الاحتفال بالمولد النبوي.. الأهمية والأهداف
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
مما لا شك فيه أن المرحلة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية هي أسوأ مرحلة وصلت إليها، فهي لم تصل إلى هذا المستوى الذي تعيشه اليوم من الضعف والهوان إطلاقا من حيث خضوعها لأعدائها وتقبلها لهيمنتهم واستكبارهم حتى صارت هي مضروبة بالذلة والمسكنة التي ضرب الله بها أعداءها والعدوان الوحشي على غزة منذ ما يقارب العام أكبر شاهد على ذلك ودليل تحرك الأحرار والشرفاء في شعوب الأرض تضامنا ومساندة مع غزة ولم تتحرك غالبية شعوب الأمة العربية والإسلامية.
لقد صارت أغلب شعوب الأمة وأنظمة العمالة والنفاق فيها تخشى أعداءها ولا تخشى الله خانعة ذليلة لهم يسومونها سوء العذاب فلا تبدي أي مقاومة، يسيؤون إلى نبيها فلا تستنكر حتى استنكار ويحرقون ويدوسون القرآن فلا تغضب ويستبيحون دماء أبنائها وأعراضهم ومقدراتهم فتبارك وتسمع اليهود والصهاينة يهتفون بعبارة (محمد مات وخلف بنات) فلا ترى فيها ذرة غيرة أو حمية وأصبحت شعوبها التي يتجاوز عددها المليار والنصف كغثاء سيل لا وزن لهم ولا قيمة ولا موقف لهم ولا حراك وكل ذلك بسبب ابتعادهم عن رسولهم ونهجه وعن قرآنهم ونوره.
وفي ظل هذا الحال المخزي والمزري الذي تعيشه غالبية أمة الإسلام المحمدي فإن المخرج الوحيد لها من هذا الحال يتمثل بإثارة ما تبقى من ذرات إيمان في قلوب شعوبها واحياء رسول الله في وجدانها، ليشدها إلى كتاب الله تعالى والى هديه الشريف ونهجه القويم، فتفيق من غفلتها وتصحو من سباتها، ولن يتحقق ذلك إلا إذا عاد محمد صلى الله عليه وعلى آله إلى قلوب أبنائها واسترجعت أفئدتهم نور رسول الله ومواقفه واستعادت ذاكرتهم عظمته ومنزلته واستشعرت نهجه وهديه ونوره ودربه وشاهدوا بأم أعينهم كل ذلك عن رسول الله بمواقف حية تعظم رسول الله وتجله وتقدسه قولا وعملا، نهجا وسلوكا وتسير على خطاه بشجاعة وثبات في مواجهة أعداء الله والتصدي لهم باستبسال وعزم وإقدام، لا يخيفهم في الله لومة لائم ولا يثنيهم كثرة العدو وقوته ولا يزعزع إيمانهم قوة أسلحة المستكبرين ولا إمكانياتهم، وقد رأوا هذه المواقف للشعب اليمني وبدأوا يستعيدون ثقتهم ويقينهم بوعد الله، ويدركون أن النصر بيده لا بكثرة العدد والعدة وان السبيل إلى بلوغه في متناول أيديهم بحسن التوكل على الله وبيقين الثقة في وعده ووعيده وبالتحرك وفق توجيهاته القرآنية والانطلاق استجابة له وسعيا إلى نيل رضاه، كما فعل اليمنيون واصبحوا يعون أن كل ذلك لا يتحقق في نفس أي مسلم إلا بمحبته لرسول الله وتعظيمه واتباعه وتقديسه وطاعته والمضي على خطاه وهذه هي الأهمية التي يسعى السيد العلم عبدالملك الحوثي ـ يحفظه الله ويرعاه ـ هو ومن معه إلى أن يعكسوها للامة من خلال الاحتفاء والابتهاج بالمولد النبوي الشريف والتعبير عن ذلك بكل المظاهر المشروعة والممكنة وفي مواجهة الاستكبار الأمريكي والبريطاني والصهيوني والغربي وهو الأمر الذي تحقق بفضل الله ولاحت ثماره في يقظة شعوب الأمة وعرفوا حقيقة أمريكا ومن معها وشاهدوا كيف كسر اليمنيون هيبتهم وكيف أذلوا قواتهم البحرية في البحر الأحمر بمدمراتهم وبوارجهم وحاملات طائراتهم التي فرت منه تجر أذيال الفشل والهزيمة وفضحوا حقيقة مسيَّراتهم الأكثر تطورا، كالأمريكية (MQ9) التي كانت تستعرض بها أينما تشاء وتقصف بها حيثما تشاء بعد ، إلا أنها صارت أسهل فريسة للجيش اليمني واسقطوا الكثير منها أمام العالم بمنظومات دفاع يمنية الصنع كان آخرها في التاسع من سبتمبر الجاري.
لقد كان لكل المواقف اليمنية السابقة اثر بالغ في نفوس أبناء الأمة وكل أحرار وشرفاء العالم، عززت وعيهم وأعادت رسول الله إلى قلوبهم وبدأوا يعودون للاحتفالات بمولده في السنوات القليلة الماضية في كثير من الدول العربية والإسلامية وعادوا إلى الفرح به والى تعظيمه وتقديسه والتعبير عن محبتهم له والاحتفاء بمولده, وهذا هو السبيل لإعادة رسول الله إلى وجدان الأمة، ومتى ما عاد اليها، فسيستنهضها رسول الله من سباتها ويفيقها من غفلتها ويعيدها إلى المسار الذي أمرها بالتزامه والى صراطه المستقيم الذي حذرها من الانحراف عنه وهذا هو الهدف الذي يسعى قائد الثورة ومن معه إلى تحقيقه وسيتحقق بإذن الله مهما حاول أعداء الله من اليهود والنصارى والمنافقين الحيلولة دون بلوغه، فالله غالب على أمره وهو الهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: رسول الله
إقرأ أيضاً:
نهار عشر ذي الحجة.. خطيب المسجد النبوي: أفضل من العشر الأواخر من رمضان
قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الله جلّ وعلا فاضل بين الليالي والأيام، ومَنَّ على عباده بمواسم الطاعات، ليزداد المؤمنون رِفعةً في درجاتهم.
نهار عشر ذي الحجةوأوضح “ القاسم” خلال خطبة الجمعة الأولى من شهر ذي الحجة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن من الأيام الفاضلة التي أعلى الله شأنها، وعَظم أمرها، أيامُ عشر ذي الحجة، إذ أقسم الله بها – فقال تعالى: "وَالفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرِ" وهي من أيَّامِ اللهِ الخُرم، وخاتمة الأشهر المعلومات.
وأضاف أن نهارها أفضل من نهارِ العشر الأواخر من رمضان؛ مستشهدًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن فضل هذه الأيام المباركة بقوله- : “أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، أَيَّامُ العَشْرِ”.
واستشهد بما قال- عليه الصلاة والسلام-: "مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنَ العَمَل فِي هَذهِ، قَالُوا: وَلا الجهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الجَهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ" (رواه البخاري).
وأوصى باغتنام فضل الأيام العشر من ذي الحجة، والتقرّب إلى الله بأداء العبادات، والطاعات، وتلاوة القرآن، والصدقة، وسائر الأعمال الصالحات، لما اختصّ الله هذه الأيام العشر المباركة من فضل، ولما فيها من شعائر دينية عظيمة.
اجتمعت فيها أمهات العبادةونبه إلى أن أيام العشر من ذي الحجة، اجتمعت فيها أُمهات العبادة - من الصَّلاة، والصدقة، والصيام، والحج، والنحر، ومن أعلام أيامها حج بيت الله الحرام، أحد أركان الإسلام، وأصل من أصوله العظام، تُمحى به الذنوب والخطايا.
واستند لما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحَج يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ" (رواه مسلم)، وهو طهرةً للحاج من أدران السيئات، قال - صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَجّ لله فَلَمْ يُرفُث، ولَمْ يَفْسُقُ رَجَعَ كَيوم ولَدَتْهُ أُمُّهُ" (متفق عليه).
وأفاد بأن الأيام العشر من ذي الحجة فيها يوم عرفة، ملتقى المسلمين المشهود، يوم كريم على المسلمين، مستدلًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "مَا مِنْ يَوْمِ أَكثرَ مِنْ أَنْ يُعتق اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عرفة" (رواه مسلم).
وبين أن يوم عرفة، يومُ دعاءٍ ورجاءٍ وخشوعٍ، وذُلٍ وخضوعٍ للواحد الأحد، فقال ابنُ البرّ- رحمه الله-: “دعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ مُجَابٌ كُلَّهُ فِي الْأَعْلَبِ”، منوهًا بأن في العشر من ذي الحجة أحدُ عيديّ المسلمين، ففيها يوم النحر، أعظمُ الأيَّامِ عند الله، وأشدُّها حُرمةً.
يوم الحج الأكبرودلل بما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع في خطبته يوم النحر: "أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الأيام يومُكُمْ هَذَا"(رواه أحمد)، مضيفًا أنه أفضل أيام المناسك وأظهرها، وأكثر شعائر الإسلام فيه.
وأردف: وهو يوم الحجّ الأكبر الذي قال الله تعالى فيه: "وَأَذَان مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَومَ الحَج الأكبر" وفيه أكمل الله لهذه الأمة الدين، مشيرًا إلى أن في نفوس المسلمين خلال أيام العشر من ذي الحجة حنينٌ لحجِّ بيت الله الحرام.
وأشار إلى أن من فضل الله على عباده أنه لم يُوجبه إلا على المُستطيع، كما أن مَنْ عَزمَ على حجّه ولم يستطِع نال ثوابه، ويُستحبُّ في العشر المباركة صيامُ التِّسعة الأولى منها، قال النووي- رحمه الله-: “مُسْتَحَبٌ استحبابًا شَدِيدًا”.
واستند لما قال- صلى الله عليه وسلم- عن صيامِ يومِ عرفة "يُكَفِّرُ السَّنة الماضية والباقية" (رواه مسلم)، والأفضل للحاج أن لا يصومه، تأسّيًا بفعل النبي- صلى الله عليه وسلم-.
يستحب في العشرولفت إلى أنه يُستحبُّ في أيام العشر من ذي الحجة الإكثار من ذكر الله، امتثالًا لقول الله جلّ شأنه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومات"، كما دعا إلى ذلك النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التهليل والتكبير والتحميد" (رواه أحمد).
ونوه بأن التكبير المطلق في كل وقت من شعائر عشر ذي الحجة، ويُشرَعُ التكبير المقيّد عقب الصلوات المفروضة، من فجر عرفة، وللحُجّاج وغيرهم – إلى عصر آخر أيام التشريق، مشيرًا إلى أن مما يُستحبّ فعله في العشر من ذي الحجة.
واستطرد: تلاوة كتاب الله العظيم، فأجرها مضاعفٌ، والصدقة من أبوب السعادة، وخير ما تكون في وقتِ الحاجة وشريف الزمان، وفي أيام النحر والتشريق عبادة مالية بدنية قرنها الله بالصلاة، فقال سبحانه: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ".
وأكد أن الله سبحانه، حثّ على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخر، ولا رياء، ولا سمعةً، ولا مُجرَّدَ عادة، فقال سبحانه: "وَلَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُم"، وقد "ضحى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَملحين أقرنين، ذَبحهما بيده". (متفق عليه)
مكانة بيت اللهوأبان مكانة بيت الله العتيق، وقدسيته، وحُرمته، مبينًا أن من إحسانه تعالى أن جعل موسم العشرِ مشتركًا بين السائرين للحج والمعذورين، والحاج مع فَضْل الزمان ينال شرف المكان في أحب البقاع إلى الله مكة المكرمة، أقسم الله بها، وقَدَّسَها الله وصالها، وبارك فيها بكثرة الخير فيها ودوامه، وجعلها آمنةً لا قتال فيها، والطَّيرُ فيها أمن لا يُنفر، والشحر لا يُقطع، والمالُ الذي لا يُعرف مالكه لا يُؤخذ إلا لمعرّف به نظر إليها النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم قال: "وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ" (رواه ابن حبان).
وأشار إلى أن الحاج الموفّق منْ عمر وقته في هذه الأيام المباركة بالطَّاعات، وتزود فيها من الصالحات، وتعرّض فيها لنفحات الرحمات، وشكر فيها ربِّه على النعم المتواليات، ودعا للقائمين على خدمة الحجيج والمعتمرين، فالعباد لهم سعي حثيث إلى الله، وليس لهم حظّ عن رحالهم إلا في الجنة أو النار، وكل ساعة من العمر إن لم تقرب المرء من ربّه أبعدته.