بوابة الوفد:
2025-10-15@15:53:44 GMT

لا تكن بوللى

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

فى سنة 1950 أنعم الملك فاروق بنيشان النيل على محمد حسن الشماشرجى الخاص به تقديرا لاخلاصه وتفانيه فى عمله. ولم يكن الرجل سوى خادم نوبى بسيط يبتسم فى وجه الملك كل صباح، ويساعده على ارتداء ملابسه، والعناية بهندامه، والدعاء له، لذا فقد تندر الناس بذلك النيشان وسموه «نيشان الشماشرجي».

ولقب الشماشرجى لم يكن سوى إشارة لمهنة عرفت فى الدولة العثمانية، فالكلمة مشتقة من الكلمة التركية «جامشرجي» ومعناها غاسل الملابس، وكانت تطلق على كُل مَن يقومون بأعمال بسيطة، غير مهمة مثل تلبيس الأمراء والأثرياء.

وبطبيعة الحال، فقد انتقل المصطلح  لمصر والتى كانت ولاية عثمانية لأكثر من أربعة قرون، لكن مفهومه اتسع ليشمل أولئك الذين يقومون بفتح الأبواب فى القصور، وممارسة أى أعمال خدمة لساكنيها. 

ويبدو أن الثقافة الشعبية فى مصر قد استطابت الكلمة، فالتقطتها، وعددت إشاراتها، ووظفتها لممارسة النقد الشعبى لأولئك التافهين قيمة وعلما والذين يملأون المجالس، ويجلسون إلى جوار القيادات يتغنون بمآثرها، ويهللون لكل فعل، ويزينون لها كل مُنكر. وهم فى الأغلب لا يجيدون عملا جادا ولا يمتلكون مهارة، ولا تحركهم مبادئ، أو تحكمهم قيم. إنهم يقولون ما يريد مرؤوسوهم أن يسمعوه، ويرسمون على وجوههم ابتسامات ذليلة كاذبة، ويدّعون حبا لم يزر قلوبهم، ثم يمدون آذانهم فى كل زاوية ليسترقوا السمع، ويثبتوا الولاءات بنقل الأسرار.

كان أنطون بوللى أحد أشهر الشماشرجية فى تاريخنا الحديث، ولد بميلانو سنة 1908 وفشل فى التعليم، فسافر إلى مصر بحثا عن عمل،  ولم يجد سوى وظيفة كهربائى فى إحدى شركات الصيانة بالقاهرة. وفى الثلاثينيات أوفدته الشركة إلى سراى الملك لتركيب أنظمة تدفئة، وإصلاح الإضاءة، لكنه كان كهربائيا فاشلا، لذا فقد استغل الزيارة فى اضحاك المشرفين على العمل بالقصر، فعينوه كهربائيا هناك. وبفضل التذلل والتملق الزائد تقرب بوللى من سادة القصر، حتى وصل إلى الولد اليافع فاروق، فاستحوذ على  قلبه. ورويدا صار مسئولا عن إسعاد الملك، ثم أصبح مسئولا عن حفلاته الخاصة، وسهراته. ومن بعد تفجرت الفضائح، واهتزت المملكة المصرية بحكايات مُزرية ومُشينة اعتبرها المؤرخون مسامير عميقة فى نعش الملكية.

 وعندما سقط الملك فاروق، وتنازل عن حكم مصر، واضطر إلى الخروج، طلب اصطحاب بوللى معه، لأنه الرجل الوحيد الذى يسعده، لكن ضباط يوليو رفضوا بشكل قاطع، فبكى الملك متصورا أنهم حرموه من صديقه وأحد المحبين المخلصين له. وفى اليوم التالي، وكما ذكر المؤرخون كان بوللى متطوعا للمثول أمام اللواء محمد نجيب ليجلس معه فى حضور زكريا محيى الدين، وصلاح نصر، ليحكى لهم كل أسرار الملك ومخازيه بتفصيل كامل، ثم قدم لهم معلومات وافيه بشأن المخابئ السرية لأمواله، وطرق تهريبه للذهب معه. كان الكهربائى الإيطالى خائنا بامتياز، ولم يكن فى قلبه ذرة محبة واحدة.

فيما بعد عرفنا فى دوائر الحكم شماشرجية كُثرًا اعتبرهم الناس حاشية السوء، وقرأنا قصصا لا حصر لها عن خطاياهم التى حملوها معهم إلى قبورهم. وخارج دوائر السياسة، فى الإدارات المختلفة، فى الجامعات، فى المؤسسات الكبرى والصغرى، فى أماكن العمل، وفى كل موقع ببلادنا الطيبة كان هناك بوللى آخر يتغنى بمحبة القادة، ويدعى الإخلاص الشديد لهم. يتشقلب كل يوم أمامهم مبهجا، يصفق على كل شىء، وينحني، ثم ينحني، ويتذلل متصورا أن رزقه وسعده رهين ذلك الذُل، ولا يُدرك أن أحدا لا يمت دون رزقه المقسوم، لكن كثيرين على هذه الأرض يموتون دون كرامة. 

والله أعلم

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الملك فاروق على محمد حسن الدولة العثمانية

إقرأ أيضاً:

فاروق: يجب أن يشعر المزارع بأن الري الحديث استثماراً له وليس عبئاً

أكد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، التزام الوزارة التام بوضع البحث العلمي والابتكار في صميم خططها التنفيذية لضمان الإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد المائية، خاصة في قطاع الزراعة، الذي يعد المستهلك الرئيسي للمياه في مصر.

جاء ذلك خلال مشاركته، والدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، والمهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، في الحلقة النقاشية التي أقيمت، تحت عنوان: "من البحث إلى السياسة.. تشكيل مستقبل المياه في مصر" ضمن فعاليات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"، والاحتفال باليوبيل الذهبي للمركز القومي لبحوث المياه.
وجاءت الفعاليات بحضور عدد من الوزراء وسفراء بعض الدول، وكبار المسئولين، والخبراء والباحثين، وممثلو بعض المنظمات الإقليمية والدولية، العاملة في مجالات الزراعة والري والأمن الغذائي.

منظومة إدارة الموارد المائية


وفي بداية مداخلته، توجه  "فاروق" بخالص التهنئة إلى القائمين على المركز القومي لبحوث المياه بمناسبة احتفاله باليوبيل الذهبي لتأسيسه، مثمناً دوره المحوري على مدار خمسين عاماً في دعم منظومة إدارة الموارد المائية وربط البحث العلمي بقضايا التنمية المستدامة.
وشدد الوزير على أن أي تقدم في كفاءة إدارة الموارد المائية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المزارع المصري، الذي يمثل حجر الزاوية في تنفيذ السياسات على أرض الواقع، مؤكداً أن الدولة المصرية، بتوجيهات من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي أولوية قصوى لتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه في الزراعة عبر منظومة الجيل الثاني من نظم الري الحديث والتقنيات الموفرة للمياه.

وزير الري يلتقي وزير الزراعة الموريتاني ضمن فعاليات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"

أوضح فاروق أن وزارة الزراعة تعمل بالتعاون الوثيق مع وزارات الموارد المائية والإسكان والبحث العلمي على توسيع نطاق تطبيق التقنيات الموفرة للمياه من خلال آليات عملية تشمل: التوسع في برامج التمويل التحفيزي بالتنسيق مع البنك الزراعي المصري، لتقديم قروض ميسرة بدون فوائد ولمدة عشر سنوات للتحول إلى الري الحديث، فضلا عن تفعيل منظومة الإرشاد الذكي والتدريب الحقلي لرفع وعي المزارع بأهمية كفاءة استخدام المياه وتحسين الإنتاجية.
وأشار وزير الزراعة إلى أن تلك الآليات تشمل أيضا دمج مخرجات البحوث التطبيقية في برامج التنمية الزراعية لتحويلها من نتائج نظرية إلى مشاريع قائمة في الحقول، إضافة إلى دعم الشراكات لتطوير معدات ومنظومات ري وطنية منخفضة التكلفة، كذلك استنباط سلالات من الأصناف المتحملة للجفاف وعالية الإنتاج.

فوزي: الرئيس السيسي يولي ملف الزراعة والغذاء أولوية قصوى

أكد "فاروق" أن نجاح التحول من المعمل إلى الحقل يتطلب منظومة تكاملية بين البحث العلمي، والتمويل، والإرشاد الزراعي، ليشعر المزارع بأن الري الحديث استثماراً في المستقبل وليس عبئاً عليه، مشددا على التزام وزارة الزراعة بخطتها لرفع كفاءة استخدام المياه بنسبة لا تقل عن 25% بحلول عام 2030 من خلال التوسع في الري الحديث وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالجة، وتطبيق الممارسات الزراعية الذكية مناخياً.

وفي ختام كلمته، شدد الوزير على أن الوزارة تعمل على ترجمة نتائج الأبحاث التطبيقية إلى برامج ومشروعات واقعية تُنفذ على الأرض، كما تسعى لتأسيس آلية تنسيقية دائمة تجمع بين الباحثين وصناع القرار والمزارعين لضمان أن تكون الابتكارات العلمية جزءاً أصيلاً من منظومة اتخاذ القرار الزراعي والمائي، مؤكداً أن الشراكة بين البحث العلمي وجهات التنفيذ هي الطريق لتحقيق أمننا المائي والغذائي معاً.

مقالات مشابهة

  • تعلن محكمة غرب إب بأن المدعي فاروق عبدالله تقدم بطلب تصحيح اسم
  • لتسريع التعافي .. الأهلي يلجأ إلى حقن حسين الشحات بالبلازما | تفاصيل
  • نجم الأهلي السابق يكشف مفاجأة عن إصابة حسين الشحات
  • فاروق: يجب أن يشعر المزارع بأن الري الحديث استثماراً له وليس عبئاً
  • ذكرى رحيل «حارس اللغة العربية».. فاروق شوشة شاعر الإذاعة وضمير اللغة
  • مي فاروق لـ صدى البلد: لقب السلطانة من الجمهور فخر لي.. فيديو (خاص)
  • وزير الزراعة في مؤتمر الزراعة والغذاء: الدولة المصرية حققت طفرة غير مسبوقة في التنمية المستدامة
  • فاروق: 7.5 مليون طن حجم صادرات مصر الزراعية منذ بداية 2025
  • مي فاروق: ألبومي الأخير خطوة مهمة في حياتي..فيديو
  • شيري عادل تفاجئ جمهورها بفستان لافت