تقرير: الصراع بين الولايات المتحدة والصين يضرّ العالم
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
لا تتوقف فصول الصراع بين الولايات المتحدة والصين على الزعامة العالمية في شتى المجالات، لكن على ما يبدو أن العالم كله يواجه خطر الخسارة بسبب التنافس بين واشنطن وبكين، وفق ما يذكره جدعون رحمان في مقال له في صحيفة "فايننشال تايمز".
ووفق الكاتب، في بعض الأحيان، تبدو السياسة الخارجية الأمريكية والصينية وكأنها صورتان متطابقتان، فالأمريكيون مهووسون باحتواء القوة الصينية، والصينيون مهووسون باحتواء القوة الأمريكية.
ولكن الانعكاس يتوقف عندما يتعلق الأمر بكيفية تنفيذ هذه السياسات، فواشنطن وبكين تستخدمان نقاط قوة مختلفة في معركتهما من أجل القوة والنفوذ؛ ونتيجة لهذا، فإنهما تتبنيان استراتيجيات مختلفة.
China, America and a global struggle for power and influence https://t.co/Kv6Mbn9Edy
— FT China (@ftchina) September 16, 2024 نقاط القوةيرى رحمان أن القوة الوحيدة التي تتمتع بها أمريكا، تتمثل في قوتها العسكرية واستعدادها لتقديم ضمانات أمنية لحلفائها. فقد أبرمت الولايات المتحدة اتفاقيات دفاعية جماعية مع 56 دولة في مختلف أنحاء العالم، في أوروبا وآسيا والأمريكيتين.
كما تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية حاسمة لدول أخرى، ليست حليفة رسمية لها مثل إسرائيل وأوكرانيا.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الصين لديها معاهدة دفاع مشترك مع دولة واحدة فقط وهي كوريا الشمالية. وعلى النقيض من الولايات المتحدة، فإنها تخوض أيضاً نزاعات إقليمية مع العديد من جيرانها، وهو ما يميل إلى دفعهم في اتجاه أمريكا.
Chinese ambassador lays down ‘red lines’ in US-China relationship https://t.co/7qbZBDG4UX
— South China Morning Post (@SCMPNews) September 12, 2024 العلاقات الاقتصاديةوعندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية، فإن الصين تتمتع بميزات أكبر، بحسب الكاتب.
وتشير حسابات معهد لووي الأسترالي، إلى أن 128 دولة تتاجر الآن مع الصين أكثر من تجارتها مع الولايات المتحدة. وعلى مدى العقد الماضي، أنفقت الصين أكثر من تريليون دولار في أكثر من 140 دولة على الاستثمار في البنية الأساسية، لتصبح بذلك أكبر دائن في العالم وأكبر قوة تجارية في العالم.
وتتجلى النتائج في مختلف أنحاء العالم، سواء في السكك الحديدية عالية السرعة في إندونيسيا، أو الموانئ والجسور في أفريقيا، أو الطرق السريعة العابرة للقارات التي تعبر آسيا الوسطى.
الواقع أن الدول الغربية قادرة على الإشارة إلى العيوب في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي تفعل ذلك بالفعل، وخاصة الديون الضخمة المستحقة للمقرضين الصينيين والتي تثقل كاهل دول مثل باكستان وسريلانكا وزامبيا.
ولكن بالنسبة للدول النامية التي تسعى إلى تحقيق تقدم اقتصادي سريع، يظل العرض الصيني جذاباً. وكما قال دانييل روندي، المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للكونغرس هذا العام: "من تحديد المشروع إلى التوقيع عليه، والبدء فيه وإكماله.. الصين أسرع وأرخص كثيراً من الولايات المتحدة في كل مرحلة تقريباً".
وتحاول الولايات المتحدة صد هذه المحاولات، ففي العام الماضي، وقع بنك التصدير والاستيراد الأمريكي اتفاقية لتمويل مشاريع نقل وطاقة في أنغولا تتجاوز قيمتها المليار دولار.
The US, EU, & China are pursuing policies to diversify their import sources with varying degrees of success: The US has made some progress, but the EU & China have become more reliant on each other for imports since 2018. #PIIECharts
Read more: https://t.co/OxaunDViDE pic.twitter.com/5nbOkEk2Be
ولكن في ظل العجز الهائل في الميزانية الأمريكية، وعدم وجود اتفاقيات تجارية جديدة على طاولة الكونغرس، فسوف يصبح من المستحيل تقريباً على أمريكا أن تنافس العرض الاقتصادي الصيني.
إلا أنه بدلاً من ذلك، يضاعف الأمريكيون جهودهم فيما يجيدونه، فمع سعي إدارة بايدن إلى احتواء القوة الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، عززت الولايات المتحدة علاقاتها الأمنية الإقليمية و"وضعت الكثير من النقاط على السبورة"، على حد تعبير مسؤول كبير.
وخلال سنوات حكم جو بايدن، فإن الولايات المتحدة عملت على تشديد معاهدة الأمن بين الولايات المتحدة واليابان، وإطلاق اتفاقية أوكوس الأمنية مع أستراليا وبريطانيا، وتعزيز العلاقات الأمنية مع الفلبين والهند، والتقارب بين حليفين رئيسيين للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
ولكن الاستراتيجية الأمنية التي تنتهجها أمريكا لبناء نفوذها ربما بلغت حدودها القصوى. فالصين تستعرض عضلاتها حالياً في بحر الصين الجنوبي. وتهدد الاشتباكات العنيفة بين السفن الصينية والفلبينية باختبار مدى التزام واشنطن بالأمن.
وفي محاولة لاحتواء النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط وتأمين اتفاق سلام إقليمي، تدرس إدارة بايدن بجدية أيضاً تقديم ضمانات أمنية للمملكة العربية السعودية. ولكن هذا قد يزيد من الأعباء على القوات المسلحة الأمريكية، التي تعاني بالفعل من استنزاف التزاماتها في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ومع وصول الولايات المتحدة إلى حدود دبلوماسيتها القائمة على الأمن، فإن استراتيجية الصين القائمة على التجارة والاستثمار تواجه أيضاً مشاكل، خصوصاً وأن جهود الرئيس الصيني شي لإحياء الاقتصاد المحلي للصين، من خلال حملة تصدير متجددة تزعج العديد من البلدان النامية، التي تخشى تقويض صناعاتها المحلية.
وعلى سبيل المثال، رفعت إندونيسيا والمكسيك والبرازيل والهند وتشيلي مؤخراً التعريفات الجمركية على السلع الصينية، مما يسلط الضوء على ما أسماه المؤلف جيمس كرابتري "معضلة استراتيجية كبرى للصين، حيث تهدد السياسات المصممة لاستعادة اقتصادها المحلي بتقويض علاقاتها مع الجنوب العالمي".
صحيح أن الدعم الأمريكي لإسرائيل ألحق الضرر بالولايات المتحدة في الجنوب العالمي، وخاصة في البلدان الإسلامية، ولكن الصين دفعت ثمناً باهظاً لسمعتها في أوروبا بسبب دعمها لروسيا.
Amid the US's rising competition with the PRC, many developing nations believe that their interests better align with what Beijing is promising than with what DC is delivering.
John Lee explains how the US and allies should respond to this reality: https://t.co/1s9NOgqcTg pic.twitter.com/aaQlC90GrK
ويرى الكاتب، أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين ليست كلها سيئة، وذلك فيما يتصل بالعديد من البلدان الثالثة. فدول مثل جنوب أفريقيا والفلبين والبرازيل تشعر بأنها تتمتع بقدر أكبر من الحرية لتحدي واشنطن أو بكين في ظل نظام ثنائي القطب.
ولكن حتى بالنسبة لدول عدم الانحياز، هناك سلبيات كبيرة للتنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين.
ويقول الكاتب إن "الحمائية وتقسيم الاقتصاد العالمي من شأنهما في نهاية المطاف أن يلحقا الضرر بالنمو الاقتصادي للجميع. والواقع أن سباق التسلح الجديد يشكل إهداراً للموارد ويزيد من خطر اندلاع حرب كارثية".
كما أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة، يجعل من غير المرجح كثيراً أن تعمل الدولتان معاً على مواجهة التحديات العالمية التي تهدد الجميع، مثل الذكاء الاصطناعي غير المنظم والاحتباس الحراري العالمي غير المقيد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية واشنطن بكين أمريكا الصين بین الولایات المتحدة والصین
إقرأ أيضاً:
بن غفير: "حان الوقت للدخول بكامل القوة" إلى غزة
في الوقت الذي تتحدث في التقارير حول موافقة إسرائيل على مقترح المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف لوقف الحرب في قطاع غزة، يبدو أن هناك بعض الأصوات في الحكومة الإسرائيلية التي تعارض التوصل لاتفاق وتواصل الدفع باتجاه مواصلة الحرب على غزة.
فقد قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، اليوم الجمعة، إنه ينبغي استخدام "القوة الكاملة" في غزة، وذلك بعد أن أعلنت حركة حماس أن اقتراح الهدنة الجديد المدعوم من الولايات المتحدة لا يلبّي مطالبها.
وكتب بن غفير، على منصة تلغرام متوجها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "بعد أن رفضت حماس مرة أخرى اقتراح الاتفاق، لم تعد هناك أي أعذار".
وأضاف بن غفير "يجب أن ينتهي الارتباك والتخبّط والضعف. أضعنا حتى الآن الكثير من الفرص. حان الوقت للدخول بكامل القوة، دون تردد، لتدمير وقتل حماس حتى آخر عنصر فيها".
وكانت مصادر في حماس قالت الأسبوع الماضي إن الحركة قبلت اتفاقا تدعمه الولايات المتحدة، لكن عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم صرّح الخميس أن "رد الاحتلال في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة.. ولا يستجيب لأي من مطالب شعبنا وفي مقدمها وقف الحرب والمجاعة".
لكنه أضاف "مع ذلك، تدرس قيادة الحركة بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح".
الجدير بالذكر أن بن غفير ليس الوحيد الذي يعارض وقف الحرب على غزة، إذ إن وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش، هو أيضا يعارض وقف الحرب.
فقد قال الوزير الإسرائيلي، الأربعاء، إن قبول إسرائيل بصفقة جزئية لإطلاق سراح رهائن يعد "جنونا محضا".
وفي تصريحات نقلتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، حذر الوزير اليميني المتطرف من أنه "لن يسمح بمثل هذه الخطوة"، وذلك بعد أن صرح ويتكوف بأنه "يشعر بتفاؤل كبير" تجاه مقترح جديد تتوقع الولايات المتحدة طرحه في وقت لاحق، بخصوص صفقة محتملة لغزة.