بقطع النظر عن مدى خطورة محاولة الاغتيال الثانية التي تعرض لها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من عدمها، فإنها في سياق الحملة الانتخابية المحتدمة مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس حدث له وقع وتأثيرات سيحاول المرشح الجمهوري استثمارها لتدارك حظوظه المهددة أمام المعسكر المنافس الذي يبدو أكثر انضباطاً وتنظيماً، وقدرة على الاستقطاب مثلما حدث في المناظرة الرئاسية الأخيرة.
أول رد فعل من حملة ترامب على حادثة إطلاق النار قرب نادٍ للغولف، يملكه الرئيس السابق في فلوريدا، كان إرسال بريد إلكتروني إلى المؤيدين والداعمين لضخ مزيد من التبرعات، فيما هاجم ترامب نفسه الرئيس جو بايدن ونائبته هاريس وحملهما مسؤولية استهدافه بسبب خطابهما المعادي بعد وصفهما إياه بأنه «تهديد للديمقراطية»، رغم أنهما سارعا إلى الاطمئنان إليه وتهنئته بالسلامة.
لكنّ المرشح الجمهوري سعى إلى تصعيد الموقف لبث مزيد من التوتر في السباق الانتخابي وربما استقطاب المزيد من المتعاطفين، خصوصاً بعد أن تراجع خلف منافسته الديمقراطية في معظم استطلاعات الرأي خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع أن السباق مازال متقارباً ويصعب التنبؤ بنتائجه، رغم تأثيرات المناظرة الأخيرة التي اعتبرها كثيرون خدمت هاريس وعززت من حضورها أمام الناخبين.
في محاولة الاغتيال الأولى، قبل شهرين، نزف ترامب قليلاً من أذنه أمام أنصاره، وقد بدا قوياً ورابط الجأش ونجح في لعب دور الضحية، أما المحاولة الثانية فقد انتهت بدون دم ولا مشاهد لترامب في مقر إقامته، بل إن إطلاق النار الذي سمع لم يقتل أحداً. وحسب بعض المصادر، فإن المشتبه فيه لم يطلق رصاصة واحدة، وكل ما سمع هو أصوات بضع رصاصات من أحد عناصر الخدمة السرية باتجاه المتهم الذي فرَّ من المكان تاركاً بندقية من طراز كلاشينكوف قبل أن يتم القبض عليه هارباً من المكان.
محاولة الاغتيال هذه جزء من المسار الدراماتيكي لسباق الانتخابات الأمريكية المأزومة، ومن الآن حتى الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، موعد الاقتراع، لا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يحدث في مثل هذه الأجواء المتوترة والمشدودة، وأكثر ما يخشاه المتابعون أن تكون كل هذه الأحداث مقدمة لما يمكن أن يؤول إليه المسار، في تحذيرات عدة من أزمة خطرة قد تواجه الولايات المتحدة، إذ هناك مخاوف عبّر عنها بايدن بشأن نوايا المرشح الجمهوري حيال النتائج، فإذا خسر ربما لن يعترف بالهزيمة ويثير أنصاره قلاقل وأحداث عنف أسوأ مما حدث عام 2020، وإذا انتصر ربما يلجأ إلى سياسات انتقامية من خصومه، وهو ما يهدد النظام الدستوري ويثير فتنة واسعة بين الديمقراطيين والجمهوريين، بما قد يؤثر على مصالح الولايات المتحدة حول العالم ودورها كقوة عظمى تواجه تحديات جمة من خصوم كبار من أمثال روسيا والصين.
سيلان الدم ومحاولات الاغتيال والتوتر السياسي والأمني في سياق حملة انتخابية يعد فألاً سيئاً، وعندما تكون هذه الحال في الانتخابات الأمريكية فإن الوضع يحتاج إلى كثير من التأمل والحذر مما يمكن أن يحدث في نهاية المطاف.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الرئاسية الأمريكية الانتخابات الأمريكية
إقرأ أيضاً:
انجيلي مؤيد للاحتلال.. من هو جوني مور الذي يقود مؤسسة إغاثة غزة؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلتها إفرات ليفني قالت فيه، إنه "في الوقت الذي أدان فيه العالم مقتل العشرات من الفلسطينيين الجياع هذا الأسبوع بالقرب من مواقع توزيع المساعدات المدعومة من الولايات المتحدة في غزة، عيّنت المجموعة المسؤولة عن توزيع تلك المساعدات بهدوء قائدا جديدا: مسيحي إنجيلي مرتبط بإدارة ترامب".
وأعلنت "مؤسسة إغاثة غزة"، الثلاثاء أن جوني مور، وهو خبير أمريكي في العلاقات العامة، سيكون رئيسها التنفيذي الجديد بعد استقالة الرئيس السابق.
حضور في المكتب البيضاوي
كان مور متحدثا باسم جامعة ليبرتي، المؤسسة المسيحية التي أسسها القس جيري فالويل في لينشبورغ بولاية فرجينيا عام 1971، لمدة اثني عشر عاما قبل أن ينتقل إلى صناعة الإعلام ويؤسس شركته الخاصة للعلاقات العامة.
مثّل مؤيدي الرئيس ترامب الإنجيليين الأوائل، بمن فيهم جيري فالويل الابن، الذي خلف والده في جامعة ليبرتي، وبولا وايت، التي ترأس الآن مكتب الإيمان في البيت الأبيض.
كان مور رئيسا مشاركا للمجلس الاستشاري الإنجيلي لحملة ترامب الرئاسية لعام 2016، وشخصية مؤثرة خلال إدارة ترامب الأولى. كان جزءا من تحالف من القادة المسيحيين الذين كانوا يزورون البيت الأبيض بانتظام، ويحضرون إحاطات سياسية، بالإضافة إلى اجتماعات صلاة في المكتب البيضاوي.
مدافع عن إسرائيل من منظور ديني
في عام 2017، صرّح مور لصحيفة نيويورك تايمز بأنه وإنجيليين آخرين ضغطوا على ترامب للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها. وقال: "لقد كانت هذه قضية ذات أولوية لفترة طويلة".
يصف مور نفسه بأنه "باني جسور وصانع سلام، معروف بشكل خاص بعمله الهام في تقاطع الإيمان والسياسة الخارجية، وخاصة في الشرق الأوسط".
مُشجّع لمايك هاكابي
يلتزم مور، كغيره من الإنجيليين، بمن فيهم مايك هاكابي، السفير الأمريكي لدى إسرائيل، بدولة يهودية استنادا إلى تفسيره للكتاب المقدس.
يعتبر بعض الإنجيليين دعمهم لإسرائيل عنصرا أساسيا في إيمانهم بالنبوءات التوراتية. وفي حديثه لصحيفة واشنطن بوست عام 2018، قال مور إنه نصح مسؤولي البيت الأبيض بأنه "من يبارك إسرائيل فسوف يُبارَك".
رحب مور بترشيح هاكابي، قائلا على مواقع التواصل الاجتماعي في تشرين الثاني/ نوفمبر إن "اختيار صهيوني طوال حياته غير يهودي سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل يُرسل رسالة قوية إلى أصدقاء أمريكا وأعدائها".
سلك هاكابي، 69 عاما، و مور، 41 عاما، مسارات متشابهة كشخصيات عامة ومبدعين إعلاميين مسيحيين، ووُصفا بالصديقين في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
الوجه الجديد لمنظمة غزة المضطربة
فرضت "إسرائيل" حصارا على الإمدادات الداخلة إلى قطاع غزة في آذار/ مارس، رُفع هذا الحصار جزئيا الشهر الماضي، بعد أن دقّ المجتمع الدولي ناقوس الخطر بشأن انتشار الجوع في القطاع.
ابتكر الإسرائيليون النظام الجديد لإنشاء مواقع توزيع مساعدات يديرها متعاقدون أمنيون أمريكيون في القطاع. وقال مسؤولون إن الهدف من ذلك كان الالتفاف على حماس.
إلا أن إطلاق عمليات مؤسسة غزة الإنسانية اتسم بالفوضى. استقال رئيسها السابق قبل ساعات من بدء المبادرة أواخر الشهر الماضي، مشيرا إلى انعدام الاستقلالية. يوم الثلاثاء، أعلنت مجموعة بوسطن الاستشارية، وهي شركة استشارية أمريكية، أنها تراجعت عن مشاركتها مع المنظمة، وأنها منحت شريكا عمل في المشروع إجازة، وأنها ستجري مراجعة داخلية لعملها.
انتقدت المنظمات الإنسانية نهج المؤسسة في توزيع المساعدات لعدم استقلاليته عن إسرائيل، ورفضت الأمم المتحدة أي علاقة لها بهذا الجهد، معتبرة أن إسرائيل تُعسكر وتُسيّس المساعدات الإنسانية وتُعرّض الفلسطينيين للخطر.
ومع ورود تقارير عن حالة من الفوضى في مواقع توزيع المساعدات خلال الأسبوع الأول من المشروع، صرّح مور بأن الجهد "ناجح" ويجب "الاحتفاء به".
وعندما أفادت السلطات الصحية في غزة بوقوع وفيات نتيجة إطلاق نار بالقرب من أحد مواقع المؤسسة، أعاد مور نشر بيان لهاكابي يتهم فيه وسائل الإعلام وحماس بنشر معلومات مضللة.