في غمرة الانشغال بالتوتر بين "حزب الله" وإسرائيل، مرّ تصريحٌ لرئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل قبل أيام مرور الكرام، بلا ضجّة كان يستحقّها، لما حمله بين طيّاته من دعوة إلى "المواجهة" وتلويح بـ"تحرّك حتمي" في سبيل كسر الأمر الواقع القائم، ولو أنّه جاء، وفق قول باسيل، استكمالاً لورقة عمل خطية كان "التيار الوطني الحر" قد قدّمها قبل أشهر ضمن اجتماعات وثيقة بكركي، تحت عنوان "الصمود والشراكة".



في تصريحه المذكور، تحدّث باسيل عن "خطة مواجهة بإجراءات عمليّة وميدانية" إعلامية وسياسيّة وبرلمانية وقضائية وشعبية واقتصادية، يمكن أن تصل إلى تصعيد شعبي ومدني بمقاطعة شاملة، وشدّد على وجوب المواجهة "ضمن الدستور والقوانين، والأهم ضمن الواجب بحماية الوجود لأن الأخطار تهدّد وجودنا ووجود لبنان"، ليخلص من كلّ ذلك، أنّ "الوضع ما عاد يتحمّل، والتحرك حتمي"، من دون أن يوضح ماهيّة هذا التحرّك وطبيعته.

وفي حين لم ينل تصريح باسيل هذا الاهتمام الذي يفترضه، ربما لأنّ الحظّ "عاكسه"، بعدما أطلقه باسيل عشيّة عملية "يوم الأربعين" التي نفّذها "حزب الله" ردًا على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، والتي أعادت خلط كل الأوراق وقلب الأولويات عن بكرة أبيها، إلا أنّه يطرح العديد من علامات الاستفهام عن المغزى منه، فكيف يُقرَأ كلام الرجل، وهل يحمل دعوة مبطنة إلى المواجهة والتصعيد بكلّ السبل، وربما بلا أسقف؟!

باسيل الباحث عن "مَخرَج"

لعلّ الشكل يتفوّق على المضمون في قراءة خلفيّات تصريح باسيل هذا، والشكل هنا ينطلق بشكل أساسي من التوقيت، الذي يقول العارفون إنّه بدا مُستغرَبًا، لكونه جاء في مرحلة حبس الأنفاس بانتظار ردّ "حزب الله"، وهو ما أشار إليه باسيل بحديثه عن "خطر حرب مفتوحة يتزايد"، وهو خطر يتطلب مقاربة من نوع الدعوة إلى التفاهم من أجل تحصين الوحدة الوطنية للمواجهة، وليس التلويح بتصعيد يمكن أن يصل حدّ "المقاطعة الشاملة"، وفق تعبيره.

لكنّ العارفين يعتبرون أنّ "التوقيت" في كلام باسيل يُقرَأ من زاوية أخرى، مختلفة تمامًا، فرئيس "التيار الوطني الحر" أراد بكلامه أن يقفز فوق "الأزمة الداخلية" التي يمرّ بها حزبه، والتي يبدو واضحًا أنّها لم تنتهِ فصولاً، في ضوء استمرار الاستقالات من الإطار التنظيمي لـ"التيار"، في أعقاب القرار المثير للجدل بفصل النائب آلان عون من صفوفه، ولا سيما بعدما أصبح هذا الوضع حديث البلد، ما اضطر باسيل لاستخدام "خطاب تبريري" لاحتوائه.

ولعلّ ما يعزّز هذا الاعتقاد يتمثل في خروج العديد من النواب المحسوبين على باسيل، ليعبّروا عبر الإعلام عن امتعاضهم من الاهتمام "المُبالَغ به" بالشأن الداخلي لـ"التيار" على حساب القضايا الحيوية والجوهرية، وهو يدفع إلى الاعتقاد بأنّ باسيل أراد بتصريحه هذا، نقل الاهتمام إلى مكان آخر، وبالتوازي دغدغة مشاعر جمهور "التيار"، عبر مخاطبته شعبويًا، بما يساعد في تجاوز "المأزق" الذي لا تزال قواعد "التيار" منقسمة في مقاربته.


عن أيّ مواجهة يتحدّث باسيل؟

يرفض المحسوبون على رئيس "التيار" مثل هذا التفسير لكلام باسيل، الذي يشيرون إلى أنّه لم يكن الأول من نوعه، بدليل أنّه استند إلى ورقة عمل قدّمها قبل أشهر، ملمّحين إلى أنه بذلك أعطى "مهلة" للتلاقي والتقاطع على بنود هذه الخطة، قبل أن يدلي بدلوه، علمًا أنّ خطر الحرب وفق ما يقول هؤلاء، يفترض أن يكون "محفّزًا" للذهاب نحو التصعيد وليس العكس، لأنّ المواجهة تشمل تحصين الساحة الداخلية، عبر انتخاب رئيس وتشكيل حكومة أصيلة. يشدّد المحسوبون على باسيل على أنّ الرجل أراد بتصريحه، الذي سيكون له ما يكمله وربما يترجمه على الأرض في الأيام القليلة المقبلة، أن يحرّك المياه الراكدة على المستوى السياسي، وأن يؤكد أنّ إنجاز الاستحقاقات الملحّة لا يمكن أن يبقى مرهونًا بانتظار انتهاء حرب قد تطول ولا تنتهي في الأمد المنظور، وهو لذلك يدعو إلى المواجهة بكلّ السبل المُتاحة، بما في ذلك على المستوى الشعبي، من أجل وضع حدّ لمثل هذا الأمر الواقع.

لكنّ هذا المنطق لا يجد آذانًا صاغية على مستوى معارضي باسيل، الذين يسألون عن طبيعة المواجهة التي يتحدّث عنها باسيل، وعن حدود مثل هذه المواجهة، طالما أنّ الرجل لا يبدو قادرًا على اتخاذ موقف واضح، فهو يقول للمعارضة إنه لا يزال على تقاطعه معها، وهو يسعى في الوقت نفسه لإبرام تفاهم مع "حزب الله"، بل يبدي انفتاحًا على رئيس مجلس النواب نبيه بري، متجاوزًا كل الخلافات معه، في محاولة للوصول إلى "تسوية" يحقّق فيها شيئًا ما.

 

يقول معارضو باسيل إنّ المشكلة مع الأخير، أنّه لا يريد المواجهة سوى على الطريقة التي تضمن له الحفاظ على دور وحيثيّة يبدو أنّه افتقدهما حتى داخل تيّاره، فهو حتى يوم تقاطع مع قوى المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لم يتردّد في توجيه الرسائل إلى "حزب الله" باستعداده للعودة لأحضانه، إن تخلّى عن ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وهو ما يفرغ برأي هؤلاء كلّ منطق "المواجهة" من مضمونه! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تنفي حدوث اختراق روسي لخط المواجهة قرب بوكروفسك

نفى الجيش الأوكراني تقارير بشأن حدوث اختراق من جانب القوات الروسية لخط المواجهة بالقرب من مدينتي بوكروفسك ودوبروبييا، شرقي أوكرانيا، حيث تقاتل قوات كييف لمنع تطويقهما.

وكانت مجموعة قوات دنيبرو البرية، المسؤولة عن القطاع، ذكرت عبر منصة "تلغرام" في وقت متأخر مساء أمس الاثنين، إن "تسلل مجموعات روسية... لا يعني بعد السيطرة على أراض".

وأضافت مجموعة قوات دنيبرو: "الوضع صعب – بكل تأكيد - ولا يزال كذلك، كما أن القتال في هذه المنطقة يعد الأكثر شراسة بالمقارنة مع أجزاء أخرى من خط المواجهة".

وكان مراقبون عسكريون من أوكرانيا أفادوا في وقت سابق، بتقدم القوات الروسية لأكثر من 10 كيلومترات شمال شرقي مدينة بوكروفسك، في دونيتسك.

كما ذكرت تقارير عسكرية رسمية أن هناك مجموعات صغيرة من الجنود الروس التي تتوغل في بوكروفسك نفسها.

 وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال، يوم 26 يوليو الماضي، إن القوات الأوكرانية تخوض قتالا عنيفا حول مدينة بوكروفسك في غربي مقاطعة دونيتسك، وهي مركز لوجستي تُعلن روسيا السيطرة على قرى بالقرب منه بشكل شبه يومي.

أضاف زيلينسكي أن القائد الأعلى للجيش الأوكراني أوليكسندر سيرسكي أبلغ اجتماعا لكبار المسؤولين بأن الوضع حول بوكروفسك هو محور الاهتمام الحالي في الحرب.

وقال زيلينسكي "تم تغطية جميع الاتجاهات العملياتية، مع التركيز بشكل خاص على بوكروفسك. فهي تحظى بأكبر قدر من الاهتمام".

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تنفي حدوث اختراق روسي لخط المواجهة قرب بوكروفسك
  • باسيل يعقد مؤتمرا صحافيا الخامسة والنصف بعد الظهر
  • العراق: بدء عودة التيار الكهربائي في البلاد
  • جاكوب لاعب آروا: مواجهة الهلال خطوة مهمة في مسيرتنا
  • بسبب انقطاع التيار الكهربائي.. هذا ما أعلنته مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان
  • التيار الأزرق عائد؟
  • بين التهدئة والتصعيد.. قرار حصر السلاح بيد الجيش يضع لبنان أمام مفترق طرق
  • السوداني يدعو العشائر إلى دعم سلطة القانون والقضاء
  • أذكار الصباح اليوم الأحد 10 أغسطس 2025.. «بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء»
  • باسيل عن جلسة حصر السلاح: ما حصل غير سيادي