جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-09@22:34:25 GMT

الصراع مع الصهيونية.. نعمة أم نقمة؟!

تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT

الصراع مع الصهيونية.. نعمة أم نقمة؟!

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

 

إسرائيل هذه الدولة التي في هذه الأيام هي على كل لسان عربي ومسلم؛ بل شعوب العالم بأكمله، نظرا للجرائم المُستمرة التي تتركبها منذ عدوانها الغاشم على غزة والذي دخل شهره الحادي عشر، هذا العدوان يفوق الوصف والتصور من قتل؛ حيث تجاوز عدد الذين قضوا في هذا العدوان (39500 شهيد) جُلهم من النساء والأطفال، ومن تجويع وحصار وهدم وتدمير المباني والمرافق والبنية التحتية مع سبق الإصرار والترصد، أمام أنظار العالم في تحدٍ صارخ على المدنيين العزل؛ حيث يقصفون في المباني في المدارس في المستشفيات في الشوراع والطرقات وفي كل مكان يلتجئون إليه، وهم لا حول لهم ولا قوة مع صمت مطبق وانحياز واضح وفاضح من قوى البغي والشر الراعية لهذا الكيان المجرم المحتل الغاصب.

دولة أعلنت قيامها قيادات في الحركة الصهيونية يوم 14 مايو عام 1948 وما يطلق عليه العرب بـ"يوم النكبة"؛ حيث أقيمت دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعيد انسحاب الانتداب البريطاني منها، وبعد مجازر وجرائم إبادة وتهجير للسكان الفلسطينيين من مدنهم وقراهم. ودعت هذه القيادات اليهود في العالم إلى دعم "الدولة الغاصبة"، والهجرة إليها باعتبارها "الوطن القومي"، الذي وعدت به بريطانيا اليهود على لسان وزيرها في الخارجية بداية القرن العشرين آرثر جيمس بلفور بعد إصداره ما عرف بوعد بلفور عام 1917.

لن نخوض كثيرًا في الجانب التاريخي والتفاصيل لنشأة دولة الاحتلال البغيض لأنه معروف ويحتاج سرده إلى مجلدات ولايمكن أن يحتويه أي مقال، وهذا الاحتلال مع الأسف أصبح واقعا وبمسمى دولة موجودة ومزروعة في قلب العالم العربي والإسلامي في موقع جغرافي يُعتبر حلقة وصل برية بين قارتي آسيا وأفريقيا، وبين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وفي أرض مقدسة هي مهد للرسالات السماوية، والأهم أن هذه الأرض لا يختلف اثنان على مكانتها في قلب كل مسلم؛ حيث يقع أولى القبلتين ومسرى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والذي بارك الله فيمن حوله وهو المسجد الأقصى المبارك.

والعودة لذي بدء إلى سؤالنا: هل هذا الصراع الطويل الممتد لأكثر من 75 عامًا وما يحصل حالياً من أحداث منذ طوفان الأقصى وما تبعه من عدوان غاشم على قطاع غزة من هذا الكيان الغاصب المحتل، هل هذا الصراع الطويل نعمة أم نقمة للعرب والمسلمين؟

كشف لنا هذا الصراع حقائق وأبعادًا كثيرة، فهذا الصراع هو في الأصل صراع وجود وصراع عقيدة وليس كما يعتقد البعض فقط صراع احتلال، كما هو عليه الحال في صراعات الاحتلال التي مرت علينا في التاريخ أو تلك التي لا تزال قائمة في بعض المناطق الجغرافية من هذه البسيطة، وهنا سوف نستعرض بعض نتائج هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة:

هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة كشف لنا نفاق وزيف العالم الذي يدعي تطبيق قيم العدالة والتمدن والمساواة، فمنذ أن قامت هذه الدولة على أنقاض شعب ودولة وهي تمارس كافة طرق ووسائل الإرهاب والقتل والتهجير للسكان الأصليين، وها هي اليوم تمعن في غيها وجبروتها وتواصل عدوانها الغاشم على أهل غزة وهو أحد قطاعات السكان الأصليين، فتمعن في قتل المدنيين من شيوخ ونساء وأطفال دون أن يرتد لها طرف لها أو يرمش لها عين ودون حسيب أو رقيب بل إنها تدمر المساكن بشكل ممنهج حتى يصبح هذا القطاع غير قابل للسكن أو الحياة وتهدف بهذا العمل كما هو واضح إلى تهجير أكثر من مليوني إنسان الى خارج أرضهم ووطنهم كما هو حال اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والذين يعيشون بعيدين عن وطنهم وأرضهم، كل هذا أمام أنظار العالم المنافق الذي يكيل بمكيالين مع أحداث مشابهة. كشف لنا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة، كيف ينظر لنا العالم وكيف يقيمنا من وجهة نظره وكيف ينظر الى القضايا التي تخصنا وتخص مصيرنا، فلايزال هذا الكيان يستبيح حدودنا وأجوائنا وطائراته تخترق أجوائنا في أي وقت تشاء وتقصف ما تشاء بل إن هذا الكيان وفي نفس الوقت يغتال في بعض من أراضينا من يشاء دون أي رادع ودون أي خوف من ردة أفعالنا أو ردة أفعال بقية دول العالم من حولنا. كشف لنا هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة، إنه لا وجود لما يُسمى بالقانون الدولي، فالقانون الدولي يطبق فقط على فئة دون أخرى والمشمولين بالرعاية من قوى الشر لا يطبق عليهم القانون في جميع مؤسساته دون استثناء. كشف لنا هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري الجاري في غزة، ما هو الفرق بين القيادات السياسية وبين الشعوب وكذلك الفرق بين السياسة ولغة المصالح فليس بالضرورة الإرادات والقيادات السياسية تعبر عن آراء شعوبها فبينما تخرج غالبية شعوب العالم للتظاهر للتنديد بالعدوان والمذابح على أهل غزة وتتطالب فورا بوقف هذا العدوان فإن نفس قيادات هذه الدول السياسية تساند بالعتاد والمال والسلاح وتقف في ما يعرف بعصبة الأمم ضد إصدار مجرد قرار إدانة أو مطالبة بوقف هذا العدوان ومن المعروف أن هذه القررات لن تنفذ كما هو حال القرارات الكثيرة السابقة التي لم ينفذها هذا الكيان. كشف لنا هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة، أننا شعوب تغط في سبات عميق فيما كان يعرف بمصلطح الرعاية وحماية المصالح من قبل الغير، حتى كشفت بهذا الصراع وهذه الأحداث الحقيقة، بأننا نعيش في الوهم وأن هذا الاعتقاد قد أكل وشرب عليه الزمن؛ فالحماية الحقيقة للأوطان يأتي من تصالحها مع شعوبها وتحقيق رغباته والإيمان العميق بمصالحه وبالتالي الدفاع عن تراب الوطن لا يأتي إلّا من أبناء الوطن. كشف لنا هذا الصراع والأحداث الجارية حالياً في غزة أهمية أن تجتمع الشعوب العربية والإسلامية وتتحد في أمر يخصها، فمنذ قرون لم تجتمع على أمر ما كما هو الحال الآن، وحتى وإن اختلفت القيادات على هذا الإجماع، وهذا الإجماع جاء نتيجة الأحداث التي تعرضت له غزة ومسلسل القتل والتنكيل الذي يتعرض له هذا الشعب الذي يطالب بحقه في إقامة دولته وظهر ذلك في كثير من المواقف كالمقاطعة ومحاولة إيصال المساعدات وغيرها. هذا الصراع والأحداث الجارية حاليا في غزة كشفت المستور، وعرفت الشعوب العربية والإسلامية على الأقل من هو عدوهم الحقيقي، وأن ما يحاك عليهم من دسائس كان هدفه هو حماية وجود هذه الكيان الغاصب، فوجوده مرهون بضعفهم وتشتتهم وتفرقهم وضعفهم.  كشف لنا هذا الصراع والأحداث الجارية حاليا في غزة، أن هناك من يحارب الإسلام وأن الخوف من أن يسود هذا الدين ومبادئ هذا الدين وقيمه الحنيفة هذا العالم هو أكبر هاجس يقض مضجع البعض، وحتى وإن أعلنوا وبينوا غير ذلك، فبدا واضحا للعيان لماذا يتهم المسلمون بالإرهاب وغيره من تهم، وظهر من يرعى التنظيمات المسلحة ويطلق عليها المسميات التي تصلق بالإسلام، وظهر من يتبنى بعض الحوادث هنا وهناك لكي يلصق بالإسلام والمسلمين التهم بالعنف والتمرد وخلق الفوضى بين الشعوب. كشف هذا الصراع والأحداث الجارية في غزة، أنه لا معنى للخوف عند حضور الحق الدامغ، ولا معنى للعيش عند غياب الكرامة، ولا تعرف قيمة التضحيات إلا من أجل الشرف، وأنه مهما طال الزمن أو قصر ستنتصر العدالة وكما يقولون لايضيع حق وراؤه مطالب. كشف لنا هذا الصراع والأحداث الجارية حاليًا في غزة قيمة الأوطان وتراب الأوطان، وأن قوة الأوطان تأتي من الداخل، فقد تهدم أي شيء وتعيد بناءه إلّا الأوطان إذا هُدِمَت من الصعب بناؤها من جديد.

هذا غيض من فيض، وهناك الكثير لا حصر له، وفي فضاء مفتوح يقبل مختلف الآراء، ويبقى السؤال: هل هذا الصراع مع هذا الكيان الصهيوني نعمة أم نقمة على العرب والمسلمين؟

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عقدان من مشروع الشهيد القائد.. شعارُ الصرخة يعرّي مخطّطات الصهيونية

يمانيون/ استطلاع تطل الذكرى السنوية للصرخة واليمن يخوضُ حربًا ضروسًا ومباشرة ضد قوى الاستكبار العالمي أمريكا و(إسرائيل)؛ إسنادًا لغزة وانتصارًا لمظلوميتها؛ ما يعكس جدوى المشروع القرآني الذي أطلق مداميكه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي في العام 2001م.

بعد حادثة تفجير البرجَينِ في نيويورك الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وتبنِّي الجماعات التكفيرية الحادثة، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الحرب على ما يسمى بالإرهاب قائلًا جملته المشهورة: “من لم يكن معنا فهو ضدنا”، في تصريح واضح وصريح على النوايا الأمريكية في الحرب على الإسلام وانتهاك أراضيه.

 وبدلًا عن اتِّخاذ موقف مضادٍّ ورافض لتلك التصريحات الأمريكية العدائية، تسابق العديد من الأنظمة العربية والإسلامية إلى تأييد الموقف الأمريكي، مؤكّـدين تعاونهم المطلق مع أمريكا في حربها ضد ما يسمى بـ “الإرهاب”!، لتبدأ أمريكا مشروعها الاستعماري والتآمري على الدول العربية والإسلامية.

وفي الوقت الذي يتماشى زعماء وملوك ورؤساء وعلماء ومثقفو الدول العربية والإسلامية مع المشروع الأمريكي المستهدِفِ للأُمَّـة الإسلامية، أعلن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوانُ الله عليه) رفضَه التامَّ للمشروع الأمريكي قائلًا: “نحن ضدكم وسنتصدى لكم” معريًا بالوثائق والأدلة الدامغة الروايةَ الأمريكية المزعومة بشأن حادثة الـ11 من سبتمبر، كاشفًا الغايةَ من تبنِّي تلك الرواية المفضوحة.

وعلى إثر ذلك أطلق الشهيد القائد شعار الحرية المتمثل في “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لـ(إسرائيل)، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، مؤسِّسًا بذلك مشروعه القرآني الذي مثَّل لحظةً فارقةً في التاريخ؛ وهو ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تتحَرّك فورًا لمحاربته ومحاولة القضاء عليه.

وفي الوقت الذي تحَرّك الشهيد القائد “رضوان الله عليه” هو وثُـلَّةٌ من رفاقه المنتمين إلى المشروع القرآني؛ لنشر الثقافة القرآنية بإمْكَانياتهم البسيطة، شنت السلطة الظالمة على المشروع القرآني حروبًا عدوانية طاحنة استمرت رحاها ستةَ أعوام لتخلِّفَ الآلافَ من الشهداء والمصابين.

آنذاك لم تكتفِ السلطةُ بما تمتلكُه من ترسانة عسكرية كُبْرى في حربها على فئةٍ قليلةٍ من المواطنين المستضعَفين لا يفقهون شيئًا عن المعارك، بل حرصت السلطةُ الظالمةُ على طلب المساندة من عشراتِ الدول.

وتظهر وثائق سرية تم الحصول عليها إبان ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة 2024م إشرافًا أمريكيًّا مباشرًا على السلطة خلال سنوات الحرب بَدءًا من 2004م وُصُـولًا إلى عام 2009م.

وتفصحُ وثائقُ أُخرى عن قيامِ أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بالرصد ورسم الخرائط وتسليمها للسلطة.

وتكشف مذكرة رسمية عن حجم الخسائر المادية والبشرية التي مُنِيَت بها السلطةُ في حروبها ضد صعدةَ من تاريخ 2004م وحتى 2008م، حَيثُ بلغ عددُ الشهداء والمصابين تسعةَ عشرَ ألفًا وسبعَ مئةٍ وستةَ أفراد، وبكلفة مالية تُقَدَّرُ بـ 23 مليار ريال.

ومن معالم التأييد الإلهي لحَمَلَةِ المشروع القرآني أن تلك الحروب الظالمة لم تقضِ على المشروع كما رسمت السلطة وإنما أسهمت في اتساع نطاقِه ليصلَ إلى العديد من المحافظات، لتمثلَ ثورةُ الحادي وعشرين من سبتمبر المستوحاةُ من عُمقِ الثقافة القرآنية ميلادًا جديدًا ليمنٍ يسودُه الأمنُ والاستقرارُ شعارُه الحريةُ والاستقلال.

وبعدَ عقد وعام من التصدِّي والمواجهة لقوى تحالف العدوان توجِّـهه في الخفاء قوى الهيمنة والاستكبار، تطلُّ الذكرى السنوية لمشروع الصرخة واليمنُ في أوج قوته يواجهُ مباشرةً قوى الشر العالمي أمريكا و(إسرائيل)؛ نصرةً لمظلومية العصر غزةَ ليصبح اليمنُ أُعجوبةَ الحاضر والمستقبل.

وحول هذا السياق يؤكّـدُ مستشار المجلس السياسي الأعلى محمد طاهر أنعم أن “الموقفَ اليمني التاريخي والبطولي والاستثنائي في مساندة غزة ثمرةٌ من ثمار المشروع القرآني”.

مثّل الإسنادُ اليمني لغزةَ منذُ معركة السابع من أُكتوبر 2023م وحتى اللحظة نافذةَ المشروع القرآني صوبَ العالم، ليلتحقَ مئاتُ الأدباء والمثقفين والعلماء من مختلف دول العالم بالمشروع.

وفي هذه الجزئية يؤكّـدُ الباحثُ في الشؤون السياسية والدينية الدكتور الجزائري نور الدين أبو لحية أن “المشروعَ القرآني استطاع النهوض بالأمة الإسلامية وإخراجها من متاهة التيه والصراعات الداخلية، جاعلًا من مواجهة اليهود بُوصلة للتحَرّك”.

بدوره يؤكّـدُ الكاتب والباحث السياسي التونسي زهير مخلوف أن “الصرخة مشروعٌ عالمي يحملُ قِيَمَ ومبادئ وأخلاق الدين الإسلامي الحنيف وليس شعارًا يخُصُّ فئةً معينةً دونَ غيرها.

بعد عقودٍ طويلةٍ من تنفيذ المؤامرات اليهودية على الأُمَّــة الإسلامية ونفاذها في تدجين وإضعاف المسلمين يأتي المشروعُ القرآني كمنقِذٍ للمسلمين يلمْلِمُ شتاتَهم ويوحِّدُ صفوفَهم.

 

نقلا عن المسيرة نت

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تجدد رفضها للخطة الصهيونية لإدخال المساعدات إلى غزة
  • الأردن يدعو لوقف فوري لجريمة الإبادة الصهيونية في غزة
  • استشاري: أكبر خطأ يقع فيه من يبني حاليا هو عدم وجود المشرف على العمل
  • تشريح: الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد
  • خالد الجندي: الرضا أعظم نعمة.. والبلاء قد يكون سببًا في إدراك نعم عظيمة
  • عقدان من مشروع الشهيد القائد.. شعارُ الصرخة يعرّي مخطّطات الصهيونية
  • خالد الجندي: نركز على المال والمظاهر.. والغنى الحقيقي هو الاستغناء
  • تشريح :الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد!
  • عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
  • حماس تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف جرائم الإبادة الصهيونية في غزة