شعبان بلال (القاهرة) 

أخبار ذات صلة بريطانيا ترفض عنف اليمين المتطرف ضد المهاجرين القطوسي يهدي تونس «ذهبية» في التايكواندو

حذر خبراء ومحللون سياسيون من استمرار تدفق موجات الهجرة غير الشرعية عبر تونس رغم محاولات صدها خلال الفترة الماضية، مطالبين بضرورة معالجة الأسباب المؤدية لهذه الظاهرة وضرورة تنمية أفريقيا خاصة دول الساحل والصحراء.

 
وتشهد تونس تدفقات مئات المهاجرين غير النظاميين شهرياً، ويتعرض الكثيرون منهم للغرق في البحر المتوسط، ويتمكن آخرون من دخول تونس أو العبور من خلالها إلى أوروبا. 
وذكر الباحث السياسي التونسي بولبابة سالم أن هناك أسباباً وراء استمرار تدفق موجات المهاجرين، على رأسها شبكات المهربين العابرة للحدود والتي تنشط في ظل ضخامة أعداد المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، لافتاً إلى أنه من المتوقع وصول العدد إلى 65 مليون شخص خلال الـ50 سنة المقبلة إلى شمال أفريقيا وتونس، منطقة العبور نحو أوروبا. 
وأوضح بولبابة، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن معالجة الظاهرة يجب أن يكون بتنسيق واستراتيجية مشتركة بين كل دول المغرب العربي، خاصة وأن النزاعات وعدم الاستقرار والتغيرات المناخية ستزيد من تدفق أفارقة جنوب الصحراء في موجات هجرة. 
وأمس الأول، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، أن 166 مهاجراً من جامبيا اختاروا العودة طواعية إلى بلادهم في رحلة جوية بعد أن تقطعت بهم السبل في تونس. 
ومن جانبه، بيّن رئيس منتدى تونس الحرة حازم القصوري أن الأسباب الحقيقية لارتفاع تدفق الهجرة إلى تونس تعود بالأساس إلى المستجدات المتسارعة نتيجة الانسحاب الغربي من دول الساحل والصحراء وارتفاع وتيرة التوتر والنزاعات المسلحة، وهو ما فرض على السكان الإسراع بالمغادرة نحو أوروبا والمرور بتونس كممر آمن.
وقال القصوري، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إن الوضع يفرض على دول المنطقة ضرورة إيجاد طرق لكبح هذه الهجرة، ومعالجة الأوضاع الإنسانية في الدول الطاردة لسكانها، موضحاً أن هذا السبب هو الذي دفع تونس لطرح مبادرة لعقد قمة عالمية لوضع خطة دولية للمعالجة الشاملة لملف الهجرة. 
ومن جانبه، وصف المحلل السياسي التونسي منذر ثابت ملف الهجرة غير الشرعية بالمعقد والمركب، مشيراً إلى أن تونس لا يمكنها مواجهة هذه الظاهرة بمفردها في ظل زيادة الأزمة خلال الفترة الأخيرة، حيث تواجه تونس وضعاً دقيقاً وليس في إمكانها أن تواجه هذه الموجات المدفوعة بشبكات إجرامية. 
وشدد ثابت، في تصريحات لـ«الاتحاد»، على ضرورة وجود اتفاق جاد مع بلدان الاتحاد الأوروبي ومعالجة عميقة لأسباب الهجرة عبر مؤتمر دولي وإمكانيات حقيقية وإلا ستنحرف الأوضاع وتتجه لأزمة بين أفريقيا وأوروبا التي يمكن أن تدفع الثمن غالياً.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: تونس الهجرة غير الشرعية الهجرة إلى أوروبا مكافحة الهجرة الهجرة غير النظامية أزمة الهجرة

إقرأ أيضاً:

حين تمنح المفردات الشرعية: تنبيه للإعلاميين السودانيين

ها قد أعلنت قوات الدعم السريع وأتباعها من المدنيين والحركات المتمرّدة تشكيل حكومةٍ سرعان ما بدأ الإعلام في الإشارة إليها بمصطلح (حكومة تأسيس). يعكس هذا الإعلان، في جوهره، تحوُّلاً في الإستراتيجية بعد فشل الدعم السريع في إحكام السيطرة على العاصمة، والتمدُّد شرقًا وشمالًا. أمام هذا العجز، جاء هذا الإعلان على سبيل التعويض الرمزي بإنشاء كيانٍ مدني ورقي يحاول التغطية على القصور العسكري، وترسيخ وجودٍ إعلامي افتراضي يخلق شرعيةً بديلة، ربما تمهيدًا لدورٍ تفاوضي دولي أو قبول سياسي إقليمي. غير أن الأخطر من هذا الإعلان في ذاته هو كيفية التعامل معه إعلاميًا.

وسط هذه المعمعة، يجب أن نُذكّر بأن اللغة ليست محايدة، وفي ظلّ بيئات النزاع، كالتي نعايشها الآن، لا تكون اللغة مجرَّد وسيلة للتوصيل، بل تتحوَّل إلى أداة صراعٍ رمزي. ومن نافلة القول إن مسؤولية الإعلام لا تتوقَّف عند نقل الأحداث، بل تشمل كيفية توصيفها. وحين تصبح اللغة أداة شرعنة أو تجريم، فإن التدقيق في كلّ مصطلح واجبٌ مهني وأخلاقي.

في سياق الإعلان المشار إليه آنفًا، فإن استعمال الإعلاميين والكتّاب والمراسلين مصطلح (حكومة تأسيس) وما في حُكْمِه بلا تحفُّظ من شأنه إضفاء شرعيةٍ ذهنية وسياسية غير مستحقَّة؛ إذْ ترسّخ هذه الاستعمالات في اللاوعي الجمعي صورةً لكيانٍ حقيقي وفاعل ومستقر. ومع التكرار، يحدث ما يسمّيه علماء النفس واللسانيات بـ(تثبيت المفهوم بالاعتياد)؛ أي أن شيوع الكلمة يُنتج واقعًا جديدًا في ذهن المتلقّي في الداخل والخارج، ويدفعه تكرارها بلا تفكيكٍ أو تشكيك إلى التعامل مع هذا الكيان الورقي كما لو كان سلطةً ماثلة، تمتلك صفات الدولة ومؤسَّساتها. وهنا يتسرَّب الوهم إلى الإدراك العام، ويصبح الإعلام شريكًا، عن غير قصد، في تعويم كيانٍ بلا مشروعية، وربما في إرباك الرأي العام، وإضعاف وضوح الصراع الحقيقي الذي يدور في البلاد بين دولةٍ تُختطَف، وميليشيا تحاول تلبُّس ثوب المدنية.

هناك أمثلة كثيرة في التاريخ الحديث يتجلَّى فيها دور اللغة في ترسيخ مفاهيم قد تكون غير دقيقة أحيانًا، أو لترويج تصوُّراتٍ محدَّدة في أحيان أخرى. فعلى سبيل المثال، كرَّرت وسائل الإعلام اسم تنظيم الدولة الإسلامية في سنواته الأولى كما هو، وهو ما ساهم في ترسيخ صورة (الدولة) في ذهن الرأي العام العالمي. لاحقًا، صحَّحت المؤسسات الإعلامية الكبيرة مسارها، وبدأت تقول (ما يُسمَّى بالدولة الإسلامية)، أو تستعمل المختصر (داعش) أو كلمة (تنظيم) لتُضعِف فكرة الدولة. كما أدَّى ترديد كلمة (الشرعية) في عبارة (الحكومة الشرعية في اليمن) إلى تكريس هذه الصورة ذهنيًا، حتى بدت وكأنها تملك زمام السلطة فعليًا، رغم وجودها في الخارج.

ودأبت بعض وسائل الإعلام على تجنُّب مصطلح (إسرائيل) إلا في حالات الاقتباس، والاستعاضة عنه بعبارة (الكيان الصهيوني)، واستعمال مصطلح (قوات الاحتلال) أحيانًا بدلاً من (القوات الإسرائيلية)، مقاومةً للاعتراف الرمزي، وهو قرارٌ لغوي نابع من موقفٍ سياسي واضح.
هذه الحساسيَّة في اختيار الألفاظ مهمّة جدًا، لأنها تعكس المواقف؛ فعلى سبيل المثال، وصفت قناة الجزيرة أزمة قطر مع دول الخليج عام 2017 بـ(الحصار)، بينما سَمّتها القنوات السعودية والإماراتية (مقاطعة)، وهو ما يعكس اختلافًا في الزاوية السياسية والإعلامية لتأطير الأزمة. وعلى نحوٍ مماثل، كانت الجزيرة تصف الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2013 بأنها (انقلاب)، بينما صوَّرتها وسائل إعلام أخرى على أنها (ثورة)، وهو اختلافٌ تحريري يعكس التوجُّه السياسي لكلّ وسيلة. كما لوحظ اعتماد الإعلام السعودي كلمة (وفاة) عند الحديث عن قتلى سعوديين أو مقيمين، مقابل استعمال كلمة (قتل) ومشتقَّاتها عند الإشارة إلى قتلى الحوثيين. هذا التباين ليس لغويًا فحسب، بل يعكس موقفًا تحريريًا من كلّ حالة، ويُظهِر كيف يُستعمَل اللفظ للتقليل من وقع الخسائر (الوطنية)، أو لتأجيج العداء تجاه الآخر. وبالنظر إلى مصطلح (suicide bomber)، فقد تباينت ترجماته حسب القناة والسياق، فتراوحت بين (انتحاري)، و(فدائي)، و(استشهادي).

من هذا المنطلق، نوصّي الإعلاميين السودانيين والمدوّنين، وحتى الكُتَّاب في منشوراتهم الشخصية على وسائط التواصل الاجتماعي، بعدم استعمال مصطلح (حكومة تأسيس)، بل الاستعاضة عنه بعبارات مثل، (كيان تأسيس)، أو (ما يُعرَف بحكومة تأسيس)، أو (الكيان المدني التابع لقوات الدعم السريع) بحسب السياق. ولمَّا كانت الكلمة موقفًا، والتوصيف مسؤولية، فلا تمنحوا الشرعية مجانًا لهذا الكيان الذي وُلِد ميتًا، وهو أقرب إلى ورقة ضغطٍ سياسية وإعلامية من مشروع دولةٍ بديلة. هذا الكيان قد يعيش بعض الوقت بوصفه مظلةً تجميلية لقوةٍ عسكرية غير شرعية، لكنه لا يملك في صيغته الحالية مقوّمات السيادة، أو الديمومة، أو القبول الشعبي والدولي.

والأخطر من الاعتراف الضمني بهذه الكيانات هو تطبيع وجودها عبر التكرار اللغوي. وهذا ما يجب أن يتفاداه الإعلامي المسؤول؛ لأن الكلمات، في نهاية المطاف، ليست أدوات نقلٍ فحسب، بل أدوات خلقٍ للواقع أو تشويهه.
فمن يُعيد للمفردات حيادها؟ ومن يحمي الوعي من سطوة التكرار؟
خالد محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محلل مالي: انتعاش الجنيه المصري أمام الدولار يعكس تدفقات العملات الأجنبية من صفقات الاستثمار
  • خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى
  • ليبيا والنيجر تبحثان سبل التعاون في ملف «الهجرة غير الشرعية»
  • التمساح ألكاتراز.. سجن أنشأه ترامب لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين
  • الغرف السياحية: ليس لنا علاقة بإلغاء الحج البري ولم تصدر عنا أي تصريحات
  • خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول ثالثة
  • آيات الرقية الشرعية مكتوبة.. حصن نفسك بالقرآن من العين والحسد
  • بلان يختبر لياقة خماسي الاتحاد قبل مواجهة فولهام
  • حزب الاتحاد: تصريحات الرئيس السيسي تؤكد ثوابت مصر الوطنية تجاه القضية الفلسطينية
  • حين تمنح المفردات الشرعية: تنبيه للإعلاميين السودانيين