زيارة بلاسخارت الى طهران.. حرباء المواقف وساعي بريد
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
بغداد اليوم - متابعة
أثارت أطراف عراقية ومختصون بالشأن السياسي في البلاد جدلاً بشأن تحركات الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق رئيسة البعثة جينين بلاسخارت، وبينما انتقد البعض تلك التحركات والتي يقابلها ما سموه "إهمالا" للدور الأممي والمهام المناطة به داخل العراق، أكد آخرون أن دور المبعوثة الأممية غامض وغير مفهوم في البلاد.
والأسبوع الماضي أجرت بلاسخارت زيارة إلى طهران، بحثت ملفات عديدة منها ما يتعلق بالوضع الأمني في الداخل العراقي، والحدود بين البلدين، وملفات البيئة، والمياه، وغيرها.
ووصفت البعثة في بيان الزيارة، بأنها "تأتي كجزء من عمل البعثة في تيسير الحوار والتعاون بين دول المنطقة، وأنها تتماشى مع تفويض بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في تيسير الحوار الإقليمي والتعاون في عدد من القضايا لدعم العراق". فيما أجرت الممثلة الأممية لقاء مع السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، وبحثت معه آخر المستجدات السياسية في العراق.
وواجهت تحركات المبعوثة الأممية جدلاً سياسياً، إذ عدها البعض دليلاً على دور إيران الحالي وتدخلها في الشأن العراقي سياسياً وأمنياً وحتى اقتصادياً.
ووفقاً للنائب حسن الجبوري، فإن "هناك أهمية لأن تقوم المبعوثة بمهامها الرسمية داخل البلاد، بدلا زياراتها لطهران".
وأكد الجبوري في تصريح صحفي، أن "ملفات عراقية ما تزال تحتاج إلى تحركات أممية ودولية، ولعل أبرزها عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، وملفات إنسانية ملحة، مثل الفقر والمخدرات وسيطرة المليشيات على مناطق عراقية ومنع عودة أهلها إليها، وهي فعلاً بحاجة إلى دور أممي أكثر".
وشدد على أن "دور بلاسخارت الإنساني كان لابد أن ينصب في مثل هذه المواضيع، وإرجاء التطرق للملفات السياسية والأمنية وغير ذلك".
لكن الناشط السياسي عمر فاروق أكد أن "حراك بلاسخارت، وزيارتها لإيران، هو أمر متوقع، لا سيما وأنها معروفة بتغيير أجندتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بالتالي فإن امتداح الجانب الإيراني من قبل بلاسخارت يبدو حركة طبيعية بالنسبة لها".
وأوضح فاروق، أن "النفوذ الإيراني في العراق يبدو أنه قد وصل إلى أعلى المستويات، لدرجة أنه لم يعد يخص المناصب العراقية، بل حتى مناصب البعثات الدولية صارت تحتاج إلى مباركة وتزكية إيران، وهذه بداية جديدة تجعل التواجد الدولي سواءً المنظمات أو الأممي أو الدبلوماسي في العراق يحتاج إلى دعم إيراني، وهذا موضوع مؤسف".
"ساعي بريد"
السياسي العراقي أحمد الأبيض أكد أن بلاسخارت "تحابي الدول التي تؤثر على العراق"، وقال في تصريح صحفي، إن "بلاسخارت عادة ما تتحدث في المؤتمرات الدولية عن مخاطر السلاح المنفلت والمليشيات في العراق، وتأثيرات ذلك على الحياة المدنية في البلاد، لكنها حين زارت إيران لم تفتح هذه المواضيع، بالتالي فإن دورها يحابي أحياناً الأطراف الدولية والداخلية التي تؤثر على العراق، وتزيد من سطوة المتنفذين والأحزاب التي تتعامل بآليات إقطاعية مع بلادنا".
وأشار الأبيض إلى أن "العلاقات العراقية الإيرانية في الوقت الحالي ممتازة، وليست بحاجة إلى بلاسخارت لتقويتها، لا سيما أن التحالف الحاكم، وهو الإطار التنسيقي، يحتوي على غالبية الجهات والأحزاب والفصائل التي تدير الدولة، لكن قد تكون بلاسخارت تؤدي دور ناقل الرسائل أو ساعي البريد، لملفات معقدة ومنها علاقة إيران ببقية أطراف المنطقة العربية، كأن تكون دول الخليج".
زيارة "إيجابية"
في مقابل ذلك، دافع عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، عن زيارة بلاسخارت إلى إيران، وقال إنها "تأتي ضمن المهام المنوطة ببعثة يونامي في العراق، وقد حملت ملفات عراقية وناقشت ملفات إيرانية، وقد حملت طابعاً دولياً، كون إيران شريك حقيقي للعراق، ولها علاقة اقتصادية وأمنية مشتركة، بالتالي فإن أبعاد هذه الزيارة إيجابية بالنسبة للعراق".
وأشار الفايز إلى أن "يونامي في العراق، ترى أهمية كبيرة في تثبيت استقرار العراق، وتقوية علاقاته مع جيرانه".
وأضاف أن "العراق يدعم جميع التحركات الدولية سواءً من الأمم المتحدة أو السفارات وكذلك المنظمات المدعومة من قبل الحكومات الأجنبية، والتحركات علنية".
الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، انتقد تحركات بلاسخارت، لافتاً إلى أنه "بعد تراجع نشاطات بلاسخارت خلال الفترة الأخيرة تجري زيارة الى إيران بحجة البحث في استقرار العراق، وبعدها بأيام التقت السفير الإيراني في بغداد لمناقشة إخراج الجماعات المعارضة المسلحة لإيران من العراق". وتساءل "ما طبيعة أدوارها وهل هي فعلا لصالح العراق والعراقيين؟".
وسبق أن واجهت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، موجة انتقادات سياسية وشعبية واسعة في العراق، وذلك عقب لقاء مع مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في طهران، لبحث الانتخابات العراقية عام 2021. كما أن تحركاتها ولقاءاتها مع قادة الفصائل المسلحة الناشطة في العراق، يعد مثار جدل في الأوساط العراقي، وهي ما يحيط دورها في البلاد بضبابية وعدم وضوح.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: فی البلاد فی العراق
إقرأ أيضاً:
“أزمة تجسس” تتحول إلى خلاف دبلوماسي.. بريطانيا تستدعي السفير الإيراني وتطالب بمحاسبة طهران
البلاد – لندن
في تطور خطير ينذر بتصاعد التوتر بين لندن وطهران، استدعت الحكومة البريطانية السفير الإيراني في لندن، علي موسوي، وذلك بعد توجيه اتهامات لثلاثة إيرانيين بالتجسس والتآمر لارتكاب أعمال عنف على الأراضي البريطانية، في قضية تُعد من أكبر قضايا مكافحة الإرهاب خلال السنوات الأخيرة.
وقد مثل المتهمون الثلاثة – مصطفى سيباهفاند (39 عامًا)، فرهاد جوادي مانيش (44 عامًا)، وشابور قلي خاني نوري (55 عامًا) – أمام محكمة في لندن، حيث وُجهت إليهم اتهامات بموجب قانون الأمن القومي البريطاني، بعد تحقيق مطوّل أجرته وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة. وتضمنت الاتهامات قيامهم بـ”سلوك يحتمل أنه ساعد جهاز استخبارات أجنبي”، في إشارة مباشرة إلى إيران، وذلك خلال الفترة الممتدة من أغسطس 2024 إلى فبراير 2025.
ووفقًا للمعلومات المقدمة أمام المحكمة، فإن الثلاثة كانوا على صلة محتملة بمخططات تستهدف صحفيين يعملون مع قناة “إيران إنترناشونال”، وهي وسيلة إعلامية ناطقة بالفارسية تنتقد النظام الإيراني، وتتخذ من بريطانيا مقرًا لها.
الحكومة البريطانية لم تكتفِ بالتحقيقات الأمنية، بل أعربت رسميًا عن غضبها واستيائها من تصرفات إيران. وقالت وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، في بيان شديد اللهجة: “لن نتسامح مع تهديدات الدول المتزايدة داخل أراضينا. إيران يجب أن تُحاسب”. وأضافت أن المملكة المتحدة بصدد اتخاذ “إجراءات منفصلة” للرد على تلك التهديدات، مشيرة إلى مراجعة أوسع لسلطات الأمن القومي البريطاني.
وكانت الشرطة البريطانية قد نفذت، خلال هذا الشهر، عمليتين أمنيتين أسفرتا عن توقيف ثمانية رجال – سبعة منهم إيرانيون – بشبهة التورط في مخططات إرهابية. وأُطلق سراح أربعة منهم لاحقًا دون توجيه اتهامات، بينما أفرج عن أحدهم يوم الخميس الماضي بعد انتهاء فترة التحقيق الأولي. ولا يزال الملف مفتوحًا، حيث وصفت الشرطة القضية بأنها “تحقيق نشط ومستمر”.
وفيما لم تكشف السلطات رسميًا عن المواقع المستهدفة، أفادت صحيفة التليغراف البريطانية أن الموقع المقصود في المخطط الذي أُحبط كان السفارة الإسرائيلية في لندن. وإذا ثبتت هذه المعلومات، فإن القضية ستأخذ أبعادًا دولية أوسع، وسط تصاعد التوترات الإقليمية المتعلقة بإيران ونفوذها في الشرق الأوسط.
الرد البريطاني لم يقتصر على المستوى الأمني. فقد سارعت وزارة الخارجية إلى استدعاء السفير الإيراني، وأكدت في بيان أن “حماية الأمن القومي تأتي على رأس أولويات المملكة المتحدة”، متهمة طهران بتجاوز الخطوط الحمراء.
يأتي هذا التصعيد وسط تحذيرات متكررة من أجهزة الاستخبارات البريطانية، كان آخرها ما كشف عنه رئيس جهاز MI5 كين مكالوم، حين أعلن العام الماضي أن بلاده أحبطت منذ عام 2022 أكثر من 20 مؤامرة مرتبطة بإيران، بعضها كان يهدد حياة مواطنين بريطانيين بشكل مباشر.
ومن المقرر أن يمثل المتهمون الثلاثة مجددًا أمام المحكمة الجنائية المركزية في لندن بتاريخ 6 يونيو المقبل، وسط متابعة إعلامية وأمنية حثيثة. ويُتوقع أن تكشف الجلسة المقبلة تفاصيل إضافية عن طبيعة الشبكة التي يُشتبه أنها تعمل داخل الأراضي البريطانية لخدمة أجندات استخباراتية إيرانية.