كتب- محمد نصار:

اجتمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بالدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، لاستعراض الرؤية المقترحة لتعزيز الاستثمار الثقافي.

وأكد رئيس الوزراء، أهمية هذه الرؤية المقترحة لكونها تُعزز الاستفادة من الأصول الثقافية للدولة، من الفنون، والتراث، والصناعات الإبداعية وغيرها، لتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية تنعكس على جهود التنمية المستدامة وبناء الإنسان.

وكلف الدكتور مصطفى مدبولي، بالعمل على تكثيف الفعاليات الثقافية والفنية على مدار العام، وفي كل المحافظات، بما يسهم في تعزيز الانتماء والهوية لدى الشباب.

وأوضح وزير الثقافة، أن الرؤية التي وضعتها الوزارة للاستثمار الثقافي تتسق مع مُحددات خطاب تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي، للحكومة الحالية، وما تضمنه من توجيهات تتضمن إيلاء اهتمام بالغ ببناء الإنسان، لافتًا إلى أن النموذج الأمثل والمستهدف لتحقيق الاستثمار الثقافي يقوم على الشراكة الفاعلة بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وفق أهداف عامة تشمل تطوير آليات التمويل والتسويق، والاستثمار الثقافي بمفهومه الشامل.

وأضاف الوزير، أن رؤية الاستثمار الثقافي ستستهدف على وجه التحديد تعزيز الصورة الحضارية لمصر كمُصدر للثقافة والفنون إلى العالم منذ آلاف السنين، مع السعي من أجل زيادة التشغيل وتوفير فرص عمل من خلال برامج ريادة الأعمال الثقافية والإبداعية وبرامج الصناعات الثقافية، إلى جانب زيادة مساهمة القطاع الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي المصري، بالإضافة إلى توفير تمويلات من مصادر مختلفة وغير نمطية تدعم جهود وزارة الثقافة في أداء مهمتها ودورها في بناء الإنسان المصري، إلى جانب جهود مؤسسات الدولة الأخرى المعنية بذلك.

وتناول الدكتور أحمد فؤاد هنو، خلال الاجتماع، محاور تنفيذ الرؤية المقترحة للاستثمار الثقافي، والتي تشمل الاستغلال الأمثل للأصول الثقافية، المادية من منشآت ومراكز ومقار، وغير المادية من إصدارات وتسجيلات موسيقية وإنتاج فني، وتدشين منصة "تراث مصر الرقمي"، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي يتم العمل على تنفيذها حاليا.

وعرض الوزير، عددًا من الآليات المقترحة في هذا الصدد، مضيفًا أن أحد محاور العمل ضمن هذه الرؤية يتضمن السعي لتوفير مصادر تمويل جديدة ومستدامة، من خلال تحويل المنتج الثقافي إلى مُنتج مُميز جاذب لتمويل المانحين ودعم الرعاة، مع بناء شراكات دولية مع مؤسسات ثقافية وتنموية عالمية، تستهدف إقامة أحداث وفعاليات ثقافية مشتركة تجذب تمويلات ضخمة.

ولفت الوزير، إلى أن أحد أهم محاور العمل أيضًا ضمن هذه الرؤية المقترحة للاستثمار الثقافي، هو عنصر التسويق، من خلال اتباع آليات جديدة ومبتكرة للتسويق للإنتاج الثقافي المصري بمختلف أنواعه، من كتب، ومنتجات حرفية وتراثية، وخدمات مختلفة، وعلى رأسها أدوات التسويق الرقمي، والعمل على التسويق لمصر كوجهة عالمية لتصوير الأعمال الدرامية العالمية، واتخاذ الإجراءات التي تدعم هذه الخطوة، مع تدريب العناصر البشرية لتكون مؤهلة لآليات التسويق الحديث.

ولفت إلى أن الرؤية الحديثة للاستثمار، تقوم على عمل قطاعات الوزارة بطريقة تكاملية تتيح خبرة مجمعة للعملاء المستهدفين، بطريقة تعظم وتعزز الموارد.

وعرض وزير الثقافة بشكل مفصل، الرؤية الخاصة بتعزيز الاستثمار الثقافي لأنشطة وأصول كل قطاع من قطاعات الوزارة على حدة، بما يشمل صندوق التنمية الثقافية، والهيئة العامة لقصور الثقافة، والهيئة المصرية العامة للكتاب، والمركز القومي للترجمة، وقطاع الفنون التشكيلية، ودار الأوبرا، والمركز الثقافي القومي، والجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

وخلال الاجتماع، عرض الدكتور أحمد فؤاد هنو، استعدادات الوزارة لاحتفالات نصر أكتوبر المجيد، حيث تناول أجندة الوزارة بهذه المناسبة الوطنية المهمة، والتي تضم مجموعة من الفعاليات المتنوعة، بالقاهرة وجميع المحافظات، لترسيخ بطولات وتضحيات رجال القوات المسلحة في استعادة الأرض والحفاظ على مقدرات الوطن.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: حادث طابا هيكلة الثانوية العامة سعر الدولار إيران وإسرائيل الطقس أسعار الذهب زيادة البنزين والسولار التصالح في مخالفات البناء معبر رفح تنسيق الثانوية العامة 2024 سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان الدكتور مصطفى مدبولي الدكتور أحمد فؤاد هنو الاستثمار الثقافی الرؤیة المقترحة وزیر الثقافة

إقرأ أيضاً:

الشراكة العُمانية - السعودية بوابة لنهضة خليجية مُستدامة

لم تكن قاعات قصر «البستان» في مسقط -زمن انعقاد منتدى حوار المعرفة العُماني-السعودي الأسبوع المنصرم- منصات للخطابة والاستهلاك المعرفي غير الناضج، وإنما نشبّهها بمختبرٍ لصناعة المستقبل؛ إذ اجتمعت نحو 70 جامعة سعودية بجانب مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عُمان، وبصحبة مراكز أبحاث وشركات ابتكار؛ ليسطّروا على صفحات الخليج العربي رؤيةً مشتركةً تبدأ من حجر الأساس: التعليم والبحث العلمي. لا غرو أن هذه الشراكة تستند إلى وشائج الدين واللغة والعادات التي وحّدت البلدين منذ قرون، وتمتد جسور هذه الشراكة في عصرنا الحديث وتتوسع بوجود عوامل جيوسياسية جديدة؛ فعُمان بوابةُ المحيط وبحر العرب، والمملكة العربية السعودية صاحبة الممرّات البرية والاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط، ومع تدشين منفذ الربع الخالي -قبل عدّة سنوات- وما رافقه من تسهيل لوجستي؛ تقلّص زمن نقل البضائع بين الدَّقم والرياض من أيام إلى ساعات، مُعلنًا ميلاد شريان تجاري يرفد الرؤيتين الوطنيتين معا.

بدا مشهد هذا اللقاء كأنه ورشةٌ كبرى لإعادة هندسة المستقبل؛ فالتحمت الإرادة السياسيّة بالشغف الأكاديمي، والتقت رؤيتا «عُمان 2040» و«السعودية 2030» على أرض تؤمن أن التقدّم ينطلق من مصاب التعليم وشرارات البحث والابتكار، وأنّ الأمم لا تُقاس بما تحوزه من حقول تحت الأرض، وإنما بما تُنمِّيه من حقولٍ في العقول، وأن كل استثمار في الإنسان يُنبت بعد سنين ما يعجز الذهب الأسود عن توريده ساعةَ الأزمات، ولعلّ أبرز ما يميّز هذه الشراكة أنّها تستمدّ قوتها من ثلاثة مجارٍ تصبّ في حوضٍ واحد: المجرى الأوّل ثقافيٌّ صرف يتمثّل في الدين، واللسان العربي الذي يسبح في بحورٍ متقاربة من البلاغة، وفي عادات تقرّ بأعراف العرب وتقاليدها الأصيلة، والمجرى الثاني جيوسياسي؛ فتملك عُمان نافذةً رحبةً على بحر العرب والمحيط الهندي، وتتربّع المملكة على عقدة الطرق البرّيّة الكبرى التي تصل شرق الجزيرة العربية بغربها وشمالها بجنوبها، ويتمثّل المجرى الثالث في طموح اقتصادي جديد يدرك أن مستقبل الطاقة يتلوّن ما بين الهيدروجين الأخضر والذكاء الاصطناعي والصناعات التحويليّة المتقدّمة؛ فنراه طموحا ينعكس واقعا في وثيقة «الرؤية» لدى البلدين؛ حيث تُرفع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية إلى نصف الناتج المحلي -في السعودية- وإلى أكثر من تسعين في المائة -في عُمان- مع إطلالة منتصف القرن الحالي.

يعطف هذا الطموح بداهةً على التعليم والبحث العلمي؛ فلم يكتفِ المنتدى الأخير نيّات عامة، ولكنه أسفر عن خريطة طريق تقضي بإنشاء برامج تبادلٍ طلابي وأكاديمي واسعة، وإطلاق مشروعات بحثية مشتركة في قطاعات الطاقة المتجدّدة والتقنية الحيويّة والذكاء الاصطناعي، وبالإضافة إلى تأسيس حاضنات ابتكارٍ صناعية في الدُّقم العُمانية ونيوم السعودية. مع ذلك؛ فإن رغبة البلدين بالمضي قدما نحو اقتصاد المعرفة يتطلب بنيةً تحتيّةً للبيانات والتشريعات، وإلا؛ فلا قيمة للطموحات والخطط إن بقيت حبيسة الأدراج وذاكرات الحواسيب، وهنا يتطلب من البلدين أن يُسرّعا اعتماد معيارٍ أكاديمي موحَّد يمكّن خريجي الجامعات من الانتقال بين أسواق العمل بلا حواجز، وأن يشيّدا منصةً رقمية تربط مراكز الأبحاث بالصناعة وصاحب العمل بالمبتكر؛ فلا تغادر براءة اختراعٍ إلى الخارج إلا بعد أن يُعرض الاستثمار فيها محليا.

عودة إلى أهمية التعاون المعرفي المنطلق من قاعدة التعليم الذي يمثّل حجر الزاوية في تحقيق أهداف البلدين المشتركة؛ فإن سلطنة عُمان خصصت وفقَ رؤيتها برامجَ وطنية للإصلاح التعليمي منها: رفع معدل المشاركة في التعليم الجامعي، وتطوير المناهج لتحفيز الإبداع والبحث العلمي؛ لأجل رفع جودة الابتكار استنادا إلى مؤشرات الابتكار العالمي؛ فتسعى إلى أن تكون ضمن أفضل 20 دولة بحلول 2040، وكذلك نلحظ الطموح السعودي؛ حيثُ عملت السعودية حسب رؤية 2030 على رفد البنية التحتية للبحث والتطوير، وزيادة أعداد المؤسسات البحثية والجامعات داخل المملكة، وتخفيض نسبة الباحثين عن العمل بين خريجي الجامعات بحلول 2030.

لم تأتِ دعوات التعاون الأكاديمي في هذا المنتدى من فراغ، ولكن نتيجةَ حاجة ماسّة يطمح إليها البلدان؛ إذ شهد المنتدى -كما أشرنا آنفا- مشاركةَ عدد كبير من جامعات سعودية وعُمانية، وهذا ما أتاح فتح شراكاتٍ أكاديمية؛ لتعميق البحث المشترك، وتبادل الكفاءات الطلابية والأكاديمية، وتأسيس مراكز مخصصة للابتكار. تشير كثيرٌ من الاستطلاعات والتجارب إلى أن توأمة المؤسسات كفيلة بأن ترفع من معدلات الإنتاج البحثي والعلمي بمقدار الضعف في غضون سنوات قليلة؛ فتترجم إلى واقع صناعي واقتصادي متين؛ لنعوّل على عدم حصر الشراكة العمانية-السعودية في البعد الأكاديمي؛ فنأمل أن نرى امتدادها واقعا عبر مشروعات مثل إنشاء مجمعات صناعية تقنية مشتركة عبر خط مباشر سريع بين محافظة ظفار العُمانية ومنطقة جيزان السعودية؛ فتستوعب مصانع للمنتجات الدوائية والأغذية والتقنيات النظيفة.

تثبت لنا التجارب ضرورة أن تُدعم هذه الخطوات بآلية تطبيق تبدأ بورشة تنسيق عليا تضم الجهات الحكومية المعنية، ويُعقبها إنشاء وحدة متابعة مشتركة تتولى إصدار تقارير نصف سنوية عن سير العمل بجانب تفعيل المساءلة والشفافية عبر نشر هذه التقارير على المنصات الرسمية، وينبغي أن يرافق ذلك تخصيص صندوق تمويل بمساهمة نسبية معينة لكل من البلدين؛ لتمويل المشروعات المشتركة في أول خمس سنوات. لا تنتهي المهمة عند حدود تحقيق الأهداف الرقمية والاقتصادية، وإنما ينبغي أن يمتد التحدي إلى صقل العنصر البشري؛ فلا يلبي إطلاق برامج للتبادل الطلابي حاجة دراسية فحسب، ولكنه يبني شبكة علاقاتٍ مستدامة بين رواد المستقبل، وتكون الجامعة فيها مدخلا للمنافسة المعرفية والابتكار التنظيمي.

كما نطمح لمشروع الشراكة العُمانية-السعودية أن يتسع؛ فإن طموحنا -على الأقل في قطاع التعليم- لمثل هذا التعاون التعليمي أن يتسع ليشمل دولا عربية أخرى، وهذا ما سبق أن تطرقنا إليه في مقال الأسبوع المنصرم؛ ونجدد إبراز رغبتنا بأهمية تأسيس مجلسٍ علمي عربي يجمع وزراء التعليم والبحث من الدول العربية؛ فيُحدد أولويات إستراتيجية للشراكة، ولنا من التجارب الناجحة بين دول العالم -رغم ما يعتريها من اختلاف في اللغة وبعض المفاصل الثقافية-؛ فنأخذ مثلا ما أظهرته التجربة الأوروبية من نجاح عن طريق وجود آلية مركزية للتنسيق في قطاع المعرفة وتحولاته الاقتصادية.

لا يمكن للشراكة العُمانية-السعودية أن تكون بمثابة المحطة العابرة في سجل العلاقات الثنائية وحسب، ولكننا نراها بذرةَ مستقبل تتغذّى على إرثٍ ثقافي عميق، وتُسقى برؤى إستراتيجية واعية، وتنمو بأدوات العصر الرقمي والمعرفي، ومن المهم ألا يتوقف ما استُعرِضَ في منتدى حوار المعرفة عند حدود اللقاء وطرح الرؤى؛ فنطمح أن يُتبعَ بخطط تنفيذية فاعلة، وشبكات بحثية مشتركة، وتبادل أكاديمي متين، وتمويل ابتكاري يُثمّن العقل ويحتضن الفكرة. في هذا العصر المعقّد، لن يُكتب لمَن يقف في هامش المعرفة سوى أن يكون تابعا، ولكن من يتقدّم إلى قلب الحراك العلمي العالمي؛ فهو مَن يصوغ التاريخ لا مَن يكتبه وحسب، وفي هذه المحطة، سنعتبر الشراكة ليست مجرد خيار، وإنما مصير مشترك يليق بالأمم الحيّة.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • العزري لـ"الرؤية": لا تسعيرة إلزامية موحدة لأسعار الماشية.. وجهود رقابية لمواجهة "التلاعب"
  • وزير الثقافة يزور الفنان المسرحي الكبير عيسى مولفرعة
  • وزير النقل يبحث مع لجنة تعديل قانون السير والمركبات مقترحات تطوير رسوم المركبات
  • افتتاح المركز الثقافي في إدلب إيذاناً ببدء مشروع ثقافي وطني على مستوى المحافظات
  • وزير الثقافة ومحافظ سوهاج يفتتحان بيت ثقافة أخميم بعد تطويره
  • هيئة قصور الثقافة تقدم أجندة حافلة بالفعاليات الثقافية والفنية والأدبية هذا الأسبوع
  • وزيرا الإدارة المحلية والمالية: أبواب سوريا مفتوحة للاستثمار ولا بد من تعدد مصادر تمويل إعادة الإعمار
  • لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟
  • الشراكة العُمانية - السعودية بوابة لنهضة خليجية مُستدامة
  • وزير المالية السيد محمد يسر برنية في تصريح لـ سانا: نشكر الأخوة في السعودية وقطر على المنحة المالية المقترحة لدعم جزء من رواتب القطاع العام، لمدة ثلاثة أشهر في سوريا.