الثعلب الإيراني في غزوته
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
آخر تحديث: 3 أكتوبر 2024 - 9:11 صبقلم:فاروق يوسف ما لم تعلن إسرائيل عن خسائرها جراء القصف الإيراني فإن الشكوك تظل تحوم حول جدية ما فعلته طهران.ولأن الخسائر لا تُخفى فستكون إسرائيل مضطرة إلى التعامل مع الأمر باحتراف وصراحة. على الأقل لتظهر بمظهر الضحية.هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن تأخر إيران في الرد بعد تصريحات متباينة في قيمتها اتفق أصحابها على أن إيران ليست مضطرة إلى الدخول مباشرة في حرب، تجد أن مقاومتها لا تزال تملك الكفاءة على خوضها، ذلك التأخر قد يشير إلى أنها كانت تفاوض الأميركان على حاجتها إلى الرد، من غير أن يكون ردها مكلفا.
هناك سابقة لا تُنسى. حين ردت إيران على مقتل قاسم سليماني بقصف قاعدة عين الأسد الأميركية داخل الأراضي العراقية كان ردها متفقا عليه مع الولايات المتحدة، بحيث لم يؤد القصف إلا إلى أضرار مادية.لا يزال الوقت مبكرا للحكم النهائي. غير أن إيران التي سبق لها أن تعرضت لهجمات إسرائيلية قاتلة أدت إلى تعطيل برنامجها النووي وقتا ليس بالقصير كانت قد هددت بالرد لكن في الوقت الذي تختاره. وهو ما يعني أنها كانت مصممة على ألا تنجر إلى حرب لا تكون إسرائيل فيها سوى الجزء الظاهر أما الجزء الخفي فهو الغرب كله وفي مقدمته الولايات المتحدة. وهي على حق في ذلك. قبل أن تطلق إيران صواريخها أول أمس كانت الولايات المتحدة قد أكدت أن كل المؤشرات تشير إلى أن إيران ستقصف إسرائيل بصواريخ باليستية. وبناء على تلك المعلومات صرح الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الولايات المتحدة مستعدة لخوض الحرب مع إسرائيل.لا أعتقد أن إيران تجهل ذلك.غير أنها تعرف ما لا يعرفه الآخرون عن حقيقة الموقف الأميركي المساند لإسرائيل حقا وباطلا. وهو ما يعني أنها لن تقوم باستعراضاتها النارية إلا بعد أن تحصل على ضوء أميركي أخضر. ذلك مجرد تكهن يدعمه حرص الإيرانيين على عدم التورط في حرب شبيهة بتلك التي خاضتها ضد العراق في ثمانينات القرن العشرين. وفي هذا المجال علينا أن نتذكر أن ما حصلت عليه إيران بعد الاحتلال الأميركي للعراق ما كان في إمكانها أن تحصل عليه لولا أن الولايات المتحدة قد غضت النظر عن توسعها في نشر ميليشياتها وفرض نفوذها في العراق ولبنان وسوريا واليمن عبر أكثر من عشرين سنة كانت بمثابة عقدي انهيار للنظام السياسي العربي. كان هناك دائما تعاون أميركي – إيراني لم يسع الإيرانيون إلى إخفائه بل كانوا هم الذين اعترفوا بوجوده بفخر. لذلك فإن إيران قد تنظر بسخرية إلى ما يقوله بايدن الذي لا يعرف ما تقوم به أجهزة المخابرات من ورائه. فإذا كانت إيران تنافس كوريا الشمالية على مرتبة العدو الأول بالنسبة إلى الإدارة الأميركية فإنها ليست كذلك بالنسبة إلى الدولة العميقة التي تحرك المياه تحت الجسور في السياسة الأميركية. بعد الخسائر العظيمة التي منيت بها حركة حماس وحزب الله كان على إيران أن تواجه فداحة خسائرها. تلك خسائر في إمكانها أن تسحب البساط عن أقدامها وتعريها من كل مكتسباتها في المنطقة وهي مكتسبات قدمت الكثير من أجل نيلها. إضافة إلى مليارات الدولارات التي أنفقتها فإنها ضحت بعدد كبير من جنرالاتها في حرب اعتبرتها جانبية مقارنةً بحرب العقيدة التي كانت في الأساس حربا سياسية؛ حربا من أجل أن تعلو إيران الفارسية. لا أعتقد أن مصممي السياسة الأميركية سيقبلون نهاية كئيبة من ذلك النوع لدولة صديقة. ذلك ما انتبهت إليه المملكة العربية السعودية في عهد باراك أوباما يوم أصرت الولايات المتحدة على إعادة عشرات المليارات إلى إيران مقابل توقيعها على الاتفاق النووي. لا شيء تغير. المعادلة نفسها. إيران التي ترعى الإرهاب هي نفسها إيران التي تحظى بالرعاية. ستكون حربا غزة ولبنان مجرد خطأين يمكن التغافل عنهما. أما عشرات الآلاف من القتلى والمشردين والمدن الممسوحة فهي ليست سوى وقائع تحدث في أيّ حرب. وكما أتوقع وقد أكون على خطأ أن القصف الإيراني هو نوع من المحاولة لطي صفحة لا أعتقد أن إسرائيل وحزب الله سيوافقان على طيها.لذلك يمكن القول إن إيران قد فعلت ما أظهرها دولة قادرة على الدفاع عن مصالحها أما الحرب في غزة ولبنان فإنها ستستمر إلى أن تتأكد إسرائيل من أن سكانها صاروا في سلام.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الولایات المتحدة أن إیران
إقرأ أيضاً:
حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
في صيف عام 1812، وبينما كانت أوروبا مشتعلة بنيران الحروب النابليونية، اندلعت حرب جديدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية.
حرب قصيرة نسبياً، لكنها كانت مفصلية في رسم ملامح الهوية الأمريكية، وترسيخ استقلالها الناشئ.
جذور الصراع..سيادة مهددة ومصالح متشابكةبدأت الحرب نتيجة تراكم طويل من التوترات، أبرزها فرض البحرية البريطانية لحصار اقتصادي على فرنسا خلال الحروب النابليونية، ما أثّر على التجارة الأمريكية.
كما عمدت بريطانيا إلى تجنيد البحارة الأمريكيين قسرًا للخدمة في صفوفها، وهي سياسة أغضبت الإدارة الأمريكية واعتبرتها إهانة للسيادة الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، اتُهمت بريطانيا بدعم القبائل الهندية في الغرب الأمريكي بالسلاح، ما زاد من حدة الصراع في الداخل.
كل هذه الأسباب دفعت الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون إلى إعلان الحرب في يونيو 1812.
حرب بلا نصر حاسمشهدت الحرب معارك متفرقة عبر الأراضي الأمريكية والكندية، من بينها محاولة فاشلة للولايات المتحدة لغزو كندا، ومعركة بحرية شهيرة بين السفينتين USS Constitution الأمريكية وHMS Guerriere البريطانية.
وفي عام 1814، أحرقت القوات البريطانية العاصمة الأمريكية واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض، ردًا على هجوم أمريكي على مدينة يورك.
ورغم ذلك، فشلت بريطانيا في كسر المقاومة الأمريكية في معركة بالتيمور.
سلام بلا منتصرانتهت الحرب رسميًا بتوقيع معاهدة غنت في ديسمبر 1814، والتي أعادت الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب، دون أن يحقق أي طرف انتصارًا صريحًا.
لكن المعاهدة لم تصل إلى أمريكا إلا بعد أسابيع، وخلال ذلك الوقت خاض الطرفان معركة نيو أورلينز في يناير 1815، حيث حقق الجنرال الأمريكي أندرو جاكسون نصرًا مدويًا زاد من شعبيته وأدى لاحقًا إلى انتخابه رئيسًا.
تُعد حرب 1812 نقطة تحول في التاريخ الأمريكي، فقد أثبتت قدرة الولايات المتحدة على الصمود أمام قوة عظمى.
كما تراجعت بعدها المقاومة الهندية في الغرب، وبدأت أمريكا عصر التوسع نحو الغرب