قبول ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية في تونس بينهم سعيّد
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
تونس- أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس السبت 10اغسطس2024، قبول ثلاثة مرشحين أوليا من بينهم الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 2021 ويسعى الى الفوز بولاية ثانية وسط انتقادات لكونها "محسومة" لصالحه.
وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي "بعد دراسة دقيقة للمطالب" تم قبول ثلاثة مرشحين من أصل 17 طلبا هم الرئيس التونسي قيس سعيّد والأمين العام ل"حركة الشعب" زهير المغزاوي والسياسي العياشي زمّال.
واضاف أن رفض بقية الملفات سببه إما نقص عدد تواقيع التزكيات وإما عدم احترامها شرط التوزيع حول الجهات، "ولم يرفض أي طلب بسبب بطاقة السجلات العدلية".
ويخول القانون الانتخابي المرشحين المستبعدين اللجوء إلى الطعون لدى المحاكم قبل اعلان القائمة النهائية مطلع أيلول/سبتمبر المقبل.
ويرى خبراء أن الطريق إلى الانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس المنتخب ديموقراطيا في عام 2019 والذي تفرّد بالسلطة قبل ثلاث سنوات ويسعى لولاية ثانية.
ويشيرون إلى أن معايير قبول الترشيحات صارمة، عبر اشتراط تأمين تزكيات من عشرة برلمانيين أو 40 مسؤولا محليا منتخبا، أو 10 آلاف ناخب مع ضرورة تأمين 500 تزكية على الأقل في كل دائرة انتخابية، وهو أمر يصعب تحقيقه.
كما اشترطت الهيئة حصول المرشح على ما يعرف "بالبطاقة عدد 3" وهي وثيقة تثبت السوابق العدلية للشخص وتمنحها وزارة الداخلية. واشتكى العديد من المرشحين من عدم التمكن من الحصول عليها.
وزهير المغزاوي (59 عاما) هو الأمين العام ل"حركة الشعب" وداعم لمسار وقرارات سعيّد منذ العام 2021.
أما العياشي زمال فيترأس "حركة عازمون" وهو نائب سابق.
ومن بين المرشحين البارزين الذين تم رفض ملفاتهم من قبل الهيئة، الوزير السابق قبل ثورة 2011 المنذر الزنايدي ورئيسة "الحزب الدستوري الحرّ" المسجونة عبير موسي.
والجمعة، أعلن مرشحون انسحابهم من السباق الرئاسي قبل اعلان الهيئة بسبب عدم تمكنهم من جمع تواقيع التزكيات الضرورية وعدم حصولهم على "البطاقة عدد 3"، ومنهم الناشط السياسي والكاتب الصافي سعيد الذي قال في بيان "كدت أن أشارك في مسرحية +وان مان شو+ قصيرة جدا ورديئة جدا".
وسعيّد (66 عاما) الذي انتُخب ديموقراطيًا في تشرين الأول أكتوبر 2019 بنسبة تصويت فاقت سبعين في المئة، احتكر قبل ثلاث سنوت كامل الصلاحيات الدستورية وأقر دستورا جديدا في البلاد وانتخابات تشريعية ومحلية في الفترة الممتدة بين 2022 و2024.
وبعد إقرار دستور جديد عزز فيه من صلاحياته، وانتخاب برلمان جديد بسلطات محدودة للغاية، أعلن سعيّد مؤخرًا أنه يسعى لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 6 تشرين الأول/أكتوبر.
وأكد العديد ممن أعلنوا نيتهم الترشح للانتخابات أنهم واجهوا "تضييقات" وملاحقات قضائية في حقهم.
والإثنين أصدرت محكمة قراراً بسجن أربعة مرشحين، من بينهم رجل الأعمال والإعلام نزار الشعري، ووجهت اليهم تهماً تتعلق بتزوير تواقيع التزكيات.
- "تدهور الحقوق" -
ودانت محكمة مساء الاثنين المعارِضة عبير موسي بتهم مختلفة، من بينها التآمر على الدولة، وقضت بسجنها عامين، وذلك بموجب المرسوم الرقم 54 الخاص بمكافحة نشر الأخبار الكاذبة، بعد اتهامها بانتقاد هيئة الانتخابات.
وكانت زعيمة "الحزب الدستوري الحر" قدّمت ملف ترشحها للانتخابات الرئاسية عبر محاميها.
ويقول المحلل السياسي حاتم النفطي لفرانس برس إنها "انتخابات محسومة" قبل أن تبدأ "لأنه تم اقصاء كل المنافسين الذين لديهم حظوظ" أمام سعيّد.
وفي نهاية تمّوز/يوليو، وبعد زيارة استمرت أربعة أيام واجتماعات متعددة مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار إنها "منزعجة من التدهور الشديد في الحقوق" في البلاد التي كانت مهد ما يسمى "الربيع العربي".
واضافت كالامار أنها في بداية الحملة الرئاسية، "لاحظت أن القمع الحكومي يغذي الخوف بدلاً من المناقشات الحية للمشهد السياسي التعددي"، منددة ب"الاعتقالات التعسفية" للمعارضين، و"القيود والملاحقات القضائية" ضد بعض المرشحين وسجن الصحافيين.
ويكرر سعيّد في مناسبات مختلفة أن "الحريات مضمونة في البلاد".
ولم يتغير الوضع الاقتصادي والاجتماعي مقارنة بما كان عليه قبل وصول سعيّد للحكم، بل يرجح خبراء الاقتصاد أنه "تراجع كثيرا".
وتشهد تونس المثقلة بالديون (أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي) تباطؤاً في النمو (يتوقع أن يكون دون 2% هذا العام)، وارتفاعاً في معدلات البطالة (16%)، مما يغذي ظاهرة الهجرة غير القانونية إلى أوروبا.
وزاد قرار سعيّد إقالة رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني وتعيين وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدّوري خلفا له الأربعاء، المشهد السياسي توترا وغموضا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.
وكان سعيّد أعلن خوضه الانتخابات من أجل "مواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية" وتلبية "للواجب الوطني المقدس".
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
العراق.. أحزاب بالمئات ومستقبل غامض!
تعصف بالعراق هذه الأيّام موجة من التصريحات والتصريحات المضادّة والمتعلّقة "بتغيير مرتقب بشكل ما في البلاد"، وبالذات مع الحديث عن احتمالية إقرار قانون "تحرير العراق من إيران" في الكونغرس الأمريكيّ!
وبعيدا عن جميع التصريحات التي يبدو أنّ تداعياتها قد تظهر خلال الأشهر القادمة فإنّ هذه الوعود الوهميّة، أو الحقيقية، مُتضاربة! فهنالك مَن يقول بأنّ التغيير سيكون خلال الشهر القادم، وهنالك مَن يقول خلال تشرين الأوّل/ أكتوبر القادم، وأمثالها الكثير من الوعود التي لا تُطعِم جائعا ولا تُضمِّد جرحا، وهذه التصريحات بالمجمل زرعت الربكة في غالبيّة مؤسّسات الدولة العراقيّة!
وممّا زاد ربكة حكومة بغداد الزيارة "الضخمة" لرئيس حكومة إقليم كردستان العراق "مسرور البرزاني" لواشنطن، قبل أسبوع، ولقاؤه بعشرات كبار المسؤولين، وتوقيعه عقودا تتعلّق بالغاز والنفط بأكثر من 110 مليارا دولار!
رغم هذه التحدّيات تستمرّ القوى الحاكمة بتجاهل الواقع والحلم باستمرار العمليّة السياسيّة في بلاد تَعجّ بمئات الأحزاب الكبرى والصغرى والتحالفات!
وبعد ساعات من توقيع العقود قال وزير الخارجيّة الأميركيّ ماركو روبيو خلال جلسة استماع بمجلس النوّاب، ردا على مداخلة للنائب جو ويلسون: "النفوذ الإيرانيّ في العراق يتوسّع، ويُهدّد مصالحنا، ويشكّل خطرا جسيما على الولايات المتّحدة"!
والتطوّر الأكبر الجديد وقع قبل يومين، وتمثّل بعودة أزمة الرواتب بين بغداد وأربيل، وإصرار وزارة الماليّة على عدم دفع رواتب بقيّة العام بحجّة أنّ الإقليم "تجاوز مستحقّاته من موازنة العام 2025" قبل إقرارها!
والأزمة الآن على أشدّها، وقد تَقْصم ظهر العمليّة السياسيّة بالكامل وفقا لتهديدات بعض القادة الكرد! ورغم هذه التحدّيات تستمرّ القوى الحاكمة بتجاهل الواقع والحلم باستمرار العمليّة السياسيّة في بلاد تَعجّ بمئات الأحزاب الكبرى والصغرى والتحالفات!
وذكرت في مقالي السابق في صحيفة "عربي21" الغرّاء أنّ محمد شياع السوداني يحاول استغلال قمّة بغداد العربيّة لترتيب "وضعه الانتخابيّ، ولتكون دعاية كبيرة لحزبه ومن المال العامّ"!
وتأكيدا لهذا الكلام أُعلن في بغداد يوم 20 أيّار/ مايو 2025 أنّ السوداني سيخوض الانتخابات النيابيّة المقبلة، تحت خيمة تحالف "ائتلاف الإعمار والتنمية"، لتحقيق حلم السوداني بولاية ثانية!
ويضمّ الائتلاف تيار السوداني "الفراتين"، و"ائتلاف الوطنيّة" بزعامة أياد علاوي، و"تحالف عطاء" بزعامة فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبيّ، و"تحالف إبداع كربلاء"، وغيرهم، وهؤلاء جميعا قد يدعمهم مقتدى الصدر، رغم إعلان مقاطعته للانتخابات المقبلة!
ومَن يُدقّق في تحالف السوداني يَجده يمثّل طَيْفا واحدا من العراقيّين، وهذه نقطة ضعف واضحة وبعيدة عن الشعارات المتداولة! وفي المقابل يُعتبر التحالف الجديد انشقاقا كبيرا عن "الإطار التنسيقي الشيعيّ" بقيادة نوري المالكي، المتحكّم الفعليّ بغالبيّة مفاصل الدولة!
ورغم أنّ بعض السياسيّين يؤكّدون إمكانيّة حصول تحالف السوداني على 70 مقعدا من مجموع 329 مقعدا، إلا أنّ الأمر ليس بهذه السهولة، لا من الناحية الواقعيّة السياسيّة، ولا من ناحية التحكّم العمليّ بنتائج الانتخابات، ولكنّ المؤكّد أنّ الانتخابات المقبلة، إن جَرَت، ستكون مرحلة منافسات ضخمة داخل "البيوتات الشيعيّة السياسيّة"!
وقبل أسبوعين كشفت مفوّضيّة الانتخابات العراقيّة عن عدد الأحزاب المجازة، وهو 343 حزبا، وهنالك 60 حزبا قيد التأسيس، وهذا يعني أنّ مجموعها أكثر من 400 حزب، و60 تحالفا! والسؤال: من أين ستُنْفِق هذه الأحزاب والتحالفات على حملاتها الانتخابيّة؟
وقد حذّر البرلمانيّ العراقيّ "سجاد سالم"، يوم 23 أيار/ مايو 2025، من أنّ "الانتخابات البرلمانيّة المقبلة ستشهد أعلى نسبة استخدام للمال السياسيّ في تاريخ البلاد"!
ين هي الحرّيّة وأين أموال الشعب، ونحن نتحدّث عن أكثر من تريليون و500 مليار دولار دخلت للبلاد من واردات النفط لوحدها، بينما الواقع مؤلم ومرهق، وبالذات مع تهالك الواقع الصحّيّ، وفقدان الكهرباء، وتخريب المنظومة الاقتصاديّة، واستمرار عمليّات التهريب، والمناحرات المجتمعيّة، وتفشّي المخدّرات وغيرها من المآسي!
علّمنا الواقع السياسيّ أنّ الدول لا تُبنى بكثرة الأحزاب والتحالفات، وهنالك دول في المنطقة لا يوجد فيها أيّ حزب، أو فيها بضعة أحزاب، إلا أنّها قمّة في الجوانب السياسيّة والأمنيّة والإنسانيّة والخدميّة والصحّيّة! ومعلوم بأنّ البناء السياسيّ يقوم على وحدة القرار وليس على كثرة الأحزاب!
ويبقى السؤال: هل كثرة الأحزاب دليل على الديمقراطيّة والحرّيّة؟ الحقيقة الديمقراطيّة والحرّيّة لا تكون بكثرة الأحزاب، بل بقيادات وطنية نقيّة تستخدم المال العامّ لبناء الوطن وخدمة المواطن! فأين هي الحرّيّة وأين أموال الشعب، ونحن نتحدّث عن أكثر من تريليون و500 مليار دولار دخلت للبلاد من واردات النفط لوحدها، بينما الواقع مؤلم ومرهق، وبالذات مع تهالك الواقع الصحّيّ، وفقدان الكهرباء، وتخريب المنظومة الاقتصاديّة، واستمرار عمليّات التهريب، والمناحرات المجتمعيّة، وتفشّي المخدّرات وغيرها من المآسي!
هذا التناحر العامّ يتنامى في وقت حلّ فيه العراق في المرتبة 146 من أصل 151 دولة بمؤشّر "جودة النخبة" العالميّ، الذي نشر يوم 23 أيار/ مايو 2025، ويقيس مدى إسهام النخب الحاكمة في تحقيق منفعة عامّة للمجتمع، مقابل السعي لتحقيق مكاسب شخصيّة، متقدّما على اليمن وسوريا والسودان وهايتي وأفغانستان فقط!
ويعتمد هذا المؤشّر العالميّ على أربعة أبعاد، وهي "السلطة السياسيّة والقيمة السياسيّة، والقوّة الاقتصاديّة والقيمة الاقتصاديّة"!
فأين الواقع العراقيّ من المؤشّرات العالميّة المتعلّقة بالتنمية الاقتصاديّة، والتنمية البشريّة، والسلام، والأمن الصحّيّ، والحوكمة وغيرها؟!
وللحقيقة، لا يوجد اليوم أيّ تمثيل عادل لغالبيّة المكونات العراقيّة، بل هنالك تحالفات معظمها لتقسيم خيرات الوطن بين الشخصيات والكيانات السياسيّة! مَن أراد أن يكون صادقا في تمثيل الناس، عليه أن يجعل كرامتهم وحرّيّتهم فوق جميع الحسابات السياسية.
x.com/dr_jasemj67