شهد العالم العديد من العمليات الأمنية المعقدة التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والتكتيكات الاستخباراتية لاستهداف الأعداء وتعطيل قدرتهم على التواصل والعمليات. تأتي عملية "البيجر" التي وقعت مؤخرًا في لبنان، حيث انفجرت أجهزة اتصال لاسلكية يستخدمها عناصر حزب الله، كواحدة من هذه العمليات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في استهداف الخصوم.

لكن هذه العملية ليست الوحيدة من نوعها، فهناك العديد من العمليات المماثلة التي استخدمتها إسرائيل وأطراف أخرى خلال العقود الأخيرة. في هذا المقال، سنستعرض أبرز هذه العمليات وكيف تم تنفيذها.


عمليات السيبرانية الإسرائيلية ضد إيران (2020)

في إطار الحروب الإلكترونية، استهدفت إسرائيل أيضًا البنية التحتية لإيران من خلال هجمات سيبرانية معقدة. من أبرز هذه العمليات، استهداف منشأة نطنز النووية عبر فيروس "ستوكسنت" الذي تسبب في تدمير أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم.  

التقنية المستخدمة: هجوم سيبراني وبرامج ضارة.  الهدف: تعطيل البرنامج النووي الإيراني.  النتيجة: نجحت العملية في تأخير البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر.
تفجير أجهزة اتصالات فلسطينية (2018)

في قطاع غزة، استهدفت إسرائيل بعض القادة العسكريين لحركة حماس باستخدام تقنيات مشابهة لتلك التي استُخدمت في عملية "البيجر". فقد قامت إسرائيل بتفجير أجهزة اتصال يستخدمها القادة عبر برامج ضارة تم زرعها في هذه الأجهزة، ما أدى إلى شلل مؤقت في الاتصالات داخل الحركة.  

التقنية المستخدمة: تفجير عن بُعد باستخدام برامج ضارة.  الهدف: تعطيل قدرة حماس على التواصل وتنفيذ عمليات عسكرية.  النتيجة: أضعفت العملية قدرة حماس على التواصل بشكل مؤقت، لكنها لم تؤدِ إلى خسائر كبيرة في الأرواح.عملية "أنصت واكشف" (2015)

تعد عملية "أنصت واكشف" واحدة من أبرز العمليات التي اعتمدت على زرع أجهزة تنصت متقدمة داخل مناطق سيطرة حزب الله في جنوب لبنان. في هذه العملية، زرعت إسرائيل أجهزة تنصت واستخبارات إلكترونية قادرة على رصد تحركات وتواصلات الحزب لفترات طويلة. هذه الأجهزة صُممت لتكون غير قابلة للاكتشاف بسهولة، واستخدمت لاستهداف تحركات القادة العسكريين وتحديد مواقعهم.  

التقنية المستخدمة: زرع أجهزة تنصت متطورة في مناطق معادية.  الهدف:رصد وتحليل تحركات وتواصلات قادة حزب الله.  النتيجة: استمرار العملية لفترات طويلة قبل أن يتم اكتشاف بعض الأجهزة وتفكيكها من قبل الحزب.عملية اختراق "الهاتف الخلوي" (2010)

في هذه العملية، كشفت السلطات اللبنانية أن شبكة الاتصالات الهاتفية التابعة لحزب الله تعرضت لاختراق واسع النطاق من قبل المخابرات الإسرائيلية. هذا الاختراق سمح لإسرائيل بمراقبة المكالمات والتواصلات الداخلية للحزب لفترة طويلة دون اكتشافه.  

التقنية المستخدمة: اختراق الشبكات الهاتفية.  الهدف: مراقبة تحركات حزب الله والتجسس على اتصالاته الداخلية.  النتيجة: استفادت إسرائيل من المعلومات التي تم جمعها عبر هذا الاختراق قبل أن يتم اكتشافه.
عملية "أوبرون" (2007)

استهدفت هذه العملية الشهيرة عماد مغنية، أحد القادة البارزين في حزب الله، حيث تم اغتياله عبر تفجير سيارة مفخخة في دمشق. يُعتقد أن إسرائيل استخدمت تقنية تتبع متطورة بالإضافة إلى اختراق الاتصالات لتحديد مكانه بدقة وتنفيذ العملية.  

التقنية المستخدمة: تتبع إلكتروني وتفجير عن بُعد.  الهدف:اغتيال عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله.  النتيجة: نجاح العملية ومقتل مغنية، مما شكل ضربة قوية لحزب الله.عملية "سيراكيوز" (2006)

خلال حرب تموز عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، ركزت إسرائيل على تعطيل شبكات الاتصال الخاصة بحزب الله في ساحات القتال. اعتمدت إسرائيل في هذه العملية على تقنية التشويش على الاتصالات اللاسلكية بالإضافة إلى محاولات اختراق أنظمة الاتصالات وتفجير بعض الأجهزة.  

التقنية المستخدمة: التشويش الإلكتروني واختراق الاتصالات.  الهدف: تعطيل تواصل حزب الله خلال المواجهات العسكرية.  النتيجة: أثرت العملية بشكل محدود على عمليات الحزب، لكنها ساعدت إسرائيل في تقليص قدرة الحزب على التواصل في ساحة المعركة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اتصال لاسلكي أجهزة اتصال البرنامج النووي التكنولوجيا المتقدمة التجسس السيبرانية العمليات الأمنية الطرد المركزي هجوم سيبراني هجمات سيبرانية تخصيب اليورانيوم حرب حركة حماس شبكات الاتصال عمليات استهداف مراقبة المكالمات على التواصل هذه العملیة حزب الله فی هذه

إقرأ أيضاً:

اختراقات الموساد ومعضلة الجندي الأسير في غزة!

بين التغلغل والفشل يشهد العالم دهشة متكررة أمام ما يبدو كتناقض صارخ في أداء جهاز "الموساد" الإسرائيلي.

فمن جهة، تسجل تقارير متواترة اختراقات عميقة حققها هذا الجهاز داخل إيران، ولبنان، وسوريا، ودول عربية وإسلامية أخرى، وحتى داخل حركات مقاومة مثل حزب الله، ومن جهة أخرى، تعجز إسرائيل منذ سنوات عن تحديد مكان أسيرها لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. هذا التناقض يطرح سؤالا جوهريا: هل تفوّق الموساد ناتج عن عبقرية استخباراتية، أم عن هشاشة الأنظمة المُخترَقة؟ وهل فشلُه في غزة هو استثناء، أم أن هناك عناصر غائبة عن معادلة التحليل؟

للإجابة على هذه المفارقة الأمنية الكبرى نقول في نقاط:

أولا: الموساد و"الأسطورة المصنوعة"

الموساد ليس مجرد جهاز استخبارات، بل هو أحد أعمدة المشروع الصهيوني، تم تأسيسه ليكون أداة تفكيك وتحطيم للمجتمعات المعادية لإسرائيل. وعبر سنوات طويلة، اعتمد على عدة عناصر استراتيجية:

1. البيئة الهشة للأنظمة العربية والإسلامية: معظم الدول العربية تعاني من أنظمة أمنية فاسدة، مركزية، لا تولي الأمن القومي أولوية بقدر ما تهتم بحماية النظام السياسي القائم. هذا الواقع فتح أبوابا واسعة أمام الاختراق الصهيوني.

2. العمل عبر الوكلاء والمرتزقة: كثير من اختراقات الموساد لا تتم عبر عملاء إسرائيليين، بل من خلال تجنيد أفراد محليين مستعدين لبيع المعلومات مقابل المال أو النفوذ.

3. الاعتماد على التكنولوجيا والتنسيق الدولي: الموساد يستفيد من شبكة علاقاته الدولية، خصوصا مع أجهزة استخبارات غربية، ما يتيح له التوسع في الرصد والتنفيذ.

ثانيا: لماذا تفشل إسرائيل في غزة؟

هنا تكمن المفارقة، غزة -رغم الحصار الخانق والتقنيات الإسرائيلية المتطورة- تمثل فشلا استخباراتيا مستمرا لإسرائيل. فما الأسباب؟

1. البيئة الإيمانية والتنظيم العقائدي: فصائل المقاومة في غزة، وعلى رأسها حماس وكتائب القسام، تعمل بعقيدة دينية ومشروع تحرري، لا يُخترق بسهولة. العقيدة هنا ليست شعارا بل سلوكا يوميا، مما يخلق تحصينا ذاتيا للأفراد ضد التجنيد والاختراق.

2. العمل السري والتخطيط طويل الأمد: التنظيمات المقاومة في غزة لا تعتمد على العمل الجماهيري المكشوف، بل تبني شبكات أمنية مغلقة لا يعرف أفرادها حتى معلومات متقاطعة، وهذا يجعل معرفة معلومة بسيطة، مثل مكان أسير، أمرا شبه مستحيل.

3. الولاء لله لا للمال أو المصالح: بينما يسهل تجنيد عميل في بيئة قائمة على الفساد والطائفية، فإن بناء "خائن" داخل منظومة تنشأ على "الموت في سبيل الله" يتطلب ما لا يمكن شراؤه أو تهديده.

4. الردع الأمني والعمليات المضادة: غزة نجحت مرارا في تفكيك شبكات تجسس إسرائيلية، وبعضها كانت تعمل منذ سنوات. جهاز الأمن الداخلي للمقاومة لديه قدرة عالية على كشف التحركات المشبوهة ومواجهة الحرب النفسية.

ثالثا: هل تمتلك إيران جواسيس داخل الكيان؟

رغم طابع السرية الشديد لأي عمليات تجسس ناجحة داخل الكيان، إلا أن تسريبات إعلامية متعددة وتصريحات غير مباشرة تؤكد أن لإيران شبكات استخبارية نشطة داخل فلسطين المحتلة، تعمل أحيانا من خلال فصائل فلسطينية أو عبر أطراف أخرى. ومع ذلك، تبقى الاختراقات الإيرانية انتقائية ومحدودة، وليست عميقة كتلك التي حققها الموساد في قلب إيران، وهو ما يعود إلى:

- طبيعة النظام الإسرائيلي المركزي وشدة الرقابة.

- ⁠الخبرة التكنولوجية المتقدمة في اكتشاف محاولات الاختراق.

- التعاون الاستخباراتي العالمي مع إسرائيل.

رابعا: هل المسألة عقيدة أم تخطيط أم ولاء؟

الحقيقة أن التفوق الأمني لا يُختزل في عامل واحد، لكن تجربة غزة في مواجهة الموساد تكشف عن معادلة ذهبية: "عقيدة راسخة + تنظيم محكم + سرية صارمة + قيادة متجردة + بيئة شعبية حاضنة"= استحالة الاختراق.

وهذه المعادلة لا تتوفر في معظم الأنظمة العربية ولا حتى في إيران، رغم قوة جهازها الأمني، نظرا لاختراقات داخلية أو خروقات طائفية أو فساد بنيوي.

وختاما: من يهزم الموساد؟

لقد أثبتت غزة، بصمودها وفكرها وروحها، أن أسطورة الموساد قابلة للكسر، وأن التفوق الاستخباراتي لا يُقاس بالأقمار الصناعية والميزانيات وحدها، بل بما هو أعمق: العقيدة، والنية، والإيمان بالمشروع.

من يهزم الموساد ليس الدولة القوية ولا النظام الطائفي، بل الإنسان الحر المؤمن، صاحب القضية، والذي يرى في موته حياة لأمته.

مقالات مشابهة

  • ما علاقة القاعدة التي استهدفتها إيران اليوم بأخطر “قضية تجسس” داخل “إسرائيل”؟
  • في ذكرى وفاة محمد متولي الشعراوي.. أبرز الفتاوى التي أثارت الجدل
  • السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة
  • أكثر تعقيدًا من عملية "البيجر".. إسرائيل تًحضر لهجوم تقني على إيران-عاجل
  • أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك طرق أخرى للتعامل مع منشأة فوردو الإيرانية غير قنابل أمريكا
  • ما هي صواريخ فرط صوتية المستخدمة من إيران ضد إسرائيل؟ وأقصى مدى لها؟
  • اختراقات الموساد ومعضلة الجندي الأسير في غزة!
  • رغم الرقابة الأمنية.. أبرز المواقع التي أصابتها إيران في عمق إسرائيل
  • أبرز المواقع التي استهدفت في القصف الإيراني على إسرائيل
  • كل ما تريد معرفته عن التقنيات المستخدمة في كأس العالم للأندية