سودانايل:
2025-06-13@11:31:20 GMT

محادثات جنيف.. هل تنعش مسار ثورة ديسمبر؟

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

صلاح شعيب

يظن كثير من قادة ومؤيدي المؤتمر الوطني المحلول وحلفائه – بجانب بعض تيارات الإسلاميين – أن ما ترتب على ثورة ديسمبر قد قُبر، وبالتالي جبت الحرب ما قبلها. هذا تصور متوهم، ولا يقوم على ساق من البصارة السياسية. فثورة ديسمبر الذي أنهت ممارسات الاستبداد وضعت سقفاً لمستقبل الحكم في البلاد: ديمقراطية كاملة الدسم تستعيد سلطة الحكم الرشيد.

ولكن الحرب كانت الترياق المضاد.

في الواقع، ليس من المهم أن يكون الجانب المدني المنفذ لهذه التطلعات المستقبلية متمثلاً بالضرورة في قوى تقدم التي ورثت تحالف الحرية والتغيير، أو الجذريين، أو أية جهة تكنوقراطية، أو نشطاء مستقلين، إنما المهم هو أن تؤول مسؤولية الانتقال إلى قطاع مدني ليس إسلاميو المؤتمر الوطني أعضاء فيه بالضرورة. ذلك لأن ثورة ديسمبر التي شارك فيها كلُ قطاعات الشعب السوداني ما عدا رعاة المشروع الحضاري، وانتهازية، ومنتفعيه، ما هي إلا التسوية التاريخية لبناء الدولة المدنية، وستظل حية خاتمة لآمال ديمقراطية بدأت منذ الاستقلال.

ولذلك لا يمكن أن يرضى الشعب السوداني أن تؤول السلطة السياسية في حال نجاح محادثات سويسرا، والتوصل بعدها إلى العملية السياسية، لسلطة لا تؤمن بتحقيق شعارات ثورة ديسمبر. هذه الشعارات نشدت أولاً استرداد الحكم المدني فحسب، وثانياً التخلص من إرث المشروع الحضاري برمته، وثالثاً محاكمة مجرميه المليئة أياديهم بالدماء وجيوبهم بالمال الحرام، ورابعاً إعادة تأهيل الخدمة المدنية والقوات النظامية، وخامساً ترسيخ حكم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وسادساً التوافق على عقد مؤتمر دستوري يعالج مسألة كيفية الإشراك العادل للسودانيين جميعاً في السلطة، وسابعاً مخاطبة التظلمات التاريخية لمناطق النزاع، وثامناً حل معضلة علاقة الدين بالدولة، وتاسعاً تمكين فيات المرأة والشباب، وعاشراً إقامة علاقات دبلوماسية مع العالم وفقاً لما تقتضيه مصلحة البلاد.

على الأقل هذه كانت بعضاً من أحلام النشطاء السودانيين المستنيرين الثوريين الذين لا يمكن احتيالهم وبجانبهم كل سائر أبناء وبنات الشعب الذي يؤمنون بالديمقراطية، لا استئناف الاستبداد بقناني جديدة. ولا شك في أن التضحيات العظيمة التي بذلتها قطاعات نضالية سودانية في المئة عام الماضية لتحقيق المشروع النهضوي السوداني ستتجدد عند كل منعطف ديكتاتوري. ولذلك يكون من الجهل لو أننا تصورنا أن هذه التطلعات الديمقراطية يمكن الالتفاف حولها بعد أي عملية سياسية توقف الحرب سلمياً، أو في حال انتصار أحد طرفي الصراع.

محاولة الإسلاميين للضغط على البرهان لعدم التوجه نحو جنيف مفهوم عند استيعابنا لجوهر الأسباب التي قادتهم للقذف بشرارة الحرب في وقت يستميتون بجهد خرافي لإنكار هذه الحقيقة. وحتى الآن الشواهد المادية كلها، وقرائن الأحوال، تثبت أن الوحيدين الذين لديهم مصلحة في إشعال الحرب هم الإسلاميون العسكريون والمدنيون لإحياء الاستبداد. ومع كل ذلك يكذب الذين يدافعون عنهم، ويكذبون، ويكذبون، حتى يصدقهم الناس. ولكنا نعتقد أن الوعي الجمعي السوداني المؤثر سياسياً لن تنطلي عليه هذه الأكاذيب المخلوطة بمساعٍ أخرى تقلل من أهمية ثورة ديسمبر. وتعمل أيضاً على تشويه حقائق الفترة الانتقالية، واستهداف رموز الثورة عبر خطة إعلامية محكمة تستند إلى استراتيجية شريرة لغسل دماغ الناس. وأخيراً، وليس آخراً، اختطاف الرأي العام بما تيسر للكيزان من مال منهوب لتمويل منصات إعلامية كلاسيكية، وحديثة، لتكريس الغش السياسي.

ليس المهم في مفاوضات سويسرا إنهاء الحرب فقط لإعانة الشعب السوداني بممرات إنسانية تنقذه من الكارثة الوجودية الفادحة. بل إن المؤمل أيضاً في المسهلين لهذه المفاوضات الضغط على الطرفين. صحيح أن الخطاب السياسي للدعم السريع يؤكد في بياناته الرسمية بأنه يريد استرداد الحكم المدني للشعب، في وقت لا يعترف الإسلاميون بالثورة، وحيث تراجعت تصريحات القادة العسكريين عن الإيمان بضرورة استئناف المسار الديمقراطي. ولكن هناك حاجة إلى توثيق التزامات الدعم السريع المعلنة في هذا الصدد عبر توصيات مؤتمر جنيف لو انعقد، والضغط على الجيش وتذكيره بالتزاماته المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وهي في الواقع السبيل الأوحد لإعادة المهنية لهذا القطاع الذي دمرت كفاءته سنوات المشروع الحضاري.

إن مفاوضات سويسرا حتماً ستركز على أولوية الجانب الإنساني، وكيفية التوصل إلى حل لمعاناة المواطنين في البلاد والمعابر، بيد أن الوصول إلى نتائج العملية السياسية التي تفضي إلى حكومة مدنية يتطلب أهمية توافق المدنيين المشاركين في إسقاط نظام البشير من أجل إمساك القوى المدنية بزمام الأمر في مرحلة ما بعد توقف الحرب. ونرى أن هذا التوافق هو صمام الأمان، ودونه سيظل التقدميون والجذريون بلا فاعلية في المشهد السياسي. وذلك ما يعني تعريض الانتقال نحو الديمقراطية إلى الفشل مرة ثانية، وعندها يتحمل الطرفان المسؤولية بقدر متساوٍ مهما بلغت تبريرات كل طرف في أنه هو الذي كان في الموقف الصحيح.

لو نجحت محادثات جنيف في إيقاف الحرب، فإن الكرة ستعود إلى المدنيين الذين شاركوا في الثورة، فهل تراهم يتحدون مرة أخرى لوراثة الانتقال نحو الديمقراطية؟

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ثورة دیسمبر

إقرأ أيضاً:

أبوظبي تستضيف سباق «الفورمولا- 1» في حلبة ياس 4 ديسمبر

دبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة شرطة أبوظبي تستقبل حجاج الدولة بالورود والهدايا في مطار زايد الدولي قائد «شرطة أبوظبي» يطّلع على منظومة عمل مركز أبوظبي لإدارة المواد الخطرة

يظهر اسم دولة الإمارات على مسرح رياضة السيارات العالمي لعام آخر، بعد تأكيد أجندة بطولات العالم الرئيسية لعام 2026، والتي تقام بإشراف الاتحاد الدولي للسيارات (FIA).
وسيقام سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا- 1 في أبوظبي على حلبة مرسى ياس في الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر العام المقبل، وذلك ضمن بطولة تشهد الجيل القادم من سيارات الفورمولا- 1، التي تعمل بالوقود المستدام 100%.
وتم تأكيد ذلك في اجتماع المجلس العالمي لرياضة السيارات (FIA)، الذي عقد في ماكاو برئاسة محمد بن سليم رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، بحضور كبار ممثلي الاتحاد في المؤتمر السنوي للاتحاد الدولي للسيارات.
وتضم بطولة العالم للفورمولا- 1 لعام 2026 مرة أخرى ثلاث جولات أخرى في الشرق الأوسط، في البحرين في الفترة من 10 إلى 12 أبريل، وقطر في الفترة من 27 إلى 29 نوفمبر وأبوظبي سباق الجائزة الكبرى مسك ختام الموسم التقليدي في الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر.
وتنظم المملكة العربية السعودية مجدداً في جدة سباقات متتالية «للفورمولا إي» ضمن بطولة العالم «للفورمولا إي» بإشراف الاتحاد الدولي للسيارات في الفترة من 13 إلى 14 فبراير العام المقبل، في حين ستقام في الشرق الأوسط أيضاً أربع جولات من بطولة الفورمولا- 2 لعام 2026 بالتزامن مع سباقات الفورمولا- 1 في البحرين والمملكة العربية السعودية وقطر وأبوظبي.
ومرة أخرى، ينطلق رالي داكار في المملكة العربية السعودية مطلع العام المقبل فاتحة جولات بطولة كأس العالم للراليات الصحراوية الطويلة بإشراف الاتحاد الدولي للسيارات، في الفترة من 3 إلى 17 يناير، بينما يُقام رالي المغرب في الفترة من 28 سبتمبر إلى 3 أكتوبر، ورالي أبوظبي الصحراوي في الفترة من 22 إلى 27 نوفمبر، وتمثل البحرين منطقة الشرق الأوسط في روزنامة الفورمولا 3 المكونة من عشر جولات.
وفي هذا السياق، قال محمد بن سليم، رئيس الاتحاد الدولي للسيارات (FIA)، لأعضاء المجلس العالمي لرياضة السيارات: «يُثبت عام 2025 أنه عام مثير في جميع بطولاتنا، حيث نحقق إنجازات تكنولوجية، ونشهد ظهور مواهب جديدة، ونخوض معاركَ حامية على الحلبة وفي مختلف المراحل كل أسبوع».
وأضاف: «يُشكل هذا العام فرصة قيّمة لنا للابتكار والنمو. حيث تُطلق الاتفاقيات الجديدة في بطولاتنا العنان لإمكانات جديدة، ونُعزز مستوى المنافسة ونُوسع نطاقنا العالمي. ويؤكد كل سباق في بطولاتنا شغف مجتمعنا وتفانيه».
وقد وافق المجلس العالمي لرياضة السيارات على إحدى القطع الأخيرة من اللغز المُلح الذي يُشكل بداية حقبة جديدة كلياً لبطولة العالم للراليات (FIA) اعتباراً من عام 2027.
فقد خضعت مجموعة قوانين بطولة العالم للراليات (WRC27) للتحسينات والتحديثات النهائية على مدار الأشهر الستة الماضية، ويُرسّخ تأكيد الأحجام المرجعية لهياكل السيارات في ماكاو التزام الاتحاد الدولي للسيارات بوضع المرونة في صميم هذه اللوائح.
ولتحقيق ذلك، تُحدّد القوانين منطقة يجب أن تتواجد فيها جميع ألواح هيكل السيارة، ولكن ضمن هذه المساحة يتمتع الصانعون والمصنعون بحرية تغيير حجم ودمج أي تصميم تقريباً.
وهذا يعني أنه، دون التأثير على الأداء، يُمكن مشاركة سيارات تتراوح من سيارات الصالون إلى سيارات الهاتشباك، وسيارات الكروس أوفر، والتصاميم المُخصّصة بالكامل، خلال دورة اللوائح التي تمتد لعشر سنوات وصولاً لعام 2037.

مقالات مشابهة

  • موسكو وكييف تعلنان تبادل دفعة جديدة من الأسرى .. و14 جريحا بغارات ليلية على خاركيف
  • الطلح يتجدد.. ومحمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية تنعش غطاءها النباتي وتُعيد التوازن البيئي
  • هل يتراجع مسار السلام بين روسيا وأوكرانيا تحت ضربات التصعيد؟
  • أكاديمي فلسطيني: حل الكنيست قد يحدث تحولا دراماتيكيا في مسار الحرب على غزة
  • وزارة الخارجية بالحكومة الليبية: لم ننخرط في الصراع السوداني بأي شكل من الأشكال
  • أبوظبي تستضيف سباق «الفورمولا- 1» في حلبة ياس 4 ديسمبر
  • إبراهيم العنقري: الخلل في الأدوات التي تنفذ المشروع الرياضي
  • الجيش السوداني يتهم قوات خليفة حفتر بمهاجمة مواقع حدودية
  • ما هي فصائل السلام التي شكلتها بريطانيا لقمع ثورة الفلسطينيين؟
  • نواة الجيش السوداني التي يريد آل دقلو القضاء عليها واستبدالها بلصوص ومرتزقة