زهير عثمان

منذ اندلاع الصراع في السودان، تزايدت مخاوف السودانيين من التداخل الدولي في شؤون بلادهم. هذه المخاوف تنبع من تجارب سابقة لتدخلات خارجية في المنطقة، حيث لم تؤدِّ هذه التدخلات إلا إلى تعقيد الأوضاع وزيادة حدة الأزمات بدلاً من حلها. ومع تصاعد وتيرة العنف وتفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان، بات من الضروري أن يعمل السودانيون معًا لوقف الحرب وتحقيق السلام دون الحاجة إلى تدخلات أجنبية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.



أولاً المخاوف من التداخل الدولي
يعاني السودان منذ سنوات من تداعيات التدخلات الخارجية، التي غالبًا ما تكون مدفوعة بأجندات دولية لا تراعي مصالح الشعب السوداني. على الرغم من أن بعض القوى الدولية تسعى إلى تقديم الدعم الإنساني والمساعدة في إحلال السلام، إلا أن تاريخ التدخلات الدولية في السودان يثير قلقًا كبيرًا. فالسودانيون يخشون أن يؤدي أي تدخل خارجي إلى فقدان سيادة البلاد وتفاقم الانقسامات الداخلية.

أحد أبرز المخاوف هو أن تدخل القوى الكبرى قد يحول الصراع في السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية، مما يطيل أمد الحرب ويزيد من معاناة المدنيين. كما أن هناك خشية من أن يتم استخدام البلاد كأداة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية لدول أخرى، بدلاً من التركيز على الحلول التي تخدم مصلحة الشعب السوداني.

ثانياً: أهمية التكاتف الداخلي
في ظل هذه المخاوف، يصبح من الضروري أن يوجه السودانيون جهودهم نحو التكاتف والعمل معًا من أجل وقف الحرب وتعظيم السلام. إن التشرذم والانقسامات الداخلية تسهل التدخلات الخارجية وتضعف قدرة السودانيين على تقرير مصيرهم بأنفسهم. ولهذا، يجب على جميع القوى الوطنية، بما في ذلك الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، والقوات المسلحة، والعشائر، أن تتحد في سبيل إنهاء النزاع.

التاريخ السوداني مليء بأمثلة عن قدرة الشعب السوداني على تجاوز الأزمات عندما يوحد صفوفه ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. الآن هو الوقت المناسب لاستعادة هذا الروح، والتأكيد على أن السودان يمكن أن يحل مشاكله الداخلية من خلال الحوار والتفاهم بدلاً من السلاح والعنف.

ثالثاً: الدعوة إلى الحوار والسلام
يتطلب تحقيق السلام في السودان حوارًا شاملاً يجمع كل الأطراف المعنية. الحوار يجب أن يكون نابعًا من الداخل، ويعتمد على أسس المساواة والعدالة والاحترام المتبادل. على السودانيين أن يدركوا أن السلام الحقيقي لن يأتي من الخارج، بل من إرادتهم في العمل معًا لبناء مستقبل أفضل لأجيالهم القادمة.

من المهم أن يتم إشراك جميع فئات المجتمع السوداني في هذا الحوار، بما في ذلك النساء والشباب، الذين غالبًا ما يتم تهميشهم في مثل هذه العمليات. فهؤلاء لديهم دور حيوي في بناء السلام، إذ يمكن أن يقدموا رؤى جديدة وحلولاً مبتكرة للأزمات التي تواجه البلاد.

رابعاً: تعزيز الوحدة الوطنية
لوقف الحرب وتحقيق السلام، يحتاج السودان إلى تعزيز الوحدة الوطنية. يجب على الجميع أن يتخلى عن المصالح الشخصية أو الفئوية، وأن يركز على ما يوحد السودانيين بدلاً من ما يفرقهم. هذه الوحدة يمكن أن تكون درعًا يحمي السودان من التدخلات الخارجية، ويعزز مناعته أمام الأزمات الداخلية.

من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، ينبغي على القادة السودانيين أن يقدموا مصالح الشعب على أي مصالح أخرى، وأن يسعوا إلى تحقيق المصالحة الوطنية التي تضمن العدالة للجميع. هذه المصالحة يمكن أن تشكل أساسًا لبناء دولة ديمقراطية يسودها القانون، وتحترم فيها حقوق الإنسان، وتضمن فيها مشاركة الجميع في صنع القرار.

إن السودان يمر بمرحلة حرجة من تاريخه، تتطلب من جميع أبنائه أن يعملوا معًا من أجل وقف الحرب وتعظيم السلام. المخاوف من التداخل الدولي مشروعة، ولكن يمكن التغلب عليها من خلال الوحدة الداخلية والحوار الوطني الشامل. السودانيون وحدهم قادرون على بناء مستقبلهم، وتحقيق السلام الذي يتطلعون إليه. إن العمل الجماعي والإرادة الصادقة يمكن أن يقودا السودان نحو مستقبل أفضل، خالٍ من النزاعات والتدخلات الأجنبية، ومستقر ينعم فيه الجميع بالسلام والرخاء.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان یمکن أن

إقرأ أيضاً:

تواضروس الثاني وبابا الفاتيكان يدعوان لوقف "الحرب العدوانية" على غزة



دعا بابا الكنيسة الأرثوذكسية تواضروس الثاني وبابا الفاتيكان ليو الرابع عشر خلال اتصال هاتفي بينهما إلى "وقف فوري للحرب العدوانية" الإسرائيلية على قطاع غزة.

تواضروس الثاني وبابا الفاتيكان يدعوان لوقف "الحرب العدوانية" على غزة
تواضروس الثاني وبابا الفاتيكان يدعوان لوقف "الحرب العدوانية" على غزة
ويعد هذا أول اتصال بين أكبر قيادتين دينيتين مسيحيتين بالعالم، (ممثلتين للأرثوذكس والكاثوليك) منذ انتخاب ليو الرابع عشر في 8 مايو/ أيار الماضي، رئيسا للكنيسة الكاثوليكية وبابا الفاتيكان وتنصيبه في 18 من الشهر ذاته.

وأفاد بيان الكنيسة المصرية بأن البابا تواضروس هنأ بابا الفاتيكان بانتخابه لقيادة الكنيسة الكاثوليكية.

وتطرق حديث الجانبين إلى "معاناة أهل غزة من الحرب العدوانية والمجاعة الإنسانية وضرورة الوقف الفوري لهذه الاعتداءات" حسب بيان الكنسية المصرية.

ومنذ انتخابه دعا ليو الرابع عشر في أكثر من عظة وخطاب لوقف الحرب في غزة، كما دعت الكنيسة المصرية أكثر من مرة للأمر ذاته.

وبحسب البيان "منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها".

وخلفت الإبادة أكثر من 180 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

وقبل الإبادة حاصرت إسرائيل غزة طوال 18 عاما، واليوم بات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون، بلا مأوى بعد أن دمرت الحرب مساكنهم

مقالات مشابهة

  • في حالة السودان وأفريقيا عموما، يجدر بنا أن نتسائل كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع
  • العقوبات الأمريكية .. (سيف مسلط) على رقاب الشعب السوداني
  • جائزة مو والسودان
  • السودان وإثيوبيا .. البحث عن تقارب
  • إلى متى يتساءل الأمريكيون لماذا يكرهنا العالم؟
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 348 أضحية في محلية ود مدني الكبرى بولاية الجزيرة السودانية
  • كلمة الدكتور جبريل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة السودانية إلى الشعب السوداني الأبي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
  • الداخلية السودانية.. الهدوء الأحوال في اليوم الأول
  • سلمى عبدالجبار تهنئ الشعب السوداني بعيد الأضحى المبارك
  • تواضروس الثاني وبابا الفاتيكان يدعوان لوقف "الحرب العدوانية" على غزة