مصطفى ثابت يكتب.. فن التواصل: المهارة التي تقودك إلى النجاح
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
في عالمنا الحديث، لا شك أن التواصل الفعّال أصبح مفتاحًا للنجاح في كل جوانب الحياة، سواء على المستوى الشخصي أو المهني. القدرة على التعبير بوضوح والتفاعل بشكل بناء مع الآخرين ليست مجرد مهارة تكميلية، بل هي عامل حاسم قد يحدد مدى نجاحك أو فشلك في تحقيق أهدافك. هذا هو جوهر ما يقدمه لنا جيمس بورج في كتابه “طلاقة اللسان”، حيث يقدم خارطة طريق واضحة لتحسين مهارات التواصل بشكل شامل.
جيمس بورج يبدأ كتابه بالتأكيد على أن التواصل الفعّال لا يقتصر على التحدث فقط، بل يشمل أيضًا الإصغاء بتركيز والقدرة على فهم رسائل الآخرين بعمق. فالتواصل الفعّال هو العملية التي نتبادل من خلالها الأفكار والمعلومات بشكل متوازن وواضح. على سبيل المثال، عندما يتحدث شخص ما، فإن الإصغاء الجيد لا يعني فقط سماع ما يُقال، بل أيضًا فهم سياق الكلام، وطرح الأسئلة الاستيضاحية إذا لزم الأمر، وإعادة صياغة ما تم سماعه للتأكد من الفهم.
الإصغاء الفعّال يساعد على بناء علاقات أفضل ويقلل من سوء التفاهم، وهو ما يشدد عليه بورج كعنصر أساسي في أي حوار ناجح. فبدلًا من التركيز على كيفية الرد أثناء حديث الطرف الآخر، يفضل التركيز على الرسالة التي ينقلها المتحدث، لأن هذا سيجعلك مستعدًا للرد بشكل بناء وأكثر تأثيرًا.
التغلب على عوائق التواصليتناول بورج في كتابه العوائق النفسية والشخصية التي قد تعيق التواصل الجيد، مثل الخجل، والقلق، والخوف من التحدث أمام الجمهور. هذه العوائق يمكن أن تكون كفيلة بإضعاف الثقة بالنفس والتأثير على جودة الحوار. إلا أن الكتاب يقدم استراتيجيات فعّالة لتجاوز هذه العوائق، مثل تمارين التنفس العميق، التي تساعد في تخفيف التوتر وإعادة التوازن النفسي.
من التقنيات الأخرى التي يطرحها بورج هو تحسين لغة الجسد، حيث يلعب هذا العنصر دورًا مهمًا في تعزيز الرسالة التي نريد إيصالها. إذا كنت تشعر بالقلق قبل تقديم عرض أو خطاب، فإن الحفاظ على وضعية جسد مستقيمة واستخدام الإشارات الإيجابية يمكن أن يعزز من ثقتك بنفسك ويجعل رسالتك أكثر إقناعًا.
التواصل وقوة الكلمات: السلاح ذو الحدينبورج يشير إلى أن الكلمات التي نختارها في تواصلنا اليومي تحمل تأثيرًا كبيرًا. الكلمات ليست مجرد وسيلة لنقل المعلومات، بل هي أدوات يمكنها بناء الثقة أو إضعافها. الكلمات الإيجابية والبناءة تساهم في تحسين تفاعل الآخرين مع رسالتنا. على سبيل المثال، بدلًا من انتقاد الشخص بالقول: “أنت دائمًا متأخر”، يمكنك استخدام لغة أكثر تحفيزًا بقول: “سيكون من الرائع أن نبدأ الاجتماع في الوقت المحدد لنستفيد جميعًا”. هذه التغييرات الصغيرة في التعبير يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون وتقلل من الاحتكاكات.
فن الإقناع: كيف تؤثر في الآخرين؟الإقناع، كما يشرح بورج، هو فن يجب أن يُتقن في أي تواصل ناجح. يعتمد الإقناع الفعّال على فهم احتياجات ومخاوف الطرف الآخر، ثم تقديم حجج منطقية تدعم الفكرة أو الاقتراح الذي تسعى إلى إقناعه به. على سبيل المثال، إذا كنت تحاول إقناع زميلك بتبني فكرة جديدة في العمل، فمن المهم أن تبدأ بفهم مخاوفه واحتياجاته قبل تقديم حججك. استخدام البيانات والحقائق كأدوات دعم يضيف مصداقية ويجعل عملية الإقناع أكثر سلاسة.
التكيف مع الجمهور: التواصل في مختلف السياقاتلا يوجد أسلوب تواصل واحد يناسب جميع الناس أو المواقف. يشدد بورج على ضرورة التكيف مع الجمهور المستهدف عند التواصل، سواء كان هذا الجمهور مجموعة من المتخصصين أو جمهورًا عامًا. اللغة التي نستخدمها يجب أن تتناسب مع مستوى فهم الجمهور وتوقعاته. على سبيل المثال، عندما تتحدث إلى متخصصين في مجال ما، يمكنك استخدام مصطلحات تقنية معقدة، لكن عند الحديث مع جمهور غير متخصص، يجب تبسيط الأفكار وتوضيح المفاهيم الأساسية لضمان أن الرسالة تصل بوضوح.
التواصل غير اللفظي: الكلمات ليست كل شيءجزء كبير من التواصل يحدث بشكل غير لفظي. في هذا الفصل، يركز بورج على لغة الجسد، تعبيرات الوجه، ونبرة الصوت كعناصر حاسمة تؤثر على كيفية استقبال الرسالة. إذا كانت لغة الجسد غير متوافقة مع ما نقوله، قد يشعر المستمع بالارتباك أو الشك. لذا، يجب أن تكون الإشارات غير اللفظية متماشية مع كلماتنا لتعزز من وضوح رسالتنا ومصداقيتها.
التدريب على التواصل: مفتاح النجاح المستمرفي ختام الكتاب، يقدم بورج مجموعة من التدريبات العملية التي تهدف إلى تحسين مهارات التواصل بشكل فعّال. هذه التدريبات تشمل تمارين لتقليل القلق عند التحدث أمام الجمهور، وتطوير مهارات الإصغاء الفعّال، وتحسين القدرة على التفاوض. على سبيل المثال، يمكنك تدريب نفسك على تقديم خطاب أمام المرآة لتقليل التوتر وزيادة الثقة بالنفس. كما يمكنك تحسين مهارات الإصغاء من خلال ممارسة التفاعل مع الآخرين دون مقاطعتهم، ثم إعادة ما قالوه بأسلوبك الخاص للتأكد من فهمك الصحيح.
ختامًا: التواصل الفعّال مفتاح التأثيرفن التواصل ليس مهارة فطرية بحتة، بل هو مهارة يمكن تعلمها وتطويرها من خلال الممارسة والتدريب المستمر. كتاب “طلاقة اللسان” يقدم دليلًا شاملًا ومتكاملًا لكل من يسعى لتحسين قدرته على التواصل والتأثير. من خلال تطبيق المبادئ التي يعرضها جيمس بورج، يمكنك تحويل نفسك إلى متحدث بارع قادر على بناء علاقات قوية وفعّالة، وتحقيق نجاحات ملموسة في حياتك.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مصطفى ثابت فن التواصل التواصل
إقرأ أيضاً:
الارتقاء بعقل الرياضي بالعلم
يقول جون ديدي:”التعلُّم ليس مُجرد إعداد للحياة، بل هو الحياة نفسها”، اليوم في عالم الرياضة لم يعد النجاح يعتمد فقط على الجوانب الفنية والبدنية والنفسية والمهارية، بل أصبح العقل هو اللاعب الخفي، الذي يضع الفارق الحقيقي بالارتقاء به رياضياً.
الرياضي المتميز هو من تسلح بالعلم، ومع أدوات النجاح يحقق الإنجاز، ومن خلال التعليم يستطيع أن يستوعب بطريقة سريعة جداً وبإتقان.
دائماً في أوربا نجد اللاعب، في دوري الجامعات تكون فرصته أكبر للالتحاق بدوري المحترفين ببلده، وهذا يرجع لتميزه تعليمياً، وهناك أمثلة عديدة، ومنها اللاعب جورجيو كيليني المدافع الإيطالي الذي أكمل درجة البكالوريوس في الاقتصاد والتجارة، وأيضاً فينسنت كومباني المدافع البلجيكي ومدرب بايرن ميونيخ حاليًا، الذي أكمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة مانشستر.
يعتبر التعليم أمر جوهري؛ وذلك لجعل اللاعب يتميز في تطبيق الأدوار المطلوبة منه، كتحليل المواقف واتخاذ القرارات وتجعله أكثر ثقة بنفسه، ويوفر له فرصاً بعد الاعتزال؛ مثل العمل كمعد بدني أو معد فني …إلخ؛ حيث يلم بأمور التغذية والإصابات وقوانين اللعبة، والأهم أن يقدم نفسه كقدوة إيجابية للشباب والمجتمع ويستطيع التأثير في غيره، ومن ناحية أخرى أن يمثل نفسه وبلده في المحافل الدولية.
لذا أنصح الأندية في مملكتنا الغالية، بأن يهتموا بتطوير الجوانب الذهنية للاعبين، وهذا من خلال إكمال الدراسة الجامعية، والجانب الثاني من خلال محاضرات وندوات التثقيفية داخل النادي.
فهل تتنبه الأندية الرياضية في بلادي، وتحرص على أن يكمل لاعبوها دراستهم الجامعية، أم يبقى الأمر بلا تغيير؟