خان يونس جنوب قطاع غزة، مؤكداً أن “كارثة القتلى الإسرائيليين في خان يونس تثبت أن الشعب الفلسطيني لن يركع وأن المقاومة مستمرة طالما استمرت انتهاكات حقوقه”.
وأضاف: “نتنياهو واهم إذا ظن أن احتلال غزة وإبادة الكثيرين من أهلها سيجبر الفلسطينيين على الاستسلام. الشعب الفلسطيني لا يعرف الهزيمة أو الانكسار، والسلام لن يتحقق إلا بعودة الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.
وأعلنت مصادر إسرائيلية مقتل أربعة جنود في انهيار مبنى بحي بني سهيلة إثر انفجار عبوة ناسفة، مما رفع عدد قتلى الجنود الإسرائيليين منذ بداية الحرب إلى 866 جندياً، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
من جانبه، أكد الناطق باسم “كتائب القسام” أبو عبيدة أن الخسائر التي تكبدها الاحتلال في خان يونس وجباليا تشكل امتداداً لسلسلة عمليات نوعية، محذراً من أن الاحتلال أمام خيارين فقط: إما وقف حرب الإبادة أو الاستعداد لاستقبال المزيد من جنوده في التوابيت.
نحو 50 مدينة مغربية من الشمال الى الجنوب خرجت في وقفات احتجاجية نصرة لغزة والمقاومة وتنديدًا بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة
طالبوا باسقاط التطبيع وايصال المساعدات الى القطاع المحاصر ????????????????#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/8GL7iwlZz5
عشرات الوقفات الداعمة لغزة وفلسطين خرجت اليوم الجمعة في مدن مغربية مختلفة ???????????????? pic.twitter.com/reEGuoWqDj
— الرادع المغربي ???????????????????? (@Rd_fas1) November 8, 2024