عربي21:
2025-08-03@23:47:28 GMT

رئيس قومي عربي بلا دبابة؟ هل يمكن؟

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

نجا أمين عام حركة الشعب التونسية من غربال الهيئة الانتخابية المنصبة فكان ثالث ثلاثة يتهيئون الآن للانتخابات الرئاسية يوم السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 2024. وسواء فاز بالمنصب أم وقف عند المشاركة في الاقتراع فإنه يقدم نظريا للتاريخ العربي الحديث حالة أولى، وهي أن زعيما سياسيا ذا توجه قومي عربي يطلب السلطة على ظهر صندوق انتخابي وليس على ظهر دبابة.

هل تكون السابقة التاريخية للقوميين العرب من بلد يعتبر عندهم بلدا طرفيا غير وازن في حجم الأمة وفي تاريخها؟ فالقوميون العرب مشارقة أولا يكملون وهْم القومية بعرب المغرب والسودان وبعض تشاد والصومال والأهواز؛ مركزية عرقية تتخفى بخطاب قومي.

إن الحيرة السياسية التي يعيشها التونسيون قبل الذهاب إلى الصندوق قد تعمل لصالح المرشح القومي العربي فيمر في غفلة، ولكن غير الغافلين من الناس لا يتذكرون لهذا المرشح سيرة ديمقراطية منتظمة منذ الثورة على الأقل، كما أن تاريخ القوميين العرب منذ الخمسينات، وهو تاريخ لا يذكره التونسيون بخير، يقع في هذه اللحظة السياسية على كاهل المرشح الذي لا يتنصل من انتمائه القومي. فبأي أرصدة يدخل السباق؟

شخص عادي لم يلمع بأي بريق
عند انطلاق الثورة كان القوميون من قادتها في تونس وتحدثوا بحماس عن الربيع العربي باعتبارهم من صنّاعه، ولكن بعد خوض انتخابات مصر وخسارة التيار القومي أمام الإخوان لحس القوميون في مصر وفي تونس خطاب الربيع العربي، وتكلموا عن المؤامرة الدولية على الأمة وعن الربيع العبري بقيادة برنار ليفي
السيد الأمين العام المرشح شخص عادي بمقاييس الزعامة السياسية، خارج مجموعته السياسية لا يملك أية جاذبية أو كاريزما. حاز تعليما متوسطا واشتغل مدرسا بالثانويات ومارس العمل النقابي في حدود مؤسسته، ولم يترق في سلم قيادات النقابة. لم يكتب أدبا ولا نشر مقالات سياسية ولم يعرف في الأوساط الفكرية بأية حضور لافت؛ حضوره الإعلامي مهذب ويحسن الدفاع عن أفكاره لكن بلغة مدرسية أقرب إلى أسلوب تعليم الصبيان. يحمل كل سمات الفتى الجنوبي؛ التواضع والحياء، وهي خصال أرصدة لكنها في تونس تعتبر عاهات سياسية، وعليه مواجهة خطاب تمييزي جهوي يتخفى في خطاب الوطنية الفضفاض. وقد تعرض له قبله من حكم بعد الثورة وساهم هو بالذات في ترويج ذلك؛ بتحالفات مبنية على عقد نقص لم يعالجها حتى مثقف التيار القومي ممن قبل وزارة مع النهضة (الإخوانية) وحكم باستقالة موضوعة على طاولة رئيس الحكومة دون أن يتخلى عن راتب الوزير.

داخل التيار القومي في تونس لم يفلح المرشح في توحيد التيار في كتلة سياسية واحدة، بل ساهم في انقسام حركة الشعب الديمقراطية التي ضمت تياره إلى التيار الشعبي (وهي فرقة قومية أخرى). وبقي خارج هذين الاسمين قوميون آخرون من غير التيار البعثي، فهناك أنصار للقذافي وهناك ناصريون يرفضون عصمت سيف الدولة، وهناك فِرق أخرى يصعب حصرها لغياب ذكرها إذ نعثر عليها بالصدفة في مقال أو بيان أو نعي مؤسسها (ويكون غالبا حاملا لدبلوم من جامعة سورية أو عراقية بمنطق أدليه عايز خدمة في بلده)، فضلا على أن خطاب التخوين متفشٍ بين هذه المجموعات وصراعاتها البينية تكشف عجزا تاما عن الاتفاق حول أية أهداف مرحلية.

وهذه الفُرقة لا تجعل منه زعيما قوميا في بلده بل مجرد أمين عام فرقة من الفرق لم يعلم الناس من حولها حجمها في الشارع، فقد تملص من الميزان الشعبي في مرحلة التزكيات فجمع عشر تزكيات نيابية كانت كافية ليُقبل شكليا لدى الهيئة.

فضلا عن ذلك، فحركة الشعب مقسومة من الداخل بين فرقتين تتماسكان بصعوبة؛ فرقة الأساتذة الذين جاؤوا من الجامعة ومنهم الأمين العام، وفرقة كانت في حزب كرتوني مما صنع بن علي وكلفهم بمعارضته بمقابل مالي (أحزاب السمسونايت)، وهؤلاء يجذبون الحزب دوما ليكون في كنف السلطة بينما يعمل الأساتذة على التميز ضمن معارضة سياسية ذات برنامج. وعندما شارك الحزب في السلطة بعد انتخابات 2019 فازت جماعة السمسونايت بالوزارات، وبرر الأساتذة التنازلات بالحفاظ على بنية الحزب مرحليا.

سيرة سياسية لا توحي بالثقة

بالأرصدة السياسية المذكورة آنفا نستعرض سيرة المترشح، فنجد سيرة سياسية لا توحي بالثقة. فعند انطلاق الثورة كان القوميون من قادتها في تونس وتحدثوا بحماس عن الربيع العربي باعتبارهم من صنّاعه، ولكن بعد خوض انتخابات مصر وخسارة التيار القومي أمام الإخوان لحس القوميون في مصر وفي تونس خطاب الربيع العربي، وتكلموا عن المؤامرة الدولية على الأمة وعن الربيع العبري بقيادة برنار ليفي (مقال حسنين هيكل في الأهرام في شباط/ فبراير 2012).

من العسير على الجمهور المسيس الذي لا تقوده الدعاية الإعلامية أن يسلم للمرشح بتوبة سياسية، وسيحمّله بالتالي كل وزر إسناد الانقلاب على كتفيه؛ بما يجعله منقلبا ثانويا تحت المنقلب الرئيسي ولا يبقى له إلا أن يساند الأول إذا كُتب له المرور إلى دور ثان
وعندما انقلب العسكر المصري على التجربة الديمقراطية وجدنا القوميين ومنهم حركة الشعب في مقدمة المرحبين بالمنقلب باعتباره عبد الناصر الثاني، بل إن المنشق حفتر حظي لدى القوميين بمكانة عظيمة. وقد مر وقت طويل قبل أن تنخفض لهجة الحماس للانقلاب ويتظاهر القوميون بالخجل من سيرته، خاصة بعد حرب الطوفان الفاضحة.

في تونس شاركت حركة الشعب في الانتخابات وفازت بمقاعد نيابية في فترة 2014-2019 وفي فترة 2019-2021، وشاركت في توليف حكومة الرئيس وهي فكرتهم التي تم بها كسر مبدأ دستوري بأن يؤلف الحزب الأول الحكومة؛ ولكن لأن الحزب الأول إسلامي فإن حركة الشعب وقفت مع الرئيس لكسر المبدأ وكان لها ما أرادت. ثم سارت سيرة المنقلب في الاعتداء على الدستور حتى قام بحركة 25 تموز/ يوليو الانقلابية، فكانت الحركة وأمينها العام في مقدمة أنصاره، ولم تنفك تحميه في كل ظهور إعلامي وفي كل مناسبة للتحرك ضده، حتى داخل النقابات كانت الحركة تعارض وتعتبر كل معارضة للرئيس صب ماء في طاحونة الإخوان.

أول خطوة بعيدة عن الانقلاب كانت إعلان الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ضد الرئيس، وقد بدا الأمين العام في خطاب الدعاية وهو يقول جملا أشد قسوة على الرئيس مما كانت تقوله المعارضة (بمن فيها حزب النهضة)، بل يذهب إلى إدانة الفعل الانقلابي الذي كان صلبه ويعتبره اعتداء على الديمقراطية. هذا الانقلاب في الخطاب بـ180 درجة سبب كاف لفقدان الثقة بهذا المرشح؛ إنها استفاقة متأخرة وتُقرأ كاستفاقة منافقة للجمهور، خاصة أنه لم يسبقها نقد ذاتي عميق وصريح وبصوت مسموع جدا لمرحلة إسناد الانقلاب، وهو كلام لم ينطقه المرشح ولا نظنه يفعل.

من العسير على الجمهور المسيس الذي لا تقوده الدعاية الإعلامية أن يسلم للمرشح بتوبة سياسية، وسيحمّله بالتالي كل وزر إسناد الانقلاب على كتفيه؛ بما يجعله منقلبا ثانويا تحت المنقلب الرئيسي ولا يبقى له إلا أن يساند الأول إذا كُتب له المرور إلى دور ثان، فالتونسيون رغم فرقتهم يفرقون بين النسخة الأصلية والنسخة الكاربونية.

نجزم قبل الموعد بأن هذا المرشح نسخة كاربونية من الانقلاب ترشح ليفاوض على حصة من السلطة بعد فوز النسخة الأصلية، وهذه الحركة لا تختلف في شيء عن نيل السلطة على ظهر دبابة.

هذا المرشح يدخل على التونسيين المتعلمين بكل رصيد فشل قوميي الشرق العربي، وعليه قبل أن يحدثهم عن تونس العربية أن يحميهم من الشرق العربي الذين علموا العرب تقنية الانقلابات العسكرية وخطاب الإنقاذ
إعلان نعي القوميين العرب في تونس

القومي العربي الذي فقد الدبابة لن يصل إلى السلطة، لقد تكلم بتحرير فلسطين لمدة سبعين سنة ولم يقدم لفلسطين سوى نايف حواتمة، وانتهى ملف فلسطين عند حماس الإخوانية التي تُثخن في الصهاينة.. وحدّثوا العرب عن توحيد الأمة العربية فانتهوا ينتظرون نجدة إيرانية لنصرة العرب، وحدّثوا العرب عن الاشتراكية فانتهوا يبيعون مصر للإمارات، ولا يمكن بحال حماية قوميي تونس من عاهات قوميي الشرق فالعرق دساس.

هذا المرشح يدخل على التونسيين المتعلمين بكل رصيد فشل قوميي الشرق العربي، وعليه قبل أن يحدثهم عن تونس العربية أن يحميهم من الشرق العربي الذين علموا العرب تقنية الانقلابات العسكرية وخطاب الإنقاذ (ولن يفعل فقد سار سيرتهم) وهو يحمل عاهات السيسي السياسية على كتفيه.

سيكون لانتخابات تونس المضروبة مزيّة إعلان نهاية المرشح باسم القومية العربية، فتونس كانت عربية قبل ظهور خطاب القوميين العرب، مثلما كانت إسلامية قبل ظهور خطاب الأسلمة الإخواني، وقد كانت تقدمية سبّاقة قبل ظهور اليسار الفرانكفوني.. هل هذه جمل تمجد القُطرية؟ أبدا، هذه جمل تحرر من ترهات الخطاب القومجي، وعلى مدرس الثانوية أن يعود إلى السبورة والطبشور ويطلب تقاعد مريحا براتب مدرس تعليم ثانوي.. هذا مكان مريح.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حركة الشعب التونسية القوميين انتخابات الإنقلاب تونس انتخابات القوميين حركة الشعب مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التیار القومی الربیع العربی الشرق العربی حرکة الشعب هذا المرشح عن الربیع فی تونس

إقرأ أيضاً:

بلد عربي على رأس القائمة.. ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة على عشرات الدول

تربعت سوريا على رأس قائمة الدول التي طالتها أعلى نسبة من الرسوم، إذ بلغت التعرفة الجمركية المفروضة على صادراتها 41%. وتلتها لاوس بنسبة 40%، وسويسرا (39%)، وصربيا (35%)، وجنوب أفريقيا (30%). اعلان

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الخميس، مرسوماً تنفيذياً يقضي بفرض رسوم جمركية جديدة على عدد كبير من الدول، في خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها تهدف إلى "إعادة هيكلة التجارة العالمية بما يخدم مصالح العمّال الأميركيين".

وبحسب بيان رسمي، فإنّ الرسوم الجديدة، التي تتراوح نسبتها بين 10% و41%، ستدخل حيّز التنفيذ في 7 أغسطس/آب، بعد تأجيل أسبوع عن الموعد المحدد سلفاً. وتستهدف هذه الإجراءات الدول التي لم توقّع اتفاقيات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، بينما تُستثنى الدول الموقّعة التي ستُطبّق عليها التعرفات المنصوص عليها في الاتفاقات القائمة.

سوريا تتصدر القائمة.. وسويسرا وكندا بين المتضررين الأكبر

تربعت سوريا على رأس قائمة الدول التي طالتها أعلى نسبة من الرسوم، إذ بلغت التعرفة الجمركية المفروضة على صادراتها 41%. وتلتها لاوس بنسبة 40%، وسويسرا (39%)، وصربيا (35%)، وجنوب أفريقيا (30%). أما معظم الدول الأخرى، وبينها الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، فقد خضعت لتعرفة موحدة نسبتها 15%، فيما فرضت نسبة 10% فقط على البضائع البريطانية.

في هذا السياق، أبدت العديد من الشركات المُصدّرة إلى السوق الأميركية قلقها من هذه الرسوم، خصوصاً في دول مثل سويسرا التي تعتمد صادراتها بشكل كبير على السوق الأميركية، لا سيما في قطاعات الأدوية، الساعات، الأجبان، الشوكولاته، وكبسولات القهوة.

Related لمواجهة رسوم ترامب.. بروكسل تجهّز خطة تجارية بقيمة 100 مليار يوروفي مواجهة رسوم ترامب.. الرئيس البرازيلي يتعهد بالدفاع عن سيادة بلادهالاتحاد الأوروبي يجمّد الرد على رسوم ترامب بانتظار إيجاد مخرج تفاوضي

وفي خطوة تصعيدية أخرى، رفع ترامب الرسوم الجمركية على المنتجات الكندية غير المشمولة باتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية من 25% إلى 35%، متّهماً أوتاوا بـ"الفشل في التعاون للحد من تهريب الفنتانيل والمخدرات" واتخاذ "إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة".

مكاسب نسبية لآسيا.. وارتياح مشروط في تايوان

في المقابل، عبّرت بعض الدول الآسيوية عن ارتياحها النسبي بعد أن خُفّضت الرسوم التي كانت مزمعة على صادراتها. كمبوديا وتايلاند، اللتان كان من المتوقع أن تخضعا لتعرفة بنسبة 36%، ستواجهان الآن نسبة أقل بلغت 19%. واعتبر رئيس وزراء كمبوديا، هون مانيت، القرار "بشرى سارة للاقتصاد الكمبودي"، فيما وصفت الحكومة التايلاندية القرار بأنه "انتصار كبير" و"مقاربة مربحة للجانبين".

أما تايوان، التي فرضت عليها واشنطن تعرفة مؤقتة بنسبة 20%، فقد أعربت عن أملها في التوصّل إلى اتفاق يخفض هذه النسبة. وكتب الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي على فيسبوك: "ستسعى حكومتنا للحصول على مستوى معقول من الرسوم الجمركية، عبر مفاوضات جدّية مع واشنطن".

من جانبها، حصلت المكسيك، الجارة الجنوبية للولايات المتحدة، على مهلة مدّتها 90 يوماً قبل تطبيق أي زيادات جمركية على صادراتها، ما اعتبر فرصة أخيرة لتفادي الإجراءات الأميركية الصارمة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • بيان عربي بعد اقتحام بن غفير المسجد الأقصى
  • الاتحاد العربي لكرة القدم يعتمد بطولات (2025-2029)
  • هل يمكن حجب تيك توك في مصر؟.. رئيس اتصالات النواب يُجيب
  • رئيس البرلمان العربي: نطالب بموقف أوروبي برلماني جماعي لوقف جرائم الاحتلال في غزة
  • من بلجيكا إلى فنلندا.. 18 دولة تطلب دعماً دفاعياً بقروض أوروبية
  • رئيس تحرير جيروزالم بوست: هكذا يمكن ليهود نيويورك إسقاط ممداني كما سقط كوربين
  • ماذا يمكن أن يفعل المرشح الذي عينه ترامب في بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
  • بلد عربي على رأس القائمة.. ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة على عشرات الدول
  • على هامش مشاركتها بملتقى السرد بالأردن.. د. هدى النعيمي لـ العرب: الثقافة القطرية حاضرة في المشهد الإبداعي العربي
  • تدمير دبابة إسرائيلية من طراز ميركافا في عملية نوعية شمال مدينة جباليا