الجزيرة:
2025-12-14@16:40:55 GMT

لن نتوقف عن الصراخ من أجل السودان.. فهل تسمعون؟

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

لن نتوقف عن الصراخ من أجل السودان.. فهل تسمعون؟

"سمعنا انفجارا ولم نتمكن من تحديد مكانه، وعندما استقبلنا أوّل مجموعة من الناس، أبلغونا بوقوع إصابات جماعية وأن مزيدا من الأشخاص يتدفقون نحو المستشفى، كان هناك قصف في الثورة 92، ووصل قرابة 110 ضحايا إلى مستشفى النوّ بسبب هذا الحادث الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا".

"ووصل أيضا حوالي 20 شخصا توفوا بعد ذلك مباشرة، وبعضهم وصل ميتا بالفعل، كما جاء معظمهم بأيدي أو أرجل "معلقة" أو مبتورة، بعضها يحتوي فقط على جزء صغير من الجلد يبقي الطرفَيْن متصلَيْن معا، وجاء أحد المرضى بساق مبتورة، وتبعه مقدّم الرعاية حاملا الطرف المفقود في يده.

حتى لو مررت بالقرب من المكان، كان بإمكانك رؤية الجرحى على الأرض. لقد ارتُكبت مجزرة في محيط المرفق بأكمله".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يتجه المغرب نحو انفراج حقوقي وسياسي جديد بعد العفو الملكي؟list 2 of 2مسيرات ضد العنصرية في بريطانيا والشرطة تتأهب رغم الهدوءend of list

جاءت هذه الشهادة على لسان أحد العاملين في مجال الرعاية الصحية في أم درمان، بولاية الخرطوم، في السودان، مايو/أيار 2024، عقب انفجار وقع في حي سكني. لكنّ مشاهد الرعب هذه ليست حالة منفردة، فما هذه إلا إحدى الحوادث الكثيرة التي أدت إلى الإصابات الجماعية التي دأب العاملون في مجال الرعاية الصحية على الاستجابة إليها منذ بدء الحرب العنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان من العام الماضي.

أفلا يجدر بأحد أن يفعل شيئا؟ طيلة فترة الحرب كان زملائي في أطباء بلا حدود يحاولون لفت الانتباه والدفع للتحرك بالاستجابة لإحدى كبرى الأزمات الإنسانية في العالم. فملايين الأشخاص في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، من غذاء ورعاية صحية ومياه، ولكن على الرغم من ضخامة الاحتياجات في البلد، فإن الاستجابة الدولية غير كافية على الإطلاق.

الطابع الملح لتلك الاحتياجات وضخامتها من جهة وعدم التحرك الكافي من قبل الأشخاص الذين يفترض فيهم تقديم المساعدة من جهة أخرى، جعل الفجوة كبيرة للغاية بينهما.

كيف يمكنهم الإفلات من العقاب؟ في السودان، قلما تبدي الأطراف المتحاربة ومؤيدوها اهتماما يُذكر بحماية المدنيين. وفي المناطق القريبة من الخطوط الأمامية، تُطلق القنابل والقذائف وتُشنّ الغارات الجوية على المناطق السكنية، مما يؤدي إلى عواقب مدمرة ومتوقعة على المدنيين. لم يعد الناس في جميع أنحاء السودان في مأمن لا في الشوارع ولا في منازلهم، في ظل انتشار أعمال النهب والعنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي.

وتتحدث الأطراف المتحاربة في تصريحاتها العلنية عن القانون الدولي الإنساني، وتنصّب نفسها حامية للسكان، ولكن العنف الوحشي الذي ترتكبه أعلى صوتا من كلماتها.

ومن الصعب جدا فهم الألم والعذاب والمعاناة النفسية التي يتسبب بها هذا الأمر. وفي هذا الإطار، وصف أحد زملائي، وهو عامل في مجال الصحة النفسية، تزايد الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار بين المرضى، وخاصة بين اللاجئين -الذين فر الكثير منهم إلى السودان هربا من النزاعات في المنطقة قبل وقوعهم في براثن العنف من جديد- ويقول "بعد بناء حياة جديدة وقضاء 20 عاما تقريبا في الخرطوم، وجد النازحون أنفسهم مرة أخرى في مخيم للاجئين حيث ليس لديهم لا منزل ولا أقارب، وباتوا مضطرّين إلى البدء من نقطة الصفر من جديد. ويفضّل بعضهم إنهاء معاناته فيقرّر الانتحار".

لقد أصدرت أطباء بلا حدود مؤخرا تقريرا بعنوان "حرب على الإنسان: التكلفة الإنسانية للنزاع والعنف في السودان"، يتضمن شهادات صادمة من مرضانا وطاقمنا. ولكن العنف الذي يصفه التقرير ليس إلا ما شهده طاقم أطباء بلا حدود ومرضانا أنفسهم.

فلدينا أكثر من ألف موظف يعملون في السودان في 8 ولايات من ولاياته الـ18، لكننا لسنا موجودين في كل مكان، ولا نعرف إلا القليل عما يجري، وهذه فكرة تقشعر لها الأبدان، فالإصابات والعنف والمعاناة التي تشهد عليها أطباء بلا حدود هي غيض من فيض مما يجري. وهذا يجب أن يتوقف، ويجب حماية المدنيين.

وعلى الرغم من الجهود البطولية التي بذلتها وزارة الصحة والعاملون السودانيون في المجال الصحي، فقد تقلصت الخدمات الطبية المتاحة للناس بشكل كبير منذ بدء الحرب. وتعرضت المستشفيات في جميع أنحاء البلد للهجمات والسلب والنهب. وقد وثقت أطباء بلا حدود ما لا يقل عن 60 حادثة عنف ضد أفرادنا ومركباتنا ومبانينا.

ويوم الاثنين 29 يوليو/تموز الماضي، قُصف المستشفى السعودي في الفاشر، حيث تقدّم أطباء بلا حدود الدعم الجراحي، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وهذه هي المرة العاشرة التي يتعرض فيها مستشفى في الفاشر للقصف منذ بدء القتال في المدينة قبل أكثر من 80 يوما. فأين التنديدات والاحتجاجات؟ أين المساءلة؟ أين التحركات؟

وتعرض مستشفى النو الذي تدعمه أطباء بلا حدود في أم درمان بولاية الخرطوم للقصف 3 مرات. وفي الفترة ما بين أبريل/نيسان 2023 وأبريل/نيسان 2024، عالج المستشفى 6776 مريضا من إصابات ناجمة عن أعمال العنف. فإذا قصفتم الناس في المناطق السكنية ثم قصفتم المستشفيات التي تعالجهم، فإلى أين يُفترض بهم أن يتوجهوا للحصول على الرعاية الطبية؟

ومن المقرر إجراء محادثات السلام بين الأطراف المتحاربة في جنيف. نأمل بطبيعة الحال أن تضع هذه الحرب الرهيبة أوزارها، ولكننا كأضعف الإيمان ندعو، بل نطالب الأطراف المتحاربة، ونناشدها أن تحمي المدنيين من العنف الدائر في هذه الحرب البشعة.

وتتحمل الأطراف المتحاربة مسؤولية حماية المدنيين. ويمكنها، بل يجب عليها أن توقف الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية والأحياء السكنية، وأن توقف جميع أشكال العنف والاعتداء ضد المجتمعات المحلية وضمان عدم استخدام العنف العرقي والجنسي كأسلحة حرب.

ويجب على الدول التي يمكنها التأثير على الأطراف المتحاربة أن تضغط عليها للالتزام بواجباتها فيما يتعلق بحماية المدنيين ومحاسبة المخالفين.

ويجب على الأطراف المتحاربة أيضا أن تسهل توسعة نطاق المساعدات الإنسانية. فلا يخفى على أحد أنّ السودان مكان محفوف بالكثير من التحديات، حيث يحاول فيه كلا الطرفين السيطرة على المساعدات الإنسانية واستخدامها كأداة حرب من خلال فرض القيود المنهجية وتحويل سير الأفراد والإمدادات وعرقلتهم، ولا تصل الإغاثة الإنسانية إلى معظم المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور، بسبب القيود التي تفرضها حكومة السودان وانعدام الأمن السائد الذي فرضته قوات الدعم السريع.

وفي حين تتحمل الأطراف المتحاربة المسؤولية النهائية، فإن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية قد فشلت في إيجاد حلول مناسبة للدفع باستجابة إنسانية يمكن أن تكون متناسبة إلى حد ما مع حجم الاحتياجات. وهذا أمر يجب أن يتغير.

وأثناء وجودي في العاصمة الأردنية عمان في 17 يوليو/تموز الماضي لإصدار التقرير الخاص بالسودان، تم سؤالي عما إذا كان العنف الذي لحق بالسكان والعواقب الإنسانية مجرد نتيجة حتمية للحرب! وفي دارفور، قامت منظمة أطباء بلا حدود بمعالجة ضحايا العنف الجنسي للأقل من 10 سنوات. وبالنسبة لمنظمة أطباء بلا حدود، ولي كإنسان، فإننا لا يمكن أن نقبل أن تشن الحرب بهذه الوحشية ضد الشعب السوداني.

وسنواصل في أطباء بلا حدود بذل كل ما في وسعنا لمحاولة تخفيف المعاناة الناجمة عن هذه الحرب. وستواصل فرقنا، في كل يوم من خلال مشاريعنا، معالجة المرضى والإصغاء إلى قصصهم والتضامن معهم. وسنُطلع الأطراف المتحاربة، والدول ذات النفوذ، والمنظمات الإنسانية الأخرى على ما نشهده.

إن شعب السودان يحتاج ويستحق أكثر من ذلك بكثير. ويمكن وقف معاناته إذا اتخذ الناس الإجراءات اللازمة.

وقال الرئيس السابق لأطباء بلا حدود، جيمس أوربينسكي، ذات مرة، "لسنا متأكدين من أن الكلمات ممكن أن تنقذ الأرواح دائما، ولكننا نعلم أنه يمكن للصمت أن يقتل". بإمكان الجميع أن يفعلوا شيئا: الأطراف المتحاربة، والدول ذات التأثير عليها، والمنظمات الدولية، والممولون، وصانعو السياسات. وإذا كنتم تقرؤون هذه السطور الآن، نرجوكم أن تتكلموا عن السودان، وأن تزيدوا من مستوى الوعي والضغط لكي يتغير هذا الوضع.

لن نتوقف في أطباء بلا حدود عن الصراخ بأعلى صوتنا لتسليط الضوء على المعاناة التي نشهدها في السودان. فهل ستلتزمون أنتم بالصمت؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات الأطراف المتحاربة أطباء بلا حدود فی السودان

إقرأ أيضاً:

الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”

يقول مسؤولون بريطانيون إن صور الأقمار الاصطناعية من الفاشر تُظهر تجمُّعات لجثث، وأرضاً مُخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه بوجودها – وذلك في سياق ما تصفه المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة” لبثّ الرُعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب.

التغيير: وكالات

فرضت المملكة المتحدة عقوبات على قادة في قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية مُتّهمين بارتكاب عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي وهجمات متعمَّدة ضد المدنيين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد.

وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أن “الجرائم الشنيعة… لا يمكن أنْ تمرّ من دون عقاب”.

وأُعلن عن هذه العقوبات يوم الخميس، وهي تستهدف أربع شخصيات في قوات الدعم السريع، بينهم عبد الرحيم دقلو، نائب قائد القوات وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي”.

وبموجب هذه العقوبات، باتت الشخصيات الأربعة تواجه تجميداً لأصولهم وحظراً على السفر.

ويقول مسؤولون بريطانيون إن صور الأقمار الاصطناعية من الفاشر تُظهر تجمُّعات لجثث، وأرضاً مُخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه بوجودها – وذلك في سياق ما تصفه المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة” لبثّ الرُعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب.

وقالت إيفيت كوبر إن الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”، متهمةً قوات الدعم السريع بالتورط في عمليات إعدام جماعية، واستخدام التجويع كسلاح، و”الاستخدام الممنهج والمخطط له سلفاً” للاغتصاب كأداة حرب.

وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية أن “العقوبات التي فُرضت اليوم على قادة الدعم السريع تستهدف بشكل مباشر أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء، فيما ستقدّم حزمة المساعدات المعزَّزة لدينا دعماً منقذاً للحياة لمن يعانون”.

وتعهّدت إيفيت: “المملكة المتحدة لن تدير ظهرها، وسنظل دائماً إلى جانب الشعب السوداني”.

تمويل إنساني إضافي

وإلى جانب العقوبات، أعلنت المملكة المتحدة عن تقديم ما قيمته 21 مليون جنيه إسترليني إضافية كمساعدات إنسانية للمجتمعات المتضررة من النزاع.

وستموّل هذه الحزمة توفير الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والحماية للنساء والأطفال في المناطق الأكثر تضرراً من العنف.

وبحسب وزارة الخارجية البريطانية، ستدعم هذه المساعدة الجديدة 150 ألف شخص على صعيد الرعاية الطبية والمأوى، إضافة إلى المساهمة في إبقاء المستشفيات قادرة على العمل.

وترفع هذه المساهمة إجمالي الدعم الإنساني البريطاني للسودان هذا العام إلى 146 مليون جنيه إسترليني.

وتؤكد المملكة المتحدة أن الوضع الإنساني في السودان هو الآن الأسوأ في العالم؛ إذ يحتاج حوالي 30 مليون شخص إلى المساعدة، بينما شُرّد داخلياً نحو 12 مليون شخص، وفرّ ما يقرب من خمسة ملايين إلى دول الجوار.

ورفعت لندن مستوى ضغطها الدبلوماسي خلال الأشهر الماضية؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً تقوده المملكة المتحدة يكلّف بفتح تحقيق عاجل في فظائع الفاشر.

كما قدّمت المملكة المتحدة دعماً فنياً لآليات العدالة الدولية، واستثمرت 1.5 مليون جنيه إسترليني في مشروع “سودان ويتنس” لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة.

ويقول مسؤولون إن عقوبات إضافية قيد النظر، في إطار الجهود المبذولة لـ”إنهاء الإفلات من العقاب”.

وحثّت الحكومة البريطانية جميع أطراف النزاع – بما في ذلك قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية – على السماح بوصول غير مقيّد للعاملين في مجال الإغاثة، وضمان سلامة المدنيين المحاصرين جرّاء القتال.

مَن هم الذين شملتهم العقوبات؟

عبد الرحيم حمدان دقلو: نائب وشقيق قائد قوات الدعم السريع، “حميدتي”؛ يُشتبه بتورّطه في عمليات قتل جماعي، وإعدامات تستهدف مجموعات إثنية، وعنف جنسي ممنهج، واختطاف مقابل الفدية، وهجمات على مرافق صحية وعاملين في مجال الإغاثة. جدّو حمدان أحمد: قائد قوات الدعم السريع في شمال دارفور؛ يُشتبه بضلوعه في عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي، واختطاف وهجمات على طواقم طبية وإنسانية. الفاتح عبد الله إدريس: عميد في قوات الدعم السريع؛ يُشتبه بأنه أشرف على أعمال عنف تقوم على أساس إثني وديني ونفّذ هجمات ضد المدنيين. تيجاني إبراهيم موسى محمد: قائد ميداني في قوات الدعم السريع؛ يُشتبه بمسؤوليته عن الاستهداف المتعمّد للمدنيين في الفاشر.

المصدر: BBC عربي

الوسومالعنف الجنسي المملكة المتحدة حرب الجيش والدعم السريع حقوق إنسان عقوبات على الدعم السريع

مقالات مشابهة

  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • تصاعد العنف في السودان يقتل ستة من حفظة السلام ويزيد النزوح
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • غوتيريش: الحرب في السودان فظيعة ويجب أن تتوقف فوراً
  • غوتيريش: الحرب في السودان فضيحة ويجب أن تتوقف فوراً
  • غوتيريش يدين الهجمات على المدنيين في السودان
  • بريطانيا تفرض عقوبات على قيادات قوات «الدعم السريع» في السودان
  • «صيحة» تكشف أرقام صادمة لحالات العنف الجنسي في السودان
  • حرب السودان تخرج عن السيطرة