منبر ديني .. نساء غير شريفات !!
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
بقلم : د. نبراس المعموري ..
يرتبط مفهوم الشرف في العديد من المجتمعات الشرقية، بما في ذلك العراق، بالمرأة وسلوكها، وهو مفهوم قديم يعزز فكرة أن أخلاق العائلة وسمعتها تعتمد إلى حد كبير على سلوك النساء. وللأسف هذا المفهوم جعلهن ضحية للاتهامات الباطلة التي تستهدف شرفهن، سواء كانت هذه الاتهامات نتيجة لانتقام شخصي، أو مجرد إشاعات لغرض تشويه السمعة.
ما جعلني اخص مقالي بقضية الشرف واستهداف النساء باخلاقهن ، هو ما قام به احد رجال الدين من تجاوز واضح عبر المنبر الديني، وهو يخطب امام الملأ بوصف النساء اللاتي رفضن تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ من محاميات وناشطات ؛ بأنهن غير شريفات وإساءة على المجتمع! .. المدهش بالموضوع ان من نطق هذه الكلمات السيئة شخص يطلق عليه رجل دين !! فكيف الحال بالرجال الذين يمتهنون مهن اخرى بعيدة عن الدين او الموعضة وإصلاح المجتمعات ؟.
جذور المشكلة
ان الإساءة للنساء من خلال الطعن بأخلاقهن وشرفهن قضية حساسة ومعقدة تعكس تحديات اجتماعية وثقافية مترسخة في المجتمع، وللأسف تلعب العادات والتقاليد دورًا كبيرًا في تحديد وضع المرأة داخل المجتمع العراقي، مما يجعلها اكثر عرضة لأشكال متعددة من العنف النفسي والاجتماعي، و لا يقتصر الطعن بالنساء من الطبقات الدنيا في المجتمع، بل أمتد إلى النساء المتعلمات والمثقفات اللواتي يظهرن في الحياة العامة والسياسية، وقد تتعرض حياتهن المهنية وحتى الشخصية للخطر بسبب تلك الاتهامات، ولنا في الحملات الممنهجة التي تعرضت لها العديد من النساء خير مثال، وأنا شخصيا واحدة منهن ! .
الأضرار النفسية والاجتماعية
في مجتمعات محافظة، يمكن أن تؤدي تلك الاتهامات إلى عزل المرأة عن أسرتها أو حتى تعرضها للعنف الجسدي وكذلك الضغط النفسي والاكتئاب ، وقد تذهب الأمور إلى ابعد من ذلك، عندما تتحول تلك الاتهامات إلى مبرر لما يعرف بـ”جرائم الشرف”، حيث تُقتل المرأة بسبب شائعات غير مؤكدة حول أخلاقها، او تزج بالسجن من خلال تهم مؤطرة تحت باب قانوني .
المحتوى الهابط !!
شهدنا مؤخرًا تحرك واضح لهيئة الإعلام والإتصالات وهي ترصد الإساءات تحت باب المحتوى الهابط، وللأسف قلما وجدنا اهتمام حقيقي بشأن الإساءات التي تتعرض لها النساء عبر المؤسسات الإعلامية ومواقع التواصل من تهم وتزييف للحقائق وترويج للإشاعات وتشويه للسمعة، وهنا نسأل اين العدالة في الرصد والمحاسبة ولماذا يستثنى وبالذات رجال الدين من معيار التقييم والرصد والعقاب ؟ خاصة ان مواقع التواصل تنشر الإساءات و الإشاعات بشكل أسرع وأوسع، مما يزيد من حدة المشكلة ، وعلى الرغم من مطالبنا المتكررة بوضع حد لمن يُسيء للمرأة بتصريحات إعلامية او منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ إلا اننا لغاية الان كنساء فاعلات في المشهد السياسي والمجتمعي والحقوقي والإعلامي لم نصل الى بر الأمان عبر خطوات حقيقية من قبل المعنيين للحد من هذه الظاهرة .
ما الحل؟
لمواجهة هذه الظاهرة، يجب القيام بعدة خطوات على مستويات مختلفة. لابد من العمل على تعديل القوانين والتشريعات العراقية لتوفير حماية أكبر للنساء من التهم الباطلة والتشويه المتعمد. كما أن هناك حاجة ماسة لتغيير العقليات الاجتماعية والثقافية التي تجعل المرأة هدفًا سهلاً للطعن في شرفها ، وذلك من خلال التوعية والتعليم اللذان أساس التغيير. وهذا باعتقادي مسؤولية دولة وحكومة ، خاصة بعد انفراط عقد الاحترام والالتزام بشكل مخيف من خلال الاستثمار الخاطئ لبعض المنابر الدينية ؛ فبدلاً عن الموعضة والإصلاح ، للأسف أصبحت وسيلة للتشهير والطعن بالشرف .. يرافق ذلك تكثيف حملات التوعية والتثقيف حول أهمية احترام حقوق المرأة وكرامتها، وإبراز العواقب النفسية والاجتماعية للإساءة والتي هي مسؤولية الجميع .. مؤسسات حكومية وغير حكومية.
في النهاية، النساء في العراق، كما في أي مكان آخر، لهن الحق في العيش بكرامة واحترام، بعيدًا عن التشكيك المستمر في أخلاقهن وشرفهن.
د. نبراس المعموريالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات من خلال
إقرأ أيضاً:
بعد سلسلة الفيديوهات الخادشة .. هل يواجه تيك توك الحظر في مصر
في ظل تصاعد مظاهر الانفلات الأخلاقي على بعض منصات التواصل الاجتماعي، أثارت واقعة ضبط "أم مكة" و"أم سجدة" وعدد من البلوجر المعروفين، موجة واسعة من الاستياء، بعدما وجهت إلى بعضهم تهم تتعلق بنشر محتوى خادش للحياء بقصد تحقيق أرباح مادية من تطبيق "تيك توك".
فتحت هذه الأحداث الباب مجددا أمام مطالبات برلمانية بضرورة وضع حد لتطبيقات تنشر محتويات تهدد قيم المجتمع وثوابته، على رأسها "تيك توك".
وفي هذا السياق أعلنت النائبة مي أسامة رشدي، عضو مجلس النواب، اعتزامها التقدم باقتراح برغبة، إلى رئيس الوزراء ووزير الاتصالات لحظر تطبيق تيك توك في مصر نهائيًا لما يشكله من خطر وتهديد حقيقي على ثوابت المجتمع المصري.
وأوضحت "رشدي"، أن تطبيق تيك توك يمثل خطورة بالغة على الشباب لا تقل خطراً على المخدرات لما يحاك من مؤامرات تستهدف الأجيال القادمة الأطفال والشباب، ذخيرة مصر الحية، شباب اليوم ورجال وقادة المستقبل، فحروب الجيل الرابع تسعي بكل قوة للسيطرة علي عقول الشباب وتغيير بوصلتهم وهويتهم في المستقبل القريب.
وقالت "رشدي"، أن تطبيق " تيك توك"، يستهدف إلى تغيير الثوابت والقدوة في المجتمع المصري، فحينما نري الجاهل و البلطجي والراقصة ومن تطلق علي نفسها فنانة باتوا بين عشية وضحاها نجوم علي السوشيال ميديا يحققون الملايين من التعري والعهر، سنجد أبنائنا يتركون مستقبلهم ودراستهم ويتفرغون لهذا التطبيق لجني الأموال بكل سهولة.
وشددت "عضو مجلس النواب"، على أن تطبيق "تيك توك" يهدف إلى تغيير المفاهيم ونظرة المجتمع للقدوة والمثل الأعلى عند الأجيال الجديدة, أن تتخلى عن المبادئ وتختلط لديك مفاهيم الصواب والخطأ الحلال والحرام, وتدمير أهم قيمة من قيم الحياة وهي قيمة العمل والمثابرة والاجتهاد.
وكشفت "رشدي"، عن أن هناك دعوات جماعية على مواقع التواصل الاجتماعي تنادي وتطالب بتحرك الجهات المعنية لوقف تطبيق "تيك توك" في مصر، في ظل آثاره ومخاطره علينا والتي تظهر جليًا يومًا بعد يوم، وهو الدافع وراء تحركي للتقدم بطلب رسميًا. وطالبت بسرعة تحرك الجهات المعنية في مصر وعلى رأسها وزارة الاتصالات لوضع حدًا حفاظًا على المجتمع المصري وعاداته وتقاليده كمجتمع شرقي فضلًا عن الحفاظ على بناتنا أمهات المستقبل وشبابنا سلاحنا للغد.
وأكدت أن هناك أكثر من 11 دولة اتخذ إجراءات صارمة تجاه هذا التطبيق في ظل التقارير الصادرة لها حول مخاطره منها أستراليا والتي رأت إنه يشكل مخاطر أمنية عليها حيث يقوم التطبيق بجمع بيانات المستخدمين بما يتعارض مع القانون الأسترالي، وكذلك وبريطانيا، الذي استند الحظر فيها إلى تقرير صادر عن المركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة، والذي وجد أنه قد يكون هناك خطر حول كيفية الوصول إلى البيانات الحكومية الحساسة واستخدامها من قبل منصات معينة.
صعوبات حظر حظر التطبيقوفي المقابل علق النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قائلا إن إغلاق "تيك توك" بشكل نهائي داخل مصر أمر بالغ الصعوبة، موضحًا أن حظر التطبيق لن يمنع ظهور بدائل أخرى مشابهة.
وأضاف بدوي، خلال مداخلة هاتفية بأحد البرامج، أن الحكومة تمتلك الصلاحية القانونية لغلق أي تطبيق يخالف المعايير والقوانين المحلية، لكنه أكد أن "تيك توك" حتى الآن لم يخالف كافة الضوابط بشكل كامل، مشيرًا إلى اجتماع رسمي جرى مؤخرًا ضم ممثلين عن لجنة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، إلى جانب مسؤولي "تيك توك" في مصر وشمال إفريقيا، بهدف ضبط المحتوى ومراجعة الالتزام بالقيم المجتمعية.
وأوضح بدوي أن المنصة التزمت خلال الاجتماع باتخاذ إجراءات لتحسين المحتوى خلال فترة زمنية محددة (ثلاثة أشهر)، وذلك لضمان التوافق مع المعايير المصرية دون الإضرار بالمناخ الاستثماري لقطاع التكنولوجيا.
كيف يواجه القانون المصري الأفعال الخادشة على مواقع التواصل؟ونص المشرع المصري على عدد من المواد القانونية التي تُعد رادعة لكل من يتعمّد نشر أو بث محتوى خادش للحياء، سواء بالفعل أو القول، أو عبر الوسائل الإلكترونية.
جرّمت المادة 178 من قانون العقوبات نشر أي مواد إباحية على مواقع التواصل، وتُعتبر ذلك جريمة تحريض على الفسق والفجور، ويُعاقب مرتكبها بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه.
ووفقًا للمادة 269 مكررًا، ينص القانون على أن "كل من وُجد في طريق عام أو مكان مطروق يُحرّض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر"، وتُشدّد العقوبة لتصل إلى سنة حبس وغرامة تصل إلى ثلاثة آلاف جنيه في حال تكرار الجريمة خلال عام، كما يتم وضع الجاني تحت مراقبة الشرطة لنفس مدة العقوبة.
وعاقبت المادة 306 مكررًا "أ" بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وغرامة من 500 إلى 2000 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرّض لشخص على نحوٍ يخدش حياءه، سواء بالفعل أو القول أو الإشارة، في طريق عام أو عبر الهاتف أو وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية.
وأكد القانون أن ثبوت الجريمة يستلزم توافر القصد الجنائي، أي أن تكون هناك نية صريحة من الجاني لارتكاب الفعل بشكل علني وبعلمه أن ذلك من شأنه خدش الحياء العام.