العراقيون ..والجينات.. والحاجة الى التعديل الوراثي
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
أغسطس 15, 2024آخر تحديث: أغسطس 15, 2024
حامد شهاب
بعد أن شاعت قيم وسلوكيات ينفر منها العراقيون في أوساط مجتمعهم ويعدونها أنها أصبحت خارج منظومتهم القيمية والأخلاقية وبالأخص في الجانب الوظيفي وما رافقها من إختلال قيمي كبير وخطير في طريقة إدارة الدولة إضافة الى عمليات غش وفساد وتضليل ومراوغة وعمليات سلوكية غريبة وشاذة كليا عن مجتمعنا وتعدد أساليب وانواع الجرائم المجتمعية وشيوع تجارة وتعاطي المخدرات بشكل رهيب فاق كل تصور وتعرض منظومة القيم للإندثار والتآكل المستمر كلها تمثل تطورا سلبيا خطيرا كان من نتائجه نقص الوعي الوطني والإحساس والشعور بالمسؤولية رافقها ظهور عوامل إختلال نفسي ومجتمعي تنذر بحالات خروج تلك السلوكيات عن السيطرة .
وبرغم أن إرادة الله الواحد الأحد هي من تتحكم في جينات البشر وكرموسوماته الجينية وخلقه المتكامل إلا أن تطور علم الوراثة أسهم في إيجاد بعض التدخلات الجينية التي يمكن من خلالها أن تكون لعلماء الوراثة أن يحدثوا تحسينات وإضافات يمكن أن تكون نقلة نوعية في سلوك الإنسان وهو ما نهدف اليه من خلال عرض هذا الموضوع المثير للإهتمام.
والسؤال الذي ربما قد يبدو غريبا لأول وهلة ولم يطرح سابقا : هل يمكن لعلم الجينات والسلوك الوراثي المتقدم الذي يجري في بعض الدول المتقدمة ومنها في الصين على وجه الخصوص أن يسهم في تحسين انماط السلوك البشري لدى الغالبية التي إنخرطت في مهاوي الإنفلات والخروج عن القيم والأعراف المجتمعية ليمكن لنا إنتاج سلالات بشرية أكثر وطنية وأكثر شعورا بالمسؤولية تجاه وطنهم وما يتعرض له من تهديدات؟
علماء النفس من جهتهم يشيرون في معرض تحليلهم للسلوك الإنساني الى ” إن الجينات كانت أكثر تأثيراً في تشكيل السمات الرئيسية من بيئة منزل الشخص ومحيطه وبإمكان الخصائص المتأثرة وراثياً أن تكون مفتاحاً لمدى نجاح الشخص في الحياة ويزداد احتمال انتقال هذه الخصال والسمات الشخصية عن طريق الأبوين عندما يكون الارتباط الجيني أكثر قوة”.
وبشأن الجينات الوراثية التي تؤثر في الشخصية على السلوك الإنساني فقد أثبت بعض الدراسات في جامعة بافلو الأمريكية أن الجينات الوراثية تتحكم في السلوك البشرى وفي طبيعة الإنسان باعتباره شخصاً لطيفاً أو شخصاً فظاً وبالتالي لا يمكن النفي بأن الإنسان قد يولد حاملاً تلك الطباع والسمات الشخصية.
مجلة العلوم النفسية الصادرة في الولايات المتحدة أشارت في دراسة لها الى ” أن الإنسان لا يكتسب الخصال أو الطباع الحميدة من سلوك جيد وقلب طيب أو الخصال السيئة كالكره والكذب والعصبية من الأشخاص في وسطه المحيط أوفي البيئة التي ترعرع فيها بل هي طباع وخصال تم اكتسابها عبر الجينات الوراثية التي يحملها أحد الأبوين أو الأقارب.
ويركد خبراء الوراثة وعلم السلوك الوراثي أن ” من شأن بحوث علم الوراثة أن تتحكم في مسار مفاهيمنا وتصوراتنا وأحكامنا على الناس والثقافات والسكان والمجتمع حيث تتأثر الخصائص والسمات الفردية بمختلف العوامل البيئية والثقافية والمجتمعية وتختلف تصوراتنا وأحكامنا على الآخرين فبعضهم يعيش ضمن أسرة والديه بينما البعض الآخر يعيش في الملاجئ أو دور الأيتام وهناك البعض تأثر ببيئة الأقران.
كما أن تأثير الثقافة المجتمعية وما فيها من العادات والتقاليد باعتبارها أنماطاً ثقافية يأخذها الفرد ويكتسبها بالتشرب كذلك خصائص الموقع الجغرافي من موقع جغرافي وتضاريس وحرارة ورطوبة جميعها يؤثر على تصوراتنا وعلاقاتنا بالمحيط.
ومن المعروف أن “السلوك الإنساني لدى علم السلوك الوراثي يتاثر بكل من الجينات الموروثة وكذلك البيئة التي نعيش فيها تلاحظ الاختلافات في السلوك البشري كل يوم ووفقاً لعلم الوراثة السلوكية يُظهر كل فرد سلوكيات معينة مهمة ومفيدة “.
ويؤكد علماء السلوك الوراثي والنفسي على حد سواء أن الكثير من خصال وصفات الإنسان تعتمد على الاستعداد الجيني حيث تنمو وتتطور وتترعرع بالاتجاه المناسب لها إلا إن الإنسان يمكنه استئصال الخصال والسلوكيات السلبية فيه ومحاولة تحفيز السلوكيات الإيجابية منها بالإرادة والتربية بهدف تخليص النفس البشرية من شوائبها وتحويلها إلى النقيض.
ويضيف هؤلاء إن ” من شأن دور الأسرة أن يحدد سلوك ومقومات الشخصية الفكرية والعاطفية والنفسية حيث ينعكس التعامل مع الأبناء على اتزانهم النفسي والانفعالي ولهذا يختلف الوضع النفسي من فرد إلى آخر في العائلة الواحدة أو في العديد من العائلات وفقاً لنوع السلوك والمعاملة التي يواجهها من حيث الرعاية أو الإهمال وبالتالي نجد أنه من الضرورة خلق وسط عائلي ومحيط تربوي مناسب يسهم في إصلاح النفس الإنسانية التي ينعكس إصلاحها إيجابياً على إصلاح البيئة والمجتمع الإنساني المحيط”.
والسؤال الذي نعيد تكرار عرضه على أنظار علماء السلوك الوراثي ومن يكون بمقدورهم تعديل الجينات وراثيا وما تحفل به تلك الدراسات من نجاحات أولية برغم المصاعب التي تواجههم هو :
هل بمقدور هذا العلم أن يستفيد منه العرقيون في إعادة لحمتهم الوطنية الى سابق عهدوها..وهل يمكن زرع جينات التعلق بالوطنية والإنتماء الوطني والوازع الأخلاقي والقيمي الإيجابي في نفوس الأجيال المقبلة ليكون بإمكان العراقيين أن يعيدوا زمنهم الجميل وبخاصة أنهم اصحاب حضارات وعلوم عريقة وهناك لدينا من الكفاءات العلمية والطبية والنفسية التي بإمكانها أن تسهم كل من جانبها في إعلاء دور القيم والمثل العليا لتعيد إنتاجها في انماط عقول وتفكير الاجيال العراقية المقبلة ليكون بإمكان العراقيين محو تلك الفترة غير السارة من انماط قيمهم التي تعرضت الى تشوية وإفتراء وشيوع سلوكيات هدامة ومقلقلة للسلوك البشري ؟؟
إنها تساؤلات نضعها بين أيدي الباحثين الغائرين في علم الوراثة وتعديل الجينات علهم يسهموا في تنمية السلوك المجتمعي بإنتاج أجيال ( معدلة وراثيا ) تعيد لنا الأمل بإمكان عودة المجتمع العراقي الى إعلاء شأنه ومكانته بين الأمم ؟..
إنه سؤال مشروع وحيوي ومستعجل على كل حال..ويتطلب نقاشا جديا ومعمقا وبين مختلف الجهات العلمية والإجتماعية والنفسية والبحثية عموما وعلى أوسع نطاق للوصول الى الغايات التي تم عرضها ضمن التساؤلات أعلاه.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: علم الوراثة
إقرأ أيضاً:
الغارديان: بإمكان ترامب وقف هذا الرعب في غزة وإلا فإن البديل لا يمكن تصوره
شددت صحيفة "الغارديان" البريطانية، على قدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وقف ما وصفته بـ"الرعب" في قطاع غزة، مشيرة إلى أنه بإمكانه إجبار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إنهاء الحرب.
وقال الصحيفة البريطانية في افتتاحية لها، الأحد، إن "ترامب يرغب في إنجاز مكسب كبير في السياسة الخارجية إذ يتأهب للقيام بجولته في الشرق الأوسط هذا الأسبوع. بالفعل، بإمكانه أن يضمن مكسباً – وينقذ الكثير من الأرواح – من خلال مطالبة إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق نار دائم مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة".
وأضافت الصحيفة أن "ترامب قد يفضل تجنب الموضوع، ولكن لا يوجد زعيم آخر بيده القدرة على إجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إنهاء هذه الحرب. أما فيما لو قام السيد ترامب، بدلا من ذلك، بدعم المقترحات الإسرائيلية الحالية، فإنه سوف يضع ختم الولايات المتحدة على ما يبدو أنها خطة للتدمير الشامل".
وأشارت الصحيفة إلى محصلة الضحايا الكبيرة في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي، لافتا إلى أن "المخابز والمستشفيات والمدارس دمرت تماما، وحيل بين المساعدات والدخول إلى غزة لما يقرب من شهرين. والآن تواجه غزة المجاعة".
وقال وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إن غزة سوف "تدمر عن بكرة أبيه ولسوف يدرك الفلسطينيون الذين تملكهم اليأس تماماً أنه لا يوجد أمل". بل قال إن "تحرير الرهائن ليس هو الشيء الأهم".
من جهته، قال جوزيف بوريل، المسؤول السابق للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "يندر أن تسمع زعيم دولة يتحدث بكل وضوح عن تنفيذ خطة ينطبق عليها التعريف القانوني للإبادة الجماعية"
وقالت الصحيفة البريطانية إن الحديث العلني والصريح عن التدمير التام لغزة، والسعي لإخلاء سكانها منها كهدف بدلاً من أن يكون ذلك أحد تداعيات الحرب، وتدمير وسائل الحفاظ على الحياة، لا يبدو أنه مجرد عمل وحشي وإنما مشروع إبادة عن عمد.
وكانت كل من مصر والأردن رفضتا استقبال اللاجئين الفلسطينيين، وقالتا إنهما لو قبلتا بذلك فسوف تكونان متواطئتين في ارتكاب جرائم حرب، وفقا للصحيفة.
وأشارت الافتتاحية إلى أن "الأدلة القانونية تؤكد بشكل لا لبس فيه وقوع عملية إبادة جماعية. كانت واشنطن خلال العقد المنصرم قد أعلنت وقوع إبادة جماعية أربع مرات – في العراق وسوريا، وفي ماينمار، وفي زينجانغ في الصين، وفي السودان – دون انتظار أن يصدر حكم عن القضاة في ذلك".
وأضافت الصحيفة أن "القانون الدولي يتحرك ببطء، والموقعون على المعاهدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، مطلوب منهم ليس فقط معاقبة من يرتكب الإبادة الجماعية بل والتدخل لمنعها. أما محكمة الرأي العام فقد أصدرت حكمها".
وأشارت الصحيفة إلى أن "كثيرا ما يزعم أنصار إسرائيل إنه يتم إخضاعها لمعيار غير منصف. ولكن إسرائيل تتمتع بالحماية الدولية ليس فقط بسبب تاريخ المحرقة، وإنما أيضاً لأنها دولة ديمقراطية ولأنها حليف غربي. كما أنها تمكّن من القيام بأفعالها بفضل ما تحصل عليه من مساعدة عسكرية هائلة وغطاء سياسي كبير من الولايات المتحدة. والآن، ها هي تخطط لغزة بدون فلسطينيين".
وتساءلت الصحيفة "ماذا يمكن اعتبار ذلك إن لم يكن إبادة جماعية؟ فمتى تتصرف الولايات المتحدة وحلفاؤها لوقف هذا الرعب، إن لم يكن الآن؟".
وشددت في ختام افتتاحيتها على أن "الذي جرأ الحكومة الإسرائيلية على المضي فيما ترتكبه هو عدم مبالاة السيد ترامب بأرواح الفلسطينيين واهتمامه بنقلهم إلى مكان آخر من أجل تحويل غزة إلى ريفيرا الشرق الأوسط. ومع ذلك لم يزل بإمكانه استخدام القوة التي لا يملكها سواه لوقف الإبادة. إن هذه هي فرصته لصناعة التاريخ في الشرق الأوسط، ولغايات سوية".