وسرعان ما بدأت تلك الشبكات بالتساقط واحدة تلو الأخرى بعد تحركات مضادة واسعة من قبل أجهزة الأمن الإيرانية، التي نجحت في كشف عشرات العناصر، وتفكيك مجموعات كانت تعمل بشكل سري منذ أشهر وربما سنوات، ضمن مخطط أكبر للضغط على طهران وإرباك خطوطها الخلفية أثناء المواجهة.

هذا الانكشاف لم يقتصر على إيران فحسب، بل أعاد تسليط الضوء على شبكات الموساد في عموم الإقليم، خصوصاً في اليمن، التي تحتل موقعاً مركزياً في خارطة الاهتمام الاستخباراتي الإسرائيلي.

اليمن، بتاريخها الجيوسياسي الحساس وموقعها المطل على باب المندب، تمثل نقطة ارتكاز استراتيجية لأي مشروع استخباراتي معادٍ للمقاومة ومحور المواجهة.

وعلى مدار العقود الماضية، لم تكن الأراضي اليمنية بعيدة عن أنشطة التجسس التي قادها الموساد، سواء عبر واجهات استخباراتية أجنبية أو عبر وسطاء محليين. وقد سُجلت عدة محاولات تم إحباطها من قبل الأجهزة الأمنية اليمنية، كشفت عن توجه إسرائيلي حثيث نحو تجنيد عناصر محلية أو اختراق المؤسسات من الداخل.

مع انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، اتخذ الموقف اليمني منحىً تصعيدياً واضحاً، معلناً انحيازه الصريح إلى جانب المقاومة الفلسطينية، ودخل خط المواجهة من خلال عمليات بحرية وجوية استهدفت مصالح العدو في البحر الأحمر ومحيطه. وقد أربك هذا الانخراط المفاجئ وغير المتوقع كل حسابات الكيان، الذي يبدو أنه لم يكن مستعداً للتعامل مع جبهة جديدة في جنوب شبه الجزيرة العربية، ذات قدرة على التأثير المباشر في شريان تجارته البحري وأمنه الإقليمي.

وبالرغم من تفوق الكيان الإسرائيلي تكنولوجياً، وفوقيته العسكرية من حيث العتاد والتقنيات، إلا أن محاولاته للعمل العسكري المباشر ضد اليمن كانت ضعيفة النتائج وفاشلة عملياً. مصادر عسكرية إسرائيلية لم تُخفِ أن العمليات الإسرائيلية في اليمن لم تحقق أهدافها، وأرجعت ذلك إلى “غياب العنصر البشري” على الأرض، في إشارة مباشرة إلى فشل شبكات الموساد في إيجاد مصادر محلية موثوقة يمكن الاعتماد عليها في جمع المعلومات أو توجيه العمليات. وقد شكل هذا الفشل دافعاً إضافياً لدى الموساد لإعادة تنشيط عمله في اليمن، وتعويض الخلل في البنية الاستخباراتية.

من هنا، دخل الموساد في طور جديد من محاولاته داخل اليمن، مستعيناً بدول العدوان التي ترتبط به بعلاقات أمنية وتنسيقية، لا سيما السعودية والإمارات. وقد حاولت هذه الأطراف، بدفع إسرائيلي، تفعيل خلايا تجسس وتجنيد عناصر جديدة على الأرض اليمنية، غير أن عمليات الأجهزة الأمنية اليمنية كانت حاسمة وسريعة، حيث تم إسقاط معظم هذه الشبكات وتفكيكها قبل أن تترسخ أو تحقق أي تقدم فعلي، مما أعاد المشروع الاستخباراتي الإسرائيلي إلى نقطة الصفر تقريباً.

الموساد بطبيعته يعتمد على مزيج من الأساليب الكلاسيكية والحديثة في التجنيد، مستفيداً من الوسائل السيبرانية، والاستقطاب النفسي والإيديولوجي، بالإضافة إلى الإغراءات المادية. وغالباً ما يستهدف الأشخاص الذين يعانون من أزمات مالية، أو أولئك القريبين من المراكز الحساسة. يُقدَّم التعاون في البداية على أنه عمل معلوماتي عابر أو خدمة بسيطة، قبل أن ينزلق المجنّد إلى شبكة كاملة من التورط الأمني الذي يصعب التراجع عنه. هذه الأساليب ليست بغريبة عن الواقع اليمني، مما يستدعي بقاء المجتمع في حالة وعي ويقظة مستمرة.

وهنا يأتي دور الإعلام الوطني كخط دفاع أول، ليس في نشر الأخبار فحسب، بل في بناء الوعي، وكشف الأساليب الخفية التي تستخدمها أجهزة مثل الموساد. من خلال التحقيقات الاستقصائية، البرامج الوثائقية، والمبادرات التوعوية، يمكن للإعلام أن يفضح هذه المخططات ويمنح المواطن أدوات الحذر والتفكير النقدي، خصوصاً في بيئة حرب شاملة لا تقتصر على الصواريخ والطائرات، بل تمتد إلى الأجهزة، والشاشات، والرسائل الخادعة.

وفي هذا السياق، يتحول كل مواطن يمني حر وشريف إلى شريك أمني فاعل، ليس من خلال حمل السلاح فقط، بل من خلال الانتباه والإبلاغ، وعدم التساهل مع أي نشاط مشبوه. فالمعركة مع أجهزة كالموساد لا تخاض فقط على مستوى الأجهزة المختصة، بل هي معركة وعي وموقف، يكون فيها كل فرد نقطة فاصلة بين النجاح أو الفشل، الأمن أو الاختراق. والشجاعة هنا لا تتمثل فقط في مواجهة العدو بالسلاح، بل في الوقوف… وقوة فاعلة في رسم توازنات المنطقة.

 ولعل فشل الموساد في اليمن، رغم محاولاته المتكررة، ليس إلا مؤشراً إضافياً على يقظة مجتمع بدأ يعي دوره في معركة أوسع من الحدود، وأعمق من الجغرافيا.

الثورة نت

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الموساد فی فی الیمن من خلال

إقرأ أيضاً:

ضبط 358 قضية جلب مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة

شنت أجهزة وزارة الداخلية بمختلف مديريات الأمن على مستوى الجمهورية، حملة أمنية مكبرة أسفرت جهودها خلال24 ساعة عن تحقيق النتائج الإيجابية التالية:

 

ضبط قضايا حيازة مواد مخدرة

فى مجال ضبط قضايا المخدرات ضبط (358) قضية جلب مواد مخدرة، بإجمالي (398) متهما، ومن أبرز نتائجها ضبط كمية من مخدر الحشيش وزنت أكثر من (270 كيلو جراما)، كمية من مخدر الهيدرو وزنت أكثر من (42 كيلو جراما)، كمية من مخدر البانجو وزنت أكثر من (29 كيلو جراما)، كمية من مخدر الهيروين وزنت أكثر من (11 كيلو جراما)،  كمية من مخدر الآيس وزنت أكثر من (10 كيلو جرامات)،  (8036) قرصا مخدرا.
 

ضبط أسلحة نارية

فى مجال ضبط قضايا الأسلحة النارية والبيضاء ضبط 162 قطعة سلاح نارى بحوزة 136 متهما، فى مجال تنفيذ الأحكام تنفيذ (73879) حكما قضائيا متنوعا، فى مجال ضبط المتهمين الهاربين: ضبط عدد (13) متهما، وفي مجال ضبط القائمين بأعمال البلطجة، تم ضبط عدد (23) متهما، فى مجال ضبط الدراجات النارية المخالفة : ضبط عدد (250) دراجة نارية مخالفة، فى مجال ضبط المخالفات المرورية، ضبط (25183) مخالفة مرورية متنوعة، فى مجال فحص السائقين، فحص (65) من سائقي السيارات على الطرق السريعة للكشف عن تعاطيهم المواد المخدرة، وتبين إيجابية (14) منهم.

 




مقالات مشابهة

  • قناة عبرية: الموساد يشارك في التحقيق بالهجوم الذي وقع في أستراليا
  • أزمة المياه المالحة تشعل غضب القرنة وتضع محافظ البصرة في مرمى الاستقالة
  • بعد تجربة تمثيلية فاشلة بإسرائيل.. رونالدو يتأهب للمشاركة في أحد أهم الأفلام الأميركية
  • الخارجية اليمنية: عيدروس الزبيدي لا يمكنه إعلان الإنفصال وما حدث شرق اليمن كان مفاجئًا
  • ضبط 121 مخالفة مرورية متنوعة فى حملات أمنية خلال 24 ساعة
  • ضبط 358 قضية جلب مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة
  • كدمات باليد اليمنى ومكياج لإخفائها.. تساؤلات متصاعدة حول الوضع الصحي لترامب
  • مقارنة بين حارس مرمى بيراميدز ومحمد الشناوي | أيهما أفضل
  • بعد إصابة النعيمات… إغلاق باب التعويض الخارجي والتعمري خارج قائمة “النشامى” في كأس العرب
  • هيئة الآثار تنشر القائمة الـ30 بالآثار اليمنية المنهوبة