تربويون يستعرضون استعداداتهم للعام الدراسي وأفكارهم لتجويد التعليم
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
تستعد مدارس سلطنة عمان لاستقبال طلبتها للعادم الدراسي الجديد، حيث تباشر هيئات التدريس أعمالها غدا، على أن تبدأ الدراسة الفعلية الأسبوع القادم.
وفي استطلاع أجرته "عمان" عبر مجموعة من التربويين عن استعداداتهم لانطلاق العام الدراسي وتطلعاتهم ورؤاهم لتحسين العملية التعليمية والارتقاء بجودة التعليم.
وقال عمر الحمادي معلم مادة الرياضيات: هنالك العديد من الأفكار التدريسية التي ستطبق في الغرفة الصفية خلال العام الدراسي القادم لنرتقي بطلبتنا ونواكب التطورات، حيث يجب علينا أن نطور طريقة تدريسنا وأن ندخل بعض تطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي حتى لا تكون هناك فجوة معرفية بيننا وبين الآخرين.
وعن الاستراتيجيات والطرق التدريسية قال: الاستراتيجيات كثيرة وعلى المعلم أن يختار ما يناسبه والوقت المناسب لاستخدامه، بحيث لا نركز على الكم بل نهتم بكيفية توظيف الوسائل والتقنيات الحديثة بالشكل الصحيح، ومن ذلك استخدام التعلم التعاوني وتفعيل المنافسة الشريفة بين الطلبة، واستراتيجية المعلم الصغير، بحيث يقوم الطالب بدور المعلم لشرح بعض الموضوعات، ولابد أن يتم تقييم كل هذه الطرق والاستراتيجيات عن طريق التأملات الذاتية لدى المعلم، ومن خلال مدى تأثيرها على الطلبة.
وأضاف: في كل سنة هناك تحديات جديدة، وعلى المعلم أن يضع الخطط لتفادي كل ذلك. فمثلا، لابد أن يكون هناك تحدي الزمن الفعلي لإنهاء المقرر الذي لديه، فمن خلال عمل خطة واضحة من بداية الفصل الدراسي لتوقيت بداية المقرر ونهايته حتى تكون الأمور واضحة من البداية. فبشكل مختصر لتفادي التحديات يستطيع المعلم أن يخطط ويعمل جدول زمني واضح لإنهاء المقرر ومواعيد الاختبارات والوجبات وغيرها من التكاليف، وجود خطة بديلة في حال حدوث أي أمر طارئ، يراجع ويتأمل المعلم بشكل دوري لأدائه وأن يكون مرنا في تعاملاته وتفاعلاته مع كل حدث.
كشف الحمادي عن المبادرات والبرامج الجديدة بقوله: ستكون هناك مبادرات مفيدة وملهمة للطلبة بكل تأكيد. مبادرة المعلم الصغير، فسنقوم بعمل مسابقة بين الطلبة لاختيار أفضل معلم صغير قام بأداء الدور بشكل فعال ومبدع. بالإضافة إلى ذلك، التحول الرقمي وذلك بتحويل معظم موضوعات المقرر بطريقة تفاعلية وممتعة للطلبة. كذلك، عمل العديد من المسابقات والتحديات الشريفة بين الطلبة في كل شهر.
جيل واعٍ
ومن جانبه قال محمد بن خميس الحربي مدير مدرسة الأمل للصم: رؤيتنا للعام الدراسي الجديد تتمثل في إعداد جيل واع علميا متميز أخلاقيا مواكبا لمتطلبات العصر منتميا لوطنه مشاركا في خدمة مجتمعه، وتوفير بيئة تعليمية جاذبة تسهم في تنمية الكفاءات ورفع مستوى التحصيل الدراسي والتأكيد على المشاركات المحلية والدولية في المسابقات والتشجيع على الابتكار والإبداع بالتعاون مع المجتمع المحلي المحيط. وأن نركز على توفير تجارب عملية للمتعلمين من خلال تنفيذ مشروعات تطبيقية تحاكي تحديات العالم الحقيقي حيث يشجع هذا الأسلوب على تطوير مهاراتهم الحياتية مثل التفكير التحليلي، وحل المشكلات، مما يعزز فهمهم للموضوعات ويعمق تعلمهم بشكل أفضل، بالإضافة إلى مشاركة قاعة التفاعل الحسي والبصري في العملية التعليمية وخاصة للطلبة ذوي الإعاقة السمعية وخاصة الذين يعانون اضطرابات أخرى كفرط الحركة والتشتت الذهني.
وأوضحت فاطمة البحرانية معلمة أولى رياضيات: هناك عدة أساليب للتعزيز الإيجابية في عملية التعليم والتي يمكن أن يستخدمها المعلم، والتي تتضمن في المعززات اللفظية وهي المدح والإطراء. وغالبا ما تستخدم في المحاورة الشفهية أثناء الحوار والمناقشة في الموضوع التعليمي للوصول لنتائج استقصائية خلال عملية التعلم، وأيضا معززات غير لفظية «معنوية» مثل الابتسامة و التواصل العيني وإيماء الرأس، الطبطبة على الكتف. ولها تأثير كبير من ناحية نفسية لكسر الحواجز بين الطالب والمعلم وتعزيز التواصل بينهما وغالبا ما تستخدم في التفاعل الصفي أو مناقشة الموضوع التعليمي أثناء تعبير الطالب عن إجابته من خلال الكتابة على السبورة أو في المجموعة مع زملائه أو من خلال عرضه الشفهي، بالإضافة إلى المكافآت المادية والجوائز العينية مثل الدرجات أو جوائز تتمثل في تقديم ألعاب للطالب أو دمى أو هدايا بما يتناسب مع المرحلة العمرية.
وأضافت: في الآونة الأخيرة استحدثت العديد من الاستراتيجيات الداعمة لذلك وكل المعززات الإيجابية تعمل على تحفيز وترغيب السلوك للمتعلم نحو دافعية أفضل للتعلم وتعزيز من حب المادة، أضف إلى ذلك توطي العلاقة بين الطالب والمعلم هذا كله يصب في محور رفع مستوى التعلم من منطلق مواكبة المستجدات التربوية والتحصيلية حرصنا مع إدارة المدرسة على مستوى مادة الرياضيات لتفعيل مجموعة من المشروعات التحصيلية المعززة مدعومة بالاستراتيجيات المستحدثة.
تطورات علمية
وقالت خالصة الفلاحية مديرة مدرسة خولة بنت ثعلبة للتعليم الأساسي بجنوب الباطنة: بقوة البدايات تكون روعة النهايات، ومن هنا يكون الانطلاق للعام الدراسي الجديد بما يتوفر من بيانات ومؤشرات وفق خطط واضحة وأهداف محددة يتم من خلالها تفعيل وتطوير عمليتي التعليم والتعلم وتفعيل استخدام التكنولوجيا الحديثة ومنظومة التقويم والمتابعة من أجل تطوير مستمر في مختلف المجالات للخروج بنتائج إيجابية وذات جودة عالية قادرة على مواكبة التحديات المستقبلية وبناء عمان المستقبل.
وأفادت حليمة بنت عبدالله محمد الشحية مديرة مدرسة ليما للتعليم الأساسي بمحافظة مسندم أنه لرفع جودة التعليم لابد من توفير بيئة تعلم آمنة وجاذبة للتعلم ونشر ثقافة التعليم الإلكتروني واستخدام التقنيات الحديثة والاستراتيجيات الحديثة.
وقالت الدكتورة عذاري بنت مسعود الشحية رئيسة قسم الابتكار والأولمبياد العلمي بتعليمية مسندم: نسعى هذا العام إلى تطوير بيئة تعليمية تلهم الإبداع والتفكير النقدي لدى الطلبة، مع التركيز على تكنولوجيا التعليم وتعزيز التفاعل بين المعلمين والطلبة. هدفنا هو إيجاد جيل متمكن من المهارات اللازمة لمواكبة التطورات العالمية في شتى المجالات. وسنعتمد على استخدام التعلم القائم على المشروعات والتعلم القائم على حل المشكلات، مما يتيح للطلبة تجربة التعلم العملي والمشاركة الفعالة في عملية التعليم، وسيتم تطبيق هذه الطرق من خلال دمج التكنولوجيا في الصفوف وتدريب المعلمين على توظيف هذه الاستراتيجيات بفعالية مع قسم الابتكار، وسنقوم بتقييم فعاليتها من خلال تحليل ابتكارات الطلبة ومراجعة مشروعاتهم بشكل دوري، بالإضافة إلى استطلاعات الرأي التي تتيح لنا معرفة مدى تفاعل الطلبة مع الجانب الابتكاري والتقني. ومشيرة إلى إطلاق عدة مبادرات جديدة خلال هذا العام، من بينها برنامج "سفراء ريو" الذي يهدف إلى تعزيز مهارات الطلبة في الابتكارات العلمية وبرمجة الروبوتات، و"دراسة حالة" الذي تركز مدى تقدم الطلبة في الابتكارات العلمية والبرمجة. كما سنبدأ بتنفيذ مسابقات الأولمبياد العلمي الوطني والذي سيوفر منصة للطلبة لعرض ابتكاراتهم والتنافس على مستوى عالٍ.
ومن جانبة قال مصطفى أحمد محمد أبوطالب معلم مادة الكيمياء بمدرسة أبوبكر الصديق للتعليم الأساسي (5-9) بمحافظة مسندم: أرى من وجهة نظري أن الرؤية لهذا العام في تحسين جودة التعليم تعتمد على استكمال التحول الرقمي وتطبيق تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية التعليم على الطلبة وكذلك زيادة الاعتماد على التعليم عن بعد وألا يكون دوره مقتصرا فقط على وقت الطوارئ وكذلك أيضا زيادة الاعتماد عليه في بعض بنود التقويم المستمر كالواجبات المنزلية. وأضاف: خلال العام الدراسي القادم على أمل في تطبيق استراتيجية (الصف المعكوس) حيث يدرس الطالب الجزء النظري الخاص بالدرس في المنزل ويكون وقت الحصة مخصصا للجزء العملي وحل المشكلات بحيث تزيد قدرة الطالب ومهاراته في استخدام المعلومات النظرية في المشروعات وحل المشكلات ويكون تقويم جودة التعلم بمقدار ما يتقنه الطالب من مهارات وقدرته على حل المشكلات.
وكشف الأستاذ مصطفى عن وجود تخطيط للتحديات المحتملة مثل تحدي تغيير نظام التعليم عن بعد في أيام الطوارئ والحالات الجوية: التحضير الإلكتروني المسبق للدروس وتجهيز منصة (جوجل كلاس روم) بإضافة إيميلات الطلبة وتجهيز الكتب الدراسية الإلكترونية للمنهج الدراسي وتجهيز الألعاب الإلكترونية الجاذبة للطلبة في الحصص وفي التقويم الدراسي. وأيضا تطبيق واستخدام الذكاء الاصطناعي المتزايد في كل مناحي الحياة مع ضرورة التدريب المستمر والاطلاع على كل جديد واختيار المناسب منه لتطبيقه في العملية التعليمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عملیة التعلیم بالإضافة إلى من خلال
إقرأ أيضاً:
التعليم التقني بين الواقع والطموح
#التعليم_التقني بين #الواقع و #الطموح
بقلم: الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
لم يعد التعليم التقني في العالم خيارًا ثانويًا يُركن إليه عند غياب البدائل، بل أصبح أداة استراتيجية تعتمد عليها الدول في تعزيز الإنتاجية وبناء اقتصاد المعرفة. فبينما تتسارع التكنولوجيا في فرض نفسها على مختلف القطاعات، تتنامى الحاجة إلى قوى عاملة تمتلك مهارات تطبيقية متخصصة. وهكذا بات التعليم التقني محورًا للتنمية المستدامة، وعنصرًا حاسمًا في رسم معالم المستقبل.
في الأردن، ورغم ما تحقق من جهود في تعزيز هذا القطاع، لا يزال التعليم التقني يواجه تحديات متعددة تعيق تحقيق تطلعاته، وتجعل الفجوة بين الواقع والطموح واسعة تستدعي التفكير العميق والعمل الجماعي لسدّها.
مقالات ذات صلةأولى هذه التحديات تتمثل في ضعف البنية التحتية التي يعاني منها العديد من المعاهد والكليات التقنية. فالمختبرات المتخصصة والورش المزودة بأحدث التقنيات ما زالت غائبة أو غير كافية، ما يحدّ من قدرة الطلبة على التفاعل العملي مع المفاهيم التي يتلقونها نظريًا. وقد أظهرت دراسات محلية أن أكثر من 40% من المؤسسات التقنية لا تملك تجهيزات ملائمة لتدريب نوعي.
ولنا أن نتأمل التجربة الألمانية في التعليم التقني، حيث تعتمد ألمانيا نظامًا مزدوجًا يجمع بين التعليم النظري في المؤسسات التعليمية والتدريب العملي في أماكن العمل، مما مكّنها من خفض نسبة البطالة بين الشباب إلى أقل من 5% في بعض السنوات، وتحقيق توافق شبه كامل بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
إلى جانب ذلك، لا تزال الفجوة بين مخرجات التعليم التقني واحتياجات السوق المحلي تمثل أزمة حقيقية. فالكثير من التخصصات التي تُدرّس في المؤسسات التقنية لا تجد لها مكانًا في سوق العمل، نتيجة ضعف التواصل مع القطاع الخاص وعدم مواكبة البرامج لتغيرات السوق. ووفقًا لدائرة الإحصاءات العامة، فإن نسبة البطالة بين خريجي التعليم التقني في الأردن تصل في بعض التخصصات إلى 25%، وهو ما يعكس ضعف المواءمة والتخطيط.
وتؤكد تجربة سنغافورة أهمية التخطيط المسبق والدقيق في التعليم التقني، إذ أنشأت مؤسسات متخصصة مثل معهد التعليم التقني (ITE) والمعاهد التقنية التطبيقية التي تصمم برامجها بناءً على شراكة وثيقة مع القطاع الصناعي، مما ساعد في تحقيق نسب توظيف عالية جدًا للخريجين، وتوفير مسارات مهنية واضحة ومتقدمة.
من جانب آخر، يقف الرفض المجتمعي الصامت للتعليم التقني عائقًا كبيرًا أمام تطوير هذا النوع من التعليم. فالنظرة النمطية التي تعتبر التعليم التقني أقل شأنًا من الأكاديمي لا تزال تسيطر على تفكير العديد من الأسر والطلبة، الأمر الذي يقلل من الإقبال عليه، خصوصًا من الطلبة المتفوقين الذين يفضلون المسارات الجامعية التقليدية.
وهنا يمكن الإشارة إلى تجربة فنلندا، التي نجحت في إعادة صياغة مفهوم التعليم المهني والتقني من خلال التركيز على جودته، وإتاحة مسارات مهنية مرنة تؤدي إلى التعليم الجامعي لاحقًا، مما ساعد على تعزيز مكانة التعليم التقني في الوعي المجتمعي، وجعل الطلبة يختارونه بإرادتهم لا كخيار بديل.
غياب الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص في الأردن يعد تحديًا إضافيًا، إذ أن نجاح التعليم التقني لا يمكن أن يتحقق داخل جدران القاعات الدراسية فقط، بل يحتاج إلى دعم مباشر من سوق العمل من خلال التدريب العملي، والمشاركة في تطوير المناهج، وتوفير فرص تشغيل حقيقية للخريجين. وما تزال هذه العلاقة ضعيفة، وهو ما يؤثر على فعالية المخرجات.
أما على صعيد الموارد البشرية، فإن نقص الكوادر التدريبية المؤهلة يمثل عامل ضعف واضح في العملية التعليمية، حيث أن عدداً من المعاهد يعاني من محدودية المدربين الذين يمتلكون خبرة عملية محدثة، وقدرة على مواكبة التطورات الصناعية والتكنولوجية المتسارعة.
ورغم قتامة هذا المشهد، فإن الطموح لا يزال حاضرًا وقويًا، ويكمن في بناء منظومة تعليم تقني تطبيقي فعالة، تتسم بالمرونة والجودة والارتباط الوثيق مع الواقع. تحقيق ذلك يبدأ بتطوير المناهج لتواكب التحولات التكنولوجية، وتزويد المختبرات بالمعدات الحديثة، وضمان توفر بيئة تدريبية قادرة على محاكاة بيئة العمل الحقيقية.
وإذا أرادت المؤسسات التعليمية جذب الطلبة، فعليها المساهمة في تحسين صورة التعليم التقني داخل المجتمع، عبر حملات إعلامية توعوية تسلط الضوء على قصص نجاح لخريجين أصبحوا رواد أعمال، أو تقنيين متميزين في مؤسسات كبرى.
كما أن بناء شراكات فعالة مع القطاعين الصناعي والخدمي يشكل حجر الأساس لردم الفجوة بين التعليم وسوق العمل، بما يشمل توقيع مذكرات تفاهم، وتنفيذ برامج تدريب ميداني، وربط الطلبة منذ بداية دراستهم بواقع المؤسسات الإنتاجية.
ومن الجوانب المهمة كذلك، إدخال مفاهيم ريادة الأعمال والابتكار في صلب المناهج، لتمكين الطلبة من خلق فرص عمل بأنفسهم، عبر مشاريع صغيرة أو مبادرات تقنية ناشئة، بعيدًا عن انتظار التوظيف التقليدي، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.
ولضمان استمرارية التحسين، لا بد من السعي إلى تحقيق الاعتماد الدولي والتصنيف العالمي لمؤسسات التعليم التقني، عبر تبني معايير الجودة، وإشراك هيئات متخصصة في مراجعة البرامج وتقييم الأداء.
أما على مستوى الإجراءات العملية، فإن طريق النهوض بالتعليم التقني في الأردن يتطلب أولًا إعادة هيكلة التخصصات لتواكب الاحتياجات الفعلية للسوق، مع إلغاء التخصصات المشبعة، واستحداث برامج جديدة تعكس التحولات في الاقتصاد الرقمي والصناعات الذكية.
كما يجب تعزيز التعاون مع مؤسسات عالمية تمتلك خبرة في التدريب التقني، وتوقيع شراكات استراتيجية توفر فرص تدريب وتبادل خبرات، وهو ما فعلته دول مثل المغرب عبر التعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) في تطوير الكليات التقنية.
ومن الضروري أيضًا توفير حوافز مادية ومعنوية للطلبة الملتحقين بالتعليم التقني، مثل المنح والقروض الميسّرة، مما يشجعهم على اختيار هذا المسار، إضافة إلى إطلاق حملة وطنية إعلامية لتغيير الصورة النمطية، وتوجيه رسائل تحفيزية لأولياء الأمور والطلبة على حد سواء.
كما لا بد من تأهيل الكوادر التدريسية بشكل مستمر عبر برامج تدريب المدربين (ToT)، وضمان حصولهم على التدريب العملي والتقني من شركات متقدمة. وينبغي كذلك تشجيع مشاريع التخرج التطبيقية التي تعالج مشاكل حقيقية في البيئة المحلية.
وفي خطوة متقدمة، فإن إنشاء حاضنات أعمال تقنية داخل الكليات والمعاهد يساهم في تحفيز ريادة الأعمال، ودعم تحويل الأفكار إلى نماذج اقتصادية، وبناء أجيال من الشباب القادر على الإبداع والإنتاج لا الاكتفاء بالوظائف.
ختاما فإن التعليم التقني ركيزة الاستقرار والتنمية وإن تطوير التعليم التقني في الأردن لم يعد ترفًا فكريًا، بل هو ضرورة وطنية تمليها التحديات الاقتصادية، والتحولات العالمية المتسارعة. وإذا أردنا أن نحقق مستقبلًا إنتاجيًا مستدامًا، فلا بد أن نعيد النظر جذريًا في هيكلة هذا القطاع، ونتعامل معه باعتباره خيارًا استراتيجيًا، لا مجرد بديل تعليمي.
ولن يتحقق ذلك إلا من خلال رؤية وطنية شاملة، يشترك في تنفيذها الجميع: الدولة، والمؤسسات التعليمية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، على أساس من التكامل والثقة والهدف المشترك.
فحين نمنح التعليم التقني المكانة التي يستحقها، نصنع كوادر ترفع الإنتاج، وتقود الريادة، وتحمل على عاتقها بناء أردن أقوى وأكثر تقدمًا.