الدبيبة ينعى المفكر نجيب الحصادي: فقدت ليبيا علماً من أعلام الفكر والفلسفة
تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT
نعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، ببالغ الحزن والأسى، المفكر والفيلسوف الليبي البارز الأستاذ الدكتور نجيب الحصادي، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والفكري، ترك خلالها بصمات عميقة في المشهد الثقافي والأكاديمي الليبي والعربي.
وفي بيان رسمي، قال الدبيبة: “بقلوب يملؤها الأسى ويعتصرها الحزن، نودّع اليوم أحد أعلام الفكر والفلسفة، الأستاذ الدكتور نجيب الحصادي، ابن مدينة درنة الزاهرة، الذي أنار بعقله وقلمه دروب العلم، فكان منارة لبث الوعي الأخلاقي والعطاء العلمي بقيمه النبيلة ومُثله السامية”.
وأضاف رئيس الحكومة أن الراحل “أثرى بمؤلفاته وترجماته البديعة المكتبة الليبية، ونشر هويتها الثقافية بكل فخر بين كتاباته الأصيلة، كما شهدت له الجامعات ومجمع اللغة ببعد النظر، وصدق الكلمة، وأثره العميق في المشهد الأدبي والنقدي”.
وتقدم الدبيبة بأصدق مشاعر العزاء والمواساة إلى أسرة الفقيد، وتلاميذه، ومحبيه، وإلى الوسط الثقافي الليبي، الذي اعتبره “فقد ركنًا رشيدًا من أركانه”.
وختم البيان بالدعاء للراحل بالرحمة والمغفرة، قائلاً: “سائلين المولى عزّ وجل أن يتغمّده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.”
ويُعد الدكتور نجيب الحصادي من أبرز الأسماء الفكرية في ليبيا والعالم العربي، وله مساهمات متميزة في مجالات الفلسفة، الأخلاق، مناهج البحث، والترجمة العلمية، وتخرّج على يديه آلاف الطلبة، وشارك في تطوير المشهد الأكاديمي من خلال مؤلفاته ومحاضراته، وعضويته في هيئات علمية ولغوية مرموقة.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الثقافة في ليبيا الدبيبة حكومة الوحدة الوطنية
إقرأ أيضاً:
هل تطوير الفكر مطلب أم خيار؟
محفوظ بن راشد الشبلي
كُنا ذات مرة نحضر محاضرة عن الممارسات والسلوكيات الخاطئة، وما إن انتهينا من المحاضرة وخرجنا إلّا وأرى شخصاً ممن يجلسون قريبين مني في المحاضرة يأتي بسلوك خاطئ من التي كانت قبل قليل هي موضوع المحاضرة، فتساءلت في نفسي عن مغزى حضور ذلك الشخص وجلوسه وإصغائه، مع العلم ولكونه يجلس قريبًا مني كنت أراه متشدقًا بالنظر والتركيز للمحاضر ولا أعي هل تركيزه ذلك كان بالنظر لشخص المحاضر أم للإصغاء لِما يقوله ويتحدث عنه، وأُقارن فعله المتناقض الذي أتى به عندما خرج من ذلك الإطار الذي كان فيه قبل قليل، وهل ما يستمع له الإنسان ويتعلمه ويتفقّه به؛ هل هو مطلب للعمل به لتطوير ذاته وممارساته في الحياة أم هو مجرد حضور من سراب ليس به ما يلزم تطبيقه والعمل به على الواقع.
إحدى المرات رأيت عاملًا من الجالية الآسيوية يرمي بأكياس على الطريق كان يحمل بها طعامًا في يده فسألته عن فعله ذلك ولِم لا ترميه في سلّة المهملات، فأجابني بأن (كل نفر يسوي سيم سيم) فلم أجبه بشيء وانصرفت عنه، وقلت في نفسي لو وجد ذلك العامل ثقافة تُمارس أمامه عن تلك الممارسات الخاطئة التي يُوجّه لها ويُشار ويُنبّه بعدم فعلها من أبناء البلد لَما فعلها وأتى بمثلها ولأحترم التقيّد بها في بلادٍ غير بلاده ولكن التبريرات أحياناً تُجيبك على بعض التساؤلات.
وفي نفس السياق كذلك سألت أحد الوافدين عن سبب وقوفه الخاطئ بسيارته أمام أحد المقاهي، ولِم لا تقف في موقف واحد بالطريقة الصحيحة لتُتيح للباقين مكاناً للوقوف، فكان جوابه على سياق وشاكلة جواب الوافد السابق (كله نفر يقف سيم سيم) فساءني تكرار الرد على نفس الشاكلة من الوافدين في بلادنا ولتطبيقهم سلوكيات خاطئة شاهدوها وقلّدوها من سلوكيات أبناء البلد. ونرجع لنفس السؤال هل ما يتعلمه الإنسان في حياته ويتفقّه به مطلب لتطبيقه على الواقع لتطوير ذاته ورسم صورة إيجابية لغيره لتطبيقها، أم هو خيار فقط ومجرد معلومة تُضاف ولا تُطبّق على الواقع. ناهيك عن المحاضرات والتوجيهات والتعليمات والتثقيفيات بالملصقات الإعلانية التي نجدها في كل مكان، والتي توجّه من قِبل الدوائر والجهات المعنية ذات العِلاقة، وتُبث في مواقع الإعلام المختلفة وعبر مواقع التواصل والكل يشاهدها، ولكن لا زلنا نرى مُخالفاتها تتكرر على الواقع للأسف.
كنت أتابع حلقة ذات مرة من حلقات برنامج (س) الذي يُعرض على قنوات (إم بي سي)، والذي يُقدمه الإعلامي السعودي أحمد الشقيري، وكانت الحلقة يومها في اليابان ويسأل حينها مواطن ياباني عندما شاهده يقطع مسافة ليرمي المهملات في سلة المهملات أو بالأحرى في مكانها الصحيح الذي يجب أن تُرمى فيه، فسأله عن ذلك مُقارنة بما يشاهده في دول أخرى، فاندهش ذلك المواطن الياباني من السؤال اندهاشًا غريبًا قبل أن يرد عليه بإجابة مُحرجة تمنى وقتها مُقدم البرنامج لو لم يسأله، وأردف له بعبارة على جوابه بأن هذه بلاده، وكأنّه يوجّه له رسالة بأن نظافة بلاده هي جزء لا يتجزأ من ثقافته العامة وأن تقدم بلاده الذي وصلت إليه عِلميًا وتطورها تكنولوجيًا يبدأ من تطوير الذات وجعل ممارسة تطبيق ما تعلّمه هي ثقافة عامة لديه وقانون يحترمه ومبادئ يتّبعها ويجعلها منهجًا في حياته.
برغم إن بعض الدول ليست عقيدتها الإسلام إلّا إن تطبيق الثقافة العِلمية الصحيحة في الممارسات التي أوصى بها اللّه ورسوله هي ثقافة عامة يمتهنونها لتطوير ذاتهم، بل وجعلوها مطلبًا لتقدمهم وليس خيارًا في حياتهم، بغض النظر عن سلبياتهم العقائدية الأخرى في فكرهم.
خلاصة القول.. إن لم تجعل ثقافة تطبيق ما تعلمته وشاهدته واستمعت له من توجيهات وتعليمات وأوامر ونواهي منهجًا في تطوير ذاتك وفكرك، وتجعله سلوكًا في حياتك لتفيد به نفسك وبلدك وتكون مرآة لغيرك ليقتدي بك ويتعلّم منك، كما أوصى به رسولنا الكريم في حديثه الكريم: "المسلم مرآة أخيه"، فستبقى في دائرة النقصان مهما اعتقدت انك وصلت بعِلمك إلى الكمال، فتطوير الفكر والذات يجب أن يكون مَطلبًا تسعى إليه في حياتك لترتقي وليس خيارًا كما يظنه البعض للأسف، ومهما دارت الأزمان وتغيّرت الشخصيات والشواخص وتغيّر معها الحال والمكان سيبقى تطوير الفكر والذات وتحوله للأفضل لمواكبة تطور الحياة هو المطلب الأسمى يومًا بعد يوم.