بوابة الوفد:
2025-06-14@00:38:44 GMT

الخيميائي وطاقة الشر (١)

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

"قابلت الكثير من أعدائي أسوأهم هؤلاء الذين يدعون أنهم أصدقائي"، مقولة تبدو غريبة عن الطبيعة والفطرة الإنسانية للكاتب والمفكر البرازيلى الشهير باولو كويلو صاحب أشهر رواية في العالم عن اكتشاف النفس البشرية وما يحيط بها من عوالم وطاقة روحانية وهي رواية "الخيميائي" الصادرة عام ١٩٨٨ وباع منها ما يقرب من ٢١٠ ملايين نسخة  في ١٧٠ بلدًا، وتمت ترجمة الكتاب إلى ٨١ لغة، لكننا لو نظرنا حولنا الآن لوجدنا تلك المقولة تتحقق بدقة في كل ما يحيط بنا من تعاملات، بالفعل الأعداء الواضحون لنا نحن كفيلون بهم وبمواجهتهم بكل ما نملك من أسلحة وقوة، سواء كانت هذه الحرب حقيقية الأسباب، أو مصنوعة الأسباب،لكن أكثر حرب خطرة نواجهها هي حرب الأصدقاء، لأنها حرب غالبًا خفية وغير معلنة، ليس لها أسباب واضحة يمكن أن نجابها، لأن النفس البشرية لم تعد بنفس البساطة والعفوية والوضوح التي كانت عليها من قبل، بسبب تطورات العصر وتلك المتغيرات ذات الوتيرة السريعة والتحديات، فصارت النفس البشرية أكثر تعقيدًا مما تتصوره عقولنا، من هنا نجد أنفسنا في تلك الحروب الخفية الأكثر قسوة مع من يدعون أنهم أصدقاؤنا، حروب حتى داخل قلب الأسرة الواحدة من الأزواج والزوجات والأشقاء والأبناء، وسبحان الله من سبق كل العصور بتحذير الإنسان في سورة التغابن بقوله "يا أيها الذي آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم فاحذروهم" .

ولعلي أسوق هذه الآية، وبعدها ما قاله باولو كويلو، ومؤكد قال مثل قوله مفكرون وفلاسفة وأدباء، ولا شك أن كلًا منا عاني في محيط مجتمعه من هؤلاء الأعداء المتوشحين بالصداقة والمحبة زورًا، ومؤكد تفاجأنا بأشخاص هم أقرب الناس لنا وقد يكونون قطعًا من فلذات أكبادنا، يناصبونا العداء دون سابق إنذار وبلا مبرر أو سبب واضح، وهو أمر يسبب لنا الصدمات النفسية ويفقدنا الثقة في كل شيء حولنا، فما أبشع أن يتحول من تعتقد فيهم الرفقة الطيبة والسند في الحياة الي خناجر تطعن قلبك بلا رحمة، وما أبشع أن تزرع لأحبابك وردًا فيغرسون أشواكه في روحك، ما أبشع أن تبني لهم حياتهم من لبنات عمرك وشبابك فإذا بهم يتحولون لمعاول لهدمك، أن تعلى مقامهم على حساب انزوائك وتضحياتك، فيحفرون حفرة ويحاولون فيها دفعك وردمك. للأسف نحن في تلك الحرب نفقد الكثير من أنفسنا، ذاتنا، إنسانيتنا، لأننا نضطر الى محاربة من كنا نحبهم، والدخول في عداء اضطراري مع من كنا نثق بهم ونرتكن إليهم، وهو ما يسبب لنا خللًا بشعًا في مفهومنا للحياة ككل، ولا أبالغ إن قلت إنه يخلخل أرض الحياة تحت أقدامنا، ويفقدنا الثقة في كل ما حولنا فقدانا قد يطولنا نحن أنفسنا، لأنها حرب تشبه حرب النفس للنفس، حرب القلب للنبض، حرب تقسم الروح وتشتتها، فتغربنا عن أنفسنا، وحال خوضنا لها سواء خرجنا بهزيمة أو نصر، فإننا لا نعود أبدًا كما كنا، بل قد يتغير أجمل ما فينا، حبنا المطلق للناس،  ثقتنا اللا مشروطة في البشر، عطاؤنا اللا محدود في الحب والتضحية.وسأعود هنا إلى رواية الخيميائي لأني وجدت في جوهرها ما يمكن أن يغني أبناء المجتمع الواحد عن محاربة بعضهم البعض وحشد العداء والكراهية من أجل الفوز بمكسب أو كرسى أو سلطة أو نفوذ، لأن بداخل كل منا كنزًا حقيقيًا لو اكتشفه أي منا لأكتفى به وآمن أنه مهما تصارع وعادى من حوله لن يأخذ أكثر من رزقه.. وللحديث بقية .

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فكرية أحمد

إقرأ أيضاً:

التحية وأثرها في النفس البشرية

يتجاهل عدد كبير من الناس هذه التحية العظيمة وبعضهم ينساها أو يتناساها، وقد لا تعني شيئا حسب فهم البعض، بينما هي تحية بمثابة الدعاء للمسلم عليه، والأولى أن نتبادل التحية بيننا لأن فيها أجورا عظيمة، وتؤدي للجنة مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم».

ويقول صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام».

وكان حرص صحابة النبي رضوان الله عليهم على كسب الحسنات من إلقاء السلام على بعضهم البعض بالذهاب للسوق حيث عدد الناس أكبر.

وبما أن السلام يورث المحبة بين الناس فمن الأولى أن نجعله عادة يومية مستمرة لتحقيق هدف المحبة الذي يسهم في تقوية العلاقات وتقوية الإيمان، كما لابد أن نتخلى عن البدء بالتحية التي تخالف هذه التحية.

والسلام هو أحد أسماء الله الحسنى، وتحية أهل الجنة «السلام»، والجنة دار السلام، والسلام هو الحياة الآمنة المستقرة، والتعايش السلمي، والطمأنينة، والاحترام المتبادل بدون تهديد ووعيد لبعضنا البعض.

وعلينا أن نبحث عما يسهم في زرع المحبة والوئام والتآلف من خلال تعاليم ديننا الحنيف، وأن يكون السلام عادة يومية حميدة ومباركة، وذات تأثير عظيم في الوحدة والتقارب، لمزيد من الخير للجميع. وكذلك لا بد من تغيير العادة السابقة في التحية، وحث الناشئة على إلقاء تحية الإسلام والسلام الخالدة، ونخبرهم بعظمتها، حيث إن «السلام عليكم» لها 10 حسنات، و«ورحمة الله» لها 10 حسنات، و«وبركاته» لها 10 حسنات، والحرص على الاستمرار في إلقاء التحية كاملة يُكسبنا الحسنات في كل حين، ونحن بحاجة إلى الحسنات في التحية وغيرها، فهل من مشمِّر؟

وكما أسلفنا، فهي دعاء عظيم للآخرين بالسلام والرحمة والمباركة، فهل هناك سلام يُضاهي تحية الإسلام الخالدة؟ وهل هناك أُجور متكررة ومستمرة تعدل هذه الأجور؟

فعلينا ألا ننجرف إلى أنواع التحية الأخرى، مثل: «هلا»، و«أهلين»، و«هاي»، ولكن تحية «صباح الخير» و«مساء الخير» تأتي بعد «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وتحية الإسلام خاصة للمسلمين؛ أي تلقيها على المسلمين فقط.

ومن الأولى إلقاء التحية كاملة لكسب الأجور ولكن في بعض الأحيان تأتيك التحية ناقصة فالأولى أن نرد بأحسن منها.

وبالتجربة تتضح حقيقة هذا السلام وهذه التحية، ونرى ماذا سيتغير في أحوالنا، وفي علاقاتنا، وفي تواصلنا. هل ستتحقق المحبة والتآلف والوئام؟ ومن المؤكد أننا سنجد ما أخبرنا به نبينا المصطفى، بتحقيق المحبة والإيمان، ومن ثم -بإذنه تعالى- الجنة.

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تحث إيران على ضبط النفس بعد الهجمات الإسرائيلية
  • الهيمنة الثقافية وتفاهة الشر، لماذا لم تُقاوِم الخرطوم/المركز مذابح الهامش؟
  • دعت إلى ضبط النفس.. «الطاقة الذرية»: يجب عدم استهداف المواقع النووية
  • ردود فعل دولية متباينة بعد العدوان الإسرائيلي على إيران
  • نتنياهو: ضربنا رأس برنامج التسلح النووي الإيراني.. وندافع عن أنفسنا وجيراننا العرب
  • التحية وأثرها في النفس البشرية
  • مستشارة بعلم النفس: عدم التخطيط سبب صعوبة العودة للعمل بعد الإجازة  
  • الدخول إلى علم النفس عبر بوابة الأدب
  • لا تطرق بابًا أُغلق في وجهك
  • الداخلية تداهم أوكار الشر.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات بـ64 مليون جنيه