على ضوء معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكنت عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة فاس الأربعاء 9 غشت الجاري، من توقيف مواطن من دولة الأراضي المنخفضة، وذلك لكونه يشكل موضوع بحث على الصعيد الدولي من أجل محاولة القتل العمد باستعمال السلاح الناري في إطار أنشطة شبكة إجرامية.

وقد مكنت الأبحاث والتحريات الأمنية المنجزة في هذه القضية من توقيف المشتبه فيه بمدينة مكناس، متلبسا بانتحال هوية بلجيكية مزيفة، حيث تم العثور بحوزته على وثائق وسندات هوية بلجيكية مزورة كان يستخدمها للتنقل والسفر بغرض التنصل من مذكرة البحث الدولية الصادرة في حقه.

وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن هذا الأجنبي الموقوف يبلغ من العمر 43 سنة، ويشكل موضوع بحث على الصعيد الدولي بموجب نشرة حمراء صادرة عن منظمة الأنتربول بطلب من السلطات القضائية بالأراضي المنخفضة، للاشتباه في تورطه في ارتكاب محاولة القتل العمد باستخدام السلاح الناري داخل إقليم دولة الأراضي المنخفضة في إطار أنشطة شبكة إجرامية منظمة.

وقد تم الاحتفاظ بالأجنبي الموقوف تحت تدبير الحراسة النظرية على خلفية البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، التي تندرج في إطار تعزيز المصالح الأمنية المغربية لعلاقات التعاون الأمني الدولي وكذا ملاحقة الأشخاص الأجانب المبحوث عنهم في قضايا الجريمة العابرة للحدود الوطنية.

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ (2)

توقفنا في الجزء الأول من هذا السلسلة التي حملت عنوان "الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ" عند السؤال: الآن هل المسلمون أمة؟ وهل تنطبق عليهم هذه التعريفات، ومن ثم هل تغيرت المعطيات، من ثم تغيرت التوصيفات لهذه الشعوب؟ لا سيما بعد اعتراض أحد كبار المستشاري رئيس إحدى حكومات الدول الإسلامية على المصطلح، مؤكدا أن المصطلح ما عاد يصلح لهذا الزمان. واستقينا من آيات القرآن، الذي هو محور التفاف هذه المجموعة البشرية التي تسكن الجغرافية المعروفة وما وراءها في بلاد الاغتراب، أو البلاد التي دخلها الإسلام ويمثل أهل أقلية، فالقرآن هو العامل الجامع الأول لهذه المجموعة البشرية.. استقينا معنى الأمة ومفهومه عند الشارع الحكيم، من دون اختلاف لا في التفسير ولا التأويل.

لقد عاشت الأمة الإسلامية حالة الترابط والتماسك، لا تناقش فكرة إن كانت أمة أم لا، ولم تفكر في فكرة القومية أو الوطنية، حتى مع تفسخها واستئثار بعض الحكام ببعض الأراضي، وحتى ولو لم يكن لهم خليفة واحد. فقد تنشأ عدة دول في بعض البقاع في زمن واحد، إلا أن ذلك لم يغيّب فكرة الأمة عن العقل الجمعي الإسلامي، وظلت هذه الفكرة راسخة في أذهان الشعوب العربية والإسلامية حتى إعلان سقوط الخلافة العثمانية في بدايات القرن الماضي، كان لعبد الناصر الدور الأكبر في حمل مشعل القومية العربية، وقدم فكرة الشعب العربي، وهي بمثابة عقيدة تحملها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ، لذا فإن حرية الأديان مقدمة، ولعله في ذلك أراد أو أرادت الفكرة سحب فكرة التدين من الضمير الجمعي للعربوالتي شكلت صدمة لهذه الشعوب، رغم التمهيد لهذا السقوط بحركات تمرد شهدتها العديد من الدول العربية، في تراجع غير مفهوم لفكرة شمولية الدين والمصير لصالح فكرة الوطنية أو القومية، لتظهر فكرة رفض الحكم من غير أبناء الوطن أو العِرق، لتظهر في هذه اللحظة الدولة القومية، على حساب الخلافة الإسلامية، ومثّل ذلك السقوط جرح عميق في الأمة.

كان لسقوط الخلافة العثمانية الدور الكبير في بزوغ نجم القومية العربية، التي كانت في الحقيقة أحد أسباب سقوطها، حيث مثلت القومية بديلا للدولة الكبرى، وحلما للاستقلال، على الرغم من أن الدول العربية التي حملت راية القومية العربية كانت محتلة من الغرب، لكن الترويج لأن الأتراك ما هم إلا محتلون يجب الخلاص منهم، كانت تحمله سردية العصبية القومية، حتى في ظل التنوع العرقي والمذهبي في تلك البلدان التي شهدت التمرد على الحكم العثماني، فطارت الفكرة حتى بلغت عنان سماء مخيلة العامة، لا سيما بعد أن صُنعت نخب دورها كان الترويج للفكرة، وصناعة أحلام الازدهار بعد الانعتاق من الحكم العثماني، وقد ساعد على ذلك تزايد المظالم بفعل التعامل العنيف من العثمانيين.

عُرفت فكرة القومية في التاريخ الأوروبي، لا سيما بعد الثورة الفرنسية، وهي حركة يقوم بها أشخاص، غالبا من نفس المجموعة العرقية، لتحديد الحدود السياسية وبالتالي الحكم لبقعة جغرافية، وكان رائد الفكرة والتيار ومفكرها ميشيل عفلق، ورافع رايتها والداعم لها والمستفيد منها جمال عبد الناصر.

الانكفاء على الوطنية، وهي فكرة لطالما حاول الاستعمار ترسيخها، ووجدت لها صدى كبيرا مع التحولات السياسية في المنطقة مع ترسيخ فكرة أن 99 في المئة من مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، وهي الفكرة التي أصابت هذه الأمة وأصابت معها، للأسف، بشكل غير مباشر وتحت الضغط؛ القوى الإسلامية المعارضة والمنظرة لفساد فكرة الانكفاء والتغريب
كان لعبد الناصر الدور الأكبر في حمل مشعل القومية العربية، وقدم فكرة الشعب العربي، وهي بمثابة عقيدة تحملها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ، لذا فإن حرية الأديان مقدمة، ولعله في ذلك أراد أو أرادت الفكرة سحب فكرة التدين من الضمير الجمعي للعرب، بعد سقوط الخلاف القائم على فكرة الوحدة على أساس الدين، وهي أول صدمة تلقتها القومية العربية بعد هزيمة 1967، وفي مخيلتي أن الهزيمة الثانية كانت باحتلال صدام حسين للكويت، ما جعل الشعوب تكفر بالقومية، ورسّخ لذلك سياسيا بعض الحكام المتضررين من الفكرة بالأساس، والحالمين بريادة المنظومة العربية بوجه جديد.

بدأت هذه القوى في نشر فكرها بصناعة تيار، بدأ تخليقه في محاضن الهجرة بحثا عن الرزق في فترة السبعينات، بعد استقبالها للعمالة العربية والإسلامية، مستفيدة من الثروة النفطية التي منَّ الله عليها بها، وهي في ذلك مستفيدة من حالة التحول الذي ضرب الشعوب العربية بقيادات سياسية وفكرية بدأت تتماهى مع فكرة الانكفاء على الوطنية، وهي فكرة لطالما حاول الاستعمار ترسيخها، ووجدت لها صدى كبيرا مع التحولات السياسية في المنطقة مع ترسيخ فكرة أن 99 في المئة من مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، وهي الفكرة التي أصابت هذه الأمة وأصابت معها، للأسف، بشكل غير مباشر وتحت الضغط؛ القوى الإسلامية المعارضة والمنظرة لفساد فكرة الانكفاء والتغريب.

فلو كان النظام الساداتي صاحب الفكرة، والذي ذهب إلى ما هو أبعد من اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، قد ذهب إلى هذا المذهب كرد فعل على القطيعة العربية، فإن هذا المذهب وجد له من يتلقفه ويغذيه لصالح تياره الجديد من خلال العاملة الوافدة له، والكل يخدم مشروعا أكبر سواء بحسن أو سوء نية، هو مشروع تفتيت هذه الأمة التي قال عنها سبحانه: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، لكن هناك من وجد له مشروعا يخالف هذه الفكرة، على الرغم من أنها لا تخدم مشروعه في نهاية المطاف، لكنه وجد فيها خلاصا من آثار القومية التي حكمت المنطقة لعقود.

ولضيق المساحة، أرجو أن تتحملني عزيزي القارئ في جزء آخر لهذا المقال، لنستكمل في الأسبوع القادم إن شاء الله.

مقالات مشابهة

  • مجابهة الخطر الزلزالي.. تنسيق مشترك بين  وزارة الداخلية و الوكالة اليابانية للتعاون الدولي
  • مدينة واحدة تتحدى موجة الغلاء في تركيا.. ما سر أسعارها المنخفضة؟
  • البولنديون يترقبون هوية الساكن الجديد للقصر الرئاسي
  • شاب بلجيكي يقطع آلاف الكيلومترات إلى مكة بدراجة لأداء فريضة الحج
  • نموذج ملهم.. شاب بلجيكي يقطع آلاف الكيلومترات على دراجة لأداء الحج
  • عالم هولندي يعلن وقوع زلزال مرتقب.. حقيقة هذه التوقعات
  • تغييرات مرتقبة في هوية الناقل الرسمي لدوري روشن
  • ينتحل صفة ضابط مخابرات ويحتال بملايين الليرات على تجار السوق المغطى
  • زلازل في الطريق.. عالم هولندي يتوقع عدة هزات أرضية قريبا
  • الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ (2)