من الذي يصنع تاريج السودان الجديد؟
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن تجارب التاريخ في العصر الحديث خاصة في بناء الدول لا تؤسسها فكرة جماعية، تجلس مجموعة من السياسيين إن كان ذلك من داخل مؤسساتهم الحزبية ، و المدنية و الأكاديمية أو غيرها، هي أنما تكون فكرة فردية يقتنع بها البعض و يحملونها حمل الجد في التطبيق.. أمريكا يعتبر جورج واشنطن هو الذي أسسها و حررها من قبضة بريطانيا 1786م.
أن هؤلاء الزعماء المفكرين الذين نهضوا بدولهم و هي الآن على قمة الحضارة الإنسانية، كانت أفكارهم تجد القبول من الشعب، و لم يحصروا النهضة في قطاع محدد من المجتمع، فكانوا حريصين أن على وحدة القوى التي تؤيدهم، لذلك نجحوا في غاياتهم... الأسئلة التي تطرح نفسها: هل نحن في السودان حريصين على وحدة وطنية ترتبط بفكرة النهضة، أم أن الأحزاب جميعها ذات خطابات محدودة في آطار عضويتها و تخلق صراعا مع الأخر يتسبب في إجهاض الأفكار؟ أم أن الخطأ كان في منصة التأسيس " مؤتمر الخريجين 1938م" حيث بدأ هناك تحالف المثقفين مع الطائفية، و التي خلقت الإنقسامات و الصراع الصفري المستمر حتى اليوم؟ هو نفسه الصراع الذي بدأ بعد سقوط الإنقاذ بين رؤيتين، الأولى تؤسس نفسها على الحق، و تهدف من أجل نجاح عملية التحول الديمقراطي بشروط الديمقراطية نفسها؟ و الفئة الثانية تبنى مشروعها على القوة فكانت ترفع شعارات الديمقراطية، و في نفس الوقت كانت تكرس مجهودها من أجل السلطة.. و الذي يجعل هدفه فقط السلطة، يكون قد أختار طريق الصراع المستمر الذي لا يضمن نتائجه..
ماذا كان ينادي شباب الثورة عندما اعتصموا بساحة القيادة العامة للقوات المسلحة ؟ لماذا صنعوا كل تلك اللوحات والجداريات؟ هل كان الهدف أن يظهروا أنهم مختلفين في كل شيء عن أجيال التي لم تورث البلاد إلا العجز؟ هل القيادات السياسية كانت على قناعة أن ثورة ديسمبر كانت ثورة شبابية؟ و أن تعبيرهم عن الثورة الذي استخدم فيه اسلوبا مختلفا و أدوات مختلفة متنوعة من الخطاب و الريشة و الموسيقى و الشعر و غيرها، أن تعدد انواع الخطابات تنبيء أن هناك عقل جديد بدأ يبرز و يؤسس ذاته على الخلق و الإبداع.. لماذا القيادات السياسة لم تفطن لهذا التحول و تخضعه للدراسة؟.. كان هؤلاء الشباب يريدون أن يتجاوزوا حتى الأسئلة التي طرحت من قبل الثورة.. الهوية و توزيع الثروة و السلطة و غيرها من أسئلة المجتمعات التي تعاني من أختلالات مجتمعية و سياسية و ثقافية.. كان شارع الشباب أكثر وعيا و إدراكا بالهدف، فهل بالفعل تأمرت عليه قبائل السياسيين و العسكر لكي يهزموا العقل الجديد؟.. أما أن العقل التقليدي الذي وصفه الدكتور منصور خالد بالفشل خاف أن يغادر محطاته و يضيع..
أن الحرب رغم أنها شردت ملايين الناس من مناطقهم و منازلهم بسبب نهب ثرواتهم و ممتلكاتهم و الاعتداء عليهم بالاغتصاب و القهر و الجوع و فقدان الصحة و غيرها، إلا أنها سوف تكون مرحلة جديدة و مشوار جديد لإعادة التفكير في عملية التعمير و البناء و الخلق و الإبداع.. سوف يتجاوز فيه الناس إعادة طرح الأسئلة القديمة التي فشل العقل التقليدي الإجابة عليها، و ذلك أن مئات الآلف من الشباب استجابوا لدعوة الاستنفار و المقاومة الشعبية، و هؤلاء الذين قاتلوا جميعهم في كل مناطق السودان جنبا إلي جنب جاوبوا على سؤال الهوية تماما بامتزاج دمهم مع بعضهم البعض بهدف " وحدة السودان" و ماداموا يؤمنون بسودان واحد يكونوا قد تجاوزوا الجهوية و المناطقية و الأثنية و مستعدين أن يقدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن تسود روح الأخاء بينهم، و أيضا سوف لن يعجزوا في الإجابة على اسئلة كيفية توزيع الثروة و السلطة لآن هدفهم أن يكون الوطن أولا..
أن العقل التقليدي قد فشل أن يحقق للمواطنين استقرارا سياسيا و اجتماعيا و أمنيا في البلاد.. و سبب فشل العقل التقليدي أنه لم يستفيد من التجارب السابقة في فشله، و فشل العقل التقليدي أن يغير طريقة تفكيره و انانيته.. فشل أن يستوعب رؤية الشباب الجديد في تجاوز أدوات الماضي، كلما نظر إليه بعد نجاح الثورة هو توقيع اتفاقية "سيداو و المثليين وإرجاع المريسة و غيرها " فالعقل الذي يفكر في صغائر الأشياء لا يستطيع أن يدير أزمته بنجاح.. و كان المطلوب أن النخب السياسية تعمل لخلق بيئة صالحة أن يؤسس فيها حوارا وطنيا و تتبادل فيها الأفكار لكنها ملأت الساحة بخطابات الحماس و الصراع الصفري و دعوات الإقصاء، و تبنت طريق السلطة ثم بعد ما خسرته بدأت تصرخ.. أن الثورات الناعمة في أوروبا ضد الأنظمة التي حكمت أكثر من سبعة عقود مارست فيها كل انتهاكات الحقوق و القتل حتى خارج بلدانها تطارد معارضيها.. عندما أنتصر دعاة الديمقراطية لم يمارسوا الاقصاء على خصومهم، بل جعلوهم يقدموا انفسهم للشعب من خلال صناديق الاقتراع.. كانت النتيجة أن الأحزاب الشيوعية جاءت في مؤخرت الأحزاب التي دخلت البرلمان.. الفائدة كانت استمرار الديمقراطية و الاستقرار السياسي و الأمني في بلادهم.. أن العقليات التي ساهمت في إفشال الثورة لن تكون مفيدة في أي عمل سياسي أخر.. و هي تعرف ذلك، و لذلك تراهن على الخارج أن يشكل لها رافعة للسلطة... أن القوى الجديدة التي جاوبت على سؤال الهوية بالتلاحم في ساحات القتال؛ أولئك هم الذين سوف يصنعون تاريخ السودان الجديد، و يحققون للوطن استقراره السياسي و الاجتماعي و الأمني، حتى تستطيع الأجيال الجديد أن تقدم إبداعاتها و تصوراتها من جديد من خلال تعدد ادواتهم... نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
خريطة الوجه الصينية.. الطب الشرقي التقليدي بين الحقيقة والخرافة
وفقا لمبادئ الطب الصيني التقليدي، يعتمد تشخيص مشكلات البشرة وعلاجها على ما تُعرف بـ"خريطة الوجه الصينية" (Chinese Face Mapping)، التي تقوم على الاعتقاد بأن الوجه مرتبط بأعضاء الجسم الداخلية عبر قنوات طاقة تُعرف باسم "تشا"، وهي جزء من نظام الطاقة الحيوية الذي يتحكم في توازن الجسم وصحته.
بناء على ذلك، فإن مشاكل البشرة مثل الاحمرار أو الحبوب أو التصبغات أو التجاعيد المبكرة ما هي إلا دلائل على وجود مرض أو اضطراب في أجهزتنا الحيوية، مثل جهاز التنفس أو الهضم أو الجهاز الكبدي الصفراوي أو غيرها. وفي المقابل فإن البشرة النضرة الخالية من العيوب والشوائب تعد دليلاً على صحة أجسامنا.
خريطة الوجه الصينية في مراكز العناية بالبشرةيعود استخدام خريطة الوجه الصينية إلى قرون مضت، لكنها شهدت رواجا متجددا في السنوات الأخيرة، حيث أعادت بعض مراكز العناية بالبشرة اعتمادها وسيلة لفهم أسباب المشكلات الجلدية وعلاجها من خلال الربط بين مناطق الوجه المختلفة والأمراض الجسدية المحتملة.
وفقا للخريطة، ترتبط الأقسام المختلفة في وجوهنا مع الأعضاء الداخلية كالتالي:
الجبهة: يعتقد أن الجزء العلوي من الجبهة يرتبط بالمثانة، في حين يرتبط الجزء السفلي منها بالجهاز الهضمي، وبالتالي فإن المشاكل الجلدية في هذه المنطقة قد تعكس أمراضا مثل الإمساك، ومتلازمة القولون العصبي، والتهابات المسالك البولية.
إعلانبناء على ذلك، قد تكمن الحلول في تحسين جودة النظام الغذائي من خلال اتباع نظام غني بالألياف يحتوي على الفواكه والخضروات بشكل أساسي، مع تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسب مرتفعة من الدهون والسكريات.
الأنف ومنطقة "تي" (T): يعتقد أن البثور التي تظهر على منطقة حرف "تي" في الوجه دليل على اختلال في وظائف الكبد، كما تشير البثور الموجودة على الأنف إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول.
بناء على ذلك، قد تكمن الحلول في تبني نمط حياة صحي يركز على دعم وظائف الكبد، مثل تقليل استهلاك الأطعمة الدهنية والمقلية وزيادة شرب الماء، بالإضافة إلى تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة. كما ينصح بممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحسين الدورة الدموية والمساعدة في ضبط مستويات الكوليسترول في الجسم.
الوجنتان: ترتبط الخدود بصحة الجهاز التنفسي، ويشير ظهور عيوب على الخد أو عظام الوجنتين إلى قلة النشاط البدني أو مشاكل الرئتين. كذلك يعتقد بوجود رابط ما بين الخدود والجهاز القلبي الوعائي، إذ قد يرتبط حب الشباب وحالات مثل الوردية بالدورة الدموية وارتفاع ضغط الدم.
الذقن والفك: قد تكون مرتبطة بالهرمونات والغدد الصماء. وفقا لخريطة الوجه الصينية، فإن اضطراب الهرمونات هو المسبب الرئيسي للبثور التي تظهر في هذه المنطقة.
هذه الحالة تتطلب عادة إجراء فحوص دم لتقييم مستويات الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون والتستوستيرون وهرمونات الغدة الدرقية. وبناء على النتائج قد يوصي المختصون بعلاج هرموني مثل حبوب تنظيم الدورة الشهرية أو أدوية خاصة لعلاج تكيس المبايض أو خلل الغدة الدرقية.
الصدغان ومحيط العين: مشاكل البشرة في الصدغين ومحيط العين قد تكون مرتبطة بصحة الكلى، وبالتالي لتجنب هذه المشاكل ينصح بالتخلص من السموم والحفاظ على الترطيب الدائم وشرب كميات مناسبة من المياه.
بينما تُعد خريطة الوجه الصينية جزءا من الطب التقليدي الذي يعتمد على الخبرة الموروثة والتجربة، لا يعتبرها الطب الحديث علمًا دقيقًا، رغم أن بعض المشاكل الجلدية قد تكون مرتبطة بالفعل بمشاكل صحية داخلية.
إعلانوفقا للعلوم الحديثة، فإن أسباب مشاكل البشرة لا تقتصر فقط على صحة الأعضاء الداخلية، بل ترتبط كذلك بالعديد من العوامل الأخرى بما في ذلك العوامل الوراثية والبيئة والنظام الغذائي والتوازن الهرموني.
على سبيل المثال، قد ينتج حب الشباب عن تراكم الزيوت والبكتيريا، ولا توجد أدلة قوية تدعم أن وجود حب الشباب في منطقة الجبهة، على سبيل المثال، ترتبط بمشاكل في الجهاز الهضمي تحديدا. كذلك قد تظهر التصبغات نتيجة للتعرض لأشعة الشمس، وليست بالضرورة مرتبطة بمشاكل متعلقة بصحة الأجهزة الحيوية. عدا عن ذلك يتسبب الاضطراب الهرموني في العديد من مشاكل البشرة في كافة أنحاء الوجه، أي أن الأمر لا يقتصر فقط على منطقة الذقن والفك كما تقترح خريطة الوجه الصينية.
ويستند الخبراء في نقدهم لهذه الطريقة في التشخيص إلى كونها تبسط العلاقة بين الجلد والأعضاء الداخلية بشكل مفرط، في حين أن مشاكل البشرة أكثر تعقيدا مما تظهره الخريطة. مع ذلك، يعتقد الخبراء أن الاعتماد على خريطة الوجه الصينية من الممكن أن يعد أداة تكميلية في فهم واكتشاف بعض الحالات الصحية والعلاجات الممكنة لمشاكل البشرة، إلا أننا بلا شك لا نستطيع الاعتماد عليها بشكل كامل.
لتشكيل صورة متكاملة عن الطريقة المثلى للعناية بالبشرة قد يكون من المفيد الاعتماد على العلاجات الحديثة مع الاستنارة بالفلسفة التي تقوم عليها خريطة الوجه الصينية، والتي تنظر إلى البشرة على أنها انعكاس مباشر لصحة الجسد الداخلية. فللحفاظ على بشرة صحية من المهم تحقيق التوازن الشامل بين الجوانب الجسدية والنفسية والبيئية.
فمن ناحية لا شك في أن صحة أجسامنا تؤثر إلى حد كبير على نضارة بشرتنا، وعليه يتوجب علينا اتباع نمط حياة صحي للتخفيف من مشاكل البشرة بما في ذلك تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة للتخلص من الخطوط الدقيقة ومحاربة الشيخوخة، بالإضافة إلى شرب كميات كافية من المياه للحفاظ على ترطيب البشرة من الداخل، وممارسة الرياضة لتحفيز الدورة الدموية وتعزيز قدرة الجسم على التخلص من السموم.
إعلانمن ناحية أخرى، من المهم استخدام العلاجات الموضعية التي تعالج مشاكل البشرة التي تسببها العوامل البيئية المختلفة مثل التعرض لأشعة الشمس أو التلوث أو الهواء الجاف، فجميعها عوامل تؤدي إلى تلف الجلد وتسريع مظاهر الشيخوخة.
كذلك من المهم أن تؤخذ العوامل النفسية بالاعتبار، فالتوتر المزمن والقلق وحتى الكبت العاطفي يمكن أن تنعكس سلبا على مظهر البشرة، فتزيد من مشكلات مثل حب الشباب أو الطفح الجلدي أو الجفاف. لذلك أصبحت ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق واليوغا من التوصيات الشائعة في بروتوكولات العناية بالبشرة.
باختصار، للحصول على أفضل النتائج من المهم فهم الأسباب الجذرية للمشكلات الجلدية، والعمل على علاجها من الداخل، لكن الوقت ذاته لا يجب إهمال تأثير العوامل الخارجية والنفسية كذلك.