بوعشرين: بعد أن جربت السفر على متن البراق .. أسحب اعتراضي وأراجع موقفي
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
أخبارنا المغربية - محمد اسليم
عبر الصحفي توفيق بوعشرين في تدوينة نشرها على صفحته الفايسبوكية، ، عن مراجعته لموقفه السابق من مشروع القطار الفائق السرعة "البراق".
وكتب بوعشرين: "لأول مرة أركب القطار فائق السرعة المسمى البراق (عذراً على عبارة "المسمى" هذه التي التصقت بي من كثرة تكرارها في محاضر الشرطة القضائية، وهذه من العادات السيئة التي وجب علي التخلص منها).
وأضاف: "لكن بعد أن انطلق المشروع، وعرف نجاحاً كبيراً، وقلص زمن الرحلة بين البيضاء وطنجة لساعات، وبعد أن جربت السفر على متنه اليوم من الرباط إلى طنجة في ساعة و20 دقيقة، مع حسن الاستقبال ونظافة المركبات والوقت المضبوط، وبعد أن صار البراق يطير بسمعة البنيات التحتية المغربية عالياً، فأنا أسحب اعتراضي وأراجع موقفي الأول لصالح الفكرة والمشروع والمغامرة... ليس عيباً أن يراجع المرء موقفه، المهم أن تبقى نيته سليمة ومواقفه منسجمة مع قناعاته".
للإشارة، فقد سبق واحتل قطار "البراق"، الرابط بين مدينتي طنجة والدار البيضاء، المرتبة الثامنة عالمياً ضمن لائحة أسرع القطارات في العالم التي نشرتها مجلة فوربس الأمريكية في 2019. البراق، الذي تم تدشينه في نونبر 2018، جاء في المركز الثامن بسرعة ناهزت 232 كيلومتراً في الساعة، متقدماً على قطارات سريعة أخرى ضمن قائمة أسرع 15 قطاراً في العالم، في كل من فرنسا، كوريا الجنوبية، تركيا، روسيا، إنجلترا، والسعودية.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
ذاكرة الجدة وذعر الطريق
اختفت الشمس من الصحراء وعاد الليل.
كنتُ متماهية مع صوت جدتي وهي تقص قصصًا من التراث العُماني القديم.
كانت تستحضر القصص من ذاكرتها الحية، التي يبدو نصفها معطوبًا.
أكل الخرف ذاكرتها كما تأكل الرِمَّة الخشب.
روحها لا تُمل، وإحساسها بالأشياء مُذهل، ودقة وصفها جعلتني لا أشعر بالوقت.
غادرت منزلها فور أن استشعرت العُتمة.
شغّلت المُحرّك وسلكت الطريق العام.
هذه القرية تكاد تكون معدومة السُكان، بيوت قليلة تقع في صحراء شاسعة.
بدأ الخوف يدّبُ في أوصالي، وتذكرت أمي وهي تقول: (تعالي قبل ما تغيب الشمس).
شغّلت الراديو رغبةً في تشتيت الخوف، فصدحت منه الأغاني الوطنية.
غيّرت الموجة: حرائق في كاليفورنيا، سقوط طائرة، مفاوضات بشأن السلام في غزة، تسونامي في اليابان.
لا شأن لي بالاستماع للكوارث التي تحدث في العالم، أطفأت الراديو.
ظهرت سيارة بيضاء في المرآة، إنها خلفي مباشرة، تشبه تلك السيارة التي كانت تلاحقني في المنام عندما كنت طفلة.
استيقظ خوف دفين في روحي، وحاولت إبطاء السرعة لأسمح لها بتجاوزي. لكن سائقها لم يُبدِ أي رد فعل، وكأنه يصر على السير خلفي. رفعت هاتفي في محاولة لالتقاط شبكة، لكنه لا يستجيب (No service).
عيناي تقعان على المرآة لمراقبة سلوكه، لعله يتصل، أو يتناول علكة، أو يفعل أي شيء آخر يثبت لي أنه غير مكترث بي، ربما.
لكنه ينظر للأمام بحزم.
بدأ يزيد من مستوى السرعة.
بلغت القلوب الحناجر، وشعرت برغبة هائلة في البكاء، فأنا أبكي فقط عندما أكون قلقة.
ربما أدركَ تمامًا أنني امرأة، ربما يتعمّد إخافتي. ليتني أطعت جدتي عندما قالت لي: (جلسي، ما شبعت منك).
حاولت الاتصال بأي أحد، لكن هاتفي لا يستقبل أي إشارة.
تبًا للأقمار الاصطناعية، تبًا للتكنولوجيا الفاشلة.
بدأت بطارية هاتفي تنفد، وفي الوقت نفسه السائق اللعين تجاوزني.
فتح نافذته رغبة في أن يُسمعني صوته، لكنني لا أعلم ماذا يقول! لا أعلم شيئًا سوى أن الخوف جمّد أطرافي.
رفعت مستوى السرعة محاولة الوصول إلى المحطة، حيث بدت لي الأضواء من بعيد.
شعرت بارتياح هائل عندما رأيت تلك الأضواء.
الآن يسير خلفي مجددًا، وأشعر بالقلق من أن يعترض طريقي.
وصلت المحطة أخيرًا، وعادت الحياة لهاتفي. هناك ١٤ مكالمة فائتة: ٤ من أمي، و١٠ من أخي.
وصل هو أيضًا إلى المحطة، وتوقف بجواري تمامًا، ثم طرق نافذتي محاولًا إخباري بشيء ما.
فتحت جزءًا ضئيلًا من النافذة، جزءًا يسمح فقط بمرور الصوت: (آسف على الإزعاج، بس الدبّة مفتوحة).
لم أُجِب، تملّكني الصمت.
كانت نظراتي التي بدت غاضبة، وأنفي الذي احمّر كأنوف صغار الأرانب، كفيلين بإبعاده.