هل تأخرنا في الأوقاف الجامعية؟
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
أحد مفاهيم الوقف (Endowment) أنه تبرع دائم وبدون مقابل، فلا يمكن بيعه أو التصدق به أو هبته، ويعتبر من أعمال الخير والبر، والهدف من الوقف هو الانتفاع من ريعه وإنفاقه على الجوانب التي يحددها «الواقف»، وقد يكون الوقف ماديا كالنقود، أو عينيًا ويدخل في ذلك المباني والممتلكات التجارية والصناعية والتعليمية.
يأتي إصدار المؤسسة العمانية الوقفية كذراع استثمارية نعمل على متابعة جوانب شؤون الأوقاف، وتنمية أموال بيت المال، لذا فهو بحاجة إلى حسن إدارة، ولذلك أعطيت المؤسسة العمانية الوقفية الاستقلال المالي والإداري؛ لكي تقوم بإدارة الأوقاف بأسلوب متجدد يساعد في سرعة اتخاذ القرارات الاستثمارية، ويساعد في عمليات تحليل السوق، وإدارة مخاطر الاستثمار، وأيضًا هذه المؤسسة تعمل على غرس الثقة بين الأشخاص أو الجهات التي يطلق عليهم اسم «الواقفين» لأن بناء الثقة أساس مهم في المحافظة على تثمير أموال الأوقاف، وفي حال معرفة الأفراد الذين يوقفون أموالهم بأنها تدار من قبل كفاءات علمية وتطبق المبادئ الإسلامية المعمول بها في شؤون الأوقاف فهذا يكون سببًا رئيسيًا في تعزيز مجالات الوقف في المجتمع، ويعمل على تشجيع الواقفين على الاستثمار في المجالات الوقفية بكل ثقة واطمئنان. هذه الثقة هي العامل المساعد في كون الجامعات الغربية تتفوق على الجامعات العربية في الاستفادة من الأصول الوقفية؛ لأن لديها نظامًا شفافًا في آليات التعامل مع الممتلكات الوقفية، وكيفية إدارتها واستثمارها بشكل مناسب.الأصول الوقفية الجامعية ليست من أدوات تنويع مصادر الدخل للجامعات فقط، بل تستند عليها هيئات ومنظمات التقييم المؤسسي والبرامجي لمؤسسات التعليم العالي، فأغلب تلك الهيئات تضع في الحسبان مصادر التمويل المتنوعة حيث تدخل الأوقاف الجامعية ضمن هذه المصادر التي تحصل عليها الجامعات من ريع أوقافها، بحيث لا يكون اعتمادها على الدعم الحكومي أو الرسوم الدراسية، كما أن الاعتمادات المالية المخصصة للجامعات الحكومية معرضة للتقلبات الاقتصادية، وبالتالي من الممكن أن تتأثر ميزانياتها للتخفيض، أو إلغاء بعض من مشروعاتها البحثية أو العلمية، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على تصنيفها ضمن الجامعات العالمية، ولكن الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، عند تحديث معايير الاعتماد المؤسسي قامت بإلغاء المعيار الفرعي المتعلق بالإدارة المالية الذي يدخل ضمن المعيار الرئيسي المتعلق بالحوكمة والإدارة، حيث تجدر الإشارة إلى أهمية المعيار الفرعي الملغى عند تقييم الاستدامة المالية للجامعات أثناء القيام بعلميات الاعتماد المؤسسي، وجود ذلك المعيار يساعد في معرفة مدى تنويع الإيرادات الجامعية والتي تدخل ضمنها الأوقاف الجامعية، عليه فإن إلغاؤه في هكذا توقيت لم يكن مناسبًا.
لعل ما يحدث لبعض مؤسسات التعليم العالي الوطنية من إخفاقات مالية خلال الفترات الماضية أحد أسبابه: عدم وجود استثمارات وقفية تساعدها في تنويع مصادر دخلها عند وجود صدمات مالية، إلا أن نظام جامعة السلطان قابوس الذي تم اعتماده هذا العام، يعتبر من الأنظمة المتميزة والذي على أساسه منحت الجامعة الصلاحيات التنظيمية للبدء في استثمارات الأوقاف، وبحيث تكون تلك الاستثمارات ضمن الإيرادات الذاتية للجامعة، ولكن الملاحظ أن جامعة التقنية والعلوم التطبيقية على الرغم من صدور نظامها قبل ثلاث سنوات تقريبًا، إلا أن نظامها لم يتطرق إلى الأوقاف الجامعية، الأمر الذي قد يفتح بابًا للنظر في إيجاد كيان مؤسسي يضم الأوقاف الجامعية لجميع مؤسسات التعليم العالي كافة، ويكون تحت إشراف مؤسسة وقفية جامعية الأمر الذي يساهم في تحسين ربحية أموال الأوقاف، لأن الكيانات أو الاستثمارات كلما كانت أصولها المالية أكبر، كلما ساعد ذلك على تخفيض التكاليف التشغيلية والإشرافية، ويؤدي إلى تعزيز الإيرادات المالية.
في الشأن الوطني أيضًا بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي ما يزيد على (66) مؤسسة موزعة بين جامعات وكليات جامعية حكومية وخاصة، إلا أن أغلبها لم يأخذ مسار الأوقاف الجامعية كنوع من مصادر تنويع إيراداتها المالية، وقد يكون ضعف الجوانب التنظيمية والتشريعية والرقابية لمجالات الأوقاف الجامعية سببًا في ذلك، أيضًا فإن قانون الأوقاف اشتمل على جوانب محددة أغلبها تعنى بأوقاف المؤسسات، والصناديق الخيرية التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا حيث بلغ عدد المؤسسات الوقفية (48) مؤسسة منها: (35) مؤسسة وقفية عامة، و(13) مؤسسة وقفية خاصة، مع وجود صندوق وقفي واحد يعنى بالتكنولوجيا والتحول الرقمي ومؤسسة تعنى بدعم قطاع التعليم «سراج».
على الرغم من صدور قانون الأوقاف قبل (24) عامًا، إلا أن غالبية المؤسسات الوقفية تعتبر حديثة التشكيل وتأخذ التأسيس المناطقي في أهدافها، كما يلاحظ أن غالبية تلك المؤسسات لا تحدد رأسمالها في نظامها الأساسي، أو تصرح به إلا القليل، من ذلك على سبيل المثال: مؤسسة وقفية خاصة حددت مبلغ يزيد على (3.5) مليون ريال عُماني، ومؤسسة أخرى بمبلغ (100) ألف ريال عُماني، وبالتالي لا يوجد إطار موحد لجوانب الحوكمة والأطر والرقابية، وتحديد القيمة السوقية لأصولها المالية، مع الإشارة إلى المثال الذي بدأ ينشط وهي المؤسسة الوقفية سراج والتي تم تدشينها قبل فترة، حيث تمثل بداية طيبة لاستثمارات الأوقاف الجامعية.
ختامًا الأوقاف الجامعية من أهدافها الأساسية، دعم موازنات الجامعات، ومساندتها نحو تعزيز الإنفاق على التعليم والتعلم، وبناء المختبرات العلمية، وفي مجالات البحوث والدراسات، الأوقاف الجامعية هي مثابة مورد مالي حيوي لاستدامة الخدمات التشغيلية للجامعات، لذا فإن هناك حاجة لإيجاد بيئة تنظيمية وهيكلية مرنة بالجامعات تكون جاذبة للمجتمع تحفزهم على الاستثمار في الأوقاف الجامعية، ولا يمنع من محاكاة التجارب الجيدة المطبقة في الجامعات الإقليمية التي تقدمت في هذا المجال، وبالتالي على أفراد المجتمع وخاصة رجال الأعمال والأثرياء منهم، الإنفاق على الأوقاف الجامعية إحياءً لسنة الوقف في الإسلام.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأوقاف الجامعیة الأصول الوقفیة التعلیم العالی ملیار دولار مؤسسة وقفیة إلا أن
إقرأ أيضاً:
شركة عائلية تسهم بـ 40 مليون درهم لحملة «وقف الحياة»
أبوظبي: «الخليج»
أسهمت إحدى الشركات العائلية في دولة الإمارات بمبلغ 40 مليون درهم دعماً لحملة «وقف الحياة»، التي أطلقتها هيئة الأوقاف وإدارة أموال القصر «أوقاف أبوظبي» تحت شعار «معك للحياة».
وتأتي هذه المساهمة في حملة «وقف الحياة» ضمن التفاعل المجتمعي الواسع من أفراد ومؤسسات وشركات ورجال أعمال، دعماً لهذه الحملة التي تهدف إلى تعزيز استدامة خدمات الرعاية الصحية وتوفير تمويل مستدام للمساهمة في علاج المصابين بالأمراض المزمنة وأصحاب الهمم، بما يعكس روح التضامن والتكافل المتجذّرة في مجتمع دولة الإمارات.
وتسعى حملة «وقف الحياة» إلى جمع مساهمات لإنشاء وقف تغطي استثماراته نفقات العلاج للمصابين بالأمراض المزمنة وأصحاب الهمم، إضافة إلى استثمار أموال الوقف للمساهمة في توفير الأدوية، فضلاً عن دعم المنظومة الصحية وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية.
كما تهدف الحملة إلى تعظيم عوائد الوقف وتوظيفها في برامج الرعاية الصحية، مما يسهم في تعزيز جودة الحياة وبناء مجتمع صحي ومستدام وتعمل المبادرة على نشر القيم الوقفية وترسيخ مفهوم الوقف كأداة تنموية تدعم التكافل الاجتماعي، إلى جانب إبراز الدور الريادي لدولة الإمارات في دعم المبادرات الخيرية والإنسانية.
كما قدَّم أحد رواد العطاء في دولة الإمارات مليون درهم لدعم حملة «وقف الحياة» التي أطلقتها هيئة الأوقاف وإدارة أموال القصر «أوقاف أبوظبي» تحت شعار «معك للحياة».
وتأتي هذه المساهمات من الأفراد والمؤسسات في سياق الحراك الخيري الذي أحدثته الحملة، بما يجسد ثقافة البذل والعطاء الراسخة في مجتمع الإمارات وحرص أفراده على دعم المبادرات الخيرية والإنسانية التي تطلقها دولة الإمارات وفي مقدمتها الحملات الهادفة إلى تعزيز استدامة خدمات الرعاية الصحية.
وتسعى حملة «وقف الحياة» إلى جمع مساهمات لإنشاء وقف تغطي استثماراته نفقات العلاج للمصابين بالأمراض المزمنة وأصحاب الهمم، إضافة إلى استثمار أموال الوقف للمساهمة في توفير الأدوية للمرضى، فضلاً عن دعم المنظومة الصحية وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية.