بعد هجوم موسكو.. طاجيكستان تكافح التطرف بقص اللحى ومنع الحجاب
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
بدأت طاجيكستان حملة قمع واسعة تستهدف المظاهر الدينية كاللحى الطويلة والحجاب، بعد اتهام عدد من الطاجيكيين بتنفيذ هجوم إرهابي كبير في موسكو، بحسب تقرير مطول لصحيفة "نيويورك تايمز".
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن تنظيم "داعش-خراسان" المتطرف، الذي ينشط في آسيا الوسطى، كان وراء الهجوم، وهو ما سلط الضوء على الدور الذي يلعبه الطاجيك المتطرفون في تنفيذ عمليات إرهابية على مستوى العالم.
وبعد اعتقال رجال طاجيك واتهامهم بشن هجوم إرهابي على قاعة حفلات في موسكو في مارس الماضي، أدى إلى مقتل 145 شخصاً وإصابة أكثر من 500، كان المواطنون هناك يتوقعون حملة قمع حكومية.
وتستعرض الصحيفة قصة فتاة طاجيكية في الـ27 من العمر، شاهدت عناصر من السلطات المحلية تحمل مقصا خارج أحد المطاعم في دوشانبي، عاصمة طاجيكستان، وهي تقص اللحى التي اعتبرت طويلة للغاية.
وتعرضت الفتاة بحسب حديثها للصحيفة إلى الاعتقال عدة مرات حتى قررت التخلي عن الحجاب حتى لا يؤثر على مستقبلها المهني.
وتفرض الحكومة الطاجيكية برئاسة إمام علي رحمن، الذي يتولى السلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود، كثيرا من القيود ومنها حظر الحجاب في المدارس منذ عام 2007 والمؤسسات العامة في طاجيكستان منذ عام 2009.
واعتمد البرلمان في الدولة ذات الأغلبية المسلمة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة مسودة تعديلات على قانون "التقاليد والاحتفالات" والتي ستحظر ارتداء "الملابس الغريبة عن الثقافة الطاجيكية"، وهو مصطلح يستخدمه المسؤولون على نطاق واسع لوصف الملابس الإسلامية، بحسب إذاعة أوروبا الحرة "راديو ليبرتي".
وتمنع التعديلات أيضا استيراد تلك الملابس وبيعها والإعلان عنها.
وفرضت غرامات مالية كبيرة تتراوح ما بين 660 إلى 1400 دولار على من يخالف هذه القوانين، ما يزيد الضغط على السكان في بلد يعاني من الفقر والبطالة.
وفي عام 2018، قدمت طاجيكستان دليل الملابس الموصى بها الذي يحدد ألوان الملابس وأشكالها وأطوالها وموادها "المقبولة".
وأنشأت الحكومات المحلية فرق عمل خاصة بينما داهمت الشرطة الأسواق لاعتقال "المخالفين"، بحسب "راديو ليبرتي".
يُظهر مقطع فيديو حديث يُزعم أنه لموظفي مستشفى في جنوب طاجيكستان وهم يساعدون زائرتين ترتديان الحجاب في تنسيق غطاء الرأس "على الطريقة الطاجيكية" بربطه خلف رأسيهما كوشاح، بحسب راديو "ليبرتي".
View this post on Instagram
A post shared by Shahin Malek (@iamshahinmalek)
ويبدو أن المنطق وراء هذا هو القضاء على المظاهر العامة للإسلام المحافظ، وهو ما تعتقد الحكومة أن من شأنه أن يساعد في كبح جماح الإسلام المحافظ والحد من التطرف.
ورغم هذه التدابير، يشير خبراء مكافحة الإرهاب إلى أن هذه السياسة قد تأتي بنتائج عكسية.
ويرى لوكاس ويبر، المؤسس المشارك لمنظمة "ميليتانت واير" التي تركز على بحث نشاط الجماعات المتطرفة، إن الحملة القمعية التي تقودها الحكومة قد تؤدي إلى زيادة الغضب والاحتقان الاجتماعي، مما يغذي مزيدا من التطرف بدلا من الحد منه.
وأضاف أن ردود الفعل الحكومية على الهجمات الإرهابية قد تكون بالضبط ما يسعى إليه المتطرفون، إذ يرغبون في تأجيج التوترات بين المواطنين والسلطات.
إلى جانب القمع الداخلي، زادت طاجيكستان من تعاونها الأمني مع روسيا بعد الهجوم الإرهابي في موسكو، حيث يُنظر إلى الطاجيكيين المهاجرين في روسيا بريبة متزايدة.
ويعمل حوالي مليون طاجيكي في روسيا، ما يمثل نحو 10 في المئة من سكان البلاد، وهم يرسلون أموالا حيوية لعائلاتهم في الوطن.
ولكن في أعقاب الهجمات، أصبح الطاجيكيون هدفا رئيسيا للمداهمات الأمنية في روسيا، لتفتيش مساكنهم وأوراقهم الثبوتية بانتظام.
هذا الاعتماد الكبير على روسيا لم يمنع طاجيكستان من تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، فقد بدأت أيضاً في تعزيز التعاون مع الصين، رغم التقارير التي تفيد ببناء قاعدة صينية في شمال البلاد، وهي تقارير نفتها بكين.
ووقعت طاجيكستان اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة في مايو الماضي، تهدف إلى تحسين مراقبة الأشخاص الذين يدخلون البلاد ويشتبه في صلتهم بالجماعات المتطرفة.
ويرى مراقبون أن التركيز على المظاهر الدينية قد لا يكون حلا فعالا لمكافحة الإرهاب، خاصة أن بعض أفراد عائلات المتهمين في الهجوم الإرهابي في موسكو أشاروا إلى أن المتورطين لم يظهروا أي علامات خارجية على التدين أو التطرف، مما يدل على أن هؤلاء المتطرفين قد يحاولون التهرب من التدابير الأمنية من خلال الابتعاد عن المظاهر الإسلامية التقليدية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت جولراكات ميرزوييفا (59 عاما)، والدة أحد المتهمين في الهجوم، إن ابنها لم يكن متدينا بشكل علني ولم يظهر أي ميول للتطرف.
وأشارت إلى أن الفقر والظروف الاقتصادية القاسية هي التي دفعت ابنها إلى السفر مرارا للعمل في روسيا لتوفير احتياجات أسرته.
كان المهاجمون الأربعة المتهمون يعملون في روسيا لعدة أشهر على الأقل، وكان بعضهم يقوم برحلات متكررة للدخول والخروج.
ويشير خبراء في مجال حقوق الإنسان إلى أنه بدلا من أن تعالج الدولة المشاكل الجوهرية مثل الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية، تبحث عن أمور مظهرية قد لا يكون لها علاقة بجذور أزمة التطرف.
وقال العديد من سكان دوشانبي لراديو ليبرتي إنهم لا يدعمون حظر أنواع معينة من الملابس لأنهم يعتقدون أن الناس يجب أن يكونوا أحرارا في اختيار الملابس التي يريدون ارتدائها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی روسیا فی موسکو إلى أن
إقرأ أيضاً:
لوفيغارو: 17 توصية لمكافحة التطرف الإسلامي في تقرير صادم لليمين الفرنسي
قالت صحيفة لو فيغارو إن الساحة السياسية الفرنسية مقبلة على جدل جديد، بعد كشفها تقريرا قالت إنه يطرح مجموعة واسعة من الإجراءات القانونية والإدارية والاجتماعية لمكافحة ما تصفه بـ"التطرف الإسلامي" في البلاد.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير حصري بقلم جان مارك لوكلير- أن الوثيقة المكونة من 107 صفحات أعده 29 سيناتورا من حزب الجمهوريين، بقيادة جاكلين أوستاش برينيو، وهو يتضمن 17 توصية قد تعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والمجتمع فيما يتعلق بالمسائل الدينية والهوية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل أشعلت اليابان للتو فتيل الحرب العالمية الثالثة؟list 2 of 2لوموند: مقتل فلسطينيين وهما يستسلمان يكشف أساليب الجيش الإسرائيليend of listويرى معدو التقرير الذي تسلمه رئيس كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ماتيو دارنو، أن "التطرف الإسلامي" يشكل تهديدا مباشرا للتماسك الوطني، وأن مواجهتها تتطلب "خطة طموحة" وإجراءات حازمة.
ومن بين المقترحات الأكثر إثارة للجدل -حسب لوفيغارو- منع ارتداء الحجاب للفتيات دون 16 عاما في الفضاء العام، ومنع الصيام لليافعين ما دون هذا العمر، وهي إجراءات يبررها التقرير بكونها "حماية للطفل"، ويواكبها داخل البرلمان تحرك موازٍ من لوران ووكييه لطرح قانون مشابه.
كما يوصي التقرير بتقييد ارتداء المرافقات المدرسيات للحجاب، بهدف ضمان "حياد تربوي"، مع التذكير بأن مجلس الشيوخ سبق أن وافق على إجراء مماثل عام 2019 قبل أن يوقفه النواب.
مشروع انفصاليوفي السياق ذاته، يدعو التقرير إلى تشديد الإجراءات على الزواج القسري عبر فرض مقابلة إلزامية للزوجين قبل تسجيل الزواج في القنصليات الفرنسية.
ويتوسع التقرير في الجانب الإداري والأمني -حسب الصحيفة- مقترحا نقل مسؤولية إصدار التأشيرات بالكامل إلى وزارة الداخلية من أجل ضمان انسجام السياسات المتعلقة بالدخول والإقامة والإبعاد، وهو مطلب قديم يعتبره مؤيدوه سلاحا مهما في ضبط الهجرة ومنع دخول عناصر مرتبطة بالتطرف.
إعلانويشدد السيناتورات أيضا على ضرورة تعقب تمويل المساجد والجمعيات وتعزيز الشفافية في التمويل الأجنبي، لمنع استخدام المؤسسات الدينية لأغراض الدعاية السياسية، مما يستدعي تشديد الالتزامات المتعلقة بالتصريح بالتمويلات الأجنبية، وتعزيز الرقابة على الالتزام بهذه المتطلبات، كما أوردت الصحيفة.
وفي مجال الرياضة، يطالب السيناتورات بفرض حياد تام عبر القوانين واللوائح الداخلية للاتحادات، على غرار خطوة اتحاد كرة القدم الفرنسي، في محاولة لمنع ما يعتبرونه "اختراقات" أو "ضغطا دينيا" داخل المؤسسات الرياضية.
ويقدم التقرير -حسب الصحيفة- تعريفا واضحا لما يسميه "التطرف الإسلامي" باعتبارها "مشروعا انفصاليا طويل الأمد يهدف إلى تغيير المجتمع الفرنسي وفق معايير دينية متطرفة"، مؤكدا أن هذا الموقف يستهدف الإسلام كأيديولوجيا لا الإسلام كدين، وهي نقطة يتوقف عندها معدوه تفاديا للخلط أو الاتهام بالتمييز.
ويتكئ التقرير أيضا على شهادات وصفتها الصحيفة بأنها نوعية، أدلى بها رجال استخبارات سابقون، وباحثون في الحركات الدينية وأئمة ومسؤولون كبار، وقد حذر هؤلاء من خطر تمدد "التطرف الإسلامي"، وقدموا أرقاما قالوا إنها تعزز ذلك.
وبرزت من بين هؤلاء الباحثة فلورانس برجو بلاكليه، التي تحدثت عن "هيكل هرمي سري للإخوان المسلمين في فرنسا، قالت إنه يضم نحو 100 عضو نشط، يؤثرون على 100 ألف مصلٍّ، في أكثر من 100 مسجد، و280 جمعية، معتبرة أن أفراد هذه الشبكات "يؤدون قسم البيعة" ويلتزمون بالجهاد والطاعة المطلقة".
إعادة تسليح الجمهوريةويشير التقرير إلى "إستراتيجيات تسلل" داخل مؤسسات الدولة، لا سيما في التعليم والرياضة، ويصف الحجاب بأنه "رمز للفصل الجنسي وأداة للسيطرة الاجتماعية".
ويرى معدو التقرير أن مناطق فرنسية عديدة تعيش بالفعل نوعا من "الغيتوهات الموازية" التي تعمل خارج إطار القيم الجمهورية، ولذلك يدعون إلى تعديل دستوري يؤكد أولوية قوانين الجمهورية على أي اعتبارات دينية أو جماعية.
مكافحة "التطرف الإسلامي" تستدعي إعادة تسليح الجمهورية على المستويات الفكرية والقانونية والإدارية والسياسية
ويشيد التقرير بفعالية تعميم وزير التربية غابرييل أتّال لعام 2023، التي منعت الملابس الدينية في المدارس وأدت -حسب معدي التقرير- إلى انخفاض ملحوظ في الحوادث المرتبطة بالمطالب الدينية، لكنه يوجه انتقادات إلى مؤسسات طلابية، متهما شبكات إسلامية بمحاولة التأثير في الخيارات الغذائية الجامعية وتطبيق معايير معينة.
وفي البعد الاجتماعي، يشدد السيناتورات على ضرورة دعم النساء في الأحياء الشعبية عبر جمعيات مستقلة عن التنظيمات الدينية، وتأمين الحماية لمن يتعرضن لضغوط مجتمعية، كما يدعون إلى تعزيز الاختلاط بين الجنسين في كل الأنشطة التعليمية والثقافية والرياضية.
ويختتم التقرير برسالة سياسية واضحة مفادها أن مكافحة "التطرف الإسلامي" تستدعي "إعادة تسليح الجمهورية" على المستويات الفكرية والقانونية والإدارية والسياسية، مع التأكيد على أن كتلة اليمين في مجلس الشيوخ ستستمر في لعب دور "الجهة الضاغطة" مهما كانت الخطوات التنفيذية المقبلة.
إعلان