الناجون من التطرف يروون معاناتهم داخل التنظيمات الإرهابية: المنسحب مصيره القتل
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
تعتبر قصص الناجين من التطرف الفكري كنوزًا حقيقية تحمل في طياتها دروسًا قيّمة وعبرًا بالغة الأهمية، فهي لا تقتصر على كونها سِيَرًا ذاتية لشخصيات تحدّت الظروف، بل هي أيضًا شهادة حية على قوة الإرادة البشرية وقدرتها على التغيير والتجدد، لذا أطلقت «الوطن» 3 حملات توعوية لتعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية، تحت شعار «مجتمع صحي آمن.
ومن بين أحد الناجين والمنشقين عن الجماعات الإرهابية المسلحة التي اتخذت نهج التطرف الفكري، هو أبو سلمان التونسي الذي عبّر في تصريحات تليفزونية عن ندمه الشديد بالانضمام إلى هذه الجماعات المسلحة، وكيف كانت أفراد الجماعة تضحي بمقاتلين وعناصر لحماية الأمراء ومكاسب مادية وسلطة فقط، وأنّ ما شهده بينهم كان دجلًا وكذبًا وليس له أي علاقة بالإسلام.
أبو سلمان التونسي هو شاب يبلغ من العمر 27 عامًا، درس حتى الشهادة الإعدادية في تونس ثم ترك الدراسة، وزاول العديد من الأعمال، كالعمل في الأراضي الزراعية، وفي المطاعم وغيرها، وكان يرى أن انضمامه إلى هذه الجماعات الإرهابية المسلحة جهاد حقيقي ونشر لتعاليم الدين الإسلامي الصحيح، ولكن ما رآه بعينه من حقيقة هذا التنظيم جعله يودّ لو أنّه انسحب منذ دخوله سوريا ولم ينضم لهم من الأساس، يقول الشاب العشريني: «لم أتخيل أنني سآتي إلى هنا لأكون وقودًا لحماية أمراء، كل ما رأيته كان كذبًا ودجل، هناك أمراء لا يهمهم سوى السلطة والنفوذ على حساب دماء غيرهم، ناس تموت بلا سبب وآخرون يحصلون على مناصب ومكاسب وأموال هذا ليس الإسلام الذي نعرفه».
أما أبو المثنى القيادي السابق في إحدى الجماعات الإرهابية وهو سوري الجنسية، يقول إنّ التنظيم اغتال كثيرًا من قياداته، وقد شارك بنفسه في هذه الاغتيالات، مشيرًا إلى أنّ التنظيم الإرهابي ورّط بعض أتباعه في هذه الاغتيالات، وبلّغ أهل القتلى عمّن قتلهم، وأكد أنّ من بين أسباب انشقاقه عن التنظيم الإرهابي وهروبه إلى تركيا هو خوفه من انتقام مجموعة من داخل التنظيم منه بعد أن شارك في اغتيال قائده التونسي، يقول: «بيتم تسريب معلومات لأهل القتلة أو أصدقائهم بأنّ فلان قد قتل، حتى يخلقوا نوعًا من النزاع وعدم التكاتف بين هذه الفصائل، فتجد كل مجموعة لها عدو داخل الدولة».
وأضاف «أبو المثنى» أنّه شارك داخل التنظيم الإرهابي في عدد كبير من عمليات اغتيال قيادات التنظيم: «أحد مخاوفي لما شاركت في عملية اغتيال أحد الأمراء التونسيين، وبعدها جالي حد من أتباعه وناداني قالي أنت فلان قولت له نعم، ووقتها نظر لي نظرة غريبة، وخوفت من هذه النظرة، وحسيت إنه بيقولي أنّه جه دورك على القتل، وخلال أسبوع أخرجت زوجتي وأطفالي على تركيا، وخرجت ورائهم مباشرة».
انتهاج القتل تجاوز المعقول داخل التنظيمات الإرهابيةويروي أبو جهاد التونسي المقاتل المنشق عن تنظيم الجماعات الإرهابية، أنّ انتهاج التنظيم للقتل تجاوز المعقول فسفك الدماء أصبح أسهل الأحكام ولمجرد الشك أو الوشاية، خاصة وأنّ أفراد التنظيم لا يعرفون تفاصيل المعارك التي يخوضونها ولا الجهات التي يقاتلونها، ويكون القتل هو مصير كل من يحاول الفرار من المعارك.
وأضاف «أبو جهاد» أنّ تنظيم الدولة لا يطبقون شريعة الله إلا في المسائل التي لا يختلف عليها المسلمون كالصلاة والحجاب، إلا أنّهم طغوا في أمور وتجاوزوا فيها حدًا لا ينسى وهي القتل وسفك الدماء وإلقاء الاتهامات بلا حجة وتكفير المجاهدين بلا دليل أو بيان، يقول: «أي شخص يهرب أو يتوقف عن القتال في معركة أو يحاول الانسحاب بدون أمر من القيادة يُرمى بالرصاص مباشرة، وأحيانًا كنت أذهب إلى معركة لا أعلم عنها شيئًا وإن فكرت بترك المعركة يكون مصيري القتل دون أي تردد».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية الجماعات الإرهابیة داخل التنظیم
إقرأ أيضاً:
العشائر العراقية.. حصنٌ ودرعٌ بوجه الفكر المنحرف
بقلم: سمير السعد ..
منذ تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب، وضعت نصب أعينها هدفاً سامياً يتمثل في حماية المجتمع العراقي من الأفكار المنحرفة التي تحاول النيل من أمنه ووحدته. وقد كان للعشائر العراقية الأصيلة، بما تمثله من عمق وطني وتاريخ مشرف، الدور الأبرز في دعم هذه الجهود والوقوف سداً منيعاً بوجه الفكر المتطرف، إذ ظلت على الدوام خط الدفاع الأول عن قيم العراق وثوابته.
اللجنة الوطنية، وبدعم مباشر ومتابعة حثيثة من مستشار الأمن القومي السيد قاسم الأعرجي، استطاعت أن ترسخ مفهوم الشراكة المجتمعية في مواجهة التطرف ، وانفتاحها على جميع شرائح المجتمع، أرست قاعدة متينة لعمل وطني منظم، هدفه تعزيز الوعي وبناء حصانة فكرية تحمي شبابنا من الانجرار خلف مسارات الانحراف.
وقد برز في هذا الإطار الجهد الكبير لرئيس اللجنة الوطنية، السيد علي عبد الله البديري، الذي قاد مع فريقه المتكامل عملاً ميدانياً مثابراً، بالتعاون مع اللجان الفرعية في المحافظات ولجنة القوة الناعمة المركزية، لتشخيص مكامن الخلل ومعالجتها بوعي فكري رصين وأدوات حضارية مدروسة. هذه الجهود أثمرت، وخلال فترة قصيرة، عن نتائج ملموسة في رفع مستوى الوعي المجتمعي والتصدي لخطابات الكراهية والانغلاق التي يتغذى عليها الفكر المنحرف.
ولم يكن لهذا النجاح أن يتحقق لولا الانسجام الكبير والتعاون الوثيق مع مديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية وتشكيلاتها في المحافظات، التي قامت بدور فاعل في مد جسور التواصل مع شيوخ ووجهاء العشائر، وتنسيق المواقف الوطنية، وتحويل المجلس العشائري إلى منصة دعم للاستقرار ونبذ التطرف، عبر اللقاءات المستمرة والبرامج التوعوية المشتركة.
إن هذا التعاون الوثيق بين اللجنة الوطنية والعشائر العراقية يجسد حقيقة أن الأمن الفكري مسؤولية جماعية، وأن الوطن لن يقف صامداً إلا بوحدة أهله. من هنا، فإن الواجب اليوم يحتم استمرار هذه الجهود، وتجفيف منابع التطرف، وتحصين المجتمع بنشر ثقافة التسامح والانفتاح، ليبقى العراق أرضاً عصية على الفكر المتطرف، عصية على كل ما يشوه قيمه النبيلة.
إن محاربة الفكر المنحرف ليست معركة سلاح فحسب، بل هي معركة وعي وقيم، ولن ننتصر فيها إلا بوعي العقول وتكاتف القلوب. فليكن صوت العراق واحداً في رفض التطرف ونبذ العنف، ولتظل العشائر العراقية واللجنة الوطنية ووزارة الداخلية ممثلة بمديرية شؤون العشائر يداً بيد حتى يشرق فجر العراق المتسامح الآمن