عربي21:
2025-08-14@15:02:23 GMT

مصير النظام الإيراني بعيد المواجهة مع إسرائيل

تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT

كما هي العادة في العالم العربي، هناك الكثير من الجدل والاستقطاب حول ما انتهت إليه الجولة الأخيرة من التصعيد بين إسرائيل وإيران بعد مرور 12 يوماً على إنطلاقها. إيران أعلنت الإنتصار على إسرائيل والولايات المتّحدة الأمريكية، ودعت الى الإحتفال في ساحة النصر. كذلك فعل أنصار إيران في العالم العربي. 

الرئيس الإيراني قال إنّ إيران ليست كغزة أو لبنان التي لا تستطيع الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.

أمّا الحرس الثوري، فقد قال إنّ عملية "بشائر الفتح" ـ التي أطلق فيها صواريخ ضد قاعدة العديد في قطر، مسجلا بذلك أول اعتداء صاروخي إيراني على دولة خليجية ـ أجبرت الولايات المتّحدة وإسرائيل على طلب وقف الحرب. المرشد الأعلى علي خامنئي أكّد أنّ بلاده دمّرت القدرات العسكرية الإسرائيلية وهزمت الولايات المتّحدة. وفقاً لهذا التوصيف، لا يوجد أدنى شك عند هؤلاء أنّ النظام الإيراني انتصر ولم يتعادل حتى!

المرشد الأعلى علي خامنئي أكّد أنّ بلاده دمّرت القدرات العسكرية الإسرائيلية وهزمت الولايات المتّحدة. وفقاً لهذا التوصيف، لا يوجد أدنى شك عند هؤلاء أنّ النظام الإيراني انتصر ولم يتعادل حتى!الجانب الإسرائيلي أعلن في بداية العدوان الذي أطلقه أنّ لديه ثلاثة أهداف رئيسية من الحملة على إيران تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي وسياسة إيران الخارجية (الأذرع). إسرائيل دمّرت منشآت إيران النووية الأساسية فوق الأرضي، واغتالت عدداً كبيراً من العلماء الأساسيين في البرنامج النووي، ودمرت المنشآت العسكرية والمعدات العسكرية التي من المفترض بها أن تحمي البنية التحتية النووية. علاوةً على ذلك، تكفّلت أمريكا بتدمير المنشآت المهمة الأخرى تحت الأرض، لاسيما منشأة فورد. ومع أنّه يوجد نقاش حول تداعيات الضربة الأمريكية ضد فورد، فإنّ البرنامج النووي الإيراني سيتوقف لمدة من الزمن من دون أدنى شك بانتظار تقييم وضع فورد والمنشآت للحكم على مدة الإيقاف.

أمّا برنامج إيران الصاروخي، فقد دمّرت إسرائيل عدداً مهماً من مخازن الصواريخ ومنصات الإطلاق والمنشآت المتعلقة بتصنيع الصواريخ.  وخلال اليوم الثالث من الهجوم، قدّرت إسرائيل بأنّها دمرت 40% من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية. وقد ترافق ذلك مع إطلاق إيران حوالي 650 صاروخا خلال الـ12 يوماً، أي ما يوازي حوالي ثلث مخزونها من الصواريخ القادرة على الوصول إلى إسرائيل على أقل تقدير، تمّ اعتراض غالبيتها الساحقة وسقط منها 35 صاروخا داخل إسرائيل.

وتفسر هذه المعطيات مجتمعة تراجع قدرة إيران على إطلاق الصواريخ مع الوقت مقارنة بالأيام الثلاث الأولى من المواجهة، من حوالي 165 صاروخ في اليوم الاول الى حوالي 17 صاروخ في اليوم ما قبل الأخير، وذلك اعتمادا على توافر الموارد ومنصات الإطلاق ونوع الصواريخ المطلوبة وغياب السيطرة الجوية الإسرائيلية عن الأجواء الإيرانية.

ويجادل أنصار النظام الإيراني أنّ إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها وأنّ وجود النظام الإيراني دليل على ذلك على اعتبار أنّ الإطاحة بالنظام كانت على رأس أولويات الهجوم الإسرائيلي. والحقيقة أنّ الإطاحة بالنظام الإيراني لم تكن أولوية وليست كذلك.  لكن الجانب الإسرائيلي لم يمانع طبعاً في استغلال الهجمات لإضعاف النظام الإيراني إلى أقصى حد ممكن وتحريض الداخل الإيراني عليه لتقويض سلطته وإغراقه في نزاعات داخلية تزيد من ضعفه وتتيح لإسرائيل دوماً إمكانية زعزعته والضغط عليه. بقاء النظام الإيراني ضعيفا وتحت الضغط ومن دون أوراق ومستباح السيادة من الخارج والداخل أفضل في الحسابات الإسرائيلية والأمريكية من إيجاد بديل في الوقت الحالي حتى وإن كان موالياً لهما.

فالنظام الإيراني أثبت على الدوام ـ بما في ذلك خلال المواجهة الأخيرة ـ أنه ليس نظاما انتحاريا، فلا هو يريد الموت انتحاراً أثناء المعركة، ولا هو يريد خوض مواجهة مع إسرائيل. كما أثبتت التجربة العملية أنه نظام يمكن التفاهم معه على مساومات وتسويات. وحقيقة إنّه قد دخل في تفاهمات سابقة مع إسرائيل وأمريكا خلال مراحل مختلفة منذ العام 1979، دليل إضافي على ذلك. ولهذا السبب بالتحديد، عارضت الولايات المتّحدة مخطط إسرائيل اغتيال المرشد خلال الأيام الأولى من الحملة، وقامت الأخيرة بإضعافه وتقويض شرعيته وعزله عن دائرته المحيطة من بعد اغتيال المقربين منه.

النظام الإيراني قائم على فكرة محاربة إسرائيل وأمريكا، وعندما جاءته الحرب، لم يكن يريدها ولم يكن جاهزاً  لها. لقد سنحت له عدّة فرص ذهبية أثناء أكتوبر 2023، وأثناء تدمير إسرائيل لحزب الله، وأثناء التصعيدين المباشرين مع إيران عام 2024. فضلاً عن ذلك، تصرف النظام الإيراني بغباء شديد عندما ادعى النصر في كل هذه المواجهات لاسيما التي حصلت هذا الشهر. هذا الوضع أدى وسيؤدي لاحقاً إلى إضعاف النظام الإيراني لأقصى درجة وتقويض شرعيته الداخلية. الاختبار الأولى سيكون في شكل الاتفاق الذي سيتم مع الولايات المتّحدة الأمريكية.

النظام الإيراني أثبت على الدوام ـ بما في ذلك خلال المواجهة الأخيرة ـ أنه ليس نظاما انتحاريا، فلا هو يريد الموت انتحاراً أثناء المعركة، ولا هو يريد خوض مواجهة مع إسرائيل. كما أثبتت التجربة العملية أنه نظام يمكن التفاهم معه على مساومات وتسويات.وعلى الرغم من أنّه سيتم الحرص خلال أي صفقة محتملة على أن يحفظ النظام الإيراني ماء وجهه، إلاّ أنّ اللعبة باتت معروفة للداخل والخارج. أمّا إذا لم تتم الصفقة، فإن احتمال قيام إسرائيل أو أمريكا بضرب النظام سيبقى قائماً على اعتبار أنّ ليس للنظام ما يحميه عسكرياً بعد أن تمّ استباحته بالكامل، أرضاً وجواً. حتى على المستوى الداخلي، فإنّ حجم الاختراقات المهولة لبنية النظام الإيراني من قبل عملاء إسرائيل تُعدّ مؤشراً قوياً على مدى اهتراء النظام داخلياً.

كل هذه العوامل تسرّع من تآكل قدرات وشرعية النظام بشكل يجعل من امكانية تغييره مستقبلا من خلال العوامل الداخلية أمراً محتملاً لا بل منطقياً. باستطاعة النظام تغيير هذا المسار طبعاً اذا ما نجح في إعادة بناء شرعيته من جديد، لكن ليس على أرضية شعارات مواجهة إسرائيل وأمريكا، وإنما على أرضية التواضع والانفتاح الحقيقي على الجوار العربي الخليجي والشامي تحديداً، وعلى بناء أجندة مشتركة للعمل الإقليمي تتيح لإيران التقاط النفس وإعادة بناء قدراتها على المدى المتوسط والبعيد. لكن هناك ثلاث مشاكل في هذا الطرح. أولاً، استمرار المرشد الحالي يعدّ عائقا أمام مثل هذا السيناريو. ثانياً، عدم التوصل إلى اتفاق نووي مع أمريكا سيصعّب من امكانية تحقّق السيناريو. وثالثاً، أنّ النظام الإيراني قد يمنعه غروره وتكبّره من اتخاذ الخطوة الأولى نحو التصالح مع النفس والإقليم. يبقى أنّ الشيء الأكيد أنّ النظام الإيراني لم يرد مواجهة إسرائيل، ولا يريد مواجهتها، ولن يقوم بذلك مستقبلاً.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه إسرائيل إيران الحرب إيران إسرائيل امريكا رأي حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المت حدة النظام الإیرانی مع إسرائیل هو یرید

إقرأ أيضاً:

هيومن رايتس ووتش: قصف إسرائيل لسجن إيفين الإيراني جريمة حرب مفترضة

قالت هيومن رايتس ووتش إن القصف الإسرائيلي الذي استهدف سجن إيفين في العاصمة الإيرانية طهران في 23 يونيو/حزيران 2025، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا، بينهم سجناء سياسيون وذووهم وموظفو السجن، يشكّل "جريمة حرب مفترضة" لغياب أي هدف عسكري واضح، ولوقوعه خلال ساعات الزيارة.

وأوضحت المنظمة الحقوقية، في تقرير صدر أمس الأربعاء، أن الهجوم دمّر أجزاء واسعة من المجمع الذي يحتجز مئات المعارضين والنشطاء، مؤكدة استنادًا إلى شهادات ناجين وأقارب ضحايا وصور أقمار صناعية أن الضربات أصابت قاعة الزيارة، والعيادة الطبية، ومباني إدارية، ومخازن، إضافة إلى أجنحة تضم سجناء رأي.

وبينما بررت تل أبيب الهجوم بأنه "ضربة لمؤسسة قمعية"، شددت هيومن رايتس ووتش على أن قوانين الحرب تحظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، بما فيها السجون، ما لم تتحول إلى أهداف عسكرية مؤكدة، وهو ما لم يثبت في حالة إيفين.

رمز القمع وضحايا القصف

يقع سجن إيفين في الحي الأول شمال طهران، ويحتجز أكثر من 1,500 سجين، من بينهم نشطاء وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان. الناجون رووا للمنظمة مشاهد الانفجارات المتتالية وسط صرخات الزوار والسجناء، مؤكدين انتشال جثث من تحت الأنقاض، بينهم أطباء وموظفون وحراس، إلى جانب سجناء سياسيين.

اتهامات متبادلة وإفلات من العقاب

إسرائيل قالت إن الهجوم جاء ردًا على هجمات إيرانية على مدنيين في أراضيها، بينما نفت إيران وجود أي نشاط عسكري داخل السجن، واعتبرت القصف "دليلًا على استهداف المدنيين بشكل متعمد". وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن الطرفين يمتلكان سجلًا طويلًا من الإفلات من المحاسبة في الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب.

دعوات لتحقيق دولي

دعت المنظمة إلى تحقيق مستقل وشامل في الانتهاكات التي ارتكبها طرفا النزاع بين 13 و25 يونيو/حزيران، مشددة على أن استهداف سجن مدني مكتظ يُعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، قد يرقى إلى جريمة حرب.

إيران: الهجوم الإسرائيلي على "سجن إيفين" جريمة حرب مفترضة https://t.co/phAcVau7jw — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 14, 2025

برغم أن سجن إيفين ارتبط في الذاكرة الإيرانية والعالمية بملفات القمع السياسي، فإن قصفه ـ بحسب هيومن رايتس ووتش ـ أعاد إلى الواجهة أسئلة ملحّة حول حدود العمل العسكري المشروع، وكلفة النزاعات على المدنيين، خصوصًا أولئك الذين وجدوا أنفسهم ضحايا مزدوجين بين سلطة السجن ونيران الحرب.

واندلعت الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية الأخيرة بين 13 و25 يونيو/حزيران 2025، في واحدة من أكثر جولات الصراع المباشر بين الطرفين دموية واتساعًا منذ عقود. بدأت المواجهات بهجمات صاروخية إيرانية استهدفت مدنًا ومناطق مأهولة في إسرائيل، تلتها ضربات جوية وصاروخية إسرائيلية على مواقع في عمق الأراضي الإيرانية، شملت منشآت عسكرية وبنية تحتية مدنية حساسة.

وتبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، وسط تقارير عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين، وتدمير واسع للممتلكات. ورغم توقف القتال بعد أقل من أسبوعين، فإن شدة الغارات واتساع نطاقها، بما في ذلك استهداف العاصمة الإيرانية طهران ومناطق حضرية إسرائيلية، أعادت النقاش الدولي حول مخاطر التصعيد المباشر بين قوتين إقليميتين مسلحتين، وإمكانية انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع.




مقالات مشابهة

  • توتر متصاعد.. الحوثيون يواصلون إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل
  • هيومن رايتس ووتش: قصف إسرائيل لسجن إيفين الإيراني جريمة حرب مفترضة
  • نتنياهو: معركتنا لا تقتصر على حماس… بل تشمل إيران ووكلاءها
  • عن مصير سلاح حزب الله.. ماذا قيل في إسرائيل؟
  • 21 ألف معتقل في 12 يوماً.. إيران تكشف حصيلة أوسع حملة أمنية خلال حربها مع إسرائيل
  • إيران تكشف عن اعتقال 21 ألف شخص خلال حربها مع إسرائيل
  • نائب الرئيس الإيراني: حديث أمريكا عن تصفير التخصيب في إيران نكتة سياسية كبيرة
  • إيران: اعتقال 21 ألف شخص بعد الحرب مع إسرائيل
  • إيران: اعتقال 21 ألف مشتبه به خلال الحرب مع إسرائيل
  • ترمب: على إسرائيل تحديد ما يجب فعله في غزة وحسم مصير حماس بالقطاع