فتاوى التكفير الإخواني في ملف "اقتحام قسم حلوان"
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
في التاسعة من صباح الأربعاء الرابع عشر من أغسطس عام 2013، كانت هتافات المئات من أعضاء جماعة "الإخوان" الإرهابية وحلفائهم ترتفع في محيط ديوان قسم شرطة حلوان بالقاهرة وتصرخ بشعارات: "بالروح بالدم نفديك يا إسلام.. الله أكبر.. إسلامية إسلامية"، وصرخ أحدهم مبشرًا بنجاح مخططهم: "القسم وَلَّع.. القسم وَلَّع"، بينما صاح آخر: "يا جماعة، نحتاج ذخيرة آلي.
كانت البداية بمعلومات وردت إلى أجهزة الأمن تفيد بأن قيادات التنظيم الإخواني عقدت لقاءات تنظيمية في الحادي عشر من أغسطس 2013، وتم الاتفاق خلالها على الإجراءات التصعيدية التي ستقوم بها جماعة "الإخوان" بعد فض اعتصاميْ "رابعة والنهضة". وصدرت تكليفات من تلك القيادات إلى مسؤولي الجماعة في العديد من المحافظات، ومن بينها القاهرة، بتنفيذ أعمال شغب في مختلف الميادين، واقتحام بعض أقسام الشرطة، وحصار المؤسسات العامة وتعطيلها، وإحداث حالة من الفوضى في البلاد.وكان قسم شرطة حلوان من بين الأهداف الرئيسية في المخطط الإرهابي.
بدأ تنفيذ التكليفات الإخوانية في التاسعة من صباح الرابع عشر من أغسطس، وأعلنت الجماعة الإرهابية وحلفاؤها في جنوب القاهرة النفير العام، وتدفق مئات المسلحين على محيط قسم شرطة حلوان، وسجلت كاميرات المراقبة وأجهزة الهاتف وقائع الأحداث الدامية، وكان عدد من أعضاء التنظيم الإرهابي يستخدمون أجهزة الهاتف لإرسال مشاهد "الجهاد" إلى إحدى القنوات لإذاعتها في تغطية حية لرفع الروح المعنوية في نفوس مجموعات أخرى تنفذ ذات المخطط في عدد من المحافظات، وشاركت أعداد كبيرة منهم في ترويج الصور والفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتتحول هذه المشاهد فيما بعد إلى سطور في حيثيات الحكم بإعدام بعضهم وسجن آخرين.
أكد تقرير اللجنة الفنية، التي تشكلت بقرار من محكمة جنايات القاهرة لتفريغ الاسطوانات والفلاشات المرفقة بالتحقيقات، أن عددًا من المتهمين أقروا بأن الصور التي ظهرت في الفيديوهات تعود لهم. كما أثبتت اللجنة أن الفيديوهات والصور لم تتعرض لعمليات مونتاج تُغير من حقيقة محتواها.
وكشفت المشاهد الأولى المرفقة بملف القضية أن اثنين من العناصر الإخوانية كانا يركبان دراجة نارية، ويسير بجوارهما أشخاص يحملون أسلحة آلية، بينما كان أحدهم ملثمًا. وظهرت مجموعة أخرى تقوم بتكسير رصيف المشاة، وآخرون يعدون زجاجات المولوتوف للإشعال قبل إلقائها على قسم الشرطة.
وفي أحد المشاهد، يظهر شاب يطلق النار وسط مجموعة من المتظاهرين ثم يجري إلى الخلف، بينما يأتي صوت يقول: "الله أكبر عليك يا ولد". ويردد آخرون: "الله أكبر.. الله أكبر".
في مشهد آخر، يقف متظاهرون، بعضهم ملثم، خلف ساتر من الطوب يقذفون الحجارة والمولوتوف صوب ديوان القسم، ويطلقون الأعيرة النارية مرددين: "الله أكبر.. الله أكبر"، وظهر حريق في عدة أماكن، كما ظهر آخرون أعلى عمارات ومبانٍ قريبة من القسم.
ثم ظهر في مشاهد تالية عدد من رجال الشرطة وهم يحاولون منع الإرهابيين من اقتحام القسم، وكان أحدهم يقول: "بيضرب منين ده؟.. هم بيضربوا من أي عمارة؟". ويضيف آخر: "البرج ده هو اللي بيضربوا منه". في مشهد آخر، يظهر شخص يقف في بلكونة ويطلق النار على رجال الشرطة، ويقول صوت ثالث: "ده اللي بيضرب نار على قسم الشرطة". ويقاطعه صوت حزين: ".. وأصاب أربعة لحد دلوقت". في مشهد لاحق، يظهر مسلح يطلق النار، وآخر يستخدم الطوب في الهجوم على رجال الشرطة. ثم يتقدم آخرون ويشعلون النيران في إطارات السيارات.
وتتوالى مشاهد المتظاهرين في محيط القسم وهم يهتفون: "بالروح بالدم نفديك يا إسلام.. الله أكبر.. إسلامية إسلامية.. تكبير". ويقول أحدهم: "دول رجالة ميه ميه.. رجال الإخوان". وتنقطع الأصوات بأصوات أعيرة نارية.
وأكد التقرير الفني أن جميع الفيديوهات سُجلت في محيط قسم شرطة حلوان بتاريخ الرابع عشر من أغسطس 2013. وأثبت الفحص أن الاسطوانات والفلاشات تحتوي على سبع وسبعين صورة، جميعها من موقع الحادث، بعضها موجود في مشاهد الفيديوهات.
وبمعاينة الشوارع المؤدية إلى قسم حلوان، تبين أنها هي ذاتها التي شهدت الأحداث الدامية. كما أثبتت المعاينة آثار خلع الطوب وتكسير الأرصفة، بالإضافة إلى العمارة التي استخدمها أعضاء "الإخوان" في إطلاق الرصاص على رجال الشرطة. وأثبت التقرير أن جميع الأماكن مطابقة لما ظهر في مقاطع الفيديو.
وقال العقيد مصطفى أحمد علي ياسين، مأمور قسم شرطة حلوان في شهادته أمام النيابة العامة أنه أثناء تواجده بقسم شرطة حلوان وردت إليه معلومات بتوافد عناصر "الإخوان" للهجوم على القسم فأمر بتعيين الخدمات اللازمة لتأمينه وفوجئ بتجمهر ما يزيد على ألف شخص حاصروا القسم من جميع الاتجاهات وبدأوا في رشق القوات بالحجارة والزجاجات الحارقة وأطلقوا الأعيرة النارية فتعاملت معهم القوات بالقدر الملائم من القوة حتى وصل دعم من قوات الأمن والقوات المسلحة، وأكد شهود العيان والمصابون أن الاشتباكات استمرت نحو اثنتيْ عشرة ساعة في إصرار من العناصر الإخوانية علي عدم مغادرة موقع الأحداث قبل تنفيذ مخططهم الإرهابي. وأسفر عن استشهاد ثلاثة من رجال الشرطة وثلاثة مواطنين تصادف وجودهم في مكان الحادث وإصابة تسعة عشر آخرين، بينهم حالات إصابة بعاهات مستديمة وبتر في الأطراف، وإتلاف وتخريب مكاتب ديوان القسم وعدد من سيارات الشرطة والمواطنين.
وفي جلسة الثلاثاء العاشر من أكتوبر 2017، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكامًا بالإعدام شنقًا لسبعة من المتهمين بالإعدام والسجن المؤبد لخمسين آخرين، والسجن المشدد سبع سنوات لعشرة متهمين، وخمس سنوات لثلاثة آخرين، وفي جلسة السبت السادس من يونيو 2020، قضت محكمة النقض بتأييد حكم الجنايات ورفض الطعون المقدمة من المحكوم عليهم حضوريًا.
كان اقتحام قسم شرطة حلوان صفحة من آلاف الصفحات السوداء في تاريخ جماعة إرهابية غرست في عقول أعضائها وتابعيها فتاوى دفعتهم إلى الاعتقاد بأنهم "فئة مؤمنة خرجت لقتال جنود فرعون وأولياء الطاغوت". وخُيل إليهم من ضلالهم أن القتل وسفك الدماء وتخريب الممتلكات العامة ونشر الفوضى والرعب بين الناس هو "عين الجهاد في سبيل الله". وما زلنا نسمع مظلومياتهم الموسمية الكاذبة المتكررة في شهر أغسطس من كل عام، وهي خيرُ شاهد على أنهم فئة مارقة ضَلَّ سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قسم شرطة حلوان رجال الشرطة الله أکبر عدد من
إقرأ أيضاً:
جهود وطنية متواصلة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.. وإشادات دولية بدور "الشرطة" في ضبط المطلوبين
◄ تدشين الحملة الوطنية "أمان" لرفع الوعي المُجتمعي
◄ ضبط تشكيل عصابي يروّج لزراعة الأعضاء خارج السلطنة واستغلال حاجة المرضى
◄ تقديم الدعم اللازم للفئات الضعيفة المعرضة للاستغلال
◄ التأكيد على أهمية عقود العمل الرسمية لضمان الحقوق
مسقط- الرؤية
تُشارك سلطنة عُمان ممثلة في شرطة عُمان السلطانية والجهات المعنية، دول العالم إحياء اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يُصادف 30 يوليو من كل عام، ويأتي هذا العام تحت شعار "جريمة منظمة – لننهِ الاستغلال"، في دعوة عالمية للتصدي لهذه الجريمة العابرة للحدود.
وبهذه المناسبة، قال العميد جمال بن حبيب القريشي مدير عام التحريات والبحث الجنائي، إنَّ احتفال هذا العام يأتي في ظل ما حققته سلطنة عمان من إنجازات وإجراءات فاعلة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، من خلال تطوير التشريعات، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، والارتقاء بقدرات الكوادر الأمنية في كشف مثل هذه القضايا والتعامل معها باحترافية.
الحملة الوطنية "أمان"
وأضاف: "تزامنًا مع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر لهذا العام تُدشن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الحملة الوطنية "أمان"، والتي تتضمن برامج توعوية وإعلامية متنوعة، تستهدف رفع الوعي المجتمعي بخطورة هذه الجريمة، وأهمية التبليغ عنها، والتعريف بحقوق الضحايا وسبل حمايتهم".
وأكد القريشي أن شرطة عُمان السلطانية تواصل تأدية دورها الوطني في التصدي لهذا النوع من الجرائم، من خلال التدريب المستمر، وتحديث أدوات الكشف والتحقيق، والتنسيق مع المنظمات الدولية، لضمان بيئة آمنة تحترم كرامة الإنسان وتصون حقوقه، خاصة الفئات الأكثر عرضة للاستغلال.
استخدام أنظمة حديثة
وأفاد العميد جمال القرشي بأنه ضمن خطوات استراتيجية لمكافحة هذه الجرائم، بدأت شرطة عمان السلطانية هذا العام تفعيل نظام يُعنى بحماية ضحايا الاتجار بالبشر ويهدف إلى تسهيل التنسيق بين الجهات المختصة وكذلك تحديد الضحايا بدقة بواسطة مؤشرات تم تدريب العاملين عليها بشكل مستمر وسيتم عبر هذا النظام استكمال الإجراءات القانونية والحصول على أوامر الإيداع من الادعاء العام تمهيدًا لإحالة الضحايا إلى دار الحماية بوزارة التنمية الاجتماعية.
أساليب احتيالية لاستدراج الضحايا
وكشف العميد جمال القريشي بأن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي رصدت خلال العام الحالي عددًا من الحالات التي كشفت عن وجود شبكات إجرامية منظمة تستخدم أساليب متعددة للإيقاع بالضحايا، ففي إحدى القضايا النوعية ضبطت شرطة عمان السلطانية عددًا من الأشخاص من جنسيات عربية وآسيوية دخلوا البلاد للغرض السياحي وبدورهم يقومون بالترويج لزراعة أعضاء بشرية خارج سلطنة عُمان مستغلين بعض المرضى لحاجتهم الماسة لزراعة الأعضاء وخصوصًا مرضى الكلى.
وأشار إلى أن من الأساليب الجرمية التي يتبعها الجناة في جرائم الاتجار بالبشر نشر وترويج إعلانات وظيفية مزيفة لاستدراج الفتيات في الخارج للعمل في سلطنة عُمان وذلك لاستغلالهن في ممارسة أعمال تنافي الأخلاق والآداب العامة بعد مصادرة وثائقهن الشخصية وحجز حريتهن، ومن بين الأساليب الأخرى المتكررة التي تم رصدها قيام أصحاب العمل بحجز جوازات السفر أو الوثائق الثبوتية للعمال دون موافقتهم كتابيًا على ذلك أو استقدام تلك العمالة بتأشيرات زيارة عائلية أو سياحية وتشغيلها في بعض الوظائف مما يُخالف قانونيّ العمل وإقامة الأجانب وقد يصل الأمر ببعض من تسول له نفسه مطالبة تلك العمالة بدفع مستحقات قيمة التأشيرة وتذكرة السفر من خلال إرغامه على العمل المُضاعف من أجل تسديد ذلك.
عملية نوعية تلقى إشادة دولية
وأفاد العميد جمال القريشي أن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي تمكنت من رصد وضبط أحد المطلوبين لدى السلطات الإيطالية بعد دخوله إلى سلطنة عُمان كونه متهماً بتشكيل تنظيم إجرامي يُمارس الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين إلى عدد من الدول الأوروبية وإتمام إجراءات تسليمه وفق البروتوكولات الدولية وقد لاقت هذه العملية إشادة دولية واسعة.
عقود العمل خط الدفاع الأول
وشدد العميد مدير عام التحريات والبحث الجنائي على أهمية وجود عقود عمل واضحة ورسمية تحمي حقوق كل من صاحب العمل والعامل، إذ إن بعض الحالات التي يُشتبه فيها بالاتجار بالبشر، تعود لأخطاء في فهم شروط التعاقد.
حماية الفئات الضعيفة
وأوضح العميد جمال القريشي بأن شرطة عمان السلطانية مُستمرة بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية على تقديم الدعم اللازم للفئات الضعيفة التي لا تصنَّف قانونيًا كضحايا للاتجار ولكنها مُعرضة للاستغلال من خلال مساعدتهم على تصحيح أوضاعهم القانونية وكذلك مساعدتهم على الاستقرار أو العودة إلى بلدانهم وكذلك ضمان حصولهم على حقوقهم.
التوعية ركيزة الوقاية
وأضاف: من منطلق الشراكة المجتمعية فقد كثفت شرطة عمان السلطانية جهودها في التوعية والتثقيف بمدى خطورة هذه الجرائم عبر القنوات الإعلامية بشتى أنواعها إضافة إلى عقد المحاضرات في الجامعات والمؤسسات المختلفة لنشر الوعي بمؤشرات الاتجار بالبشر وخطورة هذه الجرائم على الفرد والمجتمع وكيفية التصدي لها.
وأشار العميد جمال القريشي إلى أهمية وعي المواطنين والمقيمين وإدراكهم لمسؤولياتهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار والإبلاغ عن أية أعمال ومُخالفات مشبوهة قد تؤدي إلى الاستغلال أو الاتجار بالبشر، مؤكدًا أنَّ شرطة عمان السلطانية ماضية بكل عزم واقتدار على مكافحة الاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم لينعم جميع قاطني هذه الأرض الطيبة بحياة هانئة.