في خطوة تعكس تحولًا نوعيًا في العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا، صدّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميًا على ملحق الاتفاق المبرم مع القاهرة، الذي ينص على سداد قرض مشروع محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي بدلًا من العملات الأجنبية التقليدية. هذا التحول لم يكن مجرد إجراء مالي، بل هو مؤشر على مسار جديد في السياسة الاقتصادية المصرية نحو تنويع الشراكات وتقليل الاعتماد على الدولار، في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تحديات متزايدة.

الضبعة النووية.. من الحلم إلى التنفيذ

يعود الاتفاق الأساسي بين مصر وروسيا إلى نوفمبر 2015، حين وُقِّع عقد إنشاء أول محطة طاقة نووية مصرية بمنطقة الضبعة في محافظة مطروح، بتمويل روسي ميسّر بقيمة 25 مليار دولار. المحطة، التي يتم تنفيذها من قبل شركة "روساتوم" الروسية، ستمثل نقلة نوعية في قطاع الطاقة المصري، حيث تضم أربعة مفاعلات من الجيل الثالث المطور (3+) باستطاعة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاواط. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أول مفاعل في عام 2028.

من الدولار إلى الروبل 

بحسب ما أعلنه نائب وزير المالية الروسي، فلاديمير كوليتشيف، فقد تم تعديل اتفاق سداد القرض في سبتمبر 2024، ليتحول إلى الروبل الروسي. هذا التغيير جاء نتيجة الصعوبات التي تواجهها القاهرة في سداد التزاماتها بعملات "غير مواتية"، وسط تقلبات أسواق الصرف العالمية وتحديات اقتصادية ضاغطة. وأوضح كوليتشيف أن مصر التزمت بسداد الأقساط المستحقة حتى بداية 2024، وتواصل حاليًا دفع الأقساط وفق الجدول المتفق عليه.

رأي خبير اقتصادي: فوائد متعددة لمصر

يرى الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، أن هذه الخطوة تمثل دفعة قوية لمشروع محطة الضبعة، الذي يُعد أحد أبرز مشروعات الطاقة في مصر. ويؤكد أن الانتقال إلى السداد بالروبل يُسهم في تسريع وتيرة التنفيذ، ويقلّل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية مثل الوقود السائل والغاز الطبيعي، مما يعزز من تنوع مصادر الطاقة في البلاد.

كما أشار إلى أن التخلي عن الدولار في سداد الأقساط يُخفف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي، ويُقلّل من الطلب على العملة الأمريكية، مما يساهم في استقرار سعر الصرف ويحدّ من التقلبات المرتبطة بالاحتياطي النقدي.

شراكة استراتيجية تمتد إلى المستقبل

من جانبه، يرى الدكتور معن أن هذه الترتيبات تعكس انسجامًا ماليًا قويًا بين مصر وروسيا، وقد تفتح الباب أمام اتفاقات مماثلة مع دول أخرى مثل الصين والهند. وأكد أن هذا يعزز من استقلالية القرار المالي المصري، ويمنح الاقتصاد الوطني مرونة أكبر في مواجهة الأزمات الدولية وسوق العملات العالمية.

تنويع سلة العملات.. سياسة اقتصادية جديدة

التحرك المصري يتماشى مع سياسة أشمل تنتهجها الدولة منذ فترة، تسعى من خلالها إلى تنويع سلة العملات المستخدمة في التعاملات الدولية. هذا التوجه يعكس إدراكًا متزايدًا لمخاطر الاعتماد المفرط على الدولار، خاصة مع تحركات البنك الفيدرالي الأمريكي التي كثيرًا ما تؤثر سلبًا على اقتصادات الأسواق الناشئة.

وبحسب معطيات رسمية، عززت مصر في العامين الماضيين تجارتها مع شركاء مثل الصين وروسيا والهند باستخدام العملات المحلية، وهي خطوة تساعد في امتصاص الصدمات الخارجية وحماية الاقتصاد من تقلبات أسواق المال العالمية.

قرار مالي بخلفية سياسية واقتصادية

يمثل سداد قرض الضبعة بالروبل الروسي قرارًا ماليًا مدروسًا، لكن صداه يتجاوز المعاملات البنكية إلى فضاء أوسع من الشراكات الجيوسياسية والاقتصادية. إنه تعبير عن مسعى مصري لتعزيز استقلال القرار الاقتصادي، وبناء علاقات دولية تقوم على التوازن والتنويع، وهو ما يفتح الطريق أمام مزيد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، بعيدًا عن القيود التي تفرضها هيمنة العملات الغربية.

طباعة شارك مصر روسيا الضبعة النووية مطروح دولار

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر روسيا الضبعة النووية مطروح دولار

إقرأ أيضاً:

نواب: الشراكة المصرية الأردنية نموذج للتكامل العربي .. والربط الكهربائي خطوة استراتيجية لدعم التنمية وجذب الاستثمارات

نواب البرلمان عن الشراكة المصرية الأردني: ستنعكس مباشرة على التنمية والاستثمارخطوة إستراتيجية لتعزيز أمن الطاقة وجذب الاستثمارات تدعم الأمن الاقتصادي العربي.. والربط الكهربائي يعزز الاستقرار


أشاد عدد من أعضاء مجلس النواب، بنتائج المباحثات التي عقدها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع نظيره الأردني الدكتور جعفر حسَّان، ضمن أعمال الدورة الثالثة والثلاثين للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، مؤكدين أن ما أعلنته مصر بشأن دعم الاستثمارات المشتركة والمضي قدمًا في تنفيذ مشروعات الربط الكهربائي يعكس رؤية استراتيجية لتعزيز التكامل العربي، وضمان أمن الطاقة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار. 

وأوضح النواب أن انتظام انعقاد اللجنة المشتركة يجسد الإرادة السياسية لدى البلدين للانتقال من مرحلة التنسيق السياسي إلى تنفيذ مشروعات اقتصادية وتنموية حقيقية على أرض الواقع، بما يحقق مصالح الشعبين ويعزز قوة الاقتصاد العربي.

برلمانية: مشروعات الربط الكهربائي مع الأردن ستنعكس مباشرة على التنمية والاستثماربرلماني: الربط الكهربائي مع الأردن خطوة إستراتيجية لتعزيز أمن الطاقة وجذب الاستثماراتمدبولي يؤكد استعداد مصر لدعم الاستثمارات المشتركة ومشروعات الربط الكهربائي مع الأردن180 مليون جنيه.. إجراء الربط الكهربائي للمدينة الطبية بكفر الشيخ

أشادت النائبة مرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بالمباحثات المثمرة التي عقدها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع نظيره الأردني الدكتور جعفر حسَّان، وما أسفرت عنه من تأكيد استعداد مصر لدعم الاستثمارات المشتركة والمضي قدمًا في مشروعات الربط الكهربائي بين البلدين، مؤكدة أن هذه الخطوات تأتي في إطار رؤية شاملة لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي.

وأوضحت الكسان لـ"صدى البلد"، أن العلاقات بين مصر والأردن تمثل نموذجًا فريدًا من التعاون القائم على المصالح المشتركة والثقة المتبادلة، مشيرة إلى أن مشروعات الربط الكهربائي ليست مجرد اتفاقيات فنية، بل هي مشاريع استراتيجية ذات مردود اقتصادي وتنموي مباشر، حيث ستساهم في تعزيز أمن الطاقة وخفض تكاليف الإنتاج وجذب استثمارات جديدة في قطاعات الصناعة والخدمات.

وأضافت عضو لجنة الخطة والموازنة أن انتظام انعقاد اللجنة العليا المشتركة يعكس الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين، والرغبة الحقيقية في الانتقال من مرحلة التنسيق إلى التنفيذ الفعلي للمشروعات على أرض الواقع، وهو ما يتماشى مع خطط التنمية المستدامة وتحقيق أهداف النمو الاقتصادي لكلا الشعبين.

وأكدت الكسان أن دعم الاستثمارات المشتركة يفتح الباب أمام فرص واسعة للتكامل الصناعي والتجاري، وزيادة حجم التبادل التجاري، وتوسيع نطاق التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة، الأمر الذي يعزز من قوة الاقتصاد الوطني ويرسخ مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة والتجارة.

واختتمت النائبة تصريحها بالتأكيد على أن ما يجمع مصر والأردن من روابط تاريخية واستراتيجية يجعل من الشراكة بينهما ركيزة أساسية لتدعيم العمل العربي المشترك، وتحقيق التنمية الشاملة التي تصب في صالح المواطن العربي.

كما، أكد النائب علي الدسوقي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن استعداد مصر لدعم الاستثمارات المشتركة مع الأردن، والمضي قدمًا في تنفيذ مشروعات الربط الكهربائي، يعكس رؤية استراتيجية واضحة تقوم على تعميق الشراكة الاقتصادية مع الدول العربية، بما يخدم المصالح المشتركة ويحقق التكامل الإقليمي.

وأضاف الدسوقي في تصريح خاص لــ"صدى البل"، أن اجتماع الدورة الثالثة والثلاثين للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة جاء ليؤكد أن العلاقات بين القاهرة وعمان ليست علاقات دبلوماسية عابرة، وإنما شراكة متجذرة تتطور باستمرار على كافة الأصعدة، خاصة في مجالات الطاقة، والتجارة، والصناعة، والاستثمار. مشيرًا إلى أن الربط الكهربائي بين البلدين يمثل ركيزة أساسية لضمان أمن الطاقة، ويفتح الباب أمام تصدير الفائض من الكهرباء، بما يحقق عوائد اقتصادية مباشرة ويسهم في تعزيز استقرار منظومة الطاقة في المنطقة.

وأشار عضو لجنة الشئون الاقتصادية إلى أن انتظام انعقاد اللجنة المشتركة بهذا الشكل يُعد نموذجًا يحتذى به للتعاون العربي الفاعل، حيث يتم الانتقال من مرحلة التنسيق السياسي إلى تنفيذ مشروعات اقتصادية حقيقية على الأرض، وهو ما يتماشى مع توجهات القيادة السياسية في مصر بضرورة تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافي والبنية التحتية المتطورة لفتح آفاق أوسع أمام الاستثمارات العربية.

وشدد الدسوقي على أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني من خلال جذب استثمارات جديدة، وتعزيز الصادرات المصرية إلى السوق الأردنية، وتوسيع مجالات التعاون الصناعي، فضلًا عن دعم قطاع الطاقة المتجددة الذي تمتلك فيه مصر مقومات كبيرة.

واختتم النائب تصريحه مؤكدًا أن ما يجمع بين مصر والأردن من روابط تاريخية ومصالح استراتيجية يجعل من التعاون الاقتصادي بينهما ركيزة أساسية لبناء تكتل عربي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة لكلا الشعبين.

أكدت النائبة إيفلين متى، عضو مجلس النواب، أن ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن استعداد مصر لدعم الاستثمارات المشتركة مع الأردن، والمضي قدمًا في تنفيذ مشروعات الربط الكهربائي، يعكس إدراكًا عميقًا لأهمية التكامل العربي في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وحرص القيادة السياسية على تحويل العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية مستدامة.

وأوضحت متى لـ"صدى البلد، أن الربط الكهربائي بين مصر والأردن يعد مشروعًا استراتيجيًا يحقق عدة أهداف متوازية، أهمها ضمان استقرار إمدادات الطاقة، واستغلال فائض الإنتاج المصري في دعم الشقيق الأردني، وفتح آفاق أوسع للتعاون في مجالات الطاقة المتجددة، بما يعزز من قدرة البلدين على جذب الاستثمارات الكبرى في هذا القطاع الحيوي.

وأضافت عضو مجلس النواب أن انتظام انعقاد اللجنة العليا المشتركة يعكس عمق العلاقات بين القاهرة وعمان، ويؤكد أن هذه الشراكة لا تقتصر على الجانب السياسي، بل تمتد لتشمل خططًا اقتصادية وتنموية طموحة، تسهم في رفع معدلات النمو، وتوفير فرص عمل، وتحسين بيئة الأعمال، بما ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين.

وأشارت متى إلى أن دعم الاستثمارات المشتركة في قطاعات الصناعة، والتجارة، والبنية التحتية، والطاقة، يمثل خطوة مهمة لتعزيز التبادل التجاري وزيادة تنافسية المنتجات المصرية والأردنية في الأسواق الإقليمية والعالمية، مؤكدة أن مثل هذه المبادرات تسهم في بناء اقتصاد عربي قوي ومترابط قادر على مواجهة الأزمات العالمية.

واختتمت النائبة تصريحها بالتأكيد على أن ما يجمع بين مصر والأردن من روابط أخوية وتاريخية يضعهما في موقع متميز لقيادة نماذج ناجحة من التعاون العربي، مشيرة إلى أن هذه الجهود تمثل امتدادًا لرؤية القيادة السياسية في البلدين لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
 

طباعة شارك الدكتور مصطفى مدبولي مصطفى مدبولي مجلس النواب نواب البرلمان

مقالات مشابهة

  • داماك العقارية تطلق مرحلة جديدة من مشروع ريفرسايد فيوز بخطط سداد مرنة تصل إلى 0.25% شهرياً
  • الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط في عام 2025
  • مناقشات حول مستقبل الطاقة المستدامة والإدارة الذكية للمرافق في ندوة اقتصادية بصلالة
  • وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات نمو الطلب العالمي على النفط
  • وكالة الطاقة الدولية ترفع توقعاتها لإمدادات النفط في 2025
  • عجز قياسي وضرائب جديدة.. تكلفة اقتصادية باهظة قد تعرقل قرار احتلال غزة
  • وزير الاستثمار: مستهدفات لمضاعفة التبادل التجاري مع كوت ديفوار وتطوير الشراكات في الطاقة والتعدين
  • نواب: الشراكة المصرية الأردنية نموذج للتكامل العربي .. والربط الكهربائي خطوة استراتيجية لدعم التنمية وجذب الاستثمارات
  • برلماني: الربط الكهربائي مع الأردن خطوة إستراتيجية لتعزيز أمن الطاقة وجذب الاستثمارات
  • خطوة في طريق مسدود.. قراءة إيرانية في زيارة وفد الطاقة الذرية لطهران