عربي21:
2025-05-28@06:22:24 GMT

الدين والانتخابات الرئاسية الأميركية

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

هل يلعب العامل الديني دوراً محفزاً في الحياة السياسية الأميركية عامة، وبنوع خاص خلال أزمنة الانتخابات الرئاسية؟

مؤكد أنَّ الولايات المتحدة تظلّ دولة ثنائية المعايير، دينية وعلمانية في الوقت ذاته، ففيما يبدأ الدستور بكلمات من نوعية «نحن الشعب»، تلك التي تحمل عمق معاني المواطنة، المنزهة عن انحياز عقدي مذهبي، نجدها تكتب على عملتها الخضراء «نحن نثق بالله»، ما يعود بنا إلى عوالم الفيوض الروحية والدينية.



في الداخل الأميركي، يظل الرئيس الذي يحضر قداس الأحد في الكنيسة، مهما تكن طائفته، ويبدأ كل غداء أسبوعي مع نائبه بالصلاة، ومن لا يفعل يظل عرضة لاعتباره غير متدين بما يكفي.

لعل الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الشعب الأميركي متدين منذ هجرة الآباء الأوائل، وجيل ما قبل المؤسسين؛ أولئك الذين عُرفوا بـ«البيوريتانيين»، أو الأطهار، ويسمون أيضاً الحجاج إلى أميركا... أرض الميعاد الجديدة، وقد عدّوا أنفسهم شعب الله المختار... ولو مرة أخرى في تقليد عبراني، وقد كان ذلك عام 1620 على متن السفينة الشهيرة «ماي فلاور»، ومن هنا نشأت جذور أصولية دينية تعدُّ أميركا حضن المسيحية في العالم، وأنهم يحملون رسالة إلهية يجب إبلاغها لبقية شعوب العالم.
على عتبات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) موعد اختيار الرئيس الأميركي المقبل، تقطع استطلاعات الرأي بأن العنصر الديني فاعل ومؤثر بشكل كبير، وهو ما اتضح جلياً في قراءة مركز «أسوشييتد برس - نورك» للشؤون العامة في الفترة ما بين 12 إلى 16 سبتمبر (أيلول) الحالي.

في المقدمة، ومن دون أدنى شك، يبدو التأييد للمرشح الجمهوري ترمب، من جانب القاعدة البروتستانتية الإنجيلية البيضاء، حيث أكد 7 من أصل 10 أنهم ينظرون إليه بشكل إيجابي، ونصفهم يرون أنه يمثل معتقداتهم بشكل أفضل.

الاستطلاع عينه لا يترك مجالاً للشك في وجود ثقافة إنجيلية بيضاء تعتني بأبنائها، وترى أن «الغرباء الليبراليين أشرار»، ما يعني أنهم لن يصوتوا لهم البتة.

هل هي انتخابات برسم ديني - عقدي دوغمائي هذه المرة؟

من الواضح أن الأمر لا يتوقف عند حدود المرشح الجمهوري، بل ينسحب كذلك على المرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس. ربما تكون هذه هي الانتخابات الرئاسية الأميركية الأولى، التي تجري بين مرشحين لكل منهما مسحة من إيمان وروحانية مسيحية، أو هكذا يدعي كلاهما في زمن الدعايات الانتخابية.

تفاجئنا الأرقام بأن نحو 75 في المائة من البروتستانت من أصول أفريقية يرون هاريس مرشحة إيجابية، حيث 6 من كل 10 يقولون إنها تمثل معتقداتهم الدينية بشكل أفضل، ويعتقدون أنها كعضو في الكنيسة المعمدانية، متأثرة بالتقاليد الروحية التي حملتها والدتها معها من الهند، ومعروف أن الأميركيين الأفارقة لديهم فهم أفضل للعائلات متعددة الانتماءات الدينية.

وفيما المرشح الجمهوري ترمب يعتمد على رؤيته التبشيرية تقريباً، لجعل أميركا تصلي من جديد، وجعلها أولاً وقبل كل أحد، فإن العديد من تجمعات الكنائس الأميركية التي يرتادها الأميركيون الأفارقة، لا تنفك تدعو مؤمنيها لتوحيد صفوفهم من خلف هاريس ودعمها.

على أن محاولتي اغتيال الرئيس السابق، المرشح الجمهوري الحالي ترمب، أحيت نزعة قومية مسيحية غير اعتيادية، إلى درجة أنها ولدّت تياراً بات يُعرف في عالم الصحافة الأميركية بـ«أنبياء ترمب»، ورغم صعوبة التعبير، فإنه يعبر عن واقع حالهم بالفعل، ذلك أنهم يثقون بأن الله تعالى قد حفظه من شر الاغتيال، ونجاه من براثن الأشرار، وأن العناية الإلهية تعده لدور «رسائلي» في الفترة المقبلة، حيث الولايات المتحدة تحتاج إلى منقذ حقيقي، بخاصة بعد ما فعله تيار اليسار الديمقراطي المتطرف.
خلال فعاليات المؤتمر الوطني الجمهوري، الذي انعقد في ولاية ويسكونسن الأميركية في يوليو (تموز) الماضي، استشهدت حاكمة ولاية أركنساس، سارة هاكابي، وهي مسيحية محافظة، بالسماء، معتبرة أنها هي التي تدخلت لإنقاذ ترمب، و«أن أميركا هي أمة تحت ظل القدير، وهو يحفظها من كل الشرور».

قبل بضعة أيام، وقع نحو 200 زعيم وكاتب من الطوائف المسيحية الرئيسية الكاثوليكية والأرثوذكسية اليونانية، بالإضافة إلى البروتستانت، والإنجيلية السوداء، رسالة تصف الديمقراطية بأنها «تأكيد أخلاقي»، وتحث المسيحيين على نبذ «المشاعر المناهضة للديمقراطية»، أي الآيديولوجيات مثل القومية المسيحية والعنصرية.

هل جاء هذا البيان خوفاً من أن يستيقظ الأميركيون قريباً على طرح جديد «للمسيحية الإيجابية» على نسق ما عرفته النازية؟

أميركا لا تزال حائرةً بين تدينها وعلمانيتها.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديني الانتخابات امريكا انتخابات دين سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

النحر أو الانتحار.. أيهما سيختار؟

مع اشتداد الضغوط، من كل حدب وصوب، على حكومة الكيان، في استفاقة دولية أوروبية متأخرة، تبدو كأنها نوعٌ من تبرئة الذمة، تتجه الضغوط الأمريكية الناعمة، بعد أن ظلت لأشهر تواطؤا و”مشاركة نائمة”، قاسية وفعالة، كان الهدف منها تدمير غزة وترحيل شعبها، بعنوان تحرير الرهائن وهزيمة حماس.

بداية الضغوط الأمريكية على نتنياهو، بدأت مع الملف النووي، عندما استدعاه ترامب إلى البيت الأبيض على عجل، ليشركه في رغبة الإدارة الأمريكية في إجراء مفاوضات شبه مباشرة مع إيران، وأن على الكيان ألا يفسد هذا التوجُّه بأيِّ حماقة أو تصعيد. بالمقابل، أعطاه مهلة للتوصل إلى حل سريع في غزة يبدو أن كان إلى حدود بداية شهر جوان.

عاد رئيس وزراء الكيان مضغوطا نفسيا، غير مرتاح كليا لنهج ترامب في الملف النووي الإيراني، وتظاهر أن يسمع لترمب، لكنه فعليا كان يفعل عكس ذلك تماما، سواء في غزة أم سورية أم إعلاميا وداخليا مع الملف الإيراني. النتيجة، كانت أن أوقف ترامب حربه على اليمن بطلب منه وبوساطة عمانية، وترك الكيان وحده في مواجهة صواريخ والطائرات المسيَّرة لأنصار الله في اليمن، كرسالة أولية مفادها أننا قد نتخلى عن دعمك جزئيا وبشكل تدريجي إذا تماديت في عدم الخضوع لولي نعمتك، من تبناك ودعمك بشكل غير مسبوق.

كما كان واضحا، ضغط ترمب الناعم على نتنياهو في الملف السوري، لكن رئيس وزراء الكيان مضى في تجاهل نصائح ترمب، حتى ولو بدا أنه يتعامل مع تركيا كما أوصاه بها ترمب: تعاملات تكتيكية على الأرض السورية، تفاديا لوقوع احتكاك مباشر بينه وبين تركيا، لكن العدوان استمر على سورية حتى وإن خفّت حدّته مؤخرا.

ربما لأنه وجد أن دمّر كل شيء ولم يبق شيء قابلا للتدمير في سورية. في هذا الملف بالذات، رأينا ترمب، في أثناء جولته الخليجية، التي جمع فيها آلاف المليارات من الدولارات في شكل استثمارات على مدى السنوات المقبلة، يعلن رفع العقوبات عن دمشق ما فاجأ حتى المقرّبين منه في إدارته، وبدأ في تسريع إجراءات ذلك، تمهيدا لعلاقات ثنائية تدرّ استثمارات كبرى على الولايات المتحدة، في محاولة منه إخراج سورية من تحت عباءة روسيا سابقا، وإدخالها العهد الإبراهيمي المبشَّر به في المنطقة ككل.

هذا ما تحاول فعله أيضا مع إيران، بعد التوصل إلى حل تفاوضي لملفها النووي: إنها تبحث عن إدماج إيران الطيّعة المطبّعة، الشغوفة بالاستثمارات الأمريكية ورفع العقوبات وازدهار اقتصادها.
تصورات ترامب، التي تتصادم مع طموحات العدو الصهيوني وتصورات حكومة اليمين
هذه هي تصورات ترامب، التي تتصادم مع طموحات العدو الصهيوني وتصورات حكومة اليمين الديني في الكيان، الطامعة في الهيمنة على المنطقة انطلاقا من جغرافيا وتاريخ توراتي، بما في ذلك الاستيلاء على القدس والضفة بأكملها، ونهاية تاريخ الوجود الفلسطيني على أرضه.

تصادمٌ لا يمكن تفاديه، وقد بدأنا نرى تجليات ذلك ووقعه على الصراع الداخلي، داخل البينية الاجتماعية في الكيان، والذي قد ينبِّئ بانهيار داخلي على مراحل، إن لم يسارع ترامب إلى إنقاذ الكيان من الزوال على يد عصابة الإجرام المشهود الذي فضحها أمام الرأي العامّ العالمي الأوربي والأمريكي، وهو أمر لا يمكن ترقيعه وتجميله ببساطة.

ما يعمل عليه الضغط الأمريكي مؤخرا، هو الوصول إلى صفقة مع حماس لوقف الحرب وليس مجرّد وقف إطلاق نار مؤقت لأخذ مزيد من الأسرى ثم العودة إلى الحرب كما يريد نتنياهو، الذي لم يعد يملك من الأوراق إلا الانتحار السياسي أو نحر شعب برمّته مع أسراه.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • ما هي خطة صنع في الصين 2025 التي أقلقت أميركا؟
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • النحر أو الانتحار.. أيهما سيختار؟
  • ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد تأجيل الرسوم الجمركية الأميركية
  • شاهد الفيديو.. الرئيس الفرنسي يعلق على الصفعة التي تلاقها من زوجته
  • تاج الدين: الجينوم الرياضي نقطة تحول في مستقبل الطب والرياضة برعاية الرئيس السيسي
  • الرئيس عون لوفد أميركي: البدء برفع العقوبات الأميركية عن سوريا خيارٌ جيد
  • ترمب: قد يكون لدينا أخبار سارة
  • تجمع الأحزاب الليبية لـ«عين ليبيا» رداً على تيتيه: ليبيا لن تُدار من قرية النخيل والانتخابات قادمة بإرادة الليبيين
  • وزير الشؤون النيابية: الإشراف القضائي مستمر والانتخابات بيد هيئة مستقلة