المشاط: زيادة التجارة البينية بين دول القارة يدفع جهود التنمية الاقتصادية
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
ثمنت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، البيان الختامي الصادر عن اجتماع المجموعة الأفريقية لمحافظي مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، خلال الفترة من 1 إلى 3 أغسطس 2024 بمدينة أبوجا بجمهورية نيجيريا الاتحادية، تحت عنوان "تيسير التجارة بين الدول الأفريقية، كعامل محفز للتنمية المستدامة في أفريقيا"، وبرعاية السيد رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية، الرئيس بولا أحمد أديكونلي تينوبو، وترأسه وزير المالية، والي إيدون، ومحافظ صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي لجمهورية نيجيريا الاتحادية.
وأكد البيان الختامي الصادر عن الاجتماع على 4 مسارات رئيسية لتعزيز التجارة داخل أفريقيا، وهي: (1) تعزيز منظومة الدفع الشامل في أفريقيا وتسريع الرقمنة، (2) تحسين الوصول إلى الطاقة وتكاليفها ؛ (3) تعظيم الاستفادة من الشراكات مع بنوك التنمية متعددة الأطراف (MDBs)؛ و(4) إصلاح الهيكل المالي العالمي، مؤكدًا أن تصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، تحتم على مؤسسات بريتون وودز أن يكون دعمها للدول الأعضاء مسترشداً بمبادئ التوازن والحياد، بما يتماشى مع سياساتها الخاصة.
ومن جانبها أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على أهمية إصلاح الهيكل المالي العالمي ودفع الشراكات مع بنوك التنمية متعددة الأطراف لتعزيز التجارة الأفريقية، لافتة إلى أن زيادة التجارة البينية بين دول القارة يعزز جهود التنمية الاقتصادية ويحفز النمو الشامل والمستدام.
وأوضح البيان، أهمية تعزيز منظومة الدفع الشامل الأفريقي وتسريع الرقمنة، بالإضافة إلى تعزيز التكامل الإقليمي للأسواق المالية والإدراج المتبادل للأوراق المالية لتعزيز الاستثمار، وكذلك تسريع التكامل المالي بهدف زيادة تنويع تخصيص الأصول، مع معالجة تحديات السيولة التي قيدت باستمرار تعزيز التجارة والاستثمار في القارة.
وأكد البيان على أهمية اعتماد نظام الدفع والتسوية الأفريقي الشامل (PAPSS) في الوقت المناسب من قبل جميع أعضاء الاتحاد الأفريقي، كما دعا بنوك التنمية متعددة الأطراف لدعم هذه المبادرة من خلال تعزيز البنية التحتية للدفع في أفريقيا والمنصات الرقمية لتمكين جميع الدول من الاستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA).
كما أشار البيان الختامي، إلى أهمية تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الإقليمية ذات جودة، بالإضافة إلى القدرات المؤسسية والفنية والبشرية داخل الحكومات، فضلًا عن تعزيز استثمارات القطاع الخاص لتقوية نظم الدفع الحالية واستكشاف آليات للمعاملات عبر الحدود الفعالة من حيث التكلفة، والتشغيل البيني، وتحليل البيانات؛ مع تعزيز بروتوكولات الأمان ضد الاحتيال، وغسل الأموال والثغرات السيبرانية، والاستجابة السريعة للاختراقات.
كما أكد على توسيع الاستثمارات المبتكرة في البنية التحتية الرقمية لفتح الحواجز أمام التكنولوجيا وتمكين الابتكارات التكنولوجية لتأمين بنية تحتية فعالة للدفع وحلول دفع قوية تلبي معايير الكفاءة والوصول والإدارة والمرونة.
من جانب آخر تطرق البيان الختامي، إلى الأهمية الكبرى لتسريع الوصول إلى الطاقة في أفريقيا، وتكثيف المساعدة الفنية والتمويل، والالتزام بتنفيذ المبادرة التي أطلقها البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي بالتعاون مع الأمم المتحدة لتوصيل الكهرباء لـ300 مليون أفريقي بحلول عام 2030، كما تم الإشارة إلى أهمية مضاعفة الاستثمارات في النقل والبنية التحتية للطاقة، ومساعدة الدول الأفريقية على تحسين البيئة التنظيمية والقانونية لجذب الاستثمارات الخاصة التنافسية في قطاع الطاقة، والاستفادة من الشراكات مع بنوك التنمية متعددة الأطراف لتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها تلك البنوك، وضمان توافر والوصول إلى التمويل الميسر، وتشجيع تقديم أدوات جديدة ومبتكرة، بالإضافة الى التعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف في أفريقيا ومراكز الفكر الافريقية.
كما تناول البيان ضرورة إيجاد حلول مستدامة للديون مما يخلق مساحات مالية تمكن الدول النامية من الاستثمار الفعال في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار المالي، وتسريع الإصلاحات لإزالة القيود حول الاستثمارات الخاصة، كما تم التأكيد على أهمية دور المؤسسة الدولية للتنمية (IDA) التابعة لمجموعة البنك الدولي، لتوفير التمويل الميسر لا سيما لدول أفريقيا جنوب الصحراء، لمواجهة التحديات المستمرة والناشئة مثل تغير المناخ، انعدام الأمن الغذائي، نقص الطاقة، المياه، التحول الرقمي، التكامل الإقليمي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط التنمية الاقتصادية التعاون الدولي التنمیة الاقتصادیة البیان الختامی البنک الدولی فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
دبلوماسية التجارة لا المعونة.. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا
تشهد السياسة الأميركية تجاه أفريقيا تحولا مهما، يتجلى في إطلاق إستراتيجية جديدة تستبدل نموذج "المعونة" بنهج يرتكز على "الدبلوماسية التجارية". وتأتي هذه السياسة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية، التي تعيد ترتيب أولويات العلاقات الخارجية على أساس مصالح واشنطن الاقتصادية والتجارية.
ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "دبلوماسية التجارة لا المعونة.. الإستراتيجية الأميركية الجديدة والسيادة الاقتصادية بأفريقيا" للباحث النيجيري حكيم ألادي نجم الدين تناولت دلالات خفض أميركا مساعداتها لأفريقيا مع فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الأفريقية، وما يعنيه ذلك من أن العلاقات الأميركية الأفريقية قد تتغير وفق أجندات الرئيس ترامب، فأفريقيا لم تعد مجرد متلقّ للمساعدات، بل "شريكا" في التجارة والاستثمار وإنعاش الشركات الأميركية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالميlist 2 of 2أحزمة الصين المتعددة.. هل حان وقت انطلاق المارد؟end of listوقد أطلقت وزارة الخارجية الأميركية هذه الرؤية رسميا في مايو/أيار 2025 على لسان مسؤول الشؤون الأفريقية تروي فيتريل الذي شدد في منتدى بأبيدجان على ضرورة تعزيز الروابط التجارية مع أفريقيا في سياق جديد أكثر نفعية بالنسبة للمصالح الأميركية.
تراجع في المساعدات التقليديةوتراجعت مكانة المساعدات الأميركية التقليدية في السياسة الجديدة، رغم أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كانت لسنوات ثاني أكبر مستفيد من ميزانيات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية؛ إذ حصلت على 40% من ميزانيتها، خصوصا في مجالات الصحة ومكافحة الفقر والأوبئة.
ومن الأدوات الإستراتيجية للمشاركات الأميركية في أفريقيا أيضا "مؤسسة الولايات المتحدة للتنمية الأفريقية"، التي تأسست عام 1980 للاستثمار المباشر في الشركات الشعبية الأفريقية ورواد الأعمال الاجتماعيين. إضافة إلى "قانون النمو والفرص في أفريقيا" (AGOA)، والذي سُن عام 2000 بهدف معلن متمثل في السماح لدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المؤهلة بدخول السوق الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية لأكثر من 1800 منتج.
إعلانوعلى الرغم من أهمية هذه البرامج، تعرضت للانتقاد بسبب فرضها شروطا تتعلق بالحوكمة والاقتصاد، ما اعتُبر تدخلا في السيادة الوطنية للدول الأفريقية.
وتُحمّل الدراسة برامج المساعدات الأميركية مسؤولية إدامة "التبعية الاقتصادية"، إذ غالبا ما تُصمم هذه البرامج بما يخدم المصالح الأميركية ويُضعف قدرة الدول الأفريقية على تبني سياسات تنموية وطنية. كما أن مبادرات كـ"قانون النمو والفرص في أفريقيا" واجهت انتقادات بسبب عدم شمولها دولا عديدة، وعدم استفادة الاقتصادات الصغيرة بسبب الشروط الصارمة المفروضة.
الإستراتيجية الجديدة: "التجارة لا المعونة"تركز الإستراتيجية الجديدة على 6 محاور رئيسة، أبرزها:
الدفع بالتجارة والاستثمار بدلا من المعونة. إعطاء القطاع الخاص دورا محوريا في التنمية. تنشيط "الدبلوماسية التجارية" وتقييم سفراء أميركا في أفريقيا بناءً على نجاحهم التجاري. تشكيل "فرق صفقات" في السفارات الأميركية لرصد الفرص التجارية وربط الشركات الأميركية بالشركاء الأفارقة. تركيز الاستثمارات على مشاريع البنية التحتية واحتواء نفوذ منافسي واشنطن في القارة، وخاصة الصين. السعي لإصلاح مبادرة "قانون النمو والفرص في أفريقيا" لتكون قائمة على تبادل المنافع والمعاملة بالمثل. ماذا تعني الإستراتيجية الجديدة للسيادة الاقتصادية الأفريقية؟ قد تكون الإستراتيجية الأميركية الجديدة جهدا حقيقيا للتراجع الأميركي عن تعاملاتها القديمة، والتحول إلى الشراكة مع الدول الأفريقية. الإستراتيجية تتماشى مع رغبة أفريقيا في الاعتماد على الذات بدلا من انتظار المساعدات لتلبية احتياجاتها التنموية. تركيز الإستراتيجية الجديدة على النمو الذي يقوده القطاع الخاص قد يسهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي على المدى الطويل. الاستثمارات الأميركية في مشاريع البنية التحتية قد تصنع تحولا إيجابيا لأفريقيا بما يعزز مكانتها التنافسية في الأسواق العالمية. تدعو الإستراتيجية الأميركية إلى التعاون مع الحكومات الأفريقية بشأن إصلاحات السوق، بما قد يُحسّن بيئة الأعمال العامة ويجذب استثمارات متنوعة ويعزز التنافس بين القوى العالمية لصالح أفريقيا. فرصيرى الباحث أن الإستراتيجية الجديدة قد تُتيح فرصة لأفريقيا لتحقيق مزيد من الاعتماد على الذات إذا ما نجحت الدول الأفريقية في:
فرض شروطها الوطنية في التفاوض مع واشنطن. استخدام التنافس الدولي (الصيني- الأميركي) لصالحها. التركيز على تنمية القطاعات الإنتاجية وبناء صناعات محلية قادرة على الاستفادة من فرص التجارة. تحديات ثمة تناقض في الخطاب الأميركي؛ فمن جهة، تتحدث الإستراتيجية عن شراكة متكافئة، ومن جهة أخرى، تُبقي واشنطن على ممارسات تعكس عقلية فوقية، مثل حظر السفر على مواطني دول أفريقية بزعم الأمن، وخفض ميزانية المساعدات، وتعزيز التدخل غير المباشر في الشؤون الداخلية عبر تمويل منظمات مدنية محددة. كما تشير إلى خشية من أن تتحول الإستراتيجية الجديدة إلى مجرد أداة لتعزيز النفوذ الأميركي في مواجهة الصين، لا لتحقيق تنمية حقيقية في القارة. احتمال أن تُعيد واشنطن إنتاج علاقات تبعية جديدة تحت شعار التجارة، عبر تركيزها على القطاعات ذات الربح السريع، وتوجيه الاستثمارات نحو مصالحها الخاصة من دون مراعاة أولويات التنمية المحلية في أفريقيا، مثل الزراعة والتعليم والخدمات الاجتماعية. إعلان خاتمةخلصت الدراسة إلى أن "الدبلوماسية التجارية" الأميركية الجديدة تمثل تحولا لافتا في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، وقد تمنح الدول الأفريقية فرصة تاريخية لإعادة رسم علاقاتها الخارجية على أساس المصالح المتبادلة، شرط أن تُحسن استخدام موقعها التفاوضي وتصرّ على حماية سيادتها الاقتصادية.
لكنها في الوقت ذاته، تُحذر من خطر استبدال التبعية للمساعدات بتبعية تجارية واستثمارية، خاصة في ظل تركز القرار الأميركي في مصالح "أميركا أولا"، ما يجعل من هذا التحول أقرب إلى "إعادة تغليف" السياسات القديمة بمصطلحات جديدة، بدلا من بناء شراكة قائمة على الندية والاحترام المتبادل