الجزيرة:
2025-12-15@03:50:03 GMT

مسؤولية المفكر في الأزمات التي نعيشها

تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT

مسؤولية المفكر في الأزمات التي نعيشها

لماذا يتجه الجميع نحو السياسيين أو المسؤولين عند الحديث عن الأزمات الكبيرة التي يعاني منها العالم؟ وإلى أي مدى يُعد من الصواب أن ننتظر من السياسيين التحرك لمنع الأزمات، أو الحروب، أو لإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية؟ أعتقد أن هذا من أكبر الأخطاء.

فكل سياسي يفكر أولًا في مصلحة بلده، ثم في مصلحته الشخصية وبقائه في السلطة عندما يحاول التعامل مع الأزمات التي تؤثر على العالم بأسره، وهذا بدوره يؤدي إلى تعميق الأزمات بدلًا من حلها.

يجب أن ننظر إلى الصورة الكاملة

الأزمات التي يعيشُها العالم اليوم ستكون لها عواقب مؤلمة ومدمّرة. وأوّل الأمثلة على ذلك يمكن رؤيته في حرب أوكرانيا وروسيا، واحتلال فلسطين، والحرب الأهلية في سوريا، والصراعات في القرن الأفريقي. وللأسف؛ هذه مجرد البداية.

إذا استمعنا إلى المسؤولين، فسنجد تصريحات، مثل: "الحل السياسي، وقف فوري لإطلاق النار، موقف سلمي"، وهي لا تتعدى كونها تصريحات سطحية لا تجدي نفعًا. أما فيما يتعلّق بأسباب هذه الأزمات، فنجد تحليلات ضحلة لا تلامس عمق المشكلة، بل تركّز على تفسيرات محلية فقط.

هذا هو أقصى ما يمكن للسياسيّ أو البيروقراطي أو المسؤولين فعله، ولكنْ هناك فئةٌ من الناس يجب عليها أن ترى الصورة الكاملة، وتصف لنا هذه الأزمات التي نعيشها: المثقّفون، والعلماء، والأكاديميون، أو لنقل باختصار: هم المفكرون.

مسؤولية المفكّر تظهر بشكل واضح في مثل هذه الأوقات، فعندما يكون الجميع مشغولًا بوصف جزء صغير من الصورة الكاملة، يجب على المثقف أن يرى الصورة بأكملها؛ ليتمكّن من إرشاد الناس وتنويرهم. فقط عندها يمكننا إدراك أن مشكلتنا أكبر وأعمق وأوسع انتشارًا مما نعتقد، وإلا فسنستمرّ في الوقوع في خطأ تفسير الحروب، والاحتلالات، والفوضى بأنّها مجرد انتهاكات للحدود أو صراعات بسيطة أو إرهاب، بينما الحقيقة تكون أكثر تعقيدًا بكثير.

الحاجة إلى أفكار مغايرة

ارتفاع العنصرية في أوروبا ليس المهاجرون سببه، واحتلال غزة لا يمكن اختزاله في  7 أكتوبر/تشرين الأول، وصعود ترامب لا يمكن تفسيره فقط بشيخوخة بايدن. وحرب أوكرانيا وروسيا لا يمكن تفسيرها فقط باعتداء روسيا، والصراعات في القرن الأفريقي ليست مجرد مسألة انتهاك حدود أو إرهاب، وتخلُّف العالم الإسلامي ليس فقط بسبب الاستعمار.

تحديد الأسباب الحقيقية لهذه الأزمات يتطلب رؤية الصورة الكاملة، وهذا هو واجب المفكرين في المقام الأول. وبعد ذلك؛ يجب على المفكرين أن يقدموا حلولًا، لكن هذه المرحلة أكثر صعوبة، ويتطلب الأمر أفكارًا غير تقليدية، خارجة عن المألوف.

إنّ حل مشكلة القومية المتصاعدة في أوروبا يمكن أن يتحقق فقط من خلال تحقيق العدالة في توزيع الثروة، وليس من خلال منع دخول المهاجرين. ومنع تدفّق المهاجرين من المكسيك إلى الولايات المتحدة لا يتحقق ببناء جدار، بل بوجود حكومات عادلة وقوية في أميركا اللاتينية. وقف احتلال غزة يمكن فقط عندما تتخلّى الولايات المتحدة عن طموحاتها الإمبريالية.

أنا واثق أن لدينا في العالم مفكّرين قادرين على إنتاج أفكار أقوى وأكثر تأثيرًا من هذه. لكن في الوقت الحالي، لا نرى شجاعة في مواجهة المألوف من قِبل المثقفين في أوروبا، أو أميركا، أو العالم الإسلامي. وهذا هو لبّ مشكلتنا الكبرى.

بدون أفكار لا يمكن إيجاد حلول

جذور الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي نعيشها تعود إلى المشاكل الاجتماعية. لفهم هذه الأزمات؛ يجب مراقبة المجتمع، وفهمه، وتحديد احتياجاته. وهذا يتطلب من المفكرين التفكير بعمق وتقديم أفكار لتحسين حياة البشرية.

إذا لم توجد أفكار، فلن تتطور السياسة، ولن تُحل الأزمات، بل ستزداد تعقيدًا. وإذا لم توجد أفكار، فإن الفوضى ستتسع؛ لذا نحن بحاجة إلى الأفكار الشجاعة من المفكّرين.

أين المفكّرون الأوروبيون الشجعان الذين يمكنهم القول بأن أساس المشكلة في أوروبا يعود إلى الاستعمار والاحتلال في الشرق الأوسط وأفريقيا؟ أين المفكرون المسلمون الذين يستطيعون التصريح بأن سبب تخلف العالم الإسلامي هو في طريقة فهمنا للإسلام وفي الحكومات الفاسدة؟ وأين المثقفون الأفارقة الذين يمكنهم التعبير عن أن سبب الفقر الذي تعانيه القارة هو الجشع؟

يبدو أنّ هؤلاء المفكرين بحاجة إلى إعادة تقييم ذاتهم، والقيام بنقد ذاتي، والعودة إلى أدوارهم الفكرية الحقيقية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصورة الکاملة الأزمات التی هذه الأزمات فی أوروبا لا یمکن

إقرأ أيضاً:

من يتحمل مسؤولية الإعلام الأردني !!!

صراحة نيوز- داود شاهين

في شهر حزيران 2025 صدر عن مجلس الوزراء الموقر قرار بتحمّل كلفة فوائد القروض الممنوحة لمكاتب وكلاء السياحة والفنادق السياحية دعمًا لها ومساعدةً لها في تخطي الأزمة التي تمر بها، في نفس الوقت الذي كانت به أزمة بين المواقع الإخبارية الإلكترونية (الإعلام الأردني) ونقابة الصحفيين الأردنيين، والتي تتمثل في مطالبات من النقابة لهذه المواقع (الإعلام الأردني) بمبالغ وصلت في حينها إلى اثني عشر ألف دينار ( على بعض المواقع) ، نتيجة لاشتراكات متراكمة استحقت للنقابة على إثر تعديل قانونها ونظامها الداخلي دون إشعار لأصحاب المواقع الإلكترونية.

الحكومة التي بادرت إلى دعم قطاع السياحة نتيجة لتضرره جراء أزمة كورونا، والمحيط الملتهب نسيت ، أن الإعلام الأردني تعرض لمثل هذه الأزمات وتضرر بنفس الطريقة إن لم يكن بصورة أكبر، إلا أنه استمر بالعمل بدافع الوطنية والواجب الوطني.

الحكومة الأردنية نسيت أن الإعلام الإلكتروني (المواقع الإخبارية) هو من كان ولا زال وسيبقى الذراع الإعلامي للوطن في الأزمات، وأنه كان يعمل على إيصال رسالة الحكومة أيام جائحة كورونا.

الحكومة الأردنية نسيت أن الإعلام الإلكتروني (المواقع الإلكترونية) وكتّابها هم من تصدّى لكل من سوّلت له نفسه المساس بأمن واستقرار هذا الوطن.

الحكومة الأردنية أغمضت عينيها عن أزمة خانقة وشح في الموارد يعيشها الإعلام الأردني نتيجة أزمة كورونا والظروف السياسية التي تعيشها المنطقة، لكنها لم تقصّر بحق الوطن والمواطن، واستمرت في العطاء، رغم عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها.

الإعلام الإلكتروني ( المواقع الاخبارية )، الذي كان ولا زال وسيبقى الذراع الإعلامي للدولة الأردنية، بحاجة إلى قرار حكومي بالالتزام في طلبات نقابة الصحفيين أسوةً بمكاتب السياحة والقطاع السياحي، علمًا أن المبلغ الإجمالي المطلوب لنقابة الصحفيين في المواقع هو أقل بقليل من المبلغ الذي تحمّلته الحكومة عن القطاع السياحي.

وعلى الحكومة أن لا تنسى أن الإعلام الإلكتروني هو الذراع الإعلامي للدولة الأردنية، وهو من تصدّى للطامعين، وكان الداعم الأول والرئيسي للقضايا الوطنية، ناهيك عن الدور الذي يقوم به الإعلام الإلكتروني والمواقع الإخبارية الأردنية بشكل يومي في نشر أخبار الحكومة وبياناتها ورسائل التوعية الصادرة عنها.

ختامًا أقول: آن الأوان لنجد من يتحمّل مسؤولية الإعلام الإلكتروني والعمل على إيجاد حل لازمته مع نقابة الصحفيين.

حمى الله الأردن والاردنيين

مقالات مشابهة

  • ديكورات أبواب.. أفكار عصرية لاختيار الباب المثالي لمنزلك
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: مسؤولية الذات
  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • أفكار خارج الصندوق.. طلاب «إعلام الإسكندرية» يطلقون 11 حملة إعلانية مبتكرة
  • من يتحمل مسؤولية الإعلام الأردني !!!
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • باسل رحمي: خدماتنا تهدف لتحويل أفكار الشباب الإبداعية إلى مشروعات ناجحة ومستدامة
  • صحيفة: جدل بين "الموالين" حول مسؤولية "حماس" عن خراب "محور المقاومة"
  • برج الدلو حظك اليوم السبت 13 ديسمبر 2025.. تراودك أفكار غير تقليدية